المحرر موضوع: ألقوش في القلب والوجدان... والفكر أيضاً  (زيارة 2245 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أبرم شبيرا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 396
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ألقوش في القلب والوجدان... والفكر أيضاً

أبرم شبيرا

للكتابة والبحث العلمي أصول وقواعد تهدف بالأساس إلى غاية جمالية معرفية تخدم الإنسان بشكل عام والمجتمع المعني بالبحث بشكل خاص. وعندما يشذ الكاتب، إذا صح هذا التعبير لمن يكتب وينشر، عن هذه القواعد تفقد الكتابة جماليتها وغايتها الإنسانية وتصبح مفسدة للعقول ومضيعة للوقت ونحن في هذا العصر الذي تعصف بنا العواصف من كل الجهات خاصة في الوطن الأم أحوج ما نحتاج إلى الكتابات السليمة الهادفة إإلى خدمة مجتمعنا. فهذه رسالة سامية من رسائل مثقفينا جميعاً لا بل هي مسؤولية أيضاً تقع على الكاتب والناشر سواء أكان موقعاً ألكترونياً أو مجلة أو جريدة أو نشرة .. إلخ. وما يزيد من جمالية الكتابة وغايتها الإنسانية ليس فقط رصانة الكاتب ومضمون الموضوع ومدى واقعيته وفائدته للمجتمع بل أيضاً الردود الفعلية التي يتركها الموضوع لدى القراء من إنتقادات بناءة وتعليقات مبهرة ومعلومات إضافية تصبح في التحليل الأخير جزءاً مهماً في بناء وتكامل الموضوع نفسه ومفيداً للكاتب والقراء أيضاً. أما ما يفسد جمالية الكتابة ويخرجها عن طورها الأصولي والإنساني والإخلاقي هو التهجم الشخصي والطعن بالكاتب بتهم لا تمت بصلة بالموضوع المطروح إطلاقاً وتخوين الكاتب ونسج أراء وطروحات وتصورات وتأويلات وتحميلها عليه في الوقت الذي لم ينطق أو يدعي بها.

إنني أورد هذه البديهية النطرية ليس فقط كمدخل للموضوع الذي كتبته تحت عنوان (ألقوش في القلب والوجدان) ونشر على موقع عنكاوة والردود المختلفة الذي تركه على القراء والتي نشرت بعضها على موقع عنكاوة والبعض الآخر كانت بواسطة رسائل ألكترونية أو إتصالات هاتفية، وإنما بالأساس كتوضيح لكل من يستحق لقب "كاتب" أو "باحث" أو "مؤرخ" في ضرورة الإلتزام بالقواعد الأصولية والاخلاقية للكتابة والنقد. وأود هنا أن أوكد بأن الردود التي وردت على الموضوع تعكس بشكل مباشر الأهمية التي تركها عند القراء وأن هذه الردود والتوضيحات والإضافات المعلوماتية كلها أغنت الموضوع لا بل وأقولها بصراحة أسعدتني وتقبلتها بروح رياضية ولكن بالتأكيد كانت ستكون سعادتي وتقبلي لها أكثر بكثير لو لم تنحرف بعض هذه الردود في بعض جوانها عن الأصول الصحيحة للكتابة.

