المحرر موضوع: منظّرو القومية الآشورية والكلدانية وقتل القومية السريانية بإسم المسيحية !  (زيارة 1214 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نذير حبش

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 61
    • مشاهدة الملف الشخصي
منظّرو القومية الآشورية والكلدانية وقتل القومية السريانية بإسم المسيحية


ما جرى في العراق ويجري ، كان طلباً للديمقراطية ـ هذا كان المعلن ـ ورفع الظلم الواقع على معظم أطياف الشعب العراقي ، إن لم يكن جميعها. ما تطلب ذلك إزاحة الحاكم المستبد ، ألمتهم الأول في تسبب ذلك الظلم . وجرى ذلك بالتعاون مع قوى عالمية نافذة ، وكان لدعاة (الديموقراطية) هذه ما أرادوا.

وإحدى الدوائر الذاتية لهويتي هي دائرة السريانية ، وما أن ذُكرتْ السريانية حتى حضرت الديانة المسيحية في هذا العصر بالتأكيد. وبحضور الديانة المسيحية تستدعي تسميات أخرى لا يمكن إغفالها ، وهي الكلدانية والآشورية. لا يخفى على أحد أن التسميتين متآخيتان مع التسمية السريانية من الناحية القومية والدينية ، ليس فقط في أوساط المجتمع السرياني والكلداني والآشوري فحسب ، بل لدى جميع العراقيين.

ألدكتاتوريون ـ عفواً ـ ألديموقراطيون الجدد ، أحد أهم الشعارات التي كانوا قد رفعوها في إنطلاقتهم لإزاحة الدكتاتورية السابقة وسعيهم إلى (ديموقراطيتهم!) ، هو أن الدكتاتور السابق كان قد صبغ المجتمع العراقي ، بكافة أطيافه ، ألقومية منها والدينية والمذهبية ، بصبغة (واحدة) ، دون الأخذ بنظر الإعتبار خصوصيات الأطياف الأخرى . وإستندت الديكتاتورية السابقة إلى مبررات واهية ، لا حاجة للبرهنة على سذاجتها.

في جولة إستقرائية للكتابات الدائرة هذه الأيام ، للمنظّرين للقوميتين الآشورية والكلدانية ، يمكننا أن نصنّفها على الشكل التالي:
1 ـ نمط الوعّاظ كما يفعل الكهنة.
2 ـ نمط خطابي ، يذكّرنا بخطب الدعاة في الجموع  للإلتحاق إلى الجيش الشعبي ـ زمن الدكتاتورية السابقة ـ تجده آخر الأمر يهرب مما دعا إليه من الباب الخلفي ، بعد خطبة عصماء.
3 ـ ألنمط الثالث الذي يتبع الفذلكة الفكرية في قضية واقعية تلامس الأرض ، ولا تدعو الضرورة على تجريدها.
4 ـ ألفئة الرابعة ، وهي الأخطر ، أللذين يتبعون عملية مركّبة من جميع هذه الأساليب ، سفسطة مدعومة بفذلكة فكرية قائمة على أساس معرفي حقيقي ، وتوظيفه للضغط على اللاوعي للقاريء ، كي يصل إلى مبتغاه ـ ألذي من وجهة نظره الشخصية ـ هو الغاية المثلى التي تلائم حال الأمة المستقبلي . لاغياً بذلك كل المبررات التي إستند في نضاله ضد الدكتاتورية السابقة المتمثلة بصدام حسين.

ألحق يقال ، ولست بمقيّم ، يوجد من الكتّاب المعروفين بالمسيحيين لدى الشارع العراقي ، من يملكون الفكر والخبرة في الكتابة ، ويتقنون أساليب الضغط على اللاوعي للقاريء ، بإستخدام أساليب الإصحاء العاطفي ، ألديني والتاريخي ، لرسم حلم أشبه ما يكون حلماً ملحمياً ، لكن للأسف لا يمت بصلة للواقع العراقي المعاش. هذا الإسلوب غير مجدي ، كونه يوقع الكاتب قبل القاريء ، بخداع فكري مبني على معادلات تجريدية بعيدة عن أرض الواقع ، ومغالطة سياسية لا يرجى منها منفعة.

