المحرر موضوع: "اصرار على ولائه لحبيبته الجديدة"  (زيارة 956 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Mostafa Saleh

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 37
    • مشاهدة الملف الشخصي
"اصرار على ولائه لحبيبته الجديدة"
مصطفى صالح كريم
 
لم أكن راغبا في نكأ الجرح ولا العودة الى هذا الموضوع الذي عذبنا كثيرا في مطلع الثمانينات من القرن الماضي لولا عبارة وردت في حديثه تمس الكرد، لقد كانت العبارة استفزازية الى درجة جعلتني أعود الى احداث مضى عليها ربع قرن.
لم ألتق شخصيا مع الشاعر يوسف الصائغ ولكني كنت أتابع ما يكتبه في الفكر الجديد وأقرأ قصائده واطلع على نشاطاته الفنية وشاركته أحزانه في فاجعته بشريكة حياته (جولي) التي جسدها في (سيدة التفاحات الأربع) وكانا في سيارة (ابراهيم اليتيم) مع صديقته حين حدث الحادث المروع بين انقره وأدنه.

*فجأة وعلى حين غرة انقلب الصائغ على حزبه الذي عشقه لأكثر من ربع قرن وكتب في جريدة الثورة رسالته المشهورة التي حولته الى عاشق ولهان لحزب البعث معتبرا حبه الماضي فاشلا، لقد أحدث هذا التحول المفاجئ في حياته ضجة في الأوساط الثقافية، حتى ان احد اصدقائه الذي ذكره باسم (كاكه) لم يدخل بيته الذي اعتبره ملوثا وطلب منه ان يلتقيه في فضاء نقي غير ملوث. - هذا ما جاء في احدى الحلقات التي كان يكتبها الصائغ-.
ولكن البعثيين لم يتوقفوا عند هذا الحد بل عملوا على اسقاطه –للأسف- يوما بعد آخر فبعد ان تبوأ منصبا كبيرا في وزارة الثقافة دخل متبخترا الى خانة المطبلين وجوقة المنشدين، ومدح صدام حسين الديكتاتور الذي تلطخت يداه بدماء رفاقه، وهكذا أسقط نفسه وبمحض ارادته امام قرائه وأصدقائه مكتفيا برفاقه الجدد الذين أحاطوا به كإحاطة السوار بالمعصم وقال الطيبون من العراقيين "مبروك لك حبك الجديد" .

*واليوم وبعد هذه السنوات الطويلة وبعد كل تلك التجارب المريرة، بدلا من ان يعتذر لرفاقه القدماء ولأصدقائه وللعراقيين جميعا ولضحايا صدام، نراه يفتخر بما قام به فهو يقول "انا مستعد للإعلان عن أني مدحت صدام حسين" ويستمر في تبريره اللامعقول قائلا" المديح حالة عربية وعراقية" متناسيا أن هذه الحالة التي يفرضها قسرا على العراقيين لم يمارسها اغلب العراقيين ولم يلوث خيرة الأدباء والكتاب والمثقفين اقلامهم بمديح الطاغية، اذا الحالة لم تكن عراقية كما يدعي، انها حالة خاصة انطبقت على رعد بندر وعبدالرزاق عبدالواحد ويوسف الصائغ وامل الجبوري وساجدة الموسوي واسعد الغريري وعايد المنشد وكريم خليل وفاروق هلال وداود القيسي وجوقة (منصورة يا بغداد)، ومن لف لفهم.
من خلال تبريراته يقول الصائغ "المديح ليس لقول الحقيقة بل لقول ما يرضي الممدوح- هنا بيت القصيد فالصائغ يعرف انه حين كان يمدح صداما لم يكن يقول الحقيقة بل انه كان يرضي غرور الدكتاتور "وهنا الطامة الكبرى"!. اذ كيف يجوز لشاعر ان يبيع كلماته لإرضاء غرور حاكم مستبد.
*أما حول موقفه من الحرب العراقية الايرانية التي اشعلها صدام والتي ذهب ضحيتها الملايين يعاتب الشيوعيين بقوله "لا يدخل في عقلي ان يقف الماركسي مع الملالي". هذا مجمل موقفه من هذه الحرب القذرة ناسيا ان كل الناس الطيبين ومن ضمنهم الماركسيين كانوا ضد هذه الحرب وأتونها ضد سوق الوف الشباب الى محرقة الموت وتدمير بلدين بأسرهما.

*بقي ان اشير الى تلك العبارة التي استفزتني والتي جعلتني اكتب هذه الزاوية هي ما قاله في معرض انتقاده للشيوعيين وما كان يتمناه ان يكونوا في موقف –بحسبه- لا يحاسبهم عليه التاريخ فغمز الكرد بقوله "يا أخي على الأقل مثل الأكراد .. وضعوا ساقا هنا وساقا هناك ودبروا حالهم" ان كل نضال الكرد وتضحياتهم والدماء التي قدموها قربانا لحريتهم وكرامتهم والثورة التي فجروها تعتبر عند الصائغ.. نوعا من المراوغة السياسية ووضع ساق هنا وساق هناك..
سامحك الله ايها الشاعر لهذا التفكير وهذا الفهم العميق للقضية الكردية، انه معذور لأن ايديولوجية البعث أنسته كل ما كان قد استوعبه في سنوات مجده النضالي التي شطبها بجرة قلم راميا بنفسه الىاحضان حبيبته الشمطاء الجديدة.
_______________________
نائب رئيس تحرير(الاتحاد) العراقية
m_s_kareem@yahoo.com[/b][/size][/font]