المحرر موضوع: الحقيقة في التسمية القومية بين الكلدان والاثورية ، للأستاذ ابلحد افرام ساوا ، الجزء الثاني/بعد التعد  (زيارة 2806 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل M.T.Yako

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 133
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
(( الجزء الثاني ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

والأجناس واستقواء أمر الدين على العرق ولو كان جميع الكلدان او الآراميين قد دخلوا المسيحية ربما لما نبذوا تسميتهم العرقية منذ البداية كما حدث .
ويقول أحد المصادر ( لقد سميت الكنيسة بالسريانية بالرغم من ان اهلها كانوا
٤۰
يدعون في هذه البلاد كلدانآ واراميين وبابليين وغيرهم لأنه لما تداول الزمان على الدول الكلدانية صار اسم الكلدان كناية عن الماهرين في علم الهيئة وملاحظة النجوم والعرافين والكهنة والفأل المحرم فلما استضاء اهل البلاد بالمسيحية رفضوا هذا الأسم لما فيه من الكراهية في الدين وللسبب ذاته هجروا التسميات الآخرى ( ٦۲ ) .
فإذا كان العدد اليسير من الكلدان الباقين على وثنيتهم قد اسلموا مع بقايا الوثنيين الآخرين في البلاد فهذا لا يعني ان جميع الكلدان اسلموا ومن يقرأ ادعاء المالح ورأيه المثير للسخرية في هذا المجال يتصور بأن الكلدان لم يدخلوا المسيحية قطعآ خلاف ما ذكرته وبقوا جميعهم على وثنيتهم وهذا ما يخالف جميع المصادر التاريخية المسيحية منها وغير المسيحية .
٤١
الكلدان وبابل
من يقرأ هذه الصفحات من كراس المالح من الضليعين بالتاريخ يشعر بنواياه وبما يصبوا اليه من تجريد بابل من الكلدان والكلدان من بابل ، حيث يقول لم تكن بابل يومآ من الايام موطن الكلدانيين ، وبأنها كانت تضم اكثر من مائة شعب على مر العصور ، وهنا يجب الوقوف عند هذا الرقم المبالغ به الى درجة الإستغراب ، يبدو بأن المالح من خلال الآراء التي ينشرها اتقن دروس اسياده وتخصل بخصائلهم ان لم يكن قد تجاوزهم ، واستغرب لهذه المبالغة الجوفاء ، واتساءل ما الهدف منها ؟
ألم يكن الأجدر به ان يكتب ما تمليه عليه الحقائق والأمانة العلمية ؟
على الأقل لتبقى لديه ذرة من المصداقية بين القراء لأن القاريء اليوم ليس بغافل عن الحقائق التاريخية المتعلقة بأمته ووطنه ، فلما كل هذا التخبط ؟
فإذا كان المالح يقصد برقمه هذا الشعوب الغازية المعدودة والمعروفة التي غزت واحتلت بلاد بابل ؟ فإن هؤلاء الغزاة كانوا قد احتلوا البلاد من شمالها الى جنوبها وبضمنها بلاد آشور ! ولما كان ما اورده في كراسه يتضمن الكثير من المغالطات والمبالغات فلا بد ان اتطرق اليها تدريجيآ من اجل انارتها أمام ابصار القراء وايضاحها كيما يصدق البعض ممن لا دراية لهم في هذا المجال ويصبحوا ضحية هواة التحريف والتزوير والتزييف . لقد ذكرت في الصفحات السابقة ان الكلدان كانوا قد سكنوا على ضفاف الخليج وحتى كلدية شمال بابل منذ عهود طاعنة في عمق الزمن وفق ما نوهت اليه من المصادر ، ولتسليط الضوء على هذه الفقرة لابد لي ان اوضح خارطة القبائل
٤۲
الكلدانية من حيث موطنها .
كان الشعب الكلداني كأي شعب كثير التعداد مكونآ من قبائل وبيوتات وكانت هذه البيوتات من السعة والكثافة السكانية بحيث كانت تشكل كل منها مملكة أو امارة خاصة بها ومن هذه القبائل :
۱- بيث ياكين – ۲- بيث داكوري – ۳- بيث اموكاني – ٤- بيث اديني – ٥- بيث شئالي ( شعالي ) – ٦- بيث شيلاني – ٧- بيث فوقودو – ۸- بيث گمبالو – ۹- بيث كرزيابكو ، هذه اسماء البيوتات ذات الشأن من بيوتات شعبنا الكلداني عدا البيوتات الصغيرة والأقل شأنآ ، وكانت هذه القبائل تسكن من المنطقة شمال بابل والى بيث قطراي ( القطر ) وضفاف الخليج جنوبآ ومن حدود عيلام شرقآ حتى البادية غربآ ، هذا قبل تشكيل الدولة الكلدانية ( ٦۳ ) .
عدا الجرامقة في ديالى وبيث كرماي والنبط والصابئة المندائيين الذين لازالوا على ديانتهم غير المسيحية وتقول مارگريت روثن في كتابها ( علوم الكلدانيين ) الذي ترجمه الأب الدكتور يوسف حبي تحت عنوان ( علوم البابليين ) نقلآ عن كتيسياس الطبيب والباحث اليوناني بأن الكلدان هم قدامى البابليين وهم الذين أغنوا المنطقة بالعناصر الأساسية لحضارة الشرق الأوسط بأكملها ( ٦٤) .
وهناك الكثير من المؤرخين يطلقون على جنوب بلاد ما بين النهرين بضمنها بابل بلاد الكلدان ( ٦٥ ) .
وسميت ايضآ ببلاد بابل ، وسميت بعد الفتوحات الاسلامية بالعراق كما ذكرت سابقآ .
ولقد أخذ المالح تعبير بلبلة ومبلبلة من التعبير الذي وصف بها التوراة بابل عندما غضب الله على سكانها الذين ارادوا ان يبنوا المدينة وبرجها العالي ليناطح السماء فبلبل لسانهم لكي لا يفتهم احدهم على الآخر وحدث ذلك فتوقفوا عن بناء البرج على
٤۳
حد تعبير كاتب السفر ( ٦٦) .
