تحالفات احزابنا.....محاور الالتقاء والاختلاف
في البداية اود ان اذكر هنا بانني ساحاول عرض الموضوع ليكون مادة للتحليل والنقاش ولن اعمل على ابداء رأيي الشخصي في التحالفات ومواقف احزابها لانني اجد من الضرورة ايضا ان نوصل المعلومات للقارئ بصورة حيادية ,قدر الامكان, من دون ان نحاول توجيه القارئ بالوجهة التي نريدها وترك الموضوع للقارئ كي يتخذ فكرته وتحليله الخاص.
خفت حدة صراعات احزابنا ومنظماتنا بعد ان لم يتبقى الكثير لنتقاتل عليه. لكنه في الوقت ذاته فانه من الخطأ ان نعتبر الحرب خاسرة تماما. فبالرغم من ان الاوراق التي كنا نستطيع لعبها سياسيا قد قل عددها وثقلنا االسياسي تناقص كثيرا بحيث لا نكاد نسمع اسمنا القومي في اي محفل سياسي او وطني لكن الساحة العراقية لا زالت مفتوحة على جميع الاحتمالات.
وعلى االرغم من ارتفاع الاصوات الشعبية المطالبة بوحدة الكلمة والاتفاق على خطاب مشترك لمساعدة المسيحيين العراقيين على حل بعض من مشاكلهم الكثيرة اصلا فان احزابنا ومنظماتنا السياسية لازالت منقسمة وبعيدة عن الحوار الحقيقي حول المشاكل التي تعاني منها الساحة السياسية والتي تتمحور في:
1- الوحدة والتسمية القومية: حيث لا زال شعبنا مقسما في الدستور ولم تتوفر الرغبة الحقيقة عند البعض للوصول الى حل.
2- الموقف من اضطهاد المسيحيين: فالبعض يعتبر ان شعبنا يتعرض لابادة جماعية وفي الطرف الاخر يعتبر ان شعبنا غير مستهدف وانه يتعرض للاذى حاله حال الآخرين.
3- المطالبة بالحكم الذاتي او المنطقة الامنة: هنالك احزابا ومنظمات تطالب بالحكم الذاتي واخرين بالادارة المحلية واخرين بالمنطقة الامنة والبعض لا يريد شيئا.
4- الموقف من الارهاب/المقاومة: هنالك احزابا تعتبر الذين يقومون بالعمليات المسلحة ضد الامريكيين والقوات الحكومية مقاومة شرعية احزاب اخرى تعتبر كل من يعمل على عدم استقرار العراق ارهابيا.
5- العلاقة مع الاكراد: بعض احزابنا لازالت تتحسس كثيرا من الدور الكردي في العراق وتعتقد ان الاكراد ينوون ابتلاع ما تبقى من الاراضي الكلدانية الاشورية السريانية و يعتبرون سركيس اغاجان اداة بايديهم لتحقيق ذلك. وفي الطرف الاخرين هنالك من يعول على الدور الكردي كحليف استراتيجي يساعد المسيحيين في البقاء في العراق وبناء كيان قومي لهم في العراق/كردستان
6- العلاقة مع الكنيسة: الكنيسة اصبحت جزءا من المعادلة السياسية لا بل الاكثر ثقلا فيها لهذا فان بعض مؤسساتنا السياسية تقف موقف العداء لدور الكنيسة الذي تعتبره يعمل على تجزئة شعبنا ومنظمات اخرى تقف الى جانبها لا بل تستقوى بها باعتبار الكنيسة مؤسسة قوية ومهمة في الحفاظ على بقاء شعبنا.
