المحرر موضوع: الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون  (زيارة 1024 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل JOHN7

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 60
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون


ما أكثر الكلام عن الشهداء والشهادة أو الاستشهاد في هذه الأيام، ولكل دين وحكومة وجماعة مفهومها عن الشهادة والشهداء، وما يعتبرهم البعض شهداء عند ربهم يرزقون يعتبرهم الآخرون مجرمي حرب يستحقون الموت والزج بهم في جهنم أعدها المولى للفاسقين.
وضاع المفهوم السليم لكلمة شهداء واستخدمت الحكومات الكلمة في تحميس الشباب للزج بأنفسهم في التهلكة وتفجير أجسامهم الصغيرة طمعاً في رضى المولى وضمان الجنة والإفلات من عذاب القبر والنار.
فالعراق وإيران دولتان إسلاميتان تقاتلتا لأكثر من عشر سنوات وقتلا ملايين الشباب والأطفال الأبرياء الذين راحوا ضحية التفسير الشخصي المغرض لكلمة الشهادة، فلقد علق آية الله الخميني المفاتيح البلاستيك الصغيرة في رقبات الأطفال وأوهمهم أنها مفاتيح الجنة التي شيضمنها لهم الله سبحانه وتعالى بسبب موتهم كشهداء في حرب بين الإخوة في الدين الواحد، فأضعفت كل من القطرين وفتحت الباب لأعدائهم لكي ما يدخلوا ويتداخلوا في شئونهم الداخلية ولا يعلم العاقبة إلا الله تبارك اسمه.
والبروتستانت والكاثوليك يتصارعون في أوربا ويقتل أحدهم الآخر وكل فريق يرى أن موتاهم أحياء عند ربهم يرزقون. والجدير بالذكر أن هناك أنواعاً من الشهداء كما يعرفهم العالم حولنا لابد من ذكرهم:
أولاً: شهداء سياسيون وعسكريون وهو أولئك الذين يموتون دفاعاً عن الأرض والشرف والعرض والكرامة وما إلى ذلك من ألفاظ وعبارات تلهب بها الحكومات ظهور جنودها ليقاتلوا عنها ويحققوا في معظم الأحيان أحلام وطموح وجشع حاكميها وليس إلا.
ثانياً: الشهداء الدينيون وهم الذين يرى البعض فيهم أنهم يدافعون عن دين الله في الأرض فيقاتلون ويقتلون في سبيل نشر ديانتهم أولئك الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون، أولئك الذين إذا ما رأوا المنكر يقومونه بأيديهم ويرددون أما النصر أو الشهادة، أولئك تجدهم في كل أديان الأرض بلا استثناء.
ثالثاً: هناك نوع لم نسمع عنه إلا من قارئة الفنجان عندما أخبرت عبد الحليم حافظ أنه قد مات شهيداً يا ولدي من مات فداءً للمحبوب... يا ولدي وهذا لا أعرف عنه شيئاً، ولا أدرى من أين أتت به قارئة الفنجان، ربما كان من وحي الفنان الراحل جاءه وهو يتنفس تحت الماء ويغرق.
رابعاً: شهداء المسيحيين الذين بذلوا حياتهم لنشر كلمة الإنجيل:- ولعل ما يخصنا في هذا المقام هو النوع الرابع من الشهداء، فما مفهوم الشهادة في المسيحية؟ ومن هؤلاء الذين يحظون بهذا الشرف الكبير في نظر كتاب الله الكتاب المقدس وخاصة في العهد الجديد وما هي أوصافهم.
ففي العهد القديم لم يدع موسى كليم المولى عز وجل أولئك الذين كانوا يموتون في الحروب مع أعداء الله سبحانه وتعالى شهداء، لم يعدهم بجنات تجري من تحتها الأنهار ولا بثواب خاص يعطيه المولى للمقاتلين. واليهود لم يحاربوا في كل تاريخهم لنشر دين الله اليهودية في الأرض بل حاربوا لمصالحهم الشخصية لامتلاك الأرض والسلب والغنائم ولإخضاع أعدائهم تحت أقدامهم. ورفضوا بإصرار أن ينضم الناس إلى يهود يتهم.
وفي العهد الجديد لم يمنح المولى هذا اللقب إلا لشخص واحد فقط يدعى أنتيباس الذي قال عنه المسيح تبارك اسمه "انتيباس شهيدي" رؤيا يوحنا اللاهوتي13:2. كما ذكر عن اسطفانوس شهيد السيد المسيح، في أعمال الرسل والاصحاح20:22.
إذن فمن هو الشهيد في مفهوم العهد الجديد؟ ولعل أوضح مثال لمن هو الشهيد في عرف المسيحية والإنجيل، هو ما جاء عن شهيد المسيح الأول اسطفانوس في سفر أعمال الرسل والاصحاح 6، 7.
أولاً: الشهيد هو إنسان مملوء من الإيمان والقوة والحكمة والروح القدس أع9:6، 10.
ثانياً: سلاحه الوحيد هو كلمة الله، فهو لا يحمل مدفعاً ولا قنبلة ولا سيفاً لكنه يستخدم إيمانه وقوته وحكمته وملئه من روح الله، والروح القدس يعلم أن كلمة الله هي أمضى من كل سيف ذى حدين، وأن الذين يأخذون بالسيف بالسيف يهلكون، وأن الله سبحانه وتعالى قادر من خلال كلمته الكتاب المقدس على تغيير العالم وإزاحة أكبر الإمبراطوريات التي عرفها التاريخ وإحلال المسيحي مكانها.
