المحرر موضوع: عندما تكافئ الضحية جلادها..  (زيارة 1927 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الخوري عمانوئيل يوخنا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 418
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عندما تكافئ الضحية جلادها..
[/size][/b]

لا يفصلنا عن التصويت على الدستور العراقي الجديد الا اياما معدودة.
وبانتهاء العد التنازلي لهذه العمليات ومع الساعات الاولى من يوم 15 تشرين الاول 2005 يكون العراقيون قد اضافوا الى ايام اعراسهم يوما جديدا.
فالتصويت على الدستور، ومن حيث المبدا وبغض النظر عن التصويت بالقبول او الرفض، هو وبحد ذاته عرس عراقي جديد اخر يضاف الى اعراسهم التي ابتدات في 9 نيسان 2003 يوم سقوط الطاغية، ولتليها ايام عرس اخرى من الانتخابات الى مباشرة الجمعية الوطنية مهامها التشريعية مرورا بكسر المحرمات في دولة العراق ودول الجوار الاقليمي من قبيل احتكار العرب للمناصب السيادية واحتكار العربية لغة العراق في المنابر الدولية الى اقرار حقيقة التعددية القومية والدينية والثقافية للعراق.
لم يصوت العراقيون يوما على دستورهم.
بل واستغل ما سمي بالدستور لارتكاب الجرائم بحقهم.
ولم يصوت الجوار الاقليمي على دستوره ديمقراطيا، بل ولم تشارك شعوب هذه الدول في كتابة دساتيرها.
وبذلك يكون العراق سابقة ايجابية لدول الجوار.
وهذا ما توقعناه له منذ تحريره ومنذ اطلاق العملية السياسية فيه على مبادئ من الديمقراطية والفدرالية والتعددية واحترام الاخر وبناء المؤسسات التشريعية والتنفيذية بما يعكس حقيقة الموزائيك العراقي.
اذن نحن متوجهون الى عرس جديد لتلحقه ايام عرس اخرى في كانون القادم.

واذا كانت بقايا النظام وفلوله تحاول تعكير صفاء هذه الاعراس فانها خابت وستخيب امام ارادة العراق والعراقيين بعربهم وكردهم واشورييهم وتركمانهم، بمسلميهم ومسيحييهم ويزيدييهم وصابئتهم.
واذا كانت مساعي هؤلاء لتعكير اعراس العراق "مفهومة" حيث يقول الكتاب المقدس "لا يمكن للشجرة الفاسدة ان تؤتي ثمرا صالحا" فان ما هو غير مفهوم مطلقا التقاء البعض من ضحايا النظام وايديولوجيته العروبية مع جلاديهم في خندق واحد عبر الدعوة لرفض الدستور.
فالنظام وايديولوجيته الفاشية وسياساته وممارساته على مدى ثلاثين سنة تضمنت، من بين ما تضمنت، انكار الوجود القومي للشعب (الكلداني الاشوري السرياني) وطمس هويته القومية والثقافية وتعريبه، حيث ارتكب الجرائم الكبرى بحق ابناء الشعب الاشوري حتى باتوا يشعرون ان الوطن الذي بنوه منذ بدء الخليقة بات يضيق بهم وتحول الى معتقل كبير لهم ولبقية اخوتهم في الوطن من العرب والكرد والتركمان الذين كانوا جميعا ضحايا هذا النظام وايديولوجيته الفاشية.

لا احد يدعي ان الدستور جاء متكاملا ومرضيا للجميع ومن بينهم الاطراف الرئيسية التي كتبته. فحتى هؤلاء لهم ماخذهم وتحفظاتهم على العديد من مواد الدستور وتبعا للرؤية السياسية التي تنظر من خلالها الى الدستور.
الدستور هو نتاج عملية توافق.. وهو محطة وسطية يستطيع الجميع الالتقاء فيها والانطلاق منها نحو الافضل مع بقية خطوات العملية السياسية.