تحالفات احزابناجبهة تنسيق الاحزاب والقوى الكلدانية السريانية الآشوريةتشكلت نواة هذه الجبهة قبل الانتخابات البرلمانية العراقية الماضية وقد طورت تحالفها لتشكل جبهة قومية من مختلف الطوائف والتسميات القومية في العراق. تطالب الجبهة بتوحيد شعبنا في الدستور العراقي تحت تسمية (كلداني سرياني آشوري). كما وتشمل مطاليبها ايضا حق شعبنا في اقامة حكم ذاتي للكلدان السريان الاشوريين في مناطقهم التاريخية مع مطالبة البعض منهم علنا بانضمام هذا الكيان الجديد الى اقليم كردستان. وتتكون الجبهة من كل حزب بيث نهرين الوطني وجمعية الثقافة الكلدانية والمنبر الديمقراطي الكلداني ومنظمة كلدوآشور للحزب الشيوعي الكردستاني والحزب الوطني الاشوري.. واطراف هذه الجبهة تحتفض بعلاقات جيدة مع الاحزاب الكردية المسيطرة على الاقليم وتدعو الى اقامة علاقات استراتيجية مع الاكراد مبنية على المصالح المشتركة. لا ترتبط هذه الجبهة بعلاقات خاصة مع اية كنيسة عدا الحزب الوطني الاشوري الذي يحاول التفرب من كنيسة المشرق الاشورية.
جبهة انقاذ آشورجبهة من احزاب وشخصيات آشورية صغيرة معضمها متواجد في الخارج. تتلخص مطاليبها في رفض كل التسميات القومية الاخرى ما عدا "الآشورية" حتى اللغة فهي الاشورية. وهم يطالبون باقليم خاص في شمال العراق يضم سهل نينوى ومحافظة دهوك. من ناحية العلاقة مع الاكراد فانهم يعتبرون الاكراد محتلين لارض اشور ويجب اعادة الاراضي الى اصحابها. ومن اجل ذلك فانهم يتحالفون مع العرب وخاصة السنة للوصول الى اهدافهم. لذلك فانهم يناصبون العداء الى سركيس اغاجان وكل الاحزاب التي تطالب بالحكم الذاتي في سهل نينوى فقط وخاصة للتي تطالب بانضمام المنطقة الى كردستان. جبهة تحرير آشور تعتبر كل ما يجري من اضطهاد على شعبنا في العراق من افعال وتخطيط الاكراد الغرض منها التمهيد ولاجل ضم سهل نينوى الى اقليم كردستان ومن ثم تهجير المسيحيين. ولا تعتقد انه للمنظمات الاسلامية المتطرفة ولا حتى القاعدة ذنب فيما يجري ضد شعبنا في العراق ذلك.
زوعا ومطكستا وحزب الاتحاد الكلدانييبدو للوهلة الاولى غريبا وضع زوعا والاتحاد الكلداني في نفس التحالف لكن المتتبع لمجريات الامور يلاحظ ان هنالك تحالفا غير معلن بين يونادم كنا وابلحد افرام. وقد افصحوا عن محتوى هذا الاتفاق في مقابلاتهم مع عنكاوا كوم عندما كشف سركيس اغاجان ان ممثلينا في البرلمان العراقي لم يقدموا مطاليب قومية الى لجنة تعديل الدستور. وهدف الاتفاق هو الوقوف ضد مطاليب سركيس اغاجان ولجنة تنسيق الاحزاب الكلدانية السريانية الاشورية في توحيد شعبنا قوميا في الدستور واقامة منطقة للحكم الذاتي لشعبنا في العراق. فالاتحاد الكلداني يعارض توحيد شعبنا قوميا ويفضل صيغة الدستور الحالية التي تقسمنا الى كلداني واشوري والحكم الذاتي معا. اما زوعا فهو بالاضافة الى تفضيله الصيغة الحالية في الدستور على تسمية (كلداني سرياني آشوري) فانه قيادته تعارض قيام حكم ذاتي خاص بشعبنا بحجة انه عنصري. لكنها تدعو عوضا عن ذلك الى قيام ادارة ذاتية مع الاقليات والطوائف الاخرى في محافظة نينوى من دون ان تقدم رسميا اي اقتراح بهذا الصدد. هذان الموضوعان بالاضافة تزايد نفوذ سركيس اغاجان بين ابناء شعبنا على حساب الحزبين فقد اتفقت قيادة الفصيلين ,على ما يبدو, على التوقف عن الصراع بينهما والعمل عوضا عن ذلك الى ايقاف نفوذ سركيس.