وما يذكره المالح حول الشعوب التي غزت بابل أو تواجدت فيها لفترة من الزمن لمجرد تجريدها عن الهوية الكلدانية لا يخرج من الأهداف المرسومة له وهنا أود أن أقول بأن السومريين سكنوا جنوب بلاد ما بين النهرين منذ عدة آلاف من السنين قبل الميلاد وجاء من بعدهم الأكديون حوالي سنة ۲٤۰٠ ق . م ومن ثم الگوتيين ليسيطروا على البلاد زهاء قرن من الزمان وفي سنة ۲۱۲۰ ق . م تم تحرير البلاد من السيطرة الگوتية ، على يد اتوحيگال ويبدو ان السلالات التي اعقبت الگوتيين كانت تسمى بلادها بلاد سومر وأكد ولم تضع فاصلآ بينهما وعاد السومريين الى الظهور في عهد سلاسة ايسن ولارسا ومن ثم جاء الاموريون فسيطروا على البلاد في اواخر الألف الثالث قبل الميلاد ومن بعدهم الكشيون فكانت البلاد احيانآ تخضع لأنظمة حكم وطنية واحيانآ لأنظمة حكم الشعوب الغازية فتحدث صراعات بين السكان الأصليين وهؤلاء الغزاة وعندما اقول البلاد اقصد بلاد ما بين النهرين بأجمعها وما اريد ان اوضحه هنا ومن اجل تبيان مفارقات السيد المالح ، ان الشعوب التي غزت أو سكنت بابل أو حكمتها في فترات مختلفة كانت قد غزت شمال البلاد ايضآ ولاسيما البلاد التي سميت ببلاد اشور وربما فاق عدد الشعوب التي تواجدت في هذه المنطقة بكثير عدد الشعوب المتواجدة في بابل فكانت هذه البلاد ( بلاد اشور لاحقآ ) قد خضعت للحكم السومري والأكدي والگوتي ثم لسلالات أور فحكم الاموري اضافة الى تواجد الشعب السوبارتي الذي كان يشكل أكثرية السكان وتواجد الآراميين والماديين والحثيين والليديين والاورارطيين والميتانيين هذا عدا الأسرى الكلدان والأسرى من اليهود . اجل كانت هذه الشعوب متواجدة في بلاد اشور قبل سقوط نينوى سواء كغزاة او متغلغلين أو مستوطنين أو اسرى ومرحلين فما اراد المالح قوله بخصوص التركيبة الاجتماعية أو بالأحرى السكانية لبلاد بابل نتيجة الغزوات أو الهجرات المتوالية كان ينطبق على بلاد اشور على مر الزمن ايضآ وربما بشكل اكبر أو مضاعف .
وأما بخصوص تدمير نينوى لدى سقوطها وعدم اكتراث الكلدان بإعادة بنائها فهي
٤٤
حقيقة ولكن الدمار الذي لحق بها لم يكن يساوي جزءآ من الألف من الدمار الذي لحقه الملكان الآشوريان سرجون وسنحاريب ببابل ، فنبوبيلاصر لم يقم بتحويل مجرى نهر دجلة الى داخل المدينة ( نينوى ) كما فعل سنحاريب والدمار في نينوى اقتصر على المباني العامة والأسوار وقصور الملوك في حين كان تدمير بابل شاملآ ومن ثم ان الكلدانيين بعد تشكيل دولتهم لم يجعلوا نينوى التي احتلوها عاصمة لهم ليقوموا بإعادة بنائها وانما قاموا بإعادة بناء بابل ليجعلوها أجمل وأبهى وأشهر مدينة عرفها التاريخ القديم هذا اضافة الى الأهمية والسمعة التي كانت تحظى بها بابل والتي لم تكن تحظى بها نينوى التي اصبحت عاصمة ادارية للدولة الآشورية عام ٧٠٤ ق . م وقبل هذا التاريخ كانت مجرد احدى كبريات المدن الآشورية ( ٦٧ ) .
وبالرغم من كل ما تعرض له الكلدانيون قبل تأسيس دولتهم على يد الملوك الآشوريين من قتل وتنكيل وتهجير وترحيل ومن ثم بعد سقوط دولتهم ايضآ على يد العيلاميين سنة ٥۳۹ ق . م وتعرضهم الى القتل والبطش على اثر كل ثورة أو انتفاضة قاموا بها ، إلا ان اعداءهم لم يتمكنوا من اماتة المشاعر القومية لديهم فبالرغم من خضوعهم لسيطرة الغزاة والمحتلين الا انهم كانوا يعتزون بتاريخهم ونسبهم وملوكهم لِما وجدوه من فرق شاسع بين ملوكهم وملوك الغزاة فكانوا يسمون ابناءهم بأسماء هؤلاء الملوك وحتى الثوار الكلدان كانوا يطلقون على انفسهم تسمية ملوكهم الكبار وصمد الكلدانيون أمام عاديات الزمن حتى جاء الاسكندر المقدوني ليحتل بلدان الشرق باجمعها ويقترب من حدود الصين ويجعل من بابل عروس مدن الشرق التي دكها العيلاميون والاخمينيون الفرس ودمروا مبانيها عاصمة له فعادت الى الانتعاش وازدهرت الحركة العلمية في هذا العهد ثانية وعادت الحركة الى هياكل ومعابد الآلهة في بابل واعيدت اليها الممتلكات المغتصبة من قبل الفرس وبرز العديد من العلماء في هذه الفترة من الكلدان من امثال كيدينو ( كيديانس ) و پيروسوس وآخرون كأيكور – ذاكر ( سن – ليفي – اونيني ) و ( اخوتو ) والذين كانوا يعتزون بأصلهم الكلداني فقاموا بكتابة نسبهم الى الجد العاشر لهم اعتزازآ بانتسابهم الى قوميتهم الكلدانية وقلدهم
٤٥
في ذلك كتاب العدول ايضآ ( ٦۸ ) .
غير ان بابل بعد هذا الانتعاش وبعد حكم الاسكندر عادت لتخضع ثانية الى الحكم الفرثي الفارسي سنة ۱٤۰ / ۱۳۹ ق . م وقام الكلدان بثورة ضد نظام الحكم في عهد حيميروس وذلك سنة ۱۲٧ ق . م غير ان حيميروس استطاع من القضاء على الثورة واخمادها وفي عام ۹۱ ق . م نصب ( غوتارس ) وزوجته ( اشى – اباتوم ) نفسيهما ملكين على بابل وأعلنا استقلالها فانحصر حكم الفرثيين في عهد ملكهم ميثريدات في وسط وشمال البلاد وايران ولم يكن غوتارس من السلالة الارشاقية كما يدل اسمه واسم زوجته الى الأسماء البابلية ويشابهانها ( ٦۹ ) . 
وفي مطلع القرن الأول الميلادي في زمن ارطبان ( ۱۰ – ٤٠ ) م كانت بابل تحت السيطرة الفرثية وكان يسكنها اضافة الى السكان الأصليين بعض الفرس وعدد من الاغريق واما اليهود فكانوا قد طردوا منها لقيامهم بتسميم آبار المياه وتسببهم في قتل الكثيرين وانتشار الأوبئة ، وكان تراجان قد ذكر لدى دخوله بابل سنة ۱۱٥ بأنه وجد سكانها قد فروا وكان قصر نبوخذنصر لايزال قائمآ والذي تم تدميره على رأي المؤرخين خلال الفترة ( ۳۰۰ – ٥٠٠ ) م .
