المحرر موضوع: ج3) السنة الآشورية الأكيتو إنعكاس لصورة الكون على الأرض  (زيارة 235 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل دانيال سليفو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 117
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
(الثقافات العظيمة المؤسسِة للحضارات تنثر بذورها، وتتدحرج ثمارها عبر الزمن، وتُخّلد في الحاضر بأزهى الصور وأرقاها).
جيم):- النجمة والهلال :-
 من الألواح الآثارية المكتوبة بالمسمارية، تم العثور على نقوش تُمثل صوراً للهلال والنجمة. ومنها انتقل هذا النقش الى إمارة الرها المسيحية الشرقية جنوب تركيا الحالية ( الأسروهون- الاشور والهون وهم التتر او الأتراك). وكانت الرها ( أورهاي) تأسست منذ 132 م أو قبله، وأول ملكهم ( ابجر أريو) أتخذ شعارا مستمداً من حران الأشورية وهو الهلال والنجم، وسكه على النقود. وأصبح هذا الشعار حالياً مرسوماً على علم تركيا والعديد من الدول الأسلامية كالجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا وباكستان ودول إسلامية أخرى، مع وضع الهلال على قمة مآذن المساجد. ويمثل هذا الرسم القمر وقد ذهب جزء كبير منه بسبب البرج المائي ( الحوت) مع نجمة الزهرة ( عشتار).
دال):- أصل فكرة النبي يونان من الأبراج :
 الخبرة المُلهمة للكهنة أثناء مراقبة وتسجيل حركة الشمس والقمر والكواكب ، جعلتهم يعكسون ويمثلون حركة الكون على الأرض، وبالنتيجة الايمان بتأثير نشاط الأبراج والطوالع على مصير الأنسان والتنبؤ بالمستقبل، باعتبار ان شكل الأبراج ومواقعها وتحركاتها جاءت باراده الالهة ورغباتها لتقرر مصير الإنسان، حيث يبرز الكهنة الواح القدر المقدسة، وفيها قوانين مُرسله من السماء!. وكانت الملوك تعتمد على إستشارة المنجمين في الخطط السياسية ومواقيت الحروب والمشاريع الزراعية ( وألاعشاب الطبية)، والأروائية وبناء المدن وغير ذلك من أمور.
وليس مستبعداً، ان انتشار الإمبراطورية الآشورية غربأً نحو البحر الأبيض جاء بعد نصائح الكهنة المنجمين ( المجوس والكلدان) وأُعتبرت كأراضي موعودة من قبل السماء ، تطبيقاً لحركة النجوم واستعارتها من السماء نحو الأرض ( في رأس السنة أكيتو والتي تم ذكرها فيما سبق  آذار الحوت ونيسان الحمل المُنقذ ومايس الجوزاء). لذا وعند مشاهدة خارطة التوسع الآشوري حوالي القرن السابع والثامن قبل الميلاد، يظهر انها شملت ما يُعرف اليوم بالهلال الخصيب وإنتهاءاً بثلاث مواقع جغرافية تحيط بالبحر الأبيض المتوسط من الشمال والشرق والجنوب في مصر، بشكل يشبه فم الحوت المنفرج على جزيرة قبرص والتي من المحتمل انها أُعتبرت مقام يونان ( برج الحمل!). لذا أصبح واضحاً مصدر أسم يونن والذي تنطبق حروفه ( فلكياً وتنجيمياً) مع أسم ننوى وان كانت القراءة تتم بصورة معكوسة. ( ܝܘܢܢ- ܢܢܘܝ ).

فخ الأسماء وخديعة المعاني وحبائل سوء الفهم، حيث نقع أحياناً كثيرة ضحية المصطلحات  والكلمات الغريبة عن ثقافتنا لغتنا المتداولة ، مثال :--
1- من العموم الى الخصوص.
