المحرر موضوع: نريد دستورا يكتبه الجميع ويحمي الجميع  (زيارة 1717 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Hamza Alshamkhi

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 158
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
نريد دستورا يكتبه الجميع ويحمي الجميع

                                             
حمزة الشمخي                                                                   
أن كل دساتير بلدان العالم الديمقراطي والمتحضر، هي عبارة عن عقد إجتماعي متين وراسخ  ومتفق عليه بين كل مكونات المجتمع المختلفة ، ومن هذه البلدان، العراق المتوجه نحو عملية البدء للتحول الديمقراطي ، والذي يريد أبناءه اليوم أن يكتبوا دستورهم الجديد الدائم ، بأيديهم الوطنية المعبرة ، عن مكوناتهم وأطيافهم المتنوعة ، قوميا ودينيا ومذهبيا وسياسيا وعشائريا ... يريدون دستورا للجميع ويحمي الجميع أيضا ، دون تفرقة ودون أي إمتياز لأحد على الآخر، مهما كان ثقله الإجتماعي وحجمه السياسي في المعادلة العراقية الحالية  .
أن مهمة كتابة الدستور العراقي الدائم ، يجب أن لا تهيمن عليها جهة عراقية معينة دون سواها ، بإسم الأغلبية في المجتمع ، أو القائمة الفائزة بأكثرية الأصوات الأنتخابية ، أو الكتلة الأكبر في الجمعية الوطنية ...  والى غيرها من المسميات الداعية للأكثرية على حساب الأقلية ، كما تريد هي أن تفرض ، كل ثقلها القومي أو الديني أوالمذهبي أوالسياسي .. على الآخرين .
أن عدالة أي دستور في هذا العالم ، تنبع من مضامينه الوطنية التقدمية الشاملة للحياة ، والتي يجب أن لا تغفل أية قضية تهم المجتمع مهما صغرت أو كبرت ، ومن حق الجميع أيضا أن يثبتوا في دستورهم ما يرونه يخدم الأنسان ، ويحفظ حقوقه وكرامته ، كمواطن له كل حقوق المواطنة وعليه كل الواجبات في هذا المجتمع ، حتى لو كان يعبرعن وجهة نظر شخصية معينة ، ينبغي أن تسمع وتحترم في دولة القانون والعدالة المنشودة .
 وفي الدول البرلمانية الدستورية والديمقراطية ، والتي سبقتنا في هذه التجربة ، لا نجد فيها أبدا أن يعلو صوت هذه الجهة أو صوت هذا المسؤول أو ذاك على صوت الآخرين ، مهما كان موقعه ونفوذه ، لأن صوت الدستور يبقى أعلى من صوت الجميع ، لأنه هو المرجعية الدستورية الوطنية الوحيدة ، التي يمكن أن يرجع لها كل مواطن في هذا المجتمع ، ويعرف مسبقا مدى حدوده ، وما له وما عليه ، ومن هنا يلتزم الجميع بالقوانين الدستورية ويحترمونها ، لأنها وجدت من أجل تنظيم حياتهم وتسيير قضاياهم بالشكل العادل والقانوني الأفضل .
ومن هنا تقع علينا اليوم المسؤولية جميعا،  بكتابة دستورنا الدائم ، وبمساهمة الجميع من أحزاب ومنظمات وقوى وشخصيات سياسية وإجتماعية وثقافية وحقوقية وقانونية وأكاديمية .. إلخ ، وهذا يتطلب أولا ، من كل هؤلاء سماع الأصوات المشروعة لكل مكونات وطوائف أبناء العراق ، من أجل تثبيتها في الدستور العراقي الجديد ، والذي من المفترض ، أن لا يفهم البعض من كتابته ، بأنه سيكتب لحالة ظرفية معينة ومؤقتة ، وبالتالي بالضرورة ستتلائم مع ظروف هذه الجهة العراقية أو تلك في المرحلة الراهنة .
بل العكس أن كتابة دستور العراق الدائم الجديد ، سيكتب للأجيال القادمة ولمستقبل العراق ، فلذا يتطلب من كل المساهمين في رسم وصياغة وإغناء وكتابة دستورنا القادم ، أن يأخذوا بالحسبان مستقبلية الدستور ، وأن لا يتقيدوا  بحركة القوى العراقية الفاعلة اليوم  في متغيرات كل الأوضاع والشؤون العراقية ، لأن كل شئ قابل للتغيير والتعديل والتطوير في الوقت الحاضر ، وحتى في  المستقبل المنظور والبعيد .
فلذلك ينبغي أن يساهم الجميع في إنتاج دستورنا القادم دون إستثناء أحدا ، لأنه في النهاية ستخضع مسودته بعد إنجازها النهائي ، الى الإستفتاء العراقي الشعبي ، وهو الذي سوف يختار دستوره بكل حرية ، لأنه صاحب المصلحة الحقيقية في إختيار حاضره ومستقبله .
ha_al@hotmail.com