ثالثاً: هو ذلك الشخص الذي يعلن حق الله في الأرض من خلال كلمته، فهي السلاح الوحيد الذي يغير به المنكر، وهو ليس الإنسان الذي يدافع عن دين الله في الأرض، فالله قادر أن يدافع عن حقه ويخرس أعداءه وينصر محبيه وتابعيه ولكنه سبحانه وتعالى يحتاج إلى أولئك الذين يعلنون كلمته وينشروها في وجه كل ظالم متغطرس، وهو سبحانه يدافع عن كلمته.
وحق الله في الأرض هو أن السيد الرب يسوع المسيح هو من جاء من السماء وتجسد من امرأة اصطفاها المولى وفضلها على نساء العالمين وعاش في الأرض حياة طاهرة نقية لم يحتج فيها لمن يغفر له ذنبه أو يرفع عنه وزره، وأنه مات مصلوباً بمحض إرادته ليفدي جنسنا البشري الساقط وسفك دمه الطاهر الزكي عنا ليصبح الشفيع الوحيد للناس يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأنه قام في اليوم الثالث ودخل إلى عرش الله منتظراً أن توضع أعداؤه تحت قدميه وأنه آت سريعاً ليكون حكماً عدلاً بين الناس وخالقهم سبحانه وتعالى. هذا هو الحق الوحيد الذي يستحق الاستشهاد في سبيله، وأولئك الذين يموتون في سبيل نشره هم أحياء عند ربهم يرزقون.
رابعاً: الشهيد هو ذلك المملوء حباً وغفراناً لقاتليه وسافكي دمه، هو ذلك الشخص الي يستطيع أن يصلي لأجل معذبيه وقاتليه وهم يرجمونه أو يصلبونه أو يقطعون رأسه بالسيف.
فلقد صلى سيدي المسيح على الصليب لأجل صالبيه قائلاً "يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون"، وجثا اسطفانوس شهيد المسيحية الأول على ركبتيه وصرخ بصوت عظيم "يارب لا تقم لهم هذه الخطية". فدافع الاستشهاد هو الحب الحقيقي لبشرية معذبة بعيدة عن شخص السيد المسيح، لا الكراهية والحقد والانتقام من أولئك الذين يخالفوننا في الرأي أو العقيدة أو الدين.
خامساً: شهيد المسيحية لابد أن يموت وجهه يلمع كوجه ملاك أع15:6 فكم من جلاد وقاتل ورجل بوليس تاب عن خطيته ورجع إلى رشده بعد أن عذب المسيحيين المؤمنين. ولم تخرج من أفواههم إلا كلمات النعمة والحب والحق لم يستطع منعا القاتل إلا أن يعترف بيسوع المسيح رباً وسيداً على حياة هؤلاء الشهداء ثم على حياته هو أيضاً.
سادساً: الشهيد لا يقتل بل يُقتل، فالشهادة ليست بكم من أعداء الله قتلهم الشهيد قبل موته بل بكم من أعداء المسيح ربحهم الشهيد للنعيم الأبدي قبل موته، الشهيد ليس من يفجر نفسه ويقضي على حياة أعطاها له المولى نعمة وعطية ليحافظ عليها إلى يوم الدين، فالشهيد هو من مات وهو في طاعة لرب العباد الذي قال لا تقتل، ولم يعط السلطان للإنسان لقتل نفسه أو الآخرين حتى لو كانوا من المجرمين، فالله هو خالق النفس وهو حافظها وهو من وضع لها مكان وميقات وطريقة الموت، ومن خالف ذلك بقتل نفسه أو الآخرين معه، استحق عذاب القبر والنار حتى لو مات بسبب نبيل وهو الدفاع عن دينه وأرضه وعرضه.
وفي النهاية أقول أن المسيحية هي الديانة الوحيدة التي لم يبشر فيها الشهداء بأية حقوق أو عطايا أو هبات إضافية تعطى لهم لقبولهم الاستشهاد لأجل المسيح. إن العطية الوحيدة أو الهبة الوحيدة التي تميز الشهداء والمضطهدين لأجل البر هي الشهادة نفسها الاضطهادات والمعاناة ذاتها، فلقد وهب لنا لا أن نؤمن به فقط بل أيضاً أن نتألم من أجله.
لم يعد السيد المسيح أتباعه بجنات تجرى من تحتها الأنهار ولا أنواع من الفاكهة والشراب الممزوج ولا بحور عين لم يمسهن بشر، الأمر الذي يحاول تنظيم القاعدة استغلاله لتجنيد متطوعين انتحاريين، بل بشرهم في حياته على الأرض أنه في العالم سيكون لكم ضيق، وأنه ستأتي أيام يظن فيها كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله.
فالاستشهاد في المسيحية ليس الطريق الوحيد لضمان الإفلات من العذاب الأبدي وورود النعيم الأبدي، بل الإيمان بشخص السيد المسيح تبارك اسمه رباً ومسيحاً وفادياً وغافراً للخطايا والذنوب وضامناً للحياة الأبدية هو الطريق الوحيد للحياة الأبدية السعيدة.
إن من لم يقبل الرب يسوع المسيح مخلصاً له في الأرض لن يدخل إلى نعيمه حتى إذا قتل في معركة بالسلاح لأن اسمه يوحنا أو بولس، فالشهادة ليست ثمناً لشراء الجنة بل هي نعمة اسبغها المولى على أولئك الضامنين لحياتهم الأبدية مع المسيح في السماء. للتواصل nagiatia@aol.com [/b] [/size][/font]