من المؤسف أن أقول بأننا، كشعب شرق أوسطي، تعلمنا عادات سيئة من العرب خاصة في المسائل السياسية والقومية. لقد أصبح الكثير من نشاطاتنا المجتمعية وتحديدا السياسي والقومي رد فعل أكثر مما هو فعل مباشر. كما وأن نظرية المؤامرة تهيمن على عقول الكثير من كتابنا ومثقفينا وسياسيينا، وتخوين الفاعل وفقدان الثقة أصبحا منهجاً في معظم ردود الأفعال. والأسوء من كل هذا ضعف أو صعوبة أو خطأ فهم مغزى الموضوع وبالتالي بناء تصورات وردود خاطئة وتأويلات لا تمت بصلة بالموضوع والكاتب نفسه. وهنا أود إأن أعلق على بعض وليس كل الردود التي وردت على موضوع (ألقوش في القلب والوجدان) ولكن من دون أن إنسى شكري وإمتناني الكبيرين للمعلومات القيمة والردود الإيجابية التي أغنت الموضوع كثيراً لأن بالتأكيد ما كتبته لم يكن بمستوى الكمال بل كان موضوعاً تمهيديا بسيطاً يتطلبه معلومات تاريخية كثيرة يستوجبها بحثاً منفصلا ومسهباً، فما كتبته كان تعبيرا عن مشاعري وأحاسيسي تجاه هذه البلدة عند زيارتها والتي كان يستوجب بيان شهامة أهاليها ووقفتهم البطولية تجاه أحداث تاريخية مهمة وموقفهم الحالي في مقارنة مع القرى والقصبات الأخرى التي زرتها والتي تتعرض إلى تجاوزات تأثر تأثيراً عميقاً على طبيعة ديموغرافيتها التاريخية والقومية. 

يتهمني أصحاب بعض الردود بأنني "غرزت سهامي في قلب ألقوش وفي وجدان كل ألقوشي أصيل" ... وإنني "كاتب مفخخ بكل الأساليب الملتوية والمستفزة لتمريري غايات دعائية لتوجيه السياسي والطائفي ....  وأنني خبير في دس السم بالعسل ... والتدليس على التاريخ والحقيقة ... وإنني جلبت الضرر للألقوشيين... لأنني أستخدم عنوان ومفردات المدح المبطن ...  وحطيت من قدر وشأن الألقوشيين في سبيل الترويج للبضاعة الآشورية وأنني ناكر الجميل ... وجردت الألقوشيين من الفضائل والمفاخر عن طريق التلاعب بتاريخ وهوية ألقوش وشعور أهلها واستخدمتها للدعايات الحزبية والطائفية أو لغايات وأهداف رخيصة" وهكذا تهم وتخوينات ومشاعر قائمة على نوع عجيب وغريب من سوء النية لما كتبته عن هذه البلدة العريقة.  بالله عليكم هل هذا منطق ؟؟!!!... لو كان أصحاب هذه التهم قد قرأوا الموضوع بشكل عميق وفهموا المغزى بقلب نظيف وعقل منفتح لما استنتجوا مثل هذه التخريفات السوداء تجاه ما كتبته. فإذا كان لأصحاب هذه الردود قصر في الفهم وضعف في إدارك المغزى من الكتابات الصادقة فإنني أطلب منهم أن يقرؤا المقال مرة أخرى بقلب صادق وبنظرة منفتحة لا حاقدة وأن يسألوا أنفسهم لماذا كتبت عن ألقوش ؟ هل هي قوجانس أم كوريكفانه أم بختمه؟ طبعاً الجواب معروف إلا إذا كانوا هؤلاء لا يستطيعون التمييز بين ألقوش وهذه القرى والمغزى المراد من التمييز بين طرفي المقارنة.