ولم يقتصر المالح في كتابه على الاجتهادات الشخصية ودرج الاباطيل وانما قام بتحريف ما ذكره المؤرخون والكتّاب ايضآ ففي الوقت الذي يقول جورج رو في كتابه العراق القديم الصفحة ٥٥۲ والتي اشار اليها المالح : لقد ادرك الاسكندر الكبير مثل كورش من قبله انه لن يكون بوسعه حكم ما يزيد على مائة أمة مختلفة دون استمالة قلوبها ، كما فعل كورش لدى دخوله بابل حيث ادعى انه جاء بناء على طلب إلإله مردوخ وكان قد استغل الفجوة التي كانت بين الكلدان وآخر ملوكهم نابونيد الذي اهمل عبادة الإله مردوخ ووثق الناس بكورش بعد ان وجدوه يحترم معتقداتهم ولكن كورش فعل ذلك مع الكلدانيين البابليين غير ان الاسكندر يقصد باستمالة قلوب المائة أمة التي خضعت لسلطته اعتبارآ من اليونانيين وحتى تخوم الصين شرقآ فأرمينيا شمالآ ومصر والبحر المتوسط غربآ فكان يسكن في هذه البقاع فعلآ اكثر من مائة أمة
٤٦
كان على الاسكندر ان يعرف كيف يتعامل معها لتخضع لسلطته دون أية معضلة ولم يكن يقصد بهذه الرقعة الشاسعة بلاد بابل التي لم تكن تضم ربما اكثر من ثلاثة او اربعة اقوام ومن بينهم الأسرى والسبايا بل كل البلدان التي اخضعها لسيطرته واما فيما يتعلق بخلو بابل من سكانها لدى مجيء تراجان ومن بعده سبتيموس سفيروس بجيوشهما فهذا امر طبيعي بالنسبة لمدينة اصبحت ساحة معارك منذ سقوطها على يد كورش العيلامي سنة ٥۳۹ ق . م وحتى مجيء هؤلاء اليها ولكن هذا لا يعني فناء سكانها وانما هجروها ليسكنوا مواقع ومدن اخرى بعد ان لم يبقى فيها ما يشجعهم على البقاء من هياكل الآلهة والمباني والحياة الآمنة وتذكر المصادر بأن بابل فقدت بريقها بعد سقوطها أو احتلالها من قبل العيلاميين والأخمينيين ومن ثم بعد قيام سلوقس ببناء ساليق كمدينة أو عاصمة له بديلة عنها وقام بترحيل الالاف من سكانها ليسكنوا عاصمته الجديدة قرب المدائن التي اصبح تعداد سكانها زهاء ( ٦٠٠۰۰۰ ( ستمائة الف نسمة ( ٧٠) فالرحيل عن بابل وهجرها لا يعني اندثار وفناء الكلدان كما يريد المالح ان يتخذ من ذلك دليلآ لنهاية الكلدان لأننا نجد بابل بعد زوال تلك الظروف تستعيد انفاسها وترجع عامرة بسكانها ، حيث تذكر المصادر الكنسية ومنها الأنجيل المقدس توجه المجوس الى اورشليم حيث ولد يسوع المسيح وهم يتتبعون النجم الذي اصبح دليلهم وهؤلاء المجوس كانوا من الكلدان البابليين هؤلاء الذين أسسوا علم الفلك واصبحوا علمائه ، كما وهناك مصادر تذكر بأن تعداد المسيحيين في بابل ، في عهد الخليفة عمر بن الخطاب بلغ ( ۱٥۰۰۰۰۰ ) مليون ونصف المليون نسمة مع عدد من اليهود ( ٧۱ ) .
إذن نستطيع أن نستنتج من قراءة ما مضى من الصفحات بأن بابل كانت قد عادت عامرة بالسكان بعد انتشار المسيحية وان اخليت لفترات معينة فبسبب الظروف والحروب هذا من ناحية ومن ناحية ثانية ان رحيل سكان بابل الى مناطق أو مدن أخرى لا يعني نهاية الكلدان كشعب لأن موطن الكلدان لم يقتصر على مدينة واحدة اسمها بابل فقط .
٤٧
اللغة التي نتكلم بها
ان لم تكن كلدانية فليست اشورية
تذكر جميع المصادر التاريخية  التي تتكلم عن بلاد ما بين النهرين وعن تاريخ البابليين والاشوريين بأن اللغة التي كان يتكلم بها البابليون والاشوريون كانت الأكدية بلهجتها البابلية وكانت تمثل اللهجة الجنوبية والاشورية والتي تمثل باللهجة الشمالية ، وظهور هاتين اللهجتين في اللغة الأكدية أمر طبيعي فهذا يحدث لدى جميع اللغات لأسباب منها :
اتساع ساحة اللغة وابتعادها عن نقطة المركز ( منبع اللغة ) وقلة الإتصالات بين نقطة المركز والبقاع النائية التي تحتلها اللغة ، ثم تأثرها باللغات المحيطة بها ايضآ وهذا ما حدث للأكدية بلهجتيها البابلية والاشورية والتي كانت تكتب بالخط المسماري ويعود سبب تكلم الاشوريين باللغة الأكدية لعوامل عديدة منها :
۱- كون الاشوريين من ابناء القبيلة التي هاجرت من بلاد بابل في اواخر الألف الرابع واوائل الألف الثالث قبل الميلاد ويؤيد ذلك ايضآ العهد القديم حيث يقول بأنهم
٤۸
خرجوا من ارض شنعار وكانت اللغة السائدة هي الأكدية .
۲- كانت البلاد من جنوبها الى شمالها اضافة الى الأقاليم المحيطة بها خاضعة للدولة الأكدية لفترة طويلة ففرضت اللغة الاكدية نفسها على كافة الأقاليم الشمالية والجنوبية ، الشرقية والغربية من البلاد واستمرت هذه اللغة حتى القرون الأخيرة من الألف الأول قبل الميلاد متداولة جنبآ الى جنب مع اللغة الآرامية ونتيجة الاختلاط بين اللغات الثلاثة السومرية ، الأكدية ، ثم الآرامية من حيث ساحة تداولها تداخلت مفرداتها فلو قارنا المفردات التي نستعملها اليوم بالمفردات القديمة الاكدية لوجدنا بعضها في الاكدية ايضآ وحتى في السومرية ، غير ان اللغة الارامية وكما يبدو بدأت بالإنتشار من خلال الهجرات والنزوح السكاني حيث دخلت بلاد ما بين النهرين قبائل ارامية عديدة رحلت من بلاد الشام بإتجاه بلاد بابل اعتبارآ من مطلع الألف الأول قبل الميلاد ( ٧۲ ) .
هذا من ناحية ومن ناحية ثانية كان للعامل التجاري دورآ في نشرها اضافة الى الاختلاط سواء من خلال الغزوات أو الترحيل والأسرى وهذا ما حدث في بلاد اشور حيث بدأت الارامية تنافس الاكدية الاشورية منذ القرن الثامن قبل الميلاد حيث توسعت رقعة الارامية في هذه البلاد وتدريجيآ على الصعيد الشعبي والرسمي ( ٧۳ ) . أسوة ببلاد الكلدان .
وفي مجال اللغة يعترف المالح بكون الأكدية لغة الدولتين الاشورية والبابلية الكلدانية لحين انتشار الارامية في بلاد الرافدين ، واتفق معه بكون اللغة التي نسميها اليوم بالكلدانية ويسميها البعض بالآشورية هي في الأصل لغة ارامية وهذه حقيقة لا تقبل النقاش لأنه لو كانت هذه لغتهم لما تكلموا بالأكدية .
ولكن على المالح والآخرين ان يعرفوا بأن هذه اللغة التي نتكلم بها حتى اليوم ليست قطعآ آشورية كما ذكرنا لأن الآشوريين ايضآ اقتبسوها من الآراميين كما اقتبسها الكلدان ولكن مع ذلك اقولها من غير تحيز بأنه للكلدان نوعآ من الحق باطلاق التسمية الكلدانية عليها لأسباب منها :
٤۹
۱- الكلدانيون هم الذين نشروا هذه اللغة بين الأمم وأخذها عنهم الآشوريون والفرس وغيرهم بعد ان أخذوها بدورهم عن القبائل الآرامية التي استوطنت بلادهم وانصهرت بينهم وكان انتشارها واضحآ في عهد الدولة الكلدانية  حتى غدت في القرنين الأخيرين قبل الميلاد والقرون الأولى بعد الميلاد لغة الشرق الآوسط تقريبآ .
