المحرر موضوع: ثقوب في جدار العزلة المفروضة على سوريا  (زيارة 85 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31641
    • مشاهدة الملف الشخصي
ثقوب في جدار العزلة المفروضة على سوريا
المساعدات الإنسانية الغربية تعزز تمكين النظام السوري في حكمه بدل تقويضه.
العرب

المساعدات جرعة دعم
المساعدات الإنسانية الغربية لسوريا وفرت فرصة لنظام الرئيس بشار الأسد لتعزيز حكمه والتخلص من العزلة الدولية. ويشير مراقبون إلى ضرورة مراجعة إستراتيجيات المساعدات بشكل ينتفع منها الأهالي لا النظام.

دمشق - يتقن نظام الرئيس السوري بشار الأسد استغلال جهود المساعدات الإنسانية لتعزيز أهداف التطبيع ونيل الشرعية مع تقويض جهود النبذ التي تقودها الحكومات الغربية.

ويعني حجم الفظائع المرتكبة في سوريا استحالة العودة إلى العلاقات الطبيعية مع نظام الأسد، إذ تعد أي عملية سياسية حقيقية تنهي عنف النظام، السبيل الوحيد المقبول للتقدم وكان هذا الموقف الذي تبنته الدول الغربية والعربية منذ اندلاع الصراع. لكن نبذ النظام كان هشا منذ البداية، فبينما كان “النظام” يعتبر عدوا، لم تكن “الدولة” نفسها كذلك.

وحين يختطف النظام الدولة ويحتجزها رهينة عنده، يستحيل نبذ أحدهما وتمكين الآخر. وتعني الضرورات العملية التي تفرضها الالتزامات الإنسانية استحالة تجنب التعامل مع مؤسسات الدولة مثل الوزارات والسلطات المحلية.

ويرى الباحث مالك العبدة في تقرير نشره موقع عرب دايجست أن الغرب وجد نفسه في موقف متناقض لكونه المحرك الرئيسي للنبذ والمزود الرئيسي للمساعدات الإنسانية في الوقت نفسه.

ويضيف العبدة أنه من المفارقات أن المساعدات الإنسانية الغربية هي التي تمكن النظام من خلال “الدولة” من توفير الحد الأدنى من الخدمات، وهو الشرط التمكيني الذي يدعم حكمه. وليست هذه حجة ضد المساعدات الإنسانية، بل هي تذكير بالتوتر المستمر في استجابة الغرب لسوريا.

واستهلك النبذ الكثير من القدرات الدبلوماسية والبيروقراطية، ولم يكن الوقت في صالحه. وتكمن الشقوق الأكثر وضوحا في التطورات الرئيسية مثل عودة النظام إلى جامعة الدول العربية بموافقة الولايات المتحدة.

وتبقى هذه الأحداث الكبرى نتيجة تراكمية لعدد لا يحصى من التطورات الأصغر. ويمنع النبذ المسؤولين من الانخراط على المستويين الوزاري والرئاسي، وينص استنتاج مجلس الاتحاد الأوروبي لسنة 2018 بوضوح على أن مساعدات الاتحاد “يجب أن تفيد سكان سوريا وتتجنب الفوائد التي تعود على النظام السوري والتي من شأنها إضفاء الشرعية على حكمه الوطني والمحلي”. ويرتبط بالتالي النبذ بمحاولة تجنب التطبيع مع النظام وإضفاء الشرعية عليه، بما في ذلك محليا.

لكن تلك المساعدات تبقى خاضعة لتقدير السياسيين والدبلوماسيين ومراكز الفكر والجهات الفاعلة في المجتمع المدني والعاملين في المجال الإنساني.

وتصبح النتيجة “ساحة النبذ”، وهي مساحة عامة تجري المفاوضات فيها باستمرار على شروط عدم التطبيع وعدم الشرعية بقيادة الذين يحددون بشكل أدائي ما تعنيه في الممارسة.

اجتماع في الوزارة
الغرب وجد نفسه في موقف متناقض لكونه المحرك الرئيسي للنبذ والمزود الرئيسي للمساعدات الإنسانية في نفس الوقت

يُذكر من بين التطورات الصغيرة التي تشكل بيئة السياسات اجتماع يناير الذي عقدته المديرة القطرية لمنظمة المجلس الدانماركي للاجئين، ساتشتيرا تشيتراكار، مع وزيرة الإدارة المحلية والبيئة رئيسة اللجنة العليا للإغاثة، لمياء شكور.