الشعب (الكلداني الاشوري السرياني) له الحق كل الحق ان يسجل ماخذه على الدستور في نواح عديدة اهمها ان هذا الشعب الذي تشهد له سهول وروابي وجبال العراق، وتشهد له متاحف العراق والمعمورة انه شعب العراق الاصيل وباني حضارة الرافدين تم تغييب اسمه في ديباجة الدستور، كما لو ان لجنة الكتابة، وبينها عضوان من ابناء هذا الشعب!!، شعرت بالخجل والحياء من ذكر اسم هذا الشعب في الوقت الذي ذكرت وبالتفصيل "المذهبي" بقية مكونات العراق من اخوتنا العرب والكرد والتركمان.
كما له الحق، كل الحق، في ان يسجل ماخذه على اغفال ديباجة الدستور من استذكار شهداءه وضحاياه في سميل وصوريا وغيرها.. اوليست سميل اول جريمة ابادة جماعية في تاريخ العراق المعاصر.. اوليست سميل البوابة التي دخل منها العسكر الى قصور الحكم في بغداد في اول انقلاب عسكري فتح شهية الانقلابات في المنطقة لتصبح وبالا على الجميع.. اوليس السكوت على مذبحة سميل 1933 سببا في تحول جرائم الابادة الى "عادة".. ان مذابح سميل وحلبجة والانفال والاهوار توائم ولدت من ذات الرحم..
كما يحق لنا نحن المؤمنين بوحدة شعبنا بتعددية تسمياته ان نسجل ماخذنا على الدستور لانه شرعن تقسيمنا الى شعبين مثلما اغفل عن احدى تسمياتنا.


ولكن الماخذ شيئ ورفض الدستور جملة وتفصيلا شيئ اخر.
ربما احدى "المساوئ" الحتمية والتي لا مفر منها في عملية الاستفتاء الدستوري في العراق وفي كل دول العالم هي ان المواطن يتوجب عليه التصويت اما بالقبول بكل الدستور بحسناته وعيوبه، او برفضه كله بحسناته وعيوبه.
وهنا ياتي دور الحكمة والمنطق في اتخاذ القرار بالموازنة بين حسنات الدستور وعيوبه.
وهل ان رفض الدستور بسبب عيوبه ستتيح للاشوريين تبديل هذه العيوب  الى حسنات، ام سيفتحون الباب للمزيد منها؟ وفي المقابل هل ان قبول الدستور هو اغلاق الباب امام تصحيح الخلل والعيوب التي فيه؟

ان الخارطة السياسية والايديولوجية لقوى "الرفض" واضحة ولا لبس فيها.
فالرافضون*، يرفضونه لانهم يرون فيه هوية عروبية واسلاموية ضعيفة!! ويرون فيه حكما مركزيا ضعيفا!! ويرون فيه حقوقا كثيرة للقوميات الغير العربية!!
انهم لا يرفضونه لان ديباجته لم تذكر الاشوريين. ولا يرفضونه لانه وضع واو العطف بين الاشوريين والكلدان.
انهم يرفضونه لانه اقر النظام الفدرالي واقر الهوية العراقية ومنح حقوقا للغات العراقية.

ان رفض الدستور يعني العودة الى المربع الاول في العملية السياسية.
وهو يعني مكافاة للارهاب والارهابيين بانهم يستطيعون بالقتل والتدمير وذبح الابرياء وتفجير الكنائس والمساجد ان يبتزوا مكاسب سياسية.
ان رفض المسودة يعيدنا الى نقطة الصفر وبما يعزز فرص الارهابيين في العودة للتحكم بالعراق والعراقيين كما يعزز من "مصداقيتهم" ومن دعم الدول العربية لتوجهاتهم واطالة امد الاعمال الارهابية وقتل العراقيين.

اليوم ابناء شعبنا امام مفترق الطرق، وخيارهم الحر يجب ان لا يحجب عنهم المخاطر التي ستحيق ببلدنا وشعبنا العراقي وشعبنا الاشوري الكلداني السرياني، في حال تحقق ما يريده البعض من قصيري النظر الذين لا يرون ابعد من مصالحهم الشخصية والانية.