هذا من حيث منهج التخوين والتأويلات التي تشتهيها مخليتهم ... أما من حيث فكرة المؤامرة التي تعلموها من العقول العربية السياسية العاجزة عن العيش في هذا الزمان فالحديث عنها غريب وعجيب تثير في كثير من الأحيان الإشمئزاز وأيضاً الأسف من سؤء النية تجاه أفكار وأراء يعجزون عن فهم المغزى. أن العقل المكبل بنظرية المؤامرة هو نتاج أو صورة عاكسة لحالة تعرف في علم الاجتماع النفسي بـ (الفوبيا) أي الهلع أوالخوف الشديد من ظاهرة أو أسماء أو أشياء معينة.. فمن خلال قراءتي لبعض الانتقادات لموضوعي السابق الذكر عن ألقوش يظهر بأن أصحابها قد أصابوا في جوانب معينة من كتاباتهم بهذا المرض وفسروا الأمور بما تتلائم مع حالتهم النفسية. وأود أن أشير هنا إلى ظاهرتين: سياسية وطائفية. وفي البدء أقول لهم أقرأوا الموضوع مرة أخرى وأنظروا إليه بعين وقلب وعقل مفتوحة لا منغلقة مطوقة بنظرية المؤامرة والهلع عند ذكر أسم الحركة الديموقراطية الآشورية أو الحركة الآشورية أو تسمية الآشوري وحدها حسبما يتطلبها السياق التاريخي والمنطقي لهذه التسمية. أقولها صراحة وبلمئ الفم والعقل بأن كل من يعتقد بأنه عندما ذكرت كلمة الآشوريين أو الأشورية في المقال السالف الذكر هو إلغاء وإمحاء لبقية تسميات أمتنا الكلدانية والسريانية فهو غبي وأن كل من يحاول بالأسم الآشوري بلع وهضم بقية تسميات أمتنا الكلدانية والسريانية فهو أغبى. لقد زهقنا من هذا الموضوع الذي يشبه قتال الصلعان على المشط ولا أريد الدخول فيه وأرجو أن يكون المقصودين بهذا الموضوع قد فهموا... والإشارة تكفي اللبيب!!!

 فعندما ذكرت علاقة المناضل توما توماس والمعلم أبرم عما، وكلاهما من ألقوش، كان بهدف أخذ نماذج معاصرة لدور الألقوشين في الحركة القومية لشعبنا وليس مدحاً بزوعا. أما إذا كان زوعا لم يأخذ بنصائح المناضل والمعلم فهذا أمر يعود إليهم ولو كنت عضوا في قيادتها ربما كنت قد بحثت عن الجواب لهذا التسائل وأعطيته لهم ولكن يظهر بأن لهؤلاء "الفوبيين" جواب مسبق أصبح في أيامنا هذه بحكم الإسطوانة المشخوطة.
 
لم ألتقي بالمعلم أبرم عما إلا ثلاث مرات، مرتين في السليمانية مع مجموعة من الطلاب الآشوريين الجامعيين  ومرة أخرى في النادي الثقافي الآشوري في بغداد أثناء أحد المهرجانات الشعرية وكلا الحالتين كانتا في السبعينيات من القرن الماضي ولم نتطرق في حينها إلا إلى قضايا قومية وسياسية عامة حيث لم يكن زوعا قد تأسس بعد ولكن كانت له علاقة قومية ببعض اللذين أسسوا زوعا. أما المناضل توما توماس فقد ألتقيت به عشرات المرات وعقدنا سوية جلسات سياسية وقومية وحزبية طويلة وكانت أخرها في دمشق وقبل رحيله ببضعة أيام. وفي جميع الحالات، خاصة عندما كانت اللقاءات في مقر الحركة الديمقراطية الآشورية في دمشق كانت المناقشات تدور عن نضال شعبنا وسبل نيل حقوقه وكانت زوعا محور مناقشاتنا سواء بالنقد أو الإرشاد ونحن نستمع إليه ونناقشه وكانت علاقته الرفاقية مع زوعا قوية سواء كانت محتكرة لساحة النضال أم لا. على العموم أود أن أقول بأنني كنت أتوقع أن يأتي الرد على مقالتي عن ألقوش من أعضاء في زوعا لأنه يظهر من خلال تقيمي الكبير للمناضل والمعلم كأنه تهميشاً لزوعا ولكن أخوتنا في الرد فهموا الصور مقلوبة فجالوا وصالوا في إعادة وتكرار الاسطوانة المشخوطة التي ينشرح في سماعها أعداء أمتنا والمتعطشين لدولارات كردستان. إضافة إلى المناضل والاستاذ المذكورين كنت أود أن أذكر أيضا أسم المناضل فرنسوا الحريري وهو في السنوات الأخيرة وقبل إستشهاده وموقفه من زوعا ولكن لأنه أولا: ليس من ألقوش، وثانيا: خشيت أن أتهم بـ "النسطورية والطائفية" من المنتقدين لذلك تجنبت ذكر أسمه. فالغريب والعجيب عن هؤلاء المنتقدين هو حشر أسمي بمناسبة أو بدون مناسبة بالحركة الديمقراطية الآشورية وأقولها صراحة هذا شرف لي لا بل ويزيدي شرفاً أكثر وأكثر أن تكون لكل حركاتنا وأحزابنا القومية الشريفة مكاناً في قلبي إلى جانب ألقوش.

