المحرر موضوع: الاستفتاء على الدستور اشوريا  (زيارة 1493 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Atranaya

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 521
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 
الاستفتاء على الدستور اشوريا
في القرون الغابرة كان الناس عند الخصام او العداوة يقوم احدهما بسحق الاخر معتبرا انه انتصر رغم الخسائر الكبيرة المقدمة في سبيل هذا السحق، ولكن البشرية تطورت ومعها تطور اسلوب ادارة الازمات، دوليا او وطنيا، لان الشعوب ادركت انها بانتصارها على غريمها او سحقه فانها ايضا ستتكبد خسائر فادحة قد لا يمكن لها ان تتحملهاعلى المدى البعيد..
اذاً الضرورة فرضت على الناس ان يكونوا اكثر وعيا وادراكا، وان يرتقوا ويسموا بحسهم، فلجأت الشعوب الى الحوار واخذ موازين القوى في الحسبان، لادراك الجميع ان لا عدالة مطلقة في الخلافات بين الشعوب، وارتضت الشعوب هذه المعادلة للحل لكي تتخلص من معادلة كانت تعني الانتصار او الابادة التامة او السحق التام، وكلا الطرفين كان يخسر الكثير.

ان عملية وضع مسودة الدستور العراقي الجديد، مبنية على الممكن، وليس على اقصى الطموحات.
انها مبنية على استعمال كل موازين القوى والخروج بنتائج ترضى بها اغلب الاطراف.
ان الدستور هو معادلة قد لا تكون كل اطرافها متساوية، الا انها كانت الممكن، وسيعمل كل طرف في معادلة تعديل او تطوير الدستور مستقبلا بما يراه الافضل، ولكن في اطار العمل السياسي، اي من خلال الحوار تحت قبة البرلمان وبين اوساط الشعب وليس من خلال البندقية والانقلاب او الحرب.
طبعا ضمن المعادلة اعلاه لن يكون هناك منتصر او مهزوم، بل الكل منتصرون.
ولكن شعبنا (الكلداني الاشوري السرياني) تضرر من خلال فصله الى شعبين.
الحقيقة التي يتوجب علينا قولها دون مواربة ودون تعليق الاخفاق على الاخرين هي ان ما توصلنا اليه من تقسيم شعبنا لم يكن بسبب لجنة الدستور او بسبب اي من القوى الوطنية العراقية (بل على العكس فان التحالف الكردستاني كان حريصا على هذه الوحدة في مسودته للدستور العراقي مثلما كان حريصا على تضمين الدستور الاعتراف بشعبنا وحقوقه). ان التقسيم كان بارادة تامة من قبلنا، من قبل ابناء شعبنا وبعض الاتجاهات السياسية من الطرفين الاشوري والكلداني، ومحاولة البعض الاستيلاء على القرار السياسي وتسويق نفسه كالممثل الوحيد لشعبنا.

المؤسف ان الكثير من تظيمات شعبنا لا زالت تعيش واقع اما كل شئ او لا شئ، ومن خلال هذا الفهم القاصر للسياسة ولانها باتت تشعر انها قد تغيب عن المشهد السياسي كليا او جزئيا فانها تدعو الى رفض الدستور، بحجة انه يقسم شعبنا، علما ان هذا التقسيم هو نتاج عملها بالاساس، ولكن عندما لا نربط النتائج بالاسباب عندها نفقد
الذاكرة، ونبدأ كل يوم من جديد.

ان الدعوة التي بدأت بعض الاطراف الاشورية في التسويق لها ونشرها برفض الدستور هي دعوة قصيرة النظر، لانها تلتقي شئنا ام ابينا بالدعوات الاكثر عنصرية وتخلفا.. انها تلتقي مع دعوة العروبيين المتزمتين الذين ذاق منهم شعبنا الامرين عبر عقود وعقود من محاولات الغاء الهويات القومية للقوميات غير العربية واضفاء اللون القومي الواحد على ابناء الوطن.. كما تلتقي مع دعوات الاسلاميين التكفيريين التي تحاول جعل العراق ساحة مفتوحة ودون نهاية للارهاب الذي يحصد الجميع وبينهم، بل وفي مقدمتهم، ابناء شعبنا وهويته الثقافية والدينية.

صحيح ان لنا مآخذا على الدستور، وهذا امر طبيعي.. مثلما لبقية ابناء الوطن من مختلف الانتماءات القومية والدينية او التوجهات السياسية مآخذهم.
ولكن شتان بين ان ارفض الدستور، مثلما يريد البعض الترويج له اشوريا، وبين ان تكون لي مآخذ عليه يمكن ان نجد لها حلا مستقبليا حالما توصلنا الى الحل داخليا، وفي اقرب تعديل دستوري يمكن تجسيدها، وخصوصا ان التعديل سيكون من خلال الجمعية الوطنية ولان الاطراف الوطنية ليست بالضد من وحدتنا، بل ستؤيد ما نتفق بشأنه من وحدة التسمية.