ان دعوة البعض من التنظيمات الاشورية الى رفض الدستور هي، شاءوا ام ابوا، رفضا لما تضمنه الدستور من اعتراف بالهوية والحقوق القومية لشعبنا ومن بينها حق التعليم بالسريانية، مثلما هو رفض للقيم والمبادئ التي تضمنها الدستور من حقوق للافراد والاديان.
طبعا هنا ايضا هناك نقاط ضعف في الدستور، ولكننا نكرر ايضا ان الماخذ شيئ ورفض الدستور، كل الدستور، شيئ اخر.

من المؤلم ان تكون الدوافع الحقيقية للدعوة الاشورية لرفض الدستور دوافع قاصرة لا تشعر بالمسؤولية تجاه الشعب والوطن، بل تتوجه لارضاء غرائز ومشاعر الحقد القومي التي داب هؤلاء الرافضون من الاشوريين لترويجها في المهجر الاشوري وليتحولوا بذلك الى ابطال قوميين على حساب المصالح القومية والوطنية لشعبنا ومصيره ومستقبله المشترك مع اخوته في الوطن.
لا نستغرب ان يروج الرافضون لدعوتهم عبر مواقع الانترنت الاشورية وندوات البالتاك التي يذيلوا اعلاناتها بعبارات الاحقاد القومية من قبيل: الموت لكردستان على وطن كلدواشور!!! كما نجدها على موقع الاسريان فورم ونسمعها في غرف البالتاك الاشورية.
فالخطاب السياسي والاعلامي لهم في شقه المهجري يقوم على اساس ان كل خيباتنا هي من صنع الاخرين الذين ليسوا سوى اعداء تاريخيين لهذه الامة وانهم من قسم هذه الامة وشق وحدتها!!
في حين ان مسودة التحالف الكردستاني للدستور، كما نشرها موقع عنكاوة نقلا عن جريدة الاتحاد، كانت واضحة في تعريفها لشعبنا بشعب واحد وتسمية واحدة هي الكلدواشوريين.
ان الخلل هو فينا نحن عندما اخفقنا في الاقرار والقبول بوحدتنا القومية.
فحتى لو افترضنا انه، واحتراما لدورنا الحضاري في العراق، تم تجميد العملية الدستورية والسياسية في العراق، وتم وضع الدستور على الرف او في الثلاجة، وتم منح اعضاء لجنة الدستور والجمعية الوطنية اجازة اجبارية لمدة ثلاثة اشهر لنتفق على تسميتنا الموحدة لادراجها في الدستور.. فهل سنحقق الاتفاق؟
لا ولعمري..

فلماذا اذن تحميل الاخرين خطايانا واخفاقاتنا؟
انه من الحري بنا جميعا، مؤسسات ومرجعيات وافراد، ان نتحرك بما يمليه علينا ضميرنا ومسؤوليتنا تجاه شعبنا ووطننا وليس لارضاء نزوات ورغبات من الحقد والكراهية القومية.
ومسؤليتنا في هذه المرحلة هي دعم العملية الدستورية والسياسية في العراق من خلال اقرار الدستور وتعبئة الجهود لحل اشكالات بيتنا الداخلي اولا وكسب الاصدقاء لتقويم العيوب في الدستور في المرحلة القادمة.
ففي جميع الحسابات والمقاييس فان تعديل الدستور بما يتجاوب مع ملاحظاتنا هو الممر الاكثر امانا من الالتحاق بقوى الرفض العروبية والاسلاموية والبعثية.

فلماذا ترتضي الضحية الالتحاق بخندق جلادها؟

القس المهندس
عمانوئيل يوخنا

* المقصود بالرافضين هنا من غير الاشوريين

نظرا لموعد الاستفتاء فقد ارتايت نشر هذا الموضوع وتاجيل نشر الجزء اللاحق من موضوعي (حربنا الاهلية: حرب التسمية) والذي هو بعنوان (لماذا اصرت الحركة الديمقراطية الاشورية على التسمية المركبة) الى يوم الاحد القادم انشاء الله.. مع التقدير..[/font]