وزوعا لا يعترف بان المسيحيين العراقيين هم مستهدفين من الجماعات الاصولية ويعتبر ان الظلم الواقع عليهم هو نفس الظلم الذي يقع على جميع العراقيين.كما ان الاتحاد الديمقراطي الكلداني لم يطالب باي مطلب قومي للكلدان لحد الان وهو يرفض الحكم الذاتي بحجة اننا غير مهيئين لذلك.
وعلاقتة زوعا بالكنائس تستحق الوقوف عندها حيث كانت علاقة زوعا جيدة مع جميع الكنائس عند غزو الامريكان للعراق لكنها ساءت الان مع الكنيستين الكلدانية والمشرق الاشورية بعد مشاركة الكنيستين في افشال التسمية (الكلدواشوري).
اما مطكستا فانها وزوعا كانوا حلفاء قبل ان سقوط صدام حسين وهم يتقاسمون الادوار في العراق وسوريا. اي ان مطكستا تساعد زوعا في العراق دون ان تحاول تشكيل تنظيمات فيه. وفي المقابل فان زوعا يساعد مطكستا في سوريا من دون ينافسه هنالك. اما في الخارج فان الحزبين يتعاونان في معظم الفعاليات السياسية التي تقام هناك وخاصة في اوربا.
سركيس اغاجان والمؤسسات التابعة له سركيس اغاجان عضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني لكنه اكثر الاشخاص فعلا على الساحة القومية نظرا لموقعه السياسي كوزيرا للمالية في حكومة اقليم كردستان ولامكانياته المالية الكبيرة. وهو يدعو الى وحدة شعبنا تحت تسمية كلداني سرياني اشوري. كما وهو الذي يقود عملية اقامة حكم ذاتي لشعبنا في مناطقه التاريخية يكون تابعا الى اقليم كردستان. وقد اسس اغاجان العديد من المؤسسات وتحالف مع اخرين كي يقوي موقفه ويستطيع من خلالها تنفيذ خططه وبرامجه الذي يعتقد هو بانها تخدم حزبه وتخدم قوميته في الوقت ذاته. اهم هذه المؤسسات السياسية هي المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري الذي انظمت اليه بعض الاحزاب منها حزب اتحاد بيت نهرين الوطني وهنالك احزاب اخرى على طريقها الى ذلك ايضا.
الجدير بالذكر ان خط السيد سركيس ولجنة تنسيق الاحزاب الكلدانية لاشورية السريانية يتطابق من حيث التسمية والمشروع السياسي( الحكم الذاتي) لكن ليس هنالك تعاون في العلن ,على الاقل, بين الجانبين لاسباب غير واضحة.
احزاب خارج التحالفات:
المجلس القومي الكلداني, تجمع السريان المستقل, الاتحاد الاشورى العالمى ومعظم احزاب الخارج بقيت خارج التحالفات لاسباب مختلفة.
خصائص هذه التحالفات1ـ القفز فوق حاجز التسميات والطوائف: وهذا يشمل جميع التحالفات التي ذكرناها حيث تتشكل هذه التحالفات من احزاب او اشخاص مختلطين من الطوائف والتسميات عدا جبهة انقاذ اشور التي تلتزم بتسمية محددة لكنها تظم احزابا معظم اعضائها من الكنيسة السريانية. فالكثير من احزابنا باتت تدرك اهمية الخروج من مستنقع التسميات الذي يبدو مشكلة صغيرة قياسا بالمشاكل المصيرية التي تتعرض لها شعبنا الكلداني الاشوري السرياني. لذلك فانها تتحاف مع الاحزاب التي تشترك معها في الرؤية السياسية دون تركيز الاهتمام على التسمية.
