المحرر موضوع: النظام العربي والاصلاح السياسي؟!...  (زيارة 877 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Bachar AL ISSA

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 10
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
النظام العربي والاصلاح السياسي؟!...

منذ مدة قدمت القناة الثالثة للتلفزيون الفرنسي ثلاثة من العملاء السابقين لجهاز السي آي اي الأمريكي اجمعوا على العلاقة القذرة التي تربط السي آي اي بالبعض من الأنظمة العربية التي تتولى مهمة استنطاق المعتقلين العرب والمسلمين ممن تحظر القوانين الأمريكية استنطاقهم تحت التعذيب فوق الاراضي الامريكية.
هذه الدول هي سوريا ومصر والاردن، تقوم أجهزتها الأمنية بتعذيب مواطنيها المعتقلين لصالح الاستخبارات الأمريكية بالشكل الوحشي الذي تأباه الأجهزة الامريكية المشهورة بقذارتها وبسجلها الأسود في مجال حقوق الانسان .
ترى ما هو الثمن الذي يتم مبادلته بهذه المهام الوحشية والقذرة؟.

لقد تشكلت أغلب الانظمة العربية وتطورت في المناخات التي افرزتها الحرب الباردة بالاستقطاب من حول وفي ضوء مصالح احدى الكتلتين العظميين في ستينات وسبعينات القرن الماضي على شكل وكالات نفوذ محلية تصارعت فيما بينها زمنا في دائرة الصراع العالمي آنذاك .

 رغم أن سائرسلطات النظام العربي تشترك في  افتقاد الشرعية الحقوقية وغياب القانون وشيوع الاستبداد وتعميم الخوف بالحضور الفاحش للأحكام العرفية التي تخول الأجهزة الأمنية صلاحيات فائقة خارج دوائرالمحاسبة ويمتاز كل الحكام العرب بولايات مديدة، لا ينال منها الا الموت، بخروجهم على كل أشكال الرقابة الدستورية بسلطات مشدودة الى نظام مركزي صارم من حول الرئيس الجنرال والملك المطلق الصلاحيات والأحزاب/ الطائفية/ العائلية/ العشائرية كنوع من الدفاع الذاتي لعلاقات ما قبل الأمة والقومية.

 أن القاسم المشترك الوحيد الذي جمع الأنظمة العربية غياب سياسات التنمية العصرية وهي سلطات في هياكل خارج الحداثة وروح العصر ينعدم فيها الأمن الوطني بكل اشكاله الاجتماعي والاقتصادي، وهي أنظمة تتصارع في وحدتها الهجينة هذه على الحظوة الخارجية والتي غدت في أغلبها امريكية اسرائيلية بعد سقوط الكتلة السوفياتية.

رغم ذلك هناك فوارق شكلية لها انعكاسات نسبية على حياة الأفراد والجماعة  تتمثل في درجة حضور وغياب الحزب القائد كقوة أمنية اضافية ومن حيث الحضور النسبي والغياب المطلق لمؤسسات المجتمع المدني (القضاء والمحامين وهامش الاستقلالية النقابية وعلنية الأحزاب ومنظمات حقوق الانسان ) من نظام للآخر. حسب درجة الطغيانية التي تضاف الى العصمة شبه الالهية التي يتمتع بها الرئيس الجنرال البعثي /الناصري عن غيره.

ـ أن الأنظمة العربية تلك التي ورثتها أمريكا من الكتلة السوفياتية لهي أشد وأدهى ممانعة على الاصلاح والتغيير، وهي أخبث وأنذل على المقاومة والعصيان على الاصلاح  للمحافظة على ينابيع الثروة السهلة التي وفرتها الحالة الاستثنائية لدولة رأسمالية بقوانين اشتراكية شرعت للنهب بدون ضوابط قانونية ولا حتى خلقية .

في الطور الجديد الذي دخله النظام العالمي الجديد بعد احداث 11 سبتمبر2001 أصبحت التكلسات التي تفشت في المنظومة العربية الفاسدة أصلا، معوقا طبيعيا للآفاق التي توافقت عليها المجموعة الدولية لاعادة ترتيب آليات جديدة للعلاقات الدولية بمفاهيم لم تعد تستقيم وبنية جمهوريات الردح القومي العربي وسلالات الاسر،الجمهورية منها خاصة،  التي غدت عقبة في وجه أبسط  قيم العصروالبديهيات البدائية  للمدنية .

بمعزل عن مقدمات ووقائع الاحتلال الأمريكي للعراق والمآل الذي آل وستؤول اليه أوضاع العراق المستقبلية، ليس بالامكان تصور أحتمالات أي تغيير أو اصلاح لأي نظام عربي ذاتيا، لأن هذه الأنظمة ألغت الدولة ـ الأساس المادي لأي اصلاح وتطور ـ  لصالح السلطة، و لن تستطيع أية جرعة تطويرية او اصلاحية أو سمه ما تشاء من مصطلحات اعادة بناء، دون ضغوط خارجية كافية تتعاون عليها كل القوى الكونية لكثرة التآكل وقوة الممانعة التدميرية لأطراف السلطة المافيوية التي تتعامل ومليارات الدولارات فضلا عن قوى ومراكز نفوذ مالية واجتماعية تعتاش على عملياتها، من عائلية وعشائرية عسكرية وحزبية ومن الأغنياء الجدد في السوق السوداء الثورية.

