الـسـلـيـقـة
" تعال معي يا بني لنجلب القدرين الكبيرين من عند الجيران "
في شهر ايلول من كل عام كان والدي يقول لي هذه الجملة
التي اصبحت انتظرها كل سنة .
في شهر ايلول كانت القرية تبدا بالتحضير للسليقة اي سلق الحنطة
لعمل البرغل الذي يشكل المونة الرئيسية للفقراء .
ذهبت مع والدي الى بيت الجيران لجلب القدرين الكبيرين حيث في الامس
كان دور الجيران في السلق و اليوم دورنا .
جلبنا القدرين و وضعناهما فوق الاحجار التي خصصناها لهذا الغرض .
ملانا القدرين بالماء و اشعلنا النار تحتها ( اوجختا ).
و حتى يغلي الماء جهزنا الحنطة ( القمح ) لنضعه في القدرين .
كانت لحظات مليئة بالبساطة و السعادة التي لا توصف .
و عندما تنسلق الحنطة ناخذها و نفرشها فوق سطح البيت سحبا بالحبل و السطل
و لكن قبل ذلك اذكر ان امي كانت ترسلني ال جميع الجيران
لاخذ لهم صحونا من الحنطة المسلوقة . و اذكر كيف الجيران ايضا كانوا يجلبون لنا
صحونا مليئه بالسليقة . كنا في هذا الشهر ناكل في كل يوم السليقة
فيوم من بيت جارنا الشرقي و غدا من جارنا الغربي و امس من الشمالي و ..و ...
يا الهي كم كانت تلك الايام و السنين مليئة بالسعادة بالرغم من بساطتها .
كنا نعيش نحن و الجيران كاننا بيت واحد نفكر فيهم قبل ان نفكر في انفسنا.
اما اليوم وانا في هذه البلاد الباردة صدقوني ـ و لا تضحكوا علي ـ اذا قلت لكم
بانني لم اتعرف على جاري حتى الان . ربما غدا لا احد يعلم . او ربما هو بانتظار
صحن سليقة اقدمه له ليتنازل و يتعرف علي .
عبود ايشو اسحق ـ المانيا