المحرر موضوع: تبعية العراق لإيران في توفير المواد الأساسية تتجاوز الطاقة إلى الغذاء  (زيارة 87 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31553
    • مشاهدة الملف الشخصي
تبعية العراق لإيران في توفير المواد الأساسية تتجاوز الطاقة إلى الغذاء
طهران مساهمة في تعميق أزمة المياه والزراعة في العراق ومستفيدة منها.
العرب

سنوات الوفرة باتت من الماضي
أزمة المياه التي يتعرّض لها العراق بشكل متزايد والمؤثّرة بشكل واضح على نشاطه الزراعي والمنعكسة سلبا على اكتفائه الذاتي الغذائي، بدأت تُترجم إلى فوائد مادية مباشرة للجارة إيران التي لا تعتبر بعيدة أصلا عن أسباب تلك الأزمة، فيما حلفاؤها الممسكون بمقاليد الدولة العراقية لا يفعلون الكثير لمعالجتها والحدّ من آثارها.

بغداد- في وقت تسلّط فيه الأضواء على تبعية العراق لإيران في مجال الطاقة بسبب التعويل على الغاز الإيراني في توليد الكهرباء، وبينما تنصرف جهود بغداد نحو التخفيف من حدّة الارتهان لطهران في هذا المجال، تتعمّق بالتوازي مع ذلك الحاجة العراقية لاستيراد المواد الغذائية الإيرانية بسبب المشاكل المتزايدة التي تشهدها عملية إنتاجها محلّيا جرّاء التغيرات المناخية وندرة المياه المؤثّرة بعمق على القطاع الفلاحي في العراق وتراجع الصناعات الغذائية في البلد.

ولا تعتبر إيران بحدّ ذاتها بعيدة عن مشكل المياه في العراق من خلال استغلالها المفرط لمياه العديد من الروافد المائية التي تنبع من أراضيها وتتجه صوب الأراضي العراقية، الأمر الذي أثر على حصة العراق من مياهها.

ومن أهم تلك الروافد نهر الكارون الذي أثر انخفاض منسوبه جراء الاستغلال الإيراني المفرط لمياهه، بشكل كبير على المنتوج الزراعي في عدد من مناطق العراق على رأسها محافظة ديالى التي كانت من قبل تعتبر أهم سلة غذائية بفعل وفرة منتوجها وتنوّعه.

◄ القطاع الفلاحي وقطاع الصناعة الغذائية تضافرت في تراجعهما العوامل الطبيعية مع قلّة الاهتمام السياسي بهما بالإضافة إلى تراكم المشاكل التنظيمية والهيكلية وقلة التمويلات
ومن الروافد المتضررة أيضا من السياسة المائية الإيرانية نهر الزاب الأسفل الذي ينبع من شمال غرب إيران ويمثّل ثالث رافد لنهر دجلة.

وأظهرت أرقام إيرانية نشرت حديثا حلول العراق في المرتبة الأولى من حيث الدول المستوردة للمنتجات الغذائية والزراعية الإيرانية، حيث بلغت قيمة ما استورده خلال العام الماضي قرابة الملياري دولار.

وقال المتحدث باسم لجنة الشؤون الدولية وتنمية التجارة في دار الصناعة والمناجم والتجارة الإيرانية سيد لطيفي، إن العراق هو الوجهة الأولى لصادرات بلاده من المنتجات الغذائية والزراعية.

لا يخلو موضوع تبعية العراق لإيران في مجال المواد الأساسية والسلع الاستراتيجية من بعد سياسي يتمثّل في هيمنة قوى عراقية ذات ارتباطات وثيقة بإيران على مقاليد الدولة العراقية، الأمر الذي يجعل لطهران رعاة أمناء لمصالحها في العراق وعلى حساب المصلحة العراقية بحدّ ذاتها في كثير من الأحيان.

وتفضّل كثير من تلك القوى النافذة مواصلة استيراد مختلف السلع والمواد بما في ذلك ذات الاستهلاك اليومي الواسع، من إيران على إنتاجها محلّيا رغم توفّر الوسائل ووجود الظروف الملائمة لذلك.

وينطبق ذلك كأوضح ما يكون على ملفّ الغاز المستخدم في توليد الطاقة الكهربائية، حيث كثيرا ما توجّه أصابع الاتهام للأحزاب والفصائل الشيعية التي حكمت العراق منذ سقوط نظام حزب البعث في عرقلة مشاريع لاستغلال الغاز المصاحب لاستخراج النفط من الحقول العراقية والذي يتمّ حرقه رغم أن كمياته تكفي لتعويض الغاز المستورد من إيران والاستغناء عنه.

وبات ملف الكهرباء والغاز في قلب الصراع الدائر بين إيران والولايات المتّحدة على بسط النفوذ  في العراق. وخلال الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني إلى واشنطن، نزلت الإدارة الأميركية بثقلها السياسي والمالي إلى هذه المعركة لإقناع حكومة بغداد بإطلاق المشاريع المؤجّلة في مجال استغلال الغاز المصاحب وباستخدام خبرة الشركات الأميركية وقدراتها التقنية والمادية في المجال.

وتمّ خلال الزيارة توقيع مذكرات تفاهم في مجال الطاقة والمحروقات بالتزامن مع الكشف عن شراكة عراقية – أميركية ستتيح زيادة إنتاج الكهرباء بمقدار ثلاثة آلاف ميغاواط.

