المحرر موضوع: مقتدى الصدر يواصل إعداد السيناريو "المشوّق" لعودته إلى العملية السياسية  (زيارة 177 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31535
    • مشاهدة الملف الشخصي
مقتدى الصدر يواصل إعداد السيناريو "المشوّق" لعودته إلى العملية السياسية
مراوحة بين إطلاق الإشارات والإبقاء على الغموض بشأن قرار العودة.
العرب

مراقبة الأجواء قبل تجديد المغامرة
مقتدى الصدر الذي تحمّل على مضض بقاءه لفترة وجيزة نسبيا على هامش العملية السياسية في العراق بعد إعلانه مقاطعتها، لا يستطيع البقاء بعيدا عن الأضواء التي يعرف كيف يستقطبها بمواقفه الصادمة وقراراته المفاجئة وأحدَثُها قرارُه تغييرَ مسمّى تياره، مطلقا بذلك عاصفة من التكهنات والقراءات المتقاطعة لمغزى القرار ولأبعاده السياسية.

بغداد - تواترت خلال الفترة الأخيرة المؤشّرات على عودة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر عن قراره مقاطعة العملية السياسية في العراق، دون أن يصدر أي نفي أو تأكيد رسمي لذلك، ما أضفى غموضا وتشويقا على المسألة وجعل منها مادّة للتداول الإعلامي واسع النطاق ومدارا للتكهنات، وهو أمر يرجّح أن يكون مقصودا لذاته بهدف إضفاء هالة إعلامية على العودة وجعلها حدثا سياسيا كبيرا في البلد.

وللصدر سوابق كثيرة في جلب الأضواء واستقطاب الاهتمام نحو شخصه عبر إصداره القرارات المفاجئة والتصريحات الصادمة، من قبيل إعلانه بشكل متكرّر اعتزال السياسة أو تجميد نشاط الميليشيا المسلّحة التابعة له أو طرد عناصر من تياره والتبرّؤ منهم.

وألقى الصدر مجدّدا حجرا كبيرا في بركة السياسة العراقية عبر تغييره مسمّى تياره الذي كان يحمل اسما مرتبطا بأسرته ذات المكانة في مجال التدين الشيعي وهو التيار الصدري ليغدو بعد التغيير “التيار الوطني الشيعي”.

وجاء الإعلان عن تغيير التسمية بشكل عَرَضي من خلال وثيقة منشورة على منصّة إكس ممضاة من قبل مقتدى الصدر وتتضمّن قراره طرد شخص يحمل اسم عماد الأسدي “من كل مفاصل التيار الوطني الشيعي فورا”، وذلك “لعدم التزامه بأخلاقيات الحوزة العلمية الناطقة ولإخلاله بالآداب العامة.. وتعديه على صلاة الجمعة”.

علي الصاحب: الصدر يبحث عن عودة إلى المعترك السياسي بآلية جديدة
وأثارت الإشارة إلى التيار بهذه التسمية الجديدة لأوّل مرّة جدلا سياسيا واسعا في العراق غذّته التسريبات المتواترة مؤخّرا بشأن عودة الصدر إلى العملية السياسية من بوابة الانتخابات التشريعية القادمة المقرّرة لسنة 2025 والتي مازالت التكهنات تثار بشأن إمكانية تقديم موعدها، وهو أمر يظل رهن توافق القوى المشاركة في تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني وما يمكن أن تتوصّل إليه من قرار بشأن استكمال الحكومة لولايتها من عدمه.

وفي غمرة التأويلات المتضاربة لمغزى تغيير مسمى التيار وامتداداته السياسية المحتملة، تعمّدت الدوائر القريبة من زعيمه تكريس الغموض بتقديم تفسير فضفاض للأمر يتجنّب الحسم ويبقي باب الجدل مفتوحا على مصراعيه تحقيقا لأكبر قدر ممكن من الضجيج الإعلامي حول العودة المحتملة للصدر إلى العملية السياسية.

وقال محمد صالح العراقي، وهو شخص غير معروف خارج الحساب الذي يحمل اسمه على منصّة إكس وكذلك صفته باعتباره “وزير القائد”، إنّ “التيار الوطني الشيعي هو الاسم البديل المرجح للتيار الصدري”، وإنه “امتداد (لشعار) نعم نعم للوطن، ومكونات الوطن.. فأهلا بالجميع”.