۲- كانت الكنيسة الكلدانية منذ تأسيسها في اواخر القرن الأول الميلادي وبداية القرن الثاني في بلادنا هي التي طورت هذه اللغة ونشرتها بنشرها المسيحية وجعلتها لغة طقوسها كما هي عليه لحد الآن ، ويقول بعض المختصين باللغة وتاريخ الكنيسة ان اللغة التي كانت شائعة في هذه البلاد لدى انتشار المسيحية كانت اللغة الآرامية أو السريانية  والتي سميت بالآثورية وهي اللغة الكلدانية نفسها التي كان يتكلم بها ابونا ابراهيم لما هاجر وطنه أور الكلدانيين والتي كتبت بها بعض اسفار التوراة أو العهد القديم واستعملها اليهود في السبي البابلي وتكلموا بها بعد عودتهم الى فلسطين من الأسر ، هذا وان الآرامية الفصيحة الشائعة اليوم هي على لهجتين احداهما شرقية والأخرى غربية ، فالشرقية هي لغة الكلدان من الكاثوليك والنساطرة والغربية هي لغة السريان الكاثوليك والموارنة واليعاقبة ( ٧٤ ) .
ويقول مصدر آخر بأن اللغة الآرامية كانت ذات لهجتين الشرقية هي الكلدانية والغربية هي السريانية ( ٧٥ ) .
وكان الملوك الكلدان قد اتخذوا الآرامية لغة رسمية لهم ففي عهد نابوبيلاصر اصبحت لغة البلاط الملكي الكلداني وحتى بعد سقوط بابل استمرت هذه اللغة في انتشارها فأصبحت اللغة الرسمية في العديد من المقاطعات الفارسية ولاسيما في عهد داريوس ، بل اصبحت لغة الشرق الأوسط ( ٧٦ ) .
ويقول مصدر آخر – أثبت اليوم علماء البحث والتنقيب ان الكلدانيين سكان وادي الرافدين دجلة والفرات هم أسبق الأقوام الى وضع الكتابة على طريقة التهجية أو المقاطع ثم انتشر اسلوبهم بين الآشوريين لسهولته واستعاره منهم سكان ارمينيا واطرافها ثم انتشر بين الماديين والفرس وما زال في الامتداد حتى العصور المسيحية
٥٠
الأولى ( ٧٧ ) .
وهناك من قال كانت في اورشليم الطقوس باللغة السريانية على الأغلب الى جانب السريانية المائلة الى كلدانية اليهود التي جلبوها من بابل بعد عودتهم من السبي ( ٧۸ ) .
لقد حاول المالح في كراسه الاتيان بأدلة واهية من اجل اقناع القاريء بأن اللغة التي نتكلم بها وتكلم بها اباؤنا ليست كلدانية بل ارامية وهذا ما أيدته به ويؤيده غيري من حيث اصل اللغة ، فهي اصلآ ارامية وسميت بالسريانية خطأ ، حيث اطلقت هذه التسمية عليها بعد المسيحية وخاصة بعد دخول قسم من الآراميين المسيحية فاطلق عليهم ايضآ السريان وعلى لغتهم السريانية ولكن السريانية لا تعني الآشورية والدياطسرون لم يكتب بالآشورية بل بالآرامية وان ططيانس نفسه لم يكن آشوريآ جنسآ كما ادعى المالح وان قيل بأنه اثوري انما يقصد بذلك التسمية الجغرافية ( بلاد  اشور ) حيث نسب اليها كما ينسب شخص ما الى العراق فيقال عنه انه عراقي وآخر مصري وآخر سعودي وآخر فرنسي ولكن العرق قد لا يكون عربيآ أو فرنسيآ ، ان ططيانس نفسه يلقب نفسه بالبربري ، ولم تعرف اللغة السريانية الشرقية بالآشورية في يوم من الأيام ولا يوجد أي مصدر يذكر ذلك سوى المصادر التي تصدر عن مؤسسة المالح وأسياده للتحريف والتزييف ، لأن التسمية الآثورية هي تسمية حديثة اطلقت على الكلدان  النساطرة بعد مجيء وفود كنيسة كنتربري البريطانية الى منطقة حكاري خلال السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر واوائل القرن الحالي ، ثم حورت في العقود الأخيرة الى اشورية لتطابق التسمية التي كانت متداولة قبل ( ۲٧) قرنآ من الزمان ، وان كان اجداد المالح الاشوريين  كما يدعي هو من غير ان يكون له جزءآ من المليون من دليل يؤيد رأيه ورأي الآخرين في هذا النسب اجل ان كانوا هؤلاء يتكلمون الارامية فهذا لا يعني ان هذه اللغة اصبحت اشورية ، والا لكانت كلدانية قبل ان تكون اشورية لأن الكلدان وكما ذكرت سابقآ هم الذين ساهموا بنشرها حتى في بلاد اشور ( ٧۹) . 
فكيف يحاول المالح تجريد الكلدان منها ولصقها بأجداده المزعومين الاصطناعيين ؟
 
٥۱
وهو ينتقد الكتّاب الكلدان لقيامهم بتسمية هذه اللغة بالكلدانية في حين يسمح لنفسه ولجماعته بتسميتها باللغة الآشورية وهذا ما لا اساس له قطعآ .
وفي موقع آخر من صفحات الكراس يذكر المالح ويؤيد بكون الصابئة المندائيين من اصول كلدانية وهذا أمر لا غبار عليه وحتى كتّاب الصابئة يؤيدون ذلك ، والسؤال الذي يطرح نفسه أمام انظار المالح هنا هو : طالما يعترف المالح بكون الصابئة كلدانآ وهم يتكلمون المندائية التي تعتبر ومع الآرامية من جذر واحد لا بل لغة واحدة تلك اللغة التي تكلم بها اجدادنا منذ القديم ، فكيف يرفض المالح تسمية هذه اللغة باللغة الكلدانية ؟هذا علمآ بأن الصابئة الكلدان تكلموا بها منذ البدء سواء في حران أو في بلاد الرافدين وكذلك في مواقع أخرى ، يتبين لنا من الأسطر السابقة بأن اللغة التي نتكلم بها اليوم وتكلم بها اجدادنا كانت الآرامية وبأن الكلدان لهم النصيب الأكبر من حق تنسيبها اليهم اكثر من أي شعب آخر بغض النظر عن آراء البعض من الكتّاب المعاصرين من رجال الدين الكلدان خاصة والذين يتمسكون بتسميات أخرى كالآرامية أو السريانية ، اضافة الى مصطلح الطائفة الذي يطلقونه على الفئات المسيحية سواءآ بصورة عفوية ودون تفكير في ابعاده وقد يستعمله البعض عن قصد لمسايرة آراء وتوجهات الجهات الرسمية التي تنكر التسميات القومية لمسيحيي بلادنا ، فهم يجارون هذه السلطات في طروحاتهم من غير وجه حق ومجرد لابعاد انفسهم من اشكالات قد تجابههم لو تمسكوا بها وانا اعتبر هذا نوعآ من الضعف فالجهات الرسمية تشجع التسمية السريانية لأسباب منها ان هذه التسمية ليس لها مدلول عرقي أو قومي اضافة الى عدم وجود من يدعي بالقومية الآرامية في بلادنا لأن البلاد الأصلية للآراميين هي سوريا فلا تحسب السلطة إذن أي حساب لهذه التسمية ايضآ ، فعسى ان يعي هؤلاء الموقرون من رجال الدين والكتّاب وخاصة الكلدان الى ابعاد هذه التسميات والمصطلحات لكي لا يساهموا في طمس التراث والحضارة التي لا يزال بلدنا مدينآ بها لأجدادنا الكلدان اضافة الى بلدان اخرى ايضآ .