بسبب الغزوات والحروب وتغير مسار الأنهُر وقحط الأراضي، إنتقلت الأساطير عبر مساحات شاسعة وشعوب عديدة. فعًممت بعض الأسماء والكلمات وخرجت عن إطارها الأصلي الموضوع عند البداية. ومثال ذلك إن الإسم بابل ، أصلها بحسب البحوث الرصينة هو (باب إيل)، بمعنى ان كل معبد يعُبد فيه الإله أيل يُسمى باب إيل ( بابل). وكذلك معبد الإيشاگيل ( الواحد المتعالي)، ونلاحظ ونسمع كثيراً ما يُطلق على مراكز العبادة ( بيوت الله). وفي ضوء هذا توصلت الأبحاث العلمية الأركيولوجية الى حقيقة ظهور النبي إبراهيم في ( اور كشديم) الناصرية، وفي حران في الشمال وفي أورهاي ( إديسا) جنوب تركيا، ثم سوريا وفلسطين ومصر. ومن جانب آخر دلت الأبحاث الإخيرة بأن برج بابل كان في آشور وإن الملك الكلداني الأخير نابونئيد كان يُسمي نفسه ملك آشور بكل سلاسة وأريحية .
 و نستلخص بان الأساطير والمفاهيم المقدسة، عبرت وتجاوزت الحدود ( ان كانت هناك حدود)، ولم تعد تُمسي لشعب معين من الشعوب.

1- أكيتو تعني السنة.
رغم ورود كلمة أكيتو منذ العهد السومري، الا ان علماء التاريخ لم يتوصلوا الى حقيقة معنى الأسم، مما يجعلنا في موقف البحث فيما هو دارج في التراث الأشوري واللغة السوريانية واتباع المنهج المقارنة بين الكلمات منذ سومر وأكد، مروراً ببابل وآشور وصولاً الى الآرامية ( السوريانية).
الاكيتو أو أخيتو كلمة تُعبر عن بداية سنة، ونعني بذلك كلمة شيتا أو شيتو وهي الأقرب الى أكيتو. والتحولات في الاسماء ما بين الأحرف ( ك- خ- ش ) وما يقابلها بالانكليزية ليس مُستغرباً، وعند ملاحظة تغيير الأسم ميكائيلMichael.  الى ميخائيل  Mikhael والى ميشيل بالفرنسية وما يقاربها.
 و( إيش+ اتا التأنيث) تعني السنة، كما تعني الشهر الأول أو البداية وبالسوريانية ( ܐ̄ܫܢܬܐ)).  ويظل هذا الفهم لكلمة الأكيتو صحيحاً الى أن يُثبت العكس.
2- مردوخ: وقد يعني واهب الحياة ( مارا د خيي). ومن كتاب أستير في التوراة، نجد إقتران مردخاي ابن عم إستير الذي رباها منذ الصغر في تناسق واضح بين عشتار ( الزُهرة ) و الاله مردوخ كوكب  مارس .

إنعكاس مهرجان الأكيتو على تراث الشعوب
من الواضح ان الشعوب جميعها كانت تحتفل بالاعتدال الربيعي ومواسم الزراعة والحصاد بشكل أو لآخر، ولكن حضارة بيت نهرين من سومر وبابل وآشور، إنفردت بإنها أرخت وصوّرت قدسية هذه الممارسات على الألواح الحجرية، ونقلت صوراً دقيقة عن هذه المهرجانات.