ورأى متابعون للشأن العراقي أنّ الاسم الجديد قد يكون يافطة لتوسيع مظلّة التيار الصدري لتشمل طيفا أوسع من شيعة العراق، بمن في ذلك غير المنتمين إلى التيار والمتردّدون بين باقي الأحزاب والتيارات المنافسة له بحثا عن قيادة تتصدّى للفساد المستشري في مفاصل السلطة وتقود إصلاح العملية السياسية وتقويمها وإخراج البلاد من أوضاعها الهشة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

وقال مصدر مقرب من زعيم التيار الصدري إن “تغيير الصدر لاسم تياره إلى التيار الوطني الشيعي يهدف إلى تشكيل جبهة سياسية وشعبية تضم كل الأطراف الشيعية المعارضة للإطار التنسيقي، وهذه الجبهة ستكون حاضرة وبقوة في الانتخابات المقبلة لمجلس النواب العراقي”.

ونقلت وكالة بغداد اليوم الإخبارية عن المصدر قوله إن “المرحلة المقبلة ستشهد إعلان الكثير من الحركات الشيعية الانضمام إلى تيار الصدر الجديد، وهناك رسائل كثيرة وصلت إلى قادة التيار عن رغبة الانضمام الى التيار الوطني الشيعي”، مؤكدا ان “التيار الجديد سيتم السعي من خلاله لتشكيل حكومة الأغلبية خلال الفترة القادمة”.

واعتبر السياسي العراقي أركان الدليمي من جهته أن “نشاط زعيم التيار الصدري في الآونة الأخيرة دليل على وجود حراك لتمهيد عودة تياره إلى المشهد مرة أخرى، وإعلان ولادة تيار الوطني الشيعي أكد أننا أمام سيناريو سياسي ربما يكون بداية الاستعداد لخوض غمار الانتخابات النيابية القادمة”.

وما يرجّح سيناريو العودة بحسب مطّلعين على كواليس العمل السياسي داخل التيار الصدري أنّ زعيم التيار الذي كان قد راهن على عرقلة العملية السياسية من خلال مقاطعتها وقف على حقيقة مفادها أن تلك العملية ماضية في طريقها رغم غياب تياره ذي الوزن الجماهيري الكبير عنها.

ويقول هؤلاء إنّ قرار المقاطعة لم يَرُقْ للكثير من أتباع الصدر الذين وقفوا خلال الانتخابات المحلية الأخيرة على خسائر التيار الصدري بتراجع مكانته في المحافظات وحصول أبرز خصومه السياسيين على المواقع القيادية في حكوماتها المحلّية.

وقال مصدر سياسي إنّ الصدر لم يعد مستعدّا لتعميق خسائره من خلال مقاطعته للانتخابات التشريعية المقرّرة للسنة القادمة، خصوصا وأنّه رأى كيف تمكّن خصومه بعد الانتخابات الماضية، ورغم سحب نوابه من البرلمان، من التحالف ضدّه تحت مظلة الإطار التنسيقي وشكّلوا الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني وفازوا بأبرز حقائبها الوزارية، وتقاسموا وظائفها الإدارية الأمر الذي زاد من تمكّنهم من مفاصل الدولة.

وكان نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الأسبق من أوائل من أعلنوا عن إمكانية عودة زعيم التيار الصدري عن قرار مقاطعة الانتخابات.

وقال المالكي، الذي يرأس حزب الدعوة الإسلامية ويقود ائتلافا برلمانيا تحت مسمّى ائتلاف دولة القانون، مؤخرا في حديث لوكالة الأنباء العراقية إنّ هناك معلومات عن توجهات لدى التيار الصدري للمشاركة في الانتخابات القادمة سواء تمت في موعدها أو أجريت بشكل مبكّر. وأشار إلى أنّ الصدريين هم الأكثر مطالبة بإجراء انتخابات مبكّرة.

ومن جهته لم ينف التيار الصدري ما أورده المالكي، واكتفى زعيمه في بيان بالثناء على قواعده الشعبية “التي صبرت وأثبتت إخلاصها بعد انسحابنا من مجلس النواب كي لا تكون ظهيرا للفاسدين”، وذلك “على الرغم من العدو ومراهنته على تشتّتها”.