٥۲
الكلدان و تسمياتهم الطائفية والقبلية
ذكرنا في الصفحات السابقة بأن  الأمة الكلدانية كانت تتكون من قبائل كثيرة يذكر المؤرخون والمصادر التاريخية اسماء قبائل عديدة منها ولاسيما القبائل ذات الشأن والتي لعبت دورآ سياسيآ وعسكريآ وقوميآ متميزآ والتي كانت تشكل امارات وممالك ودويلات المدن احيانآ منذ سقوط الدولة الكلدانية الأولى بعد الطوفان والتي ملك عليها نمرود الجبار( ۸٠ ) .
وتفيد المصادر بأن اول موجة بشرية خرجت من الجزيرة كانت الموجة الكلدانية التي سكنت بلاد ما بين النهرين واما الأسم فأقتبس من كلمة ( كلدو ) التسمية التي اطلقت على العراق الجنوبي حيث نزلت هذه الموجة ويعزز المصدر ما ذكر بمصادر أخرى وكتب عديدة ( ۸۱ ) .
كما ذكرهم ارسطو في كتابه بوليطيا وكذلك بطليموس وغيرهما بما مفاده ان الكلدانيين كانوا اصحاب مملكة كلواذي العظيمة واليها اضيفوا ويؤكد ذلك المسعودي
٥۳
قائلآ وكانوا شعوبآ وقبائل منهم – النينويون ، الآثوريون ، الارمان ( الاراميون ) والاردوان ، الجرامقة ، نبط العراق ، اليهوطايي ، واهل السواد وأيد ذلك ايضآ ابن الكلبي وغيره ( ۸۲ ) .
وقام المؤرخون العرب الجدد بتعريب بعض تلك القبائل ومنها النبط الذين هم من اصول كلدانية بتأييد العديد من المصادر والمؤرخين ( ۸۳ ) .
ومنهم المؤرخين العرب القدماء كالمسعودي الذي يقول في كتابه – مروج الذهب / الباب العشرين – ذكر ملوك بابل وهم من النبط وغيرهم المعروفين بالكلدانيين – وفيما يتعلق بالصابئة فلقد أكد الكثير  من الكتاب والمؤرخين بأنهم كلدانيون جنسآ فاضافة الى ما ذكرته اعلاه أضيف بهذا الخصوص ما تقوله مصادر اخرى حيث قال ابن العبري في كتابه تاريخ مختصر الدول بأن الذي تحقق منه ان الدعوة الصابئية انما هي دعوة الكلدانيين القدماء بعينها وقبلتهم القطب الشمالي ، ويقول بطرس نصري في كتابه ذخيرة الاذهان :
كان الصابئة يسكنون حران من مدن بلاد ما بين النهرين الشمالية وتبعوا منذ القديم ديانة الكلدان وسموا بعد المسيحية بنصارى مار يوحنا وهم لا يتمسكون بعقائد النصارى الا بالعماذ والصليب واكرام مار يوحنا . ويقول ابن النديم المتوفي سنة ۹۹٥ م في كتابه الفهرست عن مذاهب الحرانية الكلدان المعروفين بالصابئة ان اول سنتهم الأول من نيسان من كل عام على غرار السنة البابلية وأيد ابو الحسن ثابت الحراني ايضآ بكون الصابئة كلدانآ وبكون دعوتهم دعوة كلدانية وقبلتهم القطب الشمالي ( ۸٤ ) .
كما اوردهم ( الكلدانيين ) ابن خلدون بأسم القنطارية قائلآ بأنهم اصحاب قنطارين ارفكشاد ومنهم الصابئين وجاءت التسمية على اشكال مختلفة ( كنتاريون ، كتباريون ، قطباريون ، كشدانيون ، كشرانيون ، كنترانيون ، وقنترانيون وسبب الاختلاف فيها هو الكتابة غير المنقطة ( ۸٥ ) .
كما وردت تسمية تخص الكلدان وهي ( يوهطايي ) حيث تقول الليدي دراور
٥٤
بأنها كشفت في مخطوطة ديوان ( حران گويثه ) للصابئة تقول ( واستقبلتهم حران المدينة التي كان فيها الناصورايي ولهذا فليس من سبيل لملوك اليهوطايي ( الكلدان ) اليهم ( ۸٦) .
ويقول المصدر ذاته وبمساعدة الروهة ( أي الروح ) بنى اليهوطايي أي الكلدان مدينة جديدة ومنيعة ذات سبعة اسوار كل سور افخم من الذي يليه وهذه المدينة هي بغداد .
هذا اضافة الى التسميات التي تطرقنا اليها بإيجاز اعلاه فإن الأمة الكلدانية كانت تتكون من قبائل وبيوتات ايضآ وكان يترأس كل قبيلة رئيس يسمى ( الملك ) وما زالت هذه التسمية جارية لدى الكلدان النساطرة المرحلين من حكاري والذين يدعون انفسهم خطأ بالآثوريين وهذا ما سنأتي الى ذكره لاحقآ ولما كنا قد تطرقنا الى اسماء هذه القبائل فلا مبرر لاعادتها .
وكانت هذه القبائل ذات كثافة من حيث تعدادها وهذا ما يمكننا استخلاصه من عدد الأسرى أو المرحلين الذين جاء بهم الملوك الآشوريين الى شمال وشمال شرق وشمال غرب بلاد ما بين النهرين وذلك في عهد الامارات الكلدانية فنجد مثلآ تجلاتبيزر الثالث ( ٧٤٥- ٧۲٧ ) ق . م يرحل منهم خلال هجومه على بابل ( ۱٥٥ ) الف نسمة هؤلاء من قبيلة بيث اموكاني ويأتي بهم الى بلاد ليوزعهم على اقاليمها ثم قام سرجون بأسر ( ۱٦٤۹٠ ) كلدانيآ من قبيلة بيث ياكين كبرى القبائل الكلدانية عام ٧١۰ ق . م وجاء بهم ايضآ الى بلاده ليوزعهم على الأقاليم النائية منها ، كما رحل سرجون ذاته سنة ٧٠٧ ق . م من القبيلة ذاتها ( ۹٠٥۸۰ ) فردآ وهناك مصدر آخر يقول كان عدد هؤلاء المرحلين ( ۱۰۸٠٠٠ ) نسمة
(Michael Roaf . Atlas . p.182 )
وفي سنة ٧۰۳ ق . م قام سنحاريب بترحيل ( ۲٠۸٠٠٠ ) كلداني من القبائل ( بيث داكوري وبيث شئالي وبيث اموكاني وبيث ياكين )( ۸٧) .
