المحرر موضوع: إذا لم تكن سياسيا محنكا فابحث عن عمل أخر  (زيارة 1593 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عصام خبو بوزوة

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 172
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
إذا لم تكن سياسيا محنكا فابحث عن عمل أخر

السياسة عالم واسع ومذاهب متعددة تعتمد على المرونة في انتقاء الطرق التي تعتبر كل أنواعها مباحة في ظل عالم من الحركة يسعى جميع اللاعبين فيه إلى كسب الآراء وثقة الناس ويغو صون في أعمق التفاصيل بحثا عن المفاجأة السارة أو المناسبات ليقدموها على طبق من فضة للشعوب والتي ستحملهم لاحقا على اكفها وتجلسهم على عروش الذهب الخالص.
وبناء على ذلك فالموقف القوي وشبه الثابت يغري تطلعات المواطنين دائما وخاصة إذا كان مرتبطا بالعمل الذي يمثل في السياسة غربال يعزل الصالح عن الطالح ويسمح للعدائين النشطين بالاستمرار في مزاولة عملهم السياسي ويقذف بالضعيف على قارعة الطريق ليبحث عن عمل أخر لان السياسة ليست مجرد مهنة تزاول أو حرفة تدر المال فهي بمفهومها الواسع اكبر من كل ذلك وتوفر كل ما سبق ذكره وأكثر ولكن مساوئ  استغلالها السيء قد لايتحملها الاستغلاليون فيبحثون عن حل خيالي بعد فشلهم السياسي كأن يتوجهون إلى الانتحار أو الهروب أو حتى الاختباء في جحور عميقة تحت الأرض.
السياسة أشبه ما تكون برقصة عنيفة يخجل كل من يسقط فيها وقد لايتيح له الزمن فرصة العودة ثانية إلى المقاعد لتدوسه دوامة الشهرة عندما تنقلب وتتحول الأيدي إلى صفعات متتالية مهينة كان بالإمكان تجاوزها بالحكمة وبالاستقامة بأن يأخذ السياسي حقه من مؤيديه ويقدم لهم على الأقل إقرارا علنيا بمساعيه واعترافا بالفشل في حالة الإخفاق فالمصارحة مع الشعوب ترفع من شان الحكام والصورة الحقيقية حتى لو كانت بسيطة ومتواضعة وضعيفة تمنح صاحبها قوة اكبر في مناسبات لاحقة.                                          والسياسي المحنك هو من يبحث عن أصول الانتقادات ويدرسها ويفهم أسبابها ولا يأخذه الغرور فيقضي الوقت في الرد على لائميه ومعارضيه فأفضل الردود أحيانا قد يكون الصمت المقترن بالحكمة والذي لايقصد به التجاهل أو التكبر والاستخفاف بالآخرين وأرائهم.
وربما ما نعانيه اليوم في العراق من تنوع سياسي ليس سوى الحلقة الأولى من الحرية المفاجئة التي يتجه فيها كل فرد أو جماعة إلى التعبير عن الذات بصورة منفصلة متناسين إن من يلتقط الصورة ولا يظهر فيها هو اللاعب الأساسي وسيذكر لاحقا مرارا بناء على جودة الانجاز أو العكس.
لايمكن للسياسي أن يعتمد على شراء الآراء كما يحدث اليوم في العراق ولا يجوز اعتبار السياسة اقصر الطرق إلى المناصب وأسهلها لكسب اكبر الثروات لان توقيع بسيط من اصغر منصب إداري تعتمد عليها أرزاق الناس وأحوالهم المعاشية  والرفاهية المتحققة لهم.
السياسة قد تكون أقصر الطرق للشهرة والظهور وأحيانا كثيرة تؤدي إلى الثراء ولكن الفساد في أروقتها تفوح رائحته بسرعة لأنه يصدر من شخصيات عامة وبارزة فيخسر مقترف الأخطاء ليس ما أكتسبه بالطرق الملتوية فحسب بل ما كان ملكه أصلا لذا فالحذر مطلوب والمثل يقول ما لم يدم لغيرك لن يدوم لك أبد الدهر .
والسمعة ثروة والخلود في ذهنيات الشعوب وذاكرتهم كنز أكبر من أية ثروة وإذا كانت مزاولة السياسة متأتية من الرغبة في سد الفراغ أو الحصول على عمل فالأفضل أن يبحث أغلبية المتواجدين على الساحة السياسية اليوم عن عمل أخر بدل التعثر في مضامير شاقة قادمة .
فالسياسة حياة وأسلوب وخطط ترسم مسبقا ولا مجال للتخبط ما دامت العروض كثيرة والمشاهد هو من سيحكم في النهاية بصوته الايجابي أو السلبي سواء ساهم أو لم يخرج من البيت وإذا أبدى رأيه بكل صراحة أو تحفظ على الموقف فكلها طرق متنوعة للتعبير عن تطلعات الشعوب إزاء حركاتها السياسية التي تعرض نفسها تماما كما يفعل المتبارون في رياضة كمال الأجسام ولكن الفارق الوحيد بين السياسي والرياضي يتمثل في كون الأولى تحتاج إلى حنكة ودهاء أكثر من الثانية وبانتظار الفائز مرحلة أصعب تعتمد على مدى قدرته على الاحتفاظ بالنجاح أو مواصلة السير في طريق ملتهب بحرارة الأضواء المسلطة عليه .







                                              عصام خبو بوزوة _ تلكيف .