أما الظاهرة الثانية التي فسروها المنتقدون للموضوع وفق نظرية المؤامرة، هي الظاهرة الطائفية. أن المصاب بهذا المرض يتصف بالارتباك والتخبط وخلط الأمور ببعضها ويتصور بأن العالم كله ضده و "المؤامرجية" يحيطون به من كل الجوانب. فمن خلال قراءة الردود يظهر بأن هؤلاء يصعب عليهم التفريق بين الآشورية والنسطورية كما كان يفعل نظام البعث المقبور في العراق وتلاميذه وينظرون إلى الآشوريين وفق العقلية العراقية التقليدية في تخوينهم وربطهم بالنسطورية. أنصح هؤلاء في قراءة كتابي المعنون (الآشوريون في الفكر العراقي المعاصر – دراسة حال في العقلية العراقية تجاه الأقليات) نشر عام 2003 من قبل دار الساقي في بيروت ولندن فهو حتماً سيكون مفيدا لهم في فهم هذه الحالة ومفيدا لي وللقراء في عدم الإطناب في هذا الموضوع.

وأخيرا لم يبقى إلا أن أقول شيئاَ آخر عن المنهجية في القراءة والكتابة والتي تظهر بوضوح في المقالات التي ردت على مقالتي، أن الإطلاق والعمومية شيئان مرفوضان في القراءة والكتابة. فالمطلق منهج مثالي ميتافيزيقي لا وجود له في عالم الواقع. فالقارئ والكاتب  يجب أن يضعا النسبية أو الأصح مصطلح "بشكل عام" موضع نظرهما قبل قراءة أي موضوع أو الكتابة عنه. فعلى سبيل المثال عندما قلت بأن الألقوشيين كانوا يجلسون في المقاهي ويلعبون الورق أو القمار ثم مايلبث أن يدق ناقوس الكنيسة حتى يهروا للقداس ... بالله عليكم هل هناك متعلم يفهم بأن المقصد هو كل الألقوشيين... هل كل الألقوشيين لا شغل لهم ولا عمل إلا لعب القمار؟؟؟؟ أم يكون مثل هذا اللعب لبعض الرجال وأيام العطل والأحاد؟؟؟  والحالة نفسه بالنسب للألقوشيين الذين قدموا طلباً للإنظمام إلى الكنيسة النسطورية فالمقصد كان بعض وبالأخص المعنيين بشؤون الأمة وليس كل الألقوشيين.. موضوع لا أريد الإطالة فيه لأنه ساذج لا معنى له.

هذا من حيث النظرية والمنهج، أما من حيث الوقائع التاريخية التي حاولت من خلالها بيان شهامة الألقوشيين فهي مواضيع ووقائع تاريخية معروفة وتفسير تفاصيلها قد لا يتفق أثنان عليها، وهي حالة صحية لا غبار عليها ولكن مع هذا لا يقلل أختلاف التفسيرات من أهمية الحدث التاريخي أو يمحوه. فإذا كنت قد قصرت في ذكر تفاصيل مسبهة لهذه الحوادث فهو أمر كان يتطلبه سياق الموضوع وحسناً فعل المنتقدون عندما اسهبوا فيها سواء أكان ذلك ضرورياً للموضوع أم غير ضروري ولكن من دون شك كان ذو فائدة لي وللقراء أيضا. وعلى العموم يمكن أن أشير إلى بعض من هذه الحقائق التاريخية المتعلقة بألقوش.

