المحرر موضوع: بؤس الجماهير العراقية في ظل الارهاب المزدوج  (زيارة 1351 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل طه معروف

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 53
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
بؤس الجماهير العراقية في ظل الارهاب المزدوج
طه معروف
مضت اكثر من عامين على الحرب الامريكية في العراق ولازال الارهاب والاعمال الارهابية في ذروته بل واخذ ابعادا خطيرة وكارثية. فبحجة تواجد الارهابيين يتم تدمير المدن بالكامل بعد ان يتم اجبار سكانها على النزوح الى الهضبات والسهول الوعرة دون مراعات اية قيم، قوانين والتزامات انسانية ومن جانب المسلحين الارهابيين بات استهداف المدنيين في المنازل والاماكن العامة المزدحمة والقتل العشوائي يشكل محتوى عملياتهم الاجرامية المسلحة .ان ما يجري ويحدث في العراق هو الهولوكوست بالمعنى العملي للكلمة، حيث يحرق، يذبح ويختطف المدنيين بالعشرات وان يوم دام يليه آخر اكثر دموية دون ظهور اي امل اومؤشر لنهاية هذه المحرقة البشرية، بالعكس فأن العملاء وتجار الحروب الذين علقوا آمالهم على هذا الوضع المأساوي ينشدون المضي والسير قدما في هذا الاتجاه فها هم يؤكدون  بلسان احد رموزهم ، الطالباني  ضمن خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة بأن "هزيمة الارهاب العالمي مشروط بهزيمته في العراق " اي تحويل الاراضي العراقية الى ميدان لحرب طويلة الامد والدعوة لمن يرغب الدخول في هذا الحرب الاجرامية في العراق .
نفس عبارات الطالباني هذه، انعكست وثبتت في ما يسمى بمسودة الدستور العراقي ،تحقيقا للرغبة الامريكية المتمثلة بالاحتفاظ بالاراضي العراقية  ميدانا لحربها الارهابية في المستقبل البعيد ايضا تحت حجة الشرعية الدستورية.
اذا كان تعريف الارهاب في المفهوم السياسي يتلخص في قمع وقتل المخالفين السياسيين والمدنيين لإهداف سياسية ،فإن الارهاب في مفهومه الاقتصادي وكنتيجة للإرهاب السياسي هو التسلط واحتكار مصادرة الثروة ومقدرات الجماهير من قبل حفنة من العصابات بالقوة السافرة والرعناء.
ما حدث ويحدث من اعمال السلب والنهب والسرقة المستمرة من قبل العصابات القومية والاسلامية هي شكل من الارهاب الاقتصادي لقتل الجماهير بسلاح الفقر والجوع. بالأمس كشفت صحيفة ايندبيندنت البريطانية عن ان وزارة الدفاع العراقية شهدت اختلاسات يبلغ مجموعها اكثر من مليار دولار امريكي تم نقله لاحقا الى الخارج وان السارقين واللصوص هم مسؤولين سياسيين في الحكومة الدمية وان اطلاق الاتهامات المتبادلة  بالسرقة وهدر الاموال فيما بين المسؤولين صارت لغة شائعة وفي مجال القطاع النفطي والبنوك نشب صراع بين احمد الجلبي واطراف اخرى لبسط السيطرة على الربح الخيالي في هذا المجال واصبح اخفاء الاموال من قبل  اللصوص او( النشالين ) حسب قول الجماهير حديث يومي في صفوف الحكومة الدمية وتردد ايضا بشكل واسع  من قبل الجماهير للإعلان عن استنكارها ازاء هذه الفضيحة الحقيرة.
كشف كارل ماركس القوانين الاساسية لحركة الرأسمال والتراكم الرأسمالي في اطار الانتاج الرأسمالي ووصل الى حقيقة مفادها ان الرأسمالي يسرق  دائما من العمال عبر قانون فائض القيمة وهكذا كشف لأول المرة في التأريخ سر الانتاج الرأسمالي و اساس طبيعة تملك الثروة في المجتمع المعاصر، الا ان هؤلاء اللصوص والحرامية الكبار يزاولون اعمالهم الاجرامية من السلب والاختلاس في ظل وسيادة النظام الراهن في العراق و اذا اراد الانسان الكشف عن سراموال تلك العصابات ،عليه  قراءة تأريخ وطبيعة السرقة وكيفية ممارساتهم وبراعتهم في هذا الميدان، فهؤلاء تابعين لهذه المدرسة وتعلموا فيها هذا الفن  وها هم اليوم يمارسونها بامتياز تحت الغطاء السياسي كمهنة مفضلة وارضية ملائمة لجني الاموال الطائلة .عندما سمعت عن فضيحة اختلاس اكثر من مليار دولار تذكرت احدى السرقات التي حدثت في القرن الماضي في بغداد عندما سرق احدهم  ثياب الملك فيصل  ونشر في السبعينات من القرن الماضي نص مقابلة معه في عدد من مجلة الف باء الصادرة ايام البعث (سارق ثياب الملك) ولكن بعكس عصابات اليوم " السياسيين "الذين يزاولون اعمالهم المشينة في غياب الدولة والقانون ، عاقبت الدولة  الرجل المذكور وقضى  معظم حياته  بين جدران زنزانات السجن.