اليوم، وفي الاستفتاء الوطني على الدستور، لا يمكننا رفض مادة واحدة فيه.
الدستور امامنا كله اما نرفضه كله او نقبله كله.
اذاً يجب ان تكون دعوتنا وموقفنا من الدستور، تاييدا او رفضا، مبنية على دراسة موضوعية حكيمة ومسؤولة عن النتائج المترتبة على الرفض من حيث انه دعم للقوى الاكثر تطرفا وبالضد من هويتنا القومية والدينية والثقافية. وهل ان رافضي الدستور من العروبيين والتكفيريين سيكونون اكثر استجابة لطموحاتنا القومية الوحدوية!! اليس سجلهم الايديولوجي والممارساتي في السابق والحاضر كافيا لان نناى بانفسنا عنهم باي شكل من الاشكال، فكيف اذن بالتخندق معهم.
ان رفض الدستور لن يضمن ان يأتينا بالافضل، بل بالاسوأ لان الرفض لن يكون استجابة لماخذنا بل لقوى تحمل السلاح وبواسطته تحاول فرض توجهاتها مثل قوى التكفير والارهاب.
مثلما يكون رفضنا للدستور رفضا لما تحقق لنا فيه من اعتراف بالهوية والحقوق، رغم المآخذ المشروعة عليه التي، وكما سبق القول، يمكن ايجاد المخارج لها ضمن اليات العمل الدستوري والبرلماني حالما نكون قد اتفقنا داخليا على مخارجها.
الدستور المطروح للاستفتاء هو اول وثيقة دستورية في العراق والمنطقة تعترف وتذكر شعبنا في متنها.
الدستور المطروح للاستفتاء هو اول وثيقة دستورية في العراق والمنطقة تعترف وتضمن حقوقنا السياسية والثقافية والادارية.
الدستور المطروح للاستفتاء هو اول وثيقة دستورية تعترف وتضمن حريات الافراد والمجموعات الدينية والسياسية والاجتماعية وغيرها.
فهل نرفض كل ذلك ونتخندق مع قوى ظلامية ترفض الدستور لانه حرر العراق من اللون الواحد، ومن النظام المركزي الاستبدادي، ولانه يعترف بتعددية النسيج العراقي القومي والديني.
ان مآخذنا على الدستور من حيث شرعنته لتقسيمنا الى كلدان واشوريين (مثلما طالب الكثير منا ومن مرجعياتنا)، او من حيث عدم ايراده الصريح لشعبنا في ديباجته (وهو قصور يتحمله ايضا ممثلينا في لجنة الدستور)، او من حيث التناقضات المحتملة بين حقوق وحريات الافراد وبين "الثوابت" الدينية الاسلامية هي مآخذ مشروعة.. ومعالجتها ليست في رفض الدستور بل بكسب الحلفاء والاصدقاء لتعديل الدستور وتطويره في مراحل قادمة من العملية السياسية الديمقراطية في عراقنا الفدرالي الجديد.

يكاد ان يكون الوعي السياسي لدى الانسان وعيا متدنيا قياسا الى الوعي المتعلق مباشرة بمصالحه الانية، ولذا فان اغلب الناس تتبنى مواقف احزاب لادراكها ان هذه الاحزاب تمثل مصالحها على المدى البعيد.
المؤسف ان احزاب شعبنا بغالبيتها ليست ناضجة بما فيه الكفاية، ولا تعتمد في تحديد مواقفها على دراسة مستفيضة للمشكلة موضوع البحث ومن ثم تحديد اسلم السبل وافضل القرارات.
فالمقومات المؤسساتية لمعظم احزابنا تكاد تكون متواضعة، لذا فقرارتها تأتي متبوعة بعواطف وجاعلة العقل والمنطق في الظل.
من هنا نرى اهمية دعوة ابناء شعبنا لعدم الانجرار وراء من يحاول الصيد في الماء العكر، بل ان يكون القرار المتخذ مبنيا على اساس الاختيار الصائب.
المزايدات التي يتم طرحها، والتخوينات والاستعداء بتحضير الماضي واحداثه، تحدث تعاطفا انيا مع من يقوم بذالك، ولكنها وبال على الشعب وقواه ومستقبله.. وبال لانها تدعو الى تعطيل مشاركته في العملية السياسية..
ان هذه الاطراف لا زالت تلعب لعبة اما ان تحصل هي على كل شئ او لا شئ للشعب.
ان اطرافا ومواقفا كهذه تعني ان الشعب ومصالحه ليس في بؤرة اهتماماتها.. وانها مستعدة لتقديم كل المسوغات والمبررات الواهية بل والمتناقضة في مواقفها.
ان محاولة البعض احياء روح التعصب والعنصرية ضد مكونات من شعبنا العراقي بصفتهم القومية، يكذبها حقا الموقف الايجابي والمعلن للقيادات السياسية لهذه المكونات.

ان الواقعية السياسية تدعونا للانخراط في العملية السياسية وبشكل ايجابي وبالتحالف مع حلفاؤنا الطبيعيين من ابناء العراق من العرب والكرد والتركمان لكي نضمن بصورة متوازنة مصالح من ندعي تمثيلهم والدفاع عنهم.
لا بد لمواقفنا ان تكون واضحة دون ازدواجية وتناقض.
فقد ولى زمان كان فيه بعضنا يتحالف مع طرف في اقليم كردستان العراق وينال من خلاله كل الدعم والامتياز، ولكنه وفي المهاجر يكيل له الشتائم ويحمله مسؤوليات كل خيباتنا..
العراق يتم اعادة بناءه من جديد، وعلينا ان نضع يدا بيد مع حلفاءنا مناصري الديمقراطية والفدرالية واللبرالية وحقوق القوميات والافراد.
فلا خيار حكيم ومسؤول لشعبنا (الكلداني الاشوري السرياني) الا بالتصويت بنعم للدستور.
ولنكن كلنا بقدر المسؤولية والواقعية بان ما حصلنا عليه في الدستور كعراقيين واشوريين هو الذي كان باستطاعتنا الحصول عليه في المرحلة الراهنة، وعليه نبني للخطوات المستقبلية.

عمانوئيل خوشابا
- مسؤول مكتب الثقافة والاعلام
 الحزب الوطني الاشوري