موضوع تعاطف أو تأييد الألقوشيين للحركة القومية الآشورية وهي في بدايتها في أوائل القرن الماضي طبعاً ليس القصد هنا كل الألقوشيين 100 بالمائة فلا مطلق في الحياة وإنما الحديث هو بشكل عام ويخص المعنيين بالشؤون القومية والسياسية والفكرية، وما العيب فيما إذا كان كل الألقوشيين أو قلة منهم أو حتى نفر واحد منهم يتعاطف ويساند الحركة القومية الآشورية خاصة في ظروف ماحقة وصعبة، أليس هذا فخراً لهم؟؟؟. ذكر هذه الحقيقة التاريخية، سواء أكان كل الألقوشيين أم بعضهم،  ليس فيه أبداً تنقيص من قيمة الألقوشيين، كما يتصورها أحد المنتقدون... وكيف تصورها ؟؟؟ الله أعلم...  بل كان المغزى بيان شجاعة الألقوشيين في تلك المرحلة الصعبة. وهنا أود أن إذكر رموز من ألقوش سطرت أسماؤهم من ذهب في تاريخ نضال قوميتنا. فالأسقف مار توما الألقوشي (أسقف ألقوش) كان جنباً إلى جنب مع الشهيد مار بنيامين بطريرك كنيسة المشرق (النسطورية) في جميع جولاته وصولاته المميتة. أما مار توما أودو مطران الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في أورمي (حالياً رضائية في شمال شرقي إيران) يعتبر رائد من رواد الحركة القومية ومفكر كبير في تاريخ أمتنا وكان من أكبر مؤسسي المجلس القومي قبيل الحرب الكونية الأولى ومن بين الذين دعوا إلى إحلال تسمية (آشوري - أثورايا) بدلا من (سورايا) باعتبار الأولى لها دلالات قومية تاريخية أكثر من الثانية وساند الجنرال إغا بطرس وقواته الكلدوآشورية في حروبها التحريرية التي باركها بابا روما في تلك الأزمنة. أستشهد المطران من أجل قضية شعبه وسطر أسمه من ذهب في سجل شهداء أمتنا. فلا أدري إن كان المنتقدون يعرفون أسماء هؤلاء الأبطال ويفتخرون بهم؟؟؟ هل ذكر هذه الرموز العظيمة هو تقليل من شأن الألقوشيين وإهانتهم أم هو تبجيل لهذه البلدة التي أنجبت (التؤمان) ...توما أودو وتوما توماس؟؟؟

ظاهرة تاريخية أخرى يظهر بأن المنتقدين يعممونها كثيراً ولا يميزون المقدصد منها أو فهم المغزى. صحيح أن الظروف الصعبة أثناء الحرب العالمية الأولى كانت تهدد معظم الشعوب في منطقتنا وبالأخص المسيحيين منهم بسبب معتقدات العثمانيين وسياستهم تجاه الأقليات المسيحية ولكن الظروف المحيطة التي عصفت بأبناء أمتنا من الطائفة المشرقية "النسطورية" كانت مدمرة ومميتة بحيث أقلعتهم من أماكنهم التاريخية وهجرتهم كلياً من مناطقهم وفقدوا نصف عددهم فصب العثمانيون نار حربهم عليهم لأنهم كانوا إلى جانب الأرمن، الوحيدين من الأقليات المسيحية الذين شاركوا إلى جانب الحلفاء ضد الدولة العثمانية ومقاومة ظلمها. وحتى بعد إنتهاء الحرب وتوقيع إتفاقيات السلام وتسويات الحدود منعهم العثمانيون من الرجوع إلى مناطقهم التي أصبحت ضمن الحدود الجديدة للدولة التركية حيث وصفتهم بـ "الخونة". في حين بقى بقية أبناء شعبنا من الكلدان والسريان في مناطقهم ولم تفرغ منهم إلا في السنوات القليلة الماضية. من هنا أقول بأن التهديد المهلك لـ "النساطرة" لم يكن من الكاثوليكية إطلاقاً، كما يؤوله أحد المنتقدين ويحملني نتائجه الطائفية. فالإنتقال من مذهب إلى آخر ليس هلاكاً لشعب أو أمة بل هلاكاً للطائفيين المتزمتين فقط. من هذا المنطلق كان الألقوشيون .... طبعاً ليس كل الألقوشيين ... بل المعنيين بشؤون الأمة كانوا قد قدموا طلباً للإنظمام إلى كنيسة المشرق "النسطورية" كتعبير عن تضامنهم مع أخوتهم في الدم، وما العيب في ذلك طالما نحن أبناء أمة واحدة، كما يقول أحد المنتقدين !!!