الفرس والاكراد
كان الهدف من الاحتفال بعيد نوروز هو نفس الهدف من الاحتفال بعيد الاكيتو ، وأتُخذت شعوب ميزوبوتاميا الاحتفال بيوم نوروز طابعاً قوميّاً بالإشارة إلى بداية الرّبيع، وأصبح العيد قوميّاً مقدّساً عندهم وهو الشّعب الكرديّ والفارسي، وتتحدث الأسطورة عن ان  الميد أحد أسلاف الكرد كانوا خاضعين لحكم الدّولة الآشورية التي تحوّلت إلى أقوى امبراطورية في ذلك الوقت، وقد حاول أحد زعماء الكرد الميد تحقيق هدف التحرر بتوحيد صفوف الميديين أوّلا والبحث عن تحالفات لمواجهة جيش آشور القويّ. فالضحاك( الملك الطاغية) بحسب الشاهنامة، هو مثال العداوة بين الإيرانيين والآشوريين ثم الكلدانيين، ويوافق هذا ما يذكر في الكتب العربية من ان الضحاك كان من الملوك الكلدان النبط. وما في نزهة الأمم من ان بابل كانت دار ملك نمرود والضحاك، وكان نمرود والياً من قبل الضحاك ( وهذ لم يتم اثباته بالبحوث الاركيولوجية). وبعد ان قضى عليه كاوة الحداد، اشعُلت النار على الجبال كعلامة على الأنتصار.
ظهر نقش بارز يصور الاحتفال بعيد النوروز في مدينة برسيبوليس القديمة الإيرانية، ويصوّر النقش كبار الشخصيات وهم يحملون هدايا إلى داريوس الأول (الأسرة الأخمينية) ربما بمناسبة عيد النوروز، في القرن الخامس قبل الميلاد؛ وذلك في قاعة أبادانا، برسبوليس، إيران، والمعلوم ان نقوش مدينة برسيبولس تمت من قبل الفنانين النحاتين الآشوريين. وأبرز ما نحته على الجدران كان الاله آشور الذي أصبح أهورمزدا، إذ كان الزردشتيون او الزردشترا ( زرعا دعشتار)  اتباع أهورمزدا ( أشور- الحكيم) يعبدون العناصر الأربعة مثل الشمس النارية وضوءها، والماء ( دجلة والفرات) والأرض( التراب) والرياح ( هواء). وتدوير هذه العناصر على مدار العام منذ بداية الاعتدال الربيعي، مما يحقق التطابق مع عيد الأكيتو الآشوري- البابلي.

الصابئة
يرتبط أسم الصابئة (صبأ) بالتعميد أي الإرتماس والغطس في الماء الجاري، مستخدمين لغتهم المندائية ( الآرامية السوريانية الجنوبية )، وتعني الشبع في الماء ( ܣܒܼܝܥܐ- سبيعا ثم صبعا وصبّا )، كما تعود أصل كلمة مندائي من المعرفة ( ܝܕܥܬܐ- معرفة) و ( ܝܕܘܥܬܐ).
وتنظر الصابئية الى عشتار- الزهرة بكل ود وتقدير. ويأتي في كتاب ( كنزه ربه) فقرة تصف مطهراً (مطراثه)، فيه أولئك الذين يذهبون الى بيت تموز.
من العادات الدينية الموروثة لدى الصابئة في العيد الكبير( دهوة ربا) أو عيد ملك الأنوار، أو عيد نوروز ربا ويكون في اليوم السابع من آب من كل سنة مندائية، وتُعلق على مداخل بيوتهم أكاليل من الآس أو الصفاف لتجلب لأهلها الخصب والسلامة. وفي الكتاب المقدس ( كنزا ربا) يتم مراراً ذكر الاله شمش ونابو وبيل وعنصر الماء الحي المقدس (يردنا)  وعنصر الهواء ( نشمتا ) وعنصر النار والحرارة الحية.
وفي الفترة الآشورية- البابلية، مثلما كان عيد رأس السنة في نيسان مرتبطاً بالأكيتو كما يفعل الكهان البابليون، استمر الصابئيون الكهان في استطلاع طالع الشعوب والأفراد. وهي فترة إمتناع الصابئين من الخروج من البيت خلال رأس السنة, تقديراً لذكرى انحباس تموز تحت الأرض( في العالم السفلى)، الى أن ينبغث ويعود الى الوجود.
 ( يُتبع).......
لقراءة الجزء الأول إنقر:
https://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,1056378.0.html
والجزء الثاني إنقر:
https://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,1056408.0.html