قصّة قصيرةفي العيد القادم
فهد إسحق
لم تكن تلك أوّل مرة يحلم بها، بعد أن ألقى بأحمال جسده الهزيل على ذلك المقعد الخشبي الذي اعتاد منذ الصغر مصاحبة والديه أيام العيد و المناسبات الكبرى. ذلك المكان الذي بات له الآن الملجأ و الملاذ الآمن الذي يعيد إليه على الأقل حلاوة العيد و أصدقاء الطفولة و بسمة رجلٍ و امرأة تركاه وحيداً و صور المارّة على رصيف العمر.
لم يستطع شدو الطير من على صدر الشجرة المجاورة أن يوقف قطار حلمه المسافر إلى مدن الصمت والمار عبر كل تلك المحطات. لقد هرول مع طلوع العمر بأحلامه وأمانيه نحو ملاعب الطفولة وحاول أن ينسى بأن العيد لم يحمل له في هذا اليوم هدايا الخلاص من الحرمان.
مرّ قطاره عبر تلك الدروب الضيّقة المخيفة والجبال الوعرة التي قطعها معانقاً أمل الوالدين للوصول إلى كهوف الأمان بعد أن تركوا خلفهم حضاراتٍ من نار.
بين الفينة و الأخرى، كان المارّة يرتدون سعادته ، بسمته و يعبثون بمراجيح طفولته، ليوقفوا قطار حلمه.
بات يقترب رويداً.. رويداً من لعبته المفضّلة لكي لا يسبقه إليها أحد. و بعد أن مدّ كلتا يديه نحوها أذابت ثلوج لهفته لذعة البرد التي هطلت مع غروب العيد ليستيقظ من جديد على شــروق الحــزن.