 الموضوع التاريخي الآخر الذي أطنب فيه المنتقدون هو الحاكم التركي المدعو صقيلي ودور قوات الليفي الآشورية في قتله، هذا واقع تاريخي يعرفه الكثير من الألقوشيين وغيرهم وليست حكايات جدي فقط. كنت أود أن يكون قد قرأ المنتقدون كتابي المعنون "الآشوريون في السياسة والتاريخ المعاصر" نشره إتحاد الأندية الآشورية في السويد عام 1995 وعرفوا حقيقة هذه القوات.... فإختصار أقول لهم أن العقلية العراقية التقليدية القائمة على تخوين ورفض المختلف هيمنت على عقولهم بخصوص هذه القوات فإعتبروها قوات "مرتزقة" أستعملوها الأنكليز في ضرب الحركة الوطنية ... اية حركة وطنية ؟؟؟؟ ثورة العشرين ... قاومها قوات الليفي العربية المعروفة بالشبانة ... حركة المجرم بكر صدقي أم حركة رشيد عالي الكيلاني المعروفين بميولهم النازية؟؟؟ إن قوات الليفي التي تأسست رسمياً بعد ثورة العشرين كانت تضم رجال من الكلدان، ومنهم المناضل توما توماس الذي أنخرط فيها في الأربعينيات من القرن الماضي، إضافة إلى بعض التركمان واليزيديين ولكن كانت تسمى (Assyrian Levy ) لكون معظمهم من الآشوريين. لقد لعبت هذه القوات دورا كبيراً ومهماً في ضمان إستقرار الدولة العراقية الفتية وليس العكس كما يتصورها "الآخر" خاصة من الناحية الشمالية عند الحدود مع تركيا. فبعد إستسلام الدولة العثمانية وفق معاهدة فيرساي 1919 – 1920 عاد الرجل المريض قوياً بعد وصول الكماليون القوميون إلى السلطة وضربوا عرض الحائط المعاهدات التي كانت موقعة مع الحلفاء فتغلغلوا داخل الأراضي العراقية الشمالية واحتلوا مناطق واسعة حتى عام 1923 حيث لم تتمكن القوات الإنكليزية ولا جيش العراق الفتي من طرد القوات التركية إلا بعد أن تقدمت قوات الليفي الآشورية وتمكنت من دحر القوات التركية وطردهم خلف خط بروكسل الحدودي. هناك المئات من الوثائق في " معهد الوثائق البريطانية" في لندن تتطرق إلى الدور الكبير الذي لعبته هذه القوات بعد الحرب العالمية الأولى وأثناء الحرب العالمية الثانية. وأود أن أشير بهذه المناسبة إلى رسالة الماجستير والدكتوراه التي قدمها الدكتور (يونك) التي كتبهما عن شجاعة هذه القوات وقدمهما إلى جامعة لندن (مدرسة لندن للدراسات الأسيوية والأفريقية) المعروفة بـ (سواس). شخصياً ألتقت بالدكتور (يونك) الذي كان في الثمانينيات من العمر عدة مرات ودعيته إلى النادي الآشوري في لندن حيث ألقى محاضرة عن هذه القوات وألتقى ببعض كبار السن الذين كانوا أفرادا في قوات الليفي.... هذه حقائق تاريخية وليس حكايات جدي .... ألم يطم ممكنا لهذه القوات أن تقتل المجرم صقيلي وهو شخص واحد في الوقت الذي قاتلت وطردت جيش أسياده من شمال العراق؟؟؟؟ ليس هذا فحسب وإنما عندما تقدمت قوات الليفي في بداية العشرينيات من القرن الماضي إلى مدينة الموصل ودخلتها كان لا يزال العادات والسياسات العثمانية الظالمة تمارس ضد المسحيين، حيث لم يكن للمسيحي الحق ركوب الحمار أو الحصان والمرور في شوارع أو أسواق المدينة كما كان مطلوباً منه أن يحمل على كتفه منشفة لكي يمسح بها المسلم المار به يده أو وجهه وعندما سيطر قوات الليفي الآشورية على المدينة أوقفت هذه الممارسات اللاإنسانية بحق المسحيين... هذه حقائق تاريخية وليست حكاية جدي!!! ولا هي نزعات طائفية مقيتة ؟؟؟