2ـ اهداف قومية محددة: في السابق كانت اهداف احزابنا قومية عامة من دون تحديد اهداف محددة او طرق الوصول اليها. اما بعد سقوط صدام وما رافقها من تغييرات في الخارطة السياسية داخل العراق وخارجه وتحول هذه الاحزاب من جانب المعارضة الى المشاركة في (السلطة) فانها اجبرت على تحديد اهدافها ومواقفها في قضايانا القومية. وضع دستور جديد ودائم للعراق وهجرة شعبنا نتيجة فقدان الامن والامل في حل سياسي قريب وصراعات الكتل العراقية الكبيرة اجبلرت احزابنا على اتخاذ مواقف سياسية محددة حسب رؤاها السياسية او مصالحها الحزبية.
3ـ المصالح الحزبية فوق المصلحة القومية: مما يؤسف له ان الكثير من هذه التحالفات لازال مبنيا على خلافات او مصالح شخصية وحزبية اكثر من مواقف سياسية مبنية على المصلحة القومية. والمراقب السياسي يلاحظ كيف غيرت بعض احزابنا مواقفهم السياسية الى ما كانوا يدينونه قبل مدة قصيرة عندما تتغير مصالحهم الحزبية.
4ـ اكثر واقعية في مطاليبها: كي تستطيع هذه الاحزاب ان تلعب على الساحة العراقية خاصة وجب عليها ان تكون اكثر واقعية كي تلقى القبول من الطيف السياسي العراقي. كما ان شعبنا الذي يعيش مشاكل حقيقية وجدية بات يبتعد عن الاحزاب والتحالفات التي تطالب بمطالب لا يراها واقعية او ذات نفع في المدى القريب. ومثال ذلك جبهة انقاذ اشور التي لم تجد ارضا خصبة لها بين ابناء شعبنا في العراق رغم ان مطالبها هي الاكبر والاكثر.
5ـ اعتمادها على قوى خارج شعبنا: نظرا للخلافات والصراعات التي جرت بين احزابنا السياسية وفشلها في تقديم خدمات حقيقة لابناء شعبنا خلال المحنة التي يمرون بها فان شعبنا فقد ثقته بها فانقطع عن دعمها سياسيا واقتصاديا ايضا ونتائج النتخابات خير دليل على ذلك. ذلك ادى الى ارتمائها في احضان احزاب وقوى عراقية او اجنبية مما افقدها حرية اتخاذ قراراتها واجبرت على نقل صراعات هذه القوى الى صراعات داخل شعبنا وكأن مشاكلنا الكثيرة لا تكفينا.
وبالتأكيد تبرز هنا اسئلة كثيرة حول المعلومات التي ذكرتها في المقال او حول مبادئ هذه التحالفات ومواقف احزابها ارجو من القراء الاجابة عليها:
هل الخلافات بين التحالفات جوهرية لدرجة لايمكن لاحزابها الدخول في حوار حقيقي بينها؟
من هو السبب في عدم الوصول الى مبادئ اساسية للتعامل فيما بيننا؟
هل تعتقدون ان احزابنا ناضجة الان لكي تأخذ مصير شعبنا على عاتقها؟
ماهو افضل تحالف (نظريا) يعود لقضية شعبنا الموقع الذي افتقدته في العراق خصوصا وفي الشرق الاوسط عموما؟
هل تعتقدون ان باستطاعة حزب او شخص واحد قيادة هذه الامة ام ان القيادة الجماعية هي افضل الحلول؟الاسئلة كثيرة نأمل منكم طرح ما ترونه مفيدا وعرض افكاركم وآرائكم حول الموضوع مما قد يعطي لنا رايا صحيحا يساعدنا في فهم موقعنا وقد يساعد احزابنا ايضا في اتخاذا مواقف سياسية اكثرنضجا.
ستوكهولم 2007-12-13