وعلّق نائب صدري سابق في البرلمان العراقي على البيان بالقول إنّ ورود ذكر المقاطعة السابقة للبرلمان لا يعني بالضرورة وجود نية لتجديدها، مؤكّدا أنّ “إفساح المجال للفاسدين لتشكيل حكومة أخرى على غرار الحكومة الحالية لم يعد خيارا لدى الصدريين وقيادتهم”.

وبحسب مراقبين سياسيين، فإنّ حديث المالكي المعروف ببراغماتيته السياسية وبراعته في تشكيل التحالفات السياسية المصلحية والظرفية عن عودة التيار الصدري إلى العملية السياسية أبعد ما يكون عن القيام بدعاية مجانية للتيار.

ولا يستبعد هؤلاء أن يكون زعيم دولة القانون بصدد التهيئة لإبرام اتفاق سياسي مع غريمه القديم الصدر لمواجهة قوى شيعية أخرى صاعدة بشكل لافت من خلال الإطار التنسيقي المشكّل للحكومة الحالية، وعلى رأس تلك القوى ميليشيا عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي الذي تصفه المصادر بأنّه الحليف الأول لرئيس الحكومة والداعم له في مواجهة طموحات المالكي لاستعادة رئاسة الوزراء المنصب التنفيذي الأول في الدولة العراقية بشكلها الحالي.

قرار المقاطعة لم يَرُقْ للكثير من أتباع الصدر الذين وقفوا خلال الانتخابات المحلية الأخيرة على خسائر التيار الصدري بتراجع مكانته في المحافظات وحصول أبرز خصومه السياسيين على المواقع القيادية

وبالإضافة إلى سيناريو اقتراب المالكي من الصدر دار الحديث بقوّة خلال الفترة الأخيرة حول إمكانية إحياء التحالف الثلاثي بين التيار الصدري وحزب تقدم بزعامة رئيس البرلمان السابق محمّد الحلبوسي والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، خصوصا وأنّ الطرفين الأخيرين يشاركان مقتدى الصدر غضبه من الإطار التنسيقي وسياسته التي أضرت بالأطراف الثلاثة على حدّ سواء.

وقال الباحث السياسي صلاح الموسوي إنّ خطوة الصدر الحالية بتغيير مسمى تياره “شبيهة بخطوة طرح موضوع تشكيل الأغلبية الوطنية مع حزب تقدم والحزب الديمقراطي الكردستاني خلال الانتخابات الماضية”.

وأضاف متحدّثا لموقع شفق نيوز الإخباري أن التسمية الجديدة للتيار قد تتضمّن “إشارة إلى أن هناك أطرافا شيعية غير وطنية وربما تكون الجهات الحاكمة في الوقت الحالي، وهو يطرح نفسه على أنّه هو الوطني من بينها لأنه جزء من هذه المنظومة بشكل أو بآخر”.

وفي إشارة إلى لعبة الغموض والتشويق التي دأب زعيم التيار الصدري على جعلها جزءا من ممارسته السياسية، قال الموسوي إنّ “طرح الصدر لهذا الموضوع ستُبنى عليه أشياء هو يتصورها فقط، ولا يمكن لأحد التنبؤ بها مثلا على مستوى التحالفات، فربما يسعى الرجل بهذه التسمية إلى عزل الأحزاب المرتبطة بإيران بشكل كامل، وهم أصحاب سوابق معه في السياسة حتى وصل الأمر إلى الصدام المسلح معهم”.

ومن جهته قال رئيس المركز الإقليمي للدراسات علي الصاحب إن “المراقب للمشهد السياسي يلاحظ أن تحركات التيار الصدري في الآونة الأخيرة دلالة واضحة على رغبته في العودة إلى المعترك السياسي، لكنه يبحث هذه المرة عن آلية وأدوات جديدة يستطيع من خلالها تشكيل حكومة الأغلبية السياسية والتي اسمها هذه المرة الأغلبية الوطنية، محاولا بذلك عزل بعض خصومه التقليديين في البيت الشيعي وتحديدا من داخل الإطار التنسيقي، رغم كل ما أشيع من تقارب في وجهات النظر والجلوس إلى طاولة الحوار مع جناح نوري المالكي مؤخرا”.