هذا وان الحالة التي يريد المالح ان يخص بهاالكلدان فقط من حيث تواجدهم وخضوعهم لأقوام اخرى واختلاطهم بها بعد سقوط دولتهم ومن ثم بعد مجيء المسيحية وخلال الفتوحات الاسلامية وبعدها هي حالة تعم على الجميع وفي مقدمتهم الاشوريين
٥٥
الذين انقرضوا ولم يبق لهم ذكر بعد سقوط دولتهم وانصهروا في بوتقة الشعوب الغالبة التي غزت بلادهم وتوالت على حكمها ولا يوجد أي مصدر محايد يذكرهم عكس الكلدانيين الذين تذكرهم المصادر العربية والاسلامية والمسيحية والاجنبية رغم ان الكتّاب العرب المحدثين قاموا بتعريبهم في مؤلفاتهم وبذلك حرّفوا وزيفوا الحقائق التاريخية جاعلين من كل الأقوام التي سكنت هذه البلاد والتي تنسب الى الساميين عربآ وهذه مغالطة يندى لها جبين التاريخ فكيف ينبثق الأصل من الفرع ؟ حيث هناك فرقآ شاسعآ بين الساميين والعرب ، فمن المفروض ان يكون العرب كقبائل معدودة قبل الفتح الاسلامي من الساميين ان صح هذا التنسيب وليس العكس مما سبق نلاحظ بأن الكلدانيين كانوا شعبآ واسع الانتشار كثير التعداد وعديد الاقسام والفروع والقبائل ليس الجرامقة والنبط والصابئة فقط لأن تاريخ الكنيسة التي تنسب الى الكلدان منذ تأسيسها في بلادنا يذكرهم عكس ما اورده المالح من اجل تشويه وتزييف الحقائق ففي سبيل المثال يقول احد المصادر المعتمدة لدى اسياد المالح ( تقول الموسوعة الكاثوليكية اللاهوتية العلمية الالمانية بأن التعليم لدى الفتوحات الاسلامية كان من اختصاص الكلدان وكانوا يعلّمون الكلدانية والسريانية واليونانية وكذلك الصرف والنحو والبلاغة والخطابة والبيان والشعر اضافة الى الدروس العلمية كالهندسة ، الطب ، علم الفلك وحتى الموسيقى وذلك في مدرسة الرها ومدرسة نصيبين وساليق وغيرها ثم انشأوا المستشفيات لذا قال لابور ( انه ليس من أمة في الأرض سبقت الكلدان النصارى في تأسيس المدارس ناهيك عما تخرج من هذه المدارس من العلماء والمؤلفين العظام الذين بلغ عددهم خلال الفترة من القرن الرابع والى الثالث عشر اكثر من ( ٤۰۰ ) ومنهم مار افرام ومار نرساي ويعقوب السروجي وجبرائيل مطران اردا شير ويوسف حزايا والمئات غيرهم ) .
كما كان اهل بابل اول من عرف وآمن بالمسيح وبلاد الكلدان هي أولى البلدان التي علمت بميلاد المسيح ويقول التقليد الكنسي نقلآ عن الأنجيل المقدس الذي يذكر زيارة المجوس بأنهم كانوا كلدانيين ويقول بعض الكتّاب بأن عددهم كان ( ۱۲ ) شخصآ وليس
٥٦
 ( ۳ ) ثلاثة أشخاص ( ۸۸ ) .
تقول المصادر الكنسية بأن عددآ من النصارى الكلدان هاجروا من بلاد بابل الى الملبار في الهند سنة ۳٤٥ وكان عددهم ( ٤۰۰ ) عائلة وكانوا من السريان المشارقة أي الكلدان مع يوسف مطران الرها والكثير من القسس والشمامسة وقال لكيان بأنه نحو سنة  ۸۸٠ م أتى شابور وفيروز الكلدانيان وكانا شهيرين بالقداسة واشتهر تذكارهما في فرض الملباريين وفي عهدهما انتشرت المسيحية في مملكة ديامبر ( ۸۹ ) .
وأما كون الملباريون الذين ابدوا تعلقهم منذ البدء ببطاركة بابل الكلدان يتسمون باديء الأمر سريانآ لا كلدانآ فأمر معروف ولا اوضح منه لأن هذه هي التسمية القديمة ( بعد المسيحية ) وكان الكلدان الحاضرون ايضآ منذ بدء النصرانية يسمون سريانآ ثم سموا نساطرة بعد اعتناقهم المذهب النسطوري الى ان رفع البابا اوجينوس الرابع عشر عنهم هذه التسمية استنادآ الى صيغة إيمان المطران طيمثاوس مطران قبرص – فامر ان يسموا هؤلاء العائدين الى الكثلكة من النساطرة بالكلدان نسبة الى اجدادهم ( ۹۰ ) . 
هذا ما تناولناه بالتفصيل سابقآ ، والأدلة على استمرارية التواجد الكلداني بعد المسيحية كثيرة وحتى بعد الاسلام ولو ألقينا نظرة على الصفحة (۲۹ ) من كراس المالح الذي يتضمن المفارقات والتناقضات العجيبة لوجدنا بأنه يناقض نفسه بنفسه ففي الوقت الذي يدعي بأن الكلدان بقوا على وثنيتهم الى مجيء الاسلام وهذا واضح من عنوان كراسه نجده يقول بأن وسط وجنوب العراق وسواحل الخليج وحتى قطر كله كان يدين بالنسطورية عندما فتح المسلمون  العراق ولم يكن هؤلاء النساطرة وحتى الارثودوكس الموجودون في عاقولا ( الكوفة ) كلهم من بقايا الكلدان ( وهذا يعني اعتراف المالح بكون بعضهم من اصول الكلدان ) ويستمر قائلآ بل كان من بينهم العرب والفرس وغيرهم فهذا اعتراف صريح من المالح بدخول الكلدان الى المسيحية وهو يفند بذلك العنوان الذي اختاره لكراسه ، في حين تشير المصادر التي اشرنا الى بعضها بكون الكلدان من اوائل سكان بلاد ما بين النهرين الذين دخلوا المسيحية كما واشرنا الى وجود ( ۱٥٠٠٠٠٠ ) مليون وخمسمائة الف مسيحي في بابل لدى الفتوحات الاسلامية
٥٧
وبالأخص في عهد الخليفة عمر بن الخطاب مع عدد من اليهود ، فلا بد ان يكون معظم هؤلاء من الكلدان بطبيعة الحال .