 صحيح أن الأنظمة العربية، منذ اتفاقات فك الارتباط  مع اسرائيل حظيت طويلا  بالدعم والرعاية الأمريكيين تمادت في ظلها الأنظمة على مواجهة شعوبها بالاستبداد وسياسات غير تنموية بالهدروالنهب والفساد واشاعة الأمية والتخلف عادت بفوائد مستقبلية  كبيرة للمصالح الاسرائيلية ومشاريعها الاقليمية..

وهذه الأنظمة بجنرالاتها وعصاباتها وتجارها المارقين خلل القوانين الاشتراكية شكلا. وبالنهب من المال العام والخاص بالاحتيال والبلطجة، تتناقض ومفهوم أية تشكيلة مدنية حتى ما قبل دولتية. تشيع الفساد وتمارس القرصنة، وتبييض الأموال وتنظيم الارهاب ورعايته بمسميات ثورية حينا، تكفيرية حينا أخر، حملت حقائب المفخخات والأموال الملوثة القذرة في الطائرات الخاصة بجوازات السفرالدبلوماسية المحمية برعاية دولية وحظوة أمريكية  بشكل طالت تأثيراتها خارج الحدود وتجاوز فحشها ضوابط العصر لم تعد تستطيع الأنظمة الراعية لها تحمل فجورها و فحشها مفرط الفوضى مفرط النفعية اللصوصية مفرط الاستهتار بكل شيء.. كل شيء.

 أن معايير هلسنكي في التفاهمات الدولية والمواثيق التي ألزمت دول الاتحاد الأوروبي بممارسة رقابة دولية على الانتهاكات الفاحشة في الدول التي تتعامل معها تلزم دول الاتحاد على البحث عن أشكال متنوعة لأنشطة وسياسات تستهدف عمليات تجميلية لوجوه بعض العملاء من الطغاة والدول، تبلغ في بعض الأحيان تسهيل غياب اولئك أو تلك التي لم يعد من امل لشفائها. والدول الغربية ذات المصالح تحاول التوفيق ما بين مصالحها التجارية ومعايير هلسنكي وهي لا تفوت فرص الاستفادة خاصة فترات مآزق هذه الاستبدادات العربية وغيرها التي تبتز بمبادلات نفعية تشتري بها الأنظمة ديمومتها سنين اخرى بالتسلبف من الثروة القومية مثلما حدث لقذافي ومثلما يحدث لسوريا اليوم التي تفاوض الفرنسيين والأمريكان عقودا نفطية مقابل التخفيف من الضغوط التي استدعتها حادثة اغيال الحريري.

ولئن ظلت أجهزة السي آي اي والأجهزة الاستخباراتية الأخرى بتأثيرمصالح رأسالمال الشريكة، ترى في بعض هؤلاء خزان خدمات وبقرة حلوب، الا ان الادارات السياسية لدولها والتي تتحكم بمزاجها برامج قصيرة الأجل تقررها صناديق الاقتراع بدأت تضيق بها النفس مع هذه المخلوقات المقيتة كأمراض السيدا والطاعون وانفلونزا الطيور . .

يجب الاعتراف بدون نفاق وطني أو عقائدي. أن لا احتمالات في المدى المنظور لأي تغيير ديمقراطي أو تحول بالاصلاح لهذه الكيانات السلطوية المدججة بالعسكريتاريا ذات التاريخ الجرمي العريق ضد شعوبها وضد التاريخ والتي انعدمت في فضاءاتها أية حرية.. أي رأي مخالف للذات السيادية ومصالح الرهط الحاكم، دون تدخل جدي ودون ضغوط خارجية كافية تعطي الشعوب العربية وقواها البائسة الأمل بحرية المغامرة في العمل من أجل التغييربآليــات تتجاوز المنشور السري والانتقال من البسبسة في السياسة الى التجمهر والاحتجاج بالتظاهر والعصيان المدني تـُحضر الرأي العام /الشعب الى ميدان الفعل السياسي لانتزاع حقوق أساسية يتطلبها التغيير والاصلاح. وما جرى في لبنان خير دليل على أن الضغوط الخارجية والأمريكية منها خاصة قادرة أن تكون خير معين لاطلاق الكتلة الشعبية من أسار الخوف والاستبداد لتتحمل مسؤولياتها أمام التاريخ ودفاعا عن مستقبلها و مصالحها.

ـ لقد انتظرت قوى اليسار والعلمانية طويلا على أغصان شجرة الطوباوية والأفكار الجاهزة مسبقة الصنع مما ساد انظمة الكتلة السوفياتية، آن لها أن تنزل الى ارض الواقع وحقيقة الحياة المتجددة أولا :
لتعتذر لشعوبها عن حصتها في تشكل وتطور أنظمة الاستبداد الثورية الوطنية الديمقراطية الشعبية بنموذجيه البعثي والناصري واطيافهما الهجينة.
وثانيا:
 لتعيد صياغة خطابها السياسي انطلاقا من مصالح الكتلة الشعبية التي من المفروض أنها تمثلها لا من الاجتهادات الثقافية الشعبوية الجديدة من نوع قلب السترة على بطانتها التغييرفي الأسماء والتلطي من خلف الشعارات السهلة.[/b][/size][/font]