وتقرر تعيين شكور في ديسمبر 2023 ومن المتوقع أن تشملها العقوبات بمجرد أن تلحق بيروقراطية الاتحاد الأوروبي بالركب.

ونشرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) صورة لاجتماع تشيتراكار وشكور تحت صورة بشار الأسد وكانت أعلام النظام تحيط بهما.

وقالت الوكالة إن تشيتراكار أكدت مواصلة التنسيق والتعاون مع وزارة الإدارة المحلية والبيئة بما يفسح المجال أمام تنفيذ المزيد من المشاريع التي تسهم بعودة النازحين.

ويتقن النظام دفع الحدود، ويضغط روتينيا على المنظمات غير الحكومية الدولية للمشاركة في فرص العلاقات العامة.

ولا يعدّ وضع قواعد أساسية لكيفية الدعاية أولوية للعاملين في المجال الإنساني حين يكمن الهدف الأساسي في تأمين الوصول. كما قد يساهم عدم استعداد المسؤولين الغربيين المرهقين أو سوء قراءتهم للديناميات السياسية في اتخاذ موقف عدم التدخل.

النظام يتقن دفع الحدود، ويضغط روتينيا على المنظمات غير الحكومية الدولية للمشاركة في فرص العلاقات العامة

وكان خطاب القائمة بأعمال سفارة مملكة النرويج في دمشق، ينغفيلد بيرغراف، في المعهد الدبلوماسي التابع لوزارة الخارجية السورية خلال شهر يناير، مثالا آخر على تطور صغير يساهم في مفاوضات أوسع حول شروط ما يشكل عدم التطبيع وعدم الشرعية.

وكانت ينغفيلد تقف تحت صورة الأسد وتحيط بها أعلام النظام أيضا. وسارعت المواقع الإخبارية السورية إلى نشر صورها هذه.

وربما ناقشت بيرغراف الأمر مسبقا ووافقت على النشر. ويطرح هذا السؤال عن السبب الذي دفع الحكومة النرويجية للاعتقاد بأن فرصة الخطاب لتوعية دبلوماسيي النظام (منخفضة) تفوق خطر استغلالها (عالية). وربما لم تُناقش أي قواعد أساسية، وهذا إهمال وسهو. ويكمن الاحتمال الثالث في أن القواعد الأساسية قد نوقشت لكن النظام تجاهلها.

ويعدّ خطاب بيرغراف واجتماع المجلس الدانماركي للاجئين حدثين جديدين في ساحة النبذ، وهما يطمسان الخطوط الحمراء السياسية.

وكانت طريقة العمل المتمثلة في قصر التواصل العلني مع البلديات أو الهلال الأحمر العربي السوري ضربا من الوهم.

وكان الجميع يعلم أن عملية صنع القرار الفعلية كانت تتخذ في أعلى هرم النظام. وبينما يتطلع العاملون في المجال الإنساني إلى برامج إنعاش مبكر أكثر شمولا على مستوى المنطقة، يطالب النظام بمشاركة “أعلى جودة”.

قانون مناهضة التطبيع
تُنفذ المساعدة الإنمائية وإعادة الإعمار بالتعاون مع الحكومات، ويتخطى ذلك حدود ما يعنيه النبذ في الممارسة العملية. ولا يزال التطبيع خطا أحمر بالنسبة للدنمارك والاتحاد الأوروبي. وبينما تحافظ النرويج على سياسة أكثر انفتاحا بشأن سوريا، إلا أنها تجنبت الدعاية تقليديا.

ويشير العبدة إلى أن النبذ ليس خطوة استعلائية من الغرب، بل اعترافا باستحالة غض النظر عن واحدة من أكبر الجرائم الإنسانية التي ترتكبها الدولة ضد سكانها في هذا القرن.

وتقوض الأحداث الأخيرة مثل تلك المذكورة أعلاه هذه الإستراتيجية. لكن إجراء آخر قد يغير الديناميكيات في ساحة النبذ، ويكمن في قانون “مناهضة التطبيع مع نظام الأسد” الذي من المقرر أن يمرره مجلس الشيوخ الأميركي قبل انقضاء السنة الحالية.

ويمكن أن تصبح أشكال المشاركة قريبا مسألة ذات أهمية غير مسبوقة في الأوساط القانونية والسياسية.