وبالرغم من ان الكلدان المسيحيين ابتهجوا بالفتح العربي الاسلامي من منطلَقَين أساسيين احدهما احترام الاسلام للمسيحيين والثاني للتخلص من جور الفرس الوثنيين حيث بقوا على ديانتهم المسيحية ودفعوا الجزية غير ان هذه الفرحة لم تدم طويلآ حيث فرضت عليهم لاحقآ قيود لا تحتمل ولكن مع ذلك بقي المسيحيون الكلدان ومن الأصول الآخرى صامدين حتى نهاية العصر العباسي غير ان حملات التتر والمغول انهت التواجد المسيحي في جنوب البلاد حيث هاجروا أو فروا شمالآ باتجاه جبال كوردستان وغربآ باتجاه سوريا ولبنان والجدير بالذكر ايضآ كانت ( ٧۳۰۰ ) عائلة مسيحية كلدانية قد هاجرت من بلاد بابل الى مصر خلال القرن الثامن الميلادي وكان تعداد هؤلاء المهاجرين يزيد على ( ٤٠٠٠٠ ) اربعين الف نسمة ( ۹۱ ) .
والشيء الذي تمسك به المالح بخصوص اسلام الكلدان هو ما جاء به ادي شير بشأن الكلدان الوثنيين من الفلكيين والمنجمين الذين كانوا ما زالوا على وثنيتهم حتى مجيء الاسلام الذي فرض على كل وثني مهما كان جنسه أو عرقه في البلدان المفتوحة الدخول في الاسلام بالرغم من ان المالح يعرف حق المعرفة ما قصده ادي شير بهذه العبارة ومن كانوا المقصودين بها غير انه اراد استغلال هذه العبارة الخاصة بعدد من الكلدان الباقين على وثنيتهم والذين فرض عليهم الاسلام . ليعممها على جميع الكلدان ولدحض افكار المالح أقول :
ان المسيحية انتشرت في العالم عن طريق التبشير وليس بقوة السلاح مما فسح المجال للبعض من ابناء الشعوب البقاء على وثنيتهم سواء كانوا من اصول كلدانية أو ارامية أم فارسية ولا اقول آشورية لأنهم كانوا قد تلاشوا وانصهروا بين الشعوب الأخرى بعد سقوط نينوى قبل مجيء المسيحية بعدة قرون من الزمن ، وعندما جاء الاسلام لم يترك تلك الفرصة لهؤلاء الوثنيين بل فرض عليهم الاسلام على اختلاف اجناسهم ، ولما كان الكلدانيون المتنصرون في القرون الأولى قد نبذوا تسميتهم القومية
٥۸
كغيرهم اعتقادآ منهم بأنها اصبحت ذات مدلول وثني بعد مجيء المسيحية فانحصرت هذه التسمية في بني جنسهم من  الوثنيين واعتقدوا بأنهم لو حملوها كالسابق لتماثلوا بهؤلاء الوثنيين من عبدة النجوم والأصنام وهذا لا ينطبق فقط على الكلدان بل على الشعوب الأخرى ايضآ التي نبذت تسمياتها القومية بعد تنصرها ، غير ان المد لول الوثني لهذه التسميات كان قد انتهى بانتهاء الوثنية في بلادنا ، فلم يعد هناك خوف من حملها ، هذا من ناحية ومن ناحية ثانية ان الأمم التي دخلت الاسلام ومنها الفرس والكورد والترك والعرب بقوا يعتزون باصولهم العرقية الى جانب انتمائهم الى الاسلام فكان هذا العامل الى حد ما حافزآ لتفكير الاخرين باصولهم ومنهم الكلدان وهم الذين يتكلمون بلغتهم الخاصة دون العربية فبقيت التسمية العرقية أو القومية مرابطة في اذهانهم وافصحوا بها مرارآ وهذا ما فعله المطران طيمثاوس ايضآ بعد عدة قرون وعندما اعلن صيغة ايمانه الكاثوليكي امام المجمع اللاتراني وبحضور البابا اوجينوس الرابع سنة ۱٤٤٥ م حينما قال ( انا طيمثاوس مطران الكلدان الذين في قبرص ...) هذا من ناحية ومن ناحية ثانية ان المصادر التاريخية تذكر الكلدان قبل المسيحية بمئات السنين ثم في زمن انتشارها ومن بعدها وفي عصر صدر الاسلام وفي عهد الخلافات الاسلامية المتعاقبة وصولآ الى الحكم العثماني حيث اصدر السلطان العثماني مرسومآ سلطانيآ يقضي بالاعتراف بالملة الكلدانية سنة ۱۸٤٥ ، ( ۹۲ ) .
فها هو لومون الفرنساوي يقول : كان السريان الشرقيون وهم المسمون كلدانآ قد ظهروا منذ الأزمنة الأولى غيورين على الديانة المسيحية وانتشارها ولو انهم بسبب ضلالة نسطور كانوا منشقين عن الكنيسة الكاثوليكية ( ۹۳ ) .
ويستمر لومون قائلآ ، ان الطائفة الكلدانية تشهد لها الآثار القديمة انها في القرن الثامن الميلادي كانت تضع الخمير في خبز القداس بدل الزيت والملح ايضآ ( ۹٤ ) .
ويواصل كلامه قائلآ والكلدان ما عندهم الا ثلاث ساعات في صلاتهم وهذا دليل على ان تقسيم الصلوات الى سبع ساعات لم يكن جاريآ في الكنيسة كلها قبل القرن الخامس الميلادي ( ۹٥ ) .
٥۹
وكان ايشوعياب جدلايآ ( گدلايا ) الجاثاليق قد ارسل سنة ٦۳٥ م مرسلين الى الصين لنشر المسيحية وفي مقدمتهم القس ( الاپن ) وكان ذلك في عهد الملك تابوتسنغ ( ٦۲٧ – ٦٥٥ ) م فاجاز هذا الملك للمرسل الكلداني التبشير في بلاده وأن يعمر كنيسة فانتشرت المسيحية هناك ( ۹٦ ) .
ويقول المطران سليمان الصائغ في كتابه تاريخ الموصل / الجزء الثاني كان لقطيسفون في تواريخ الكلدان شأنآ خطيرآ لأنها كانت مركز اقامة بطريرك المشرق ( ۹٧ ) .
ولا يوجد من ينكر بأن الكثيرين من المسلمين في جنوب البلاد وشمالها كانوا سابقآ مسيحيين وتركوا المسيحية لأسباب لا مجال لذكرها هنا لكونها خارج موضوعنا وفي شمال البلاد ( كوردستان ) عشائر برمتها كانت قد أسلمت قبل فترة ليست ببعيدة كثيرآ وتركت المسيحية وهي اليوم مسلمة وبدلت هويتها القومية بصورة اوتوماتيكية  بتغيير دينها ، فليس هناك مسلم لا في المنطقة العربية من العراق ولا في كوردستان من اصل كلداني أو ارمني يدعي بإنتمائه القومي الى الكلدان أو الأرمن أو الى أية فئة مسيحية اخرى لأن من يستسلم يحاول التنصل عن ارتباطاته القومية والدينية وحتى اللغوية السابقة معتقدآ بأنها تتعلق بديانته السابقة وهذا واضح للعيان على مستوى الجماعات والأفراد ايضآ .