وتعتمد محطات انتاج الطاقة العراقية حاليا بشكل كبير على الغاز المستورد من إيران الذي يؤمن ثلث حاجات البلاد من الطاقة. لكن طهران تقوم بقطع إمداداتها بانتظام مما يفاقم انقطاع التيار الكهربائي عن الملايين من العراقيين الذين كثيرا ما دفعت بهم أزمة الكهرباء خلال السنوات الأخيرة وبشكل متكرّر إلى الشارع للاحتجاج على الأزمة التي يعتبرونها أوضح نموذج عن الفشل التنموي المزمن وتردي الخدمات في بلدهم الغني وذي المقدرات الضخمة في مجال الطاقة كما في مجال الزراعة.


وأعلن وزير الكهرباء العراقي زياد علي فاضل عن إبرام مذكرة تفاهم بين الوزارة وشركة جنرال إلكتريك الأميركية لصيانة وتحديث قطاع الكهرباء في العراق لمدة خمس سنوات.

ويثير ملف الكهرباء حساسية بالغة في العراق حيث تساهم درجات الحرارة المرتفعة خلال الصيف في زيادة انقطاع التيار يوميا، مما يسبب احتجاجات شعبية في البلد الذي يعاني من الفساد وبنية تحتية متهالكة.

ويؤكد رئيس الوزراء العراقي بانتظام حاجة بلده الغني بالموارد النفطية، إلى تنويع مصادره من الطاقة. وفي مارس الماضي أعلن العراق عن خط للربط الكهربائي مع الأردن وتدشين خط كهرباء يسمح له باستيراد الطاقة. ويتوقع أن يتم تطبيق مشروع مماثل مع دول الخليج نهاية عام 2024 مع تدشين خط يربط جنوب العراق بالكويت لاستيراد نحو 500 ميغاواط في مرحلة أولى، بحسب وزير الكهرباء.

ويعني كل ذلك تخفيف ارتهان العراق في مجال الكهرباء للجارة إيران، كما يعني بالنتيجة حرمان الأخيرة من مبالغ كبيرة بالعملة الصعبة والمساعدة في تنفيذ العقوبات الأميركية ضدّها والتزام العراق نفسه بتلك العقوبات بعد أن ظلّ لسنوات يحصل على استثناء أميركي حتى يتمكّن من شراء الغاز الإيراني الضروري لتوفير الطاقة الكهربائية ودفع ثمنه بعملة الدولار التي يحصل على مبالغ منها تحوّل إليه بشكل مباشر من واشنطن في شحنات ترسل عبر رحلات جوية.

وعلى هذه الخلفية لا يُتوقَّع أن تكون طهران وحلفاؤها العراقيون سعداء بما تمّ التوصّل إليه بين بغداد وواشنطن بشأن تطوير استغلال الغاز العراقي المصاحب، كما لا يستبعد أن تتحّرك الأذرع الإيرانية ذات النفوذ داخل الدولة العراقية لإحباط عملية إنهاء تبعية العراق لإيران في مجال الطاقة.

وينطبق الأمر ذاته على القطاع الفلاحي وقطاع الصناعة الغذائية اللذين تضافرت في تراجعهما العوامل الطبيعية مع قلّة الاهتمام السياسي بهما بالإضافة إلى تراكم المشاكل التنظيمية والهيكلية وقلة التمويلات.

وكان قطاع الزراعة حتى مطلع الألفية الحالية يمثّل إحدى نقاط قوة الدولة العراقية، وقد ساهم بفعالية في مساعدتها على الصمود في  وجه الحصار الدولي الخانق الذي فرضته عليها الولايات الأميركية.

العراق في المرتبة الأولى بين الدول المستوردة للمنتجات الغذائية والزراعية الإيرانية بقيمة ملياري دولار سنويا

ويعود تعثّر العراق في تحقيق اكتفائه الذاتي الغذائي بمنافع مباشرة على إيران حيث قاربت حصته الثلث من إجمالي قيمة الصادرات الإيرانية من المنتجات الحيوانية والسمكية والزراعية والغذائية خلال العام الماضي والتي بلغت 6.3 مليارات دولار حسب متحدث لجنة الشؤون الدولية وتنمية التجارة في دار الصناعة والمناجم والتجارة الإيرانية. ويعني ذلك أن قيمة الصادرات الإيرانية من المنتجات شهدت نموا بنسبة 22.5 في المئة.

ونقلت وكالة مهر الإيرانية، الأحد، عن سيد لطيفي قوله إنّ إيران صدرت أكثر من 8 ملايين و803 آلاف طن من المنتجات الحيوانية والسمكية والزراعية، ومنتجات الألبان بقيمة 6 مليارات و298 مليونا و163 ألفا و654 دولارا.

ويمثل هذا الرقم زيادة بحوالي مليون طن من السلع، وأكثر من مليار دولار من عائدات النقد الأجنبي لإيران، ويشير ذلك إلى زيادة بنسبة 12.2 في المئة في الوزن و20.4 في المئة في القيمة مقارنة بالعام 2022-2023.

وقال لطيفي إن العراق هو الوجهة الأولى لصادرات إيران من المنتجات الغذائية والزراعية حيث استورد 31.5 في المئة من هذه المنتجات بقيمة مليار و986 مليون دولار.