هؤلاء كما قلنا أخطر ما يكون ، وأن الـ(كلمة) كانت ، وما زالت وسوف تبقى ، أهم سلاح إخترعه الإنسان حتى اللحظة. عندما يخاطبون القاريء يتجاهلون ذاتية القاريء المفكرة ، دون أي حساب لمصلحته ، فيتطرقون إلى تسميتين لا ثالث لهما ، أي السريانية ، وهما ألكلدانية والآشورية ، كواقع ميثولوجي تسعيان إحداهما إلى إبتلاع الأخرى ، من أجل الظفر بالوجود الحي والخالد للأمة المزمع إستنهاضها في وادٍ بين جبلين ، هذا في أحسن الأحوال إن لم يكن في صفحة بين موقعي إنترنتين !

وهم ، ألديمقراطيون كما قلنا ، حاملوا شعار [ أن من حق جميع أطياف الشعب أن تعيش خصوصيتها ] ، ولو كان الموضوع ينتهي بهذه الصيغة ، لكن الأمر أقل سوءً ، على مبدأ : من يسيء قراطاً خير من مَن يسيء قراطين . بالتالي يسلبهم هذا الإسلوب إرادة التوقف ، فينجرفون إلى ما هو أسوأ  منه ، ألا وهو إستحضار القاريء من جديد كذات مغفّلة ، تم تنويمها مغناطيسياً ، فيبدأون إعادة صياغة مفاهيمه الموروثة الراسخة ، محاولين وضع أولويات وتراتبيات لهذه المفاهيم ، وبإستخدام السفسطة هذه المرة والخداع اللفظي.

يتحول الكاتب من هذه الفئة متى ما إصطدم بحقيقة واقعية وتاريخية إسمها ( ألقومية السريانية) ، يتحول مئة وثمانين درجة ، مستحضراً عتلة (الصليب الواحد) ليعزف على وتر العاطفة الدينية ـ ألتي يدرك إدراكاً مسبقاً ـ أنها تطرب الإنسان الشرقي الساذج العادي ، فكيف إذا كان قد نُوّم مغناطيسياً ، بجولةِ تلاعبٍ فكري وإستحضار الماضي التليد كما أسلفنا !

يطفو الدين مباشرةً ، وترنّ مقولة ( نحن كلنا مسيحيون ) ! فيُقصى السرياني وقوميته ، بخفة فكرية مدروسة ، وتهميشه وإذابته بين أنغام دينية تطربه في حالة النشوة ، ولا قيمة لها في حقيقة الأمر ساعة اليقظة والوقوف على أرض الواقع ! متناسين أن هم أنفسهم لم يقدّموا هويتهم بالصفة الدينية في الدستور ، فعلى مَ هذا الإستخفاف بعقول من لا يُستخفّ بهم ؟!

هؤلاء هم (الديمقراطيون الجدد) ، هؤلاء الثائرين على صدام حسين (الدكتاتور) ، ألذي ألغى خصوصية وهوية الآخر ، ها هم أنفسهم يحلّون محله ويلغون هوية الجميع عدا سواهم !

وكي أنهي كلامي أود أن أذكّرهم إذا ما كانوا هؤلاء قد قرأوا التاريخ ـ أخصّ تاريخ هويتهم أنفسهم ـ وإستوعبوا دروسه جيداً . هل تسائل الكاتب الآشوري والكلداني ، كيف إحتفظ بإسمه وهويته وخصوصيته طوال هذا التاريخ ، على الرغم من المحاولات المستميتة من قِبل قادة المرحلة العربية وبناة (العروبوية) ، لتذويبه وصبغه بالصبغة العربية ، وتفريغ هويته من خصوصيتها ، لكن دون جدوى ؟

يا ليتهم تساءلوا مع أنفسهم ، لو درسوا هذا التاريخ ـ لا أشك لحظة واحدة ـ بأنهم سوف يدركون ، ألكتّاب منهم والناطقين بإسم تسمياتنا الثلاث ، من رجال دين وسياسة ، سوف يدركون تماماً بأن :

ألسريان لن يكونوا غداً ، وبرمشة عين أشوريون أو كلدان ، أقصوا (بضم الهمزة) من الدستور أم لم يُقصوا .
فيكون من الأجدر بهم البحث والسعي الحقيقي والجاد ـ خاصة أولئلك اللذين يتلوّنون بوجهين ـ أقول ، ألأجدر بهم والأنفع لهم ، ألسعي والعمل على نيل حقوق إخوتهم السريان في الدستور (الكشرة) ، والذي لا يُستبعد فشله ، فتسودّ وجوه وتبيضّ أخرى !

نذير حبش التكريتي