أما بالنسبة لحوادث عام 1933 لم أسمع كما لم يتداول الناس بأن أبناء شعبنا من الطائفة المشرقية "النسطورية" أحتموا في القرى الأخرى عدا ألقوش وحكاية توصيل الخبر إلى المثلث الرحمات مار عمانوئيل بطريرك الكلدان من قبل الأشخاص الثلاثة ورد البطريرك عليهم هي معروفة وسمعتها من مصادر عديدة وكان آخر من مطران في الكنيسة الكلدانية. وقد يكون ممكنا أن تدخل البطريرك ولعب دوراً في رفع الحصار عن ألقوش بعد تدخل فرنسا وتأثيرها على الحكومة العراقية، وهنا لايسعني إلا أن أشكر جميع الألقوشيين ... وبشكل مطلق هذه المرة ... وعلى رأسهم البطريرك على حماية جدي وبالتالي بقائي في الحياة. وهناك حقيقة تاريخة معاصرة أخرى تتعلق بالشهيد هرمز ماليك جكو... هناك شهود عيان لا زالوا أحياء يذكرون تفاصيل قصة هجوم الشهيد مع قوته الصغيرة لمركز شرطة ألقوش في اليوم الثاني من شهر كانون الأول عام 1963 وخوض معركته مع الحرس اللاقومي واللاأخلاقي وجحوش النظام ثم بعد ذلك تقدم إلى منطقة ألوكه قرب دهوك حيث أصطدم مع دبابات تابعة لكتيبة من الجيش السوري وأستشهد هناك. وفي كانون الأول من العام الماضي أحتقل الألقوشيون في ألقوش وأقاموا دورة في كرة القدم بمناسبة إستشهاد البطل هرمز.... لماذ أحتفل الألقوشيون بهذه المناسبة ولم تحتفل قرية كوريكفانه، قرية الشهيد هرمز وقرية يونادم كنا أيضاً؟؟؟؟ الجواب معروف ولا لبس فيه.

وأخيراً أود أن أعتذر للقراء وأصحاب الرد عل الإطالة كما أود أن أشكرهم على المعلومات التي زادات من معلوماتي عن ألقوش وبالتالي زادت من عمق مكانتها لا في قلبي ووجداني فحسب وإنما في فكري أيضا وإنني مزمع على زيارتها مرة أخرى في نيسان القادم لأزيد من مكانتها وعزتها وتاريخها في تفكري سواء رضي البعض أم لا. ولا يسعني هنا أيضا إلا أن أشير إلى الكرم الذي منحني أحد المنتقدين وعلمني بأن للألقوشيين جمع تكسير هو "الألاقشة" في الوقت الذي أعرف بأن الأسماء غير العربية لا تخضع لقواعدها المعروفة رغم أن معرفتي باللغة العربية وقواعدها ضعيفة وأعلى درجة حصلت عليها في السنة النهائية للدراسة الثانوية كانت 58 من المائة.