الوضع في كردستان في ظل سيادة  الاحزاب القومية الكردية ليس احسن بكثير من مناطق العراق الاخرى وخصوصا في هذا المجال فتأريخ 14 سنة من حكمهم مليئة بالامثلة الحية التي تكشف براعة هذه العصابات القومية في سرقة اموال ومقدرات الجماهير وادت اختلافاتهم لبسط السيطرة على واردات وارباح المنفذ الحدودي (ابراهيم خليل) الى صراعات واشتباكات دموية زهقت خلالها اروح عشرات الالوف ولايزال الاتحاد الوطني الكردستاني يتهم "حليفه" الحزب الديمقراط الكردستاني  بسرقة هذه الاموال بمعزل عنه.
في بداية تسلط هذه الطغمة السارقة لم تنج من ايديهم حتى المؤسسات والمعامل المتروكة من قبل النظام البعثي في كردستان وتم بيعها ونقلها تحت جنح الظلام الى زبائنهم في الدول المحيطة وخصوصا الى ايران ناهيك عن سرقة معظم اموال الجماهير المودعة في المصارف والبنوك ولذلك فأن اتهام الجماهير للمسؤولين بالسراق والنشالية له مايبرره ولم تأت هذه الالقاب اعتباطا  .
ورافق التدخل الامريكي في كردستان التوسع في هذه الاعمال المشينة و ظهر اصحاب المليارات (دولار الامريكي) الذي كان ضربا من الخيال في الماضي القريب ولكن بعد فترة وجيزة نشرت اكثر من صحيفة اقليمية واوروبية بدهشة عن هذه الظاهرة التي تطورت في فترة قياسية قصيرة: امتلاك ثروة هائلة مجهولة المصادر  بين ليلة وضحاها ان صح التعبير.
ان تبادل الاتهامات بين الادارات الفاسدة و المؤسسات المختلفة حول اخفاء الاموال المتدفقة على كردستان عبر القنوات التجارية او المعونات الاقتصادية او عائدات  بيع النفط العراقي هو جزء من الصراع بين المسؤولين لتقسيم الحصة فيما بينهم ونشبت اكثر من مرة مثل هذه الصراعات حول تملك وبيع العقارات بين كبار من المسؤولين اللصوص حيث جعلوا من هذا القطاع مصدرا قويا لجمع الاموال عبر المضاربات والتلاعب بالاسعار حسب اهوائهم وادت هذا الفوضى والاعمال الهمجية الى ارتفاع خيالي في سعر العقارات وادت الى ظهور طغمة من كبار اللصوص احتكروا هذا المجال بصورة مطلقة وورائهم المسؤولين يوفرون لهم كل مستلزمات ادامة مهماتهم لإختلاس ونهب كل ما يمكن نهبه بهذه الطريقة .
وهناك اخبار عن  حيازة و امتلاك بعض من المسؤولين الكبار في الحركة القومية الكردية للعقارات والاملاك الواسعة ناهيك عن الملايين من الدولارات في البنوك الاجنبية دون مراعات الاوضاع المتردية للجماهير وخلال 14 سنة من حكمهم الاستبدادي وحتى الآن تعاني الجماهير من شحة الوقود والكهرباء وعندما انتفضت جماهير مدينة رانية وكلار جراء هذه الوضع المتردي جوبهت مطالبهم بالرفض ورشقوا بالرصاص وتم اتهامهم بالمشاغبين في حين يشير الطالباني في الجمعية العامة للأمم المتحدة الى تجربة تسلطهم الاسود في كردستان "بالنموذج الديمقراطي".
ان اساليب النظام البعثي في جميع الميادين؛ الاستبداد السياسي و سرقة اموال الجماهير،والفساد الاداري اللامحدود، اصبحت جزء لايتجزء من ثقافة قوى سيناريو الاسود من القوميين والاسلاميين وتقاليدها وان امتلاك صدام لعشرات القصور بات مثل اعلى  لزعماء هذا القوى الرجعية وعلى جبال جثث العراقيين وانهاردماء جماهيره المنكوبة تبني هذه القوى جنانها الارضية في الوقت الذي تعد فيه الجماهير الساحقة بامتلاكها في جنات الله وتدعوها الى الاستشهاد في سبيلها. 
24/9
طه معروف[/b][/size][/font]