اعتقد بأنني ذكرت ما فيه الكفاية في هذه الفقرة ايضآ لتفنيد رأي المالح وغيره من الذين جعلوا البابا أوجينوس مخترعآ للتسمية الكلدانية سنة ۱٤٤٥ ، فمن يطلع على تاريخ كنيستنا الشرقية وتاريخ بلادنا سيكتشف بأن هذه الآراء ليست سوى تلفيقات وأكاذيب باطلة بطلان التسمية التي يحملها البعض ويحاول فرضها على غيره وهو منها بريء وسوف أذكر في الصفحات المقبلة وبكل صراحة كيفية ظهور التسمية الآثورية من جديد وتاريخ ظهورها ومن ثم كيف ولماذا حوّرت الى الآشورية ومتى ؟ ليعرف المالح وغيره من هم الكلدان وما هي جذورهم لعلهم يحاولون البحث والتنقيب عن جذورهم الحقيقية هم ايضآ ولكن ليس بطريقتهم المعهودة الآن وانما بطريقة علمية ومنطقية بعيدآ عن التمسك بآراء وأقاويل واهية وركائز لا اساس لها وعندئذ حتمآ
٦٠
سيعرفون عن أية قومية يتكلمون هم وعن أية أمة أتكلم انا ، أعود لأختتم هذه الفقرة بالتطرق الى المسيحية بعد القرن الثالث عشر الميلادي حيث دخلت الكنيسة المشرقية في العصر المظلم وخاصة في جنوب البلاد ووسطها بسبب الإضطهادات والقتل والفتك الذي حدث يحق ابنائها على يد التتر والمغول فترك الكثيرون مدنهم وقراهم و هربوا شمالآ الى جبال كوردستان الحالية وغربآ الى بلاد الشام ولبنان كما ذكرنا ( ۹۸ ) .
وأما بقاء المسيحية في الموصل واربيل وجبال كوردستان فيعود الفضل في ذلك الى عوامل عديدة منها طوبوغرافية المنطقة وروح التسامح فيها والكثافة المسيحية المتواجدة ايضآ ولكن بقاء المسيحية في هذه البقاع لا يعني عودة الفضل في ذلك الى كونها في يوم من الأيام خاضعة للدولة الاشورية كما ولا يعني ان هؤلاء المسيحيين كانوا من اصول اشورية بل كانوا من الكلدان والآراميين والفرس وحتى من سكان بلاد قردو أي الكورد ولكن المسيحية عادت الى وسط وجنوب البلاد ثانية بعد زوال اسباب رحيلها فهناك اخبار تناقلها الرحالة الاجانب عن المسيحيين في بغداد فيقول بعضهم ( وتضم بغداد تحت الاسم العام – الكلدان – طائفتين اخريين من المسيحيين وهم النساطرة واليعاقبة والطائفة الأولى لها اتباع كثيرون في الموصل واطرافها وكان عدد المسيحيين في بغداد يمثل ثلث سكانها البالغ عددهم ( ۱۲۰ ) الف نسمة أي كان عدد المسيحيين ( ٤٠ ) اربعين الف نسمة اضافة الى ( ٧ ) الاف يهودي وعدد من الصابئة ( ۹۹ ) .
٦۱

صوم الباعوث و
مدى علاقته بصوم نينوى

الباعوث كلمة ارامية / كلدانية تعني الطلب او الالتماس والتضرع واطلقت على هذا الصوم لأنه جاء للتضرع الى الله جل جلاله ليخلصهم من الوباء الذي انتشر في بلادنا واودى بحياة الألوف من الناس وزرع الهلع والرعب في قلوب الباقين منهم احياءآ وقبل الخوض في تفاصيل الصوم اعود الى كراس المالح الصفحات الخاصة بهذا الصوم ، حيث يقول عني المالح – بأنني قلت بأن صوم الباعوث لا علاقة له بالآشوريين ولم يكن هناك لا اشوريين ولا كلدان عند وضع صوم نينوى والذي اختلط مع صوم الباعوث لدى المالح وغيره وبأن صوم نينوى وضع قبل تأسيس الدولة الآشورية ثم جاء بتعقيب على هذا الكلام الذي نسبه اليّ وقال فيه ان هذا ادعاء مضحك ونابع عن جهل تام بالتاريخ . هذا نص ما ورد في مقدمة الصفحة ( ۳۳ ) من كراس المالح المثير للضحك والسخرية .
وأنا بدوري أقول للسيد المالح ولكل من قرأ هذا الكراس بأن ما نسب الي من
٦۲
المعلومات فعلآ هو مضحك ، وأنا لا اشك في كون الجهة التي ارسلت الشريط قد حشته بأقاويل اكثر سخرية ، وان لم تكن كذلك فالمالح كما يبدو لم يفتهم ما نطقت به خلال تلك الندوة ، لأنني على قدر من الدراية بتاريخ الكنيسة وبتاريخ بلادي والميثولوجية الوطنية يجعلني ارفع من ان ارتكب اخطاء يرتكبها هو وغيره .
والذين ارسلوا الشريط على علم بذلك ، وهنا لابد لي ان اوضح للسيد سعدي ولمرسلي الشريط وللقراء الذين اطلعوا على هذا الكراس من الذين لا دراية لهم بالأمور التي طرحها المالح فيه الحقائق التالية :
انني اقولها بكل صراحة بأن صوم الباعوث ليس امتدادآ لصوم نينوى ولا علاقة له بالآشوريين القدماء وبصوم نينوى بتاتآ ، وان صوم نينوى وضع خلال الفترة ( ۸٥۲ -۸٠۰ ) ق.م وليس قبل تأسيس الدولة الآشورية كما قال المالح لاصقآ هذه الأباطيل بي فصوم نينوى نسجت وكتبت روايته ونسب الى فترة حكم الامبراطورية الاشورية كما ورد اعلاه ، فأنا من غير الممكن ان ارتكب خطأ كهذا ، هذا من ناحية ومن ناحية ثانية وهذا ما اشك فيه وهو عدم ادراك المالح ما تفوهت به حينذاك ، فربما اكون قد قلت بأن صوم الباعوث وضع في فترة لم يدعي أحد النسب الى الآشوريين القدماء او الكلدان لأنهم حينذاك كانوا متمسكين بالتسمية الدينية اكثر من التسمية القومية وهذا ما كان يشمل الكلدان والاراميين والمسيحيين من اجناس اخرى ايضآ ، والمقصود هنا هو المشاعر الدينية كانت قد طغت على المشاعر القومية لدى نصارى  بلاد ما بين النهرين ، فما كانوا يفتخرون بأصولهم كإفتخارهم بدينهم أما فيما يتعلق بالآشوريين القدماء فكانوا قد انقرضوا حينذاك انقراض السومريين والأكديين وغيرهم من الشعوب التي انصهرت في قالب غيرها .
يحاول السيد المالح ان يثبت بكون صوم الباعوث امتدادآ لصوم نينوى ويأتي بالأمثلة على ذلك ويستند على الحوذرا وآراء بعض الكتّاب من رجال الدين المسيحيين ولتسليط الضوء على العلاقة بين الصومين أقول : بأن وجه الصلة بين الصومين من الناحية الدينية هو ورود صوم نينوى في العهد القديم ليس الا ، وكان  لكل من الصومين
٦۳
( ان كان صوم نينوى حقيقة واقعة ) اسبابه واهدافه ونتائجه ، فصوم نينوى يرجع الى الفترة من عام ۸٥۲ – ۸٠۰ ق . م وفق ما يمكننا استنتاجه من العهد القديم وبالمقارنات والمطابقات المعلوماتية مع التاريخ ، وجاء صوم نينوى في اسطورة يونان النبي التي نسجها كاتب