لا وجود للأقلية والأكثرية عند تحقيق الحكم الذاتي لشعبنا ؟
إن المطالبة بالحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري ، ليس حديث العهد ، بل هذا الشعور المتنامي بعدم الخضوع والخنوع للآخرين ،وأن نحكم أنفسنا بأنفسنا ، يمتد عبر التاريخ ، حيث قدّم آغا بطرس إيليا رسالته الشهيرة الى مؤتمر الدول العظمى في لوزان ، طالب فيها حكما ذاتيا لشعبناسنة1923 ، وعندما كانت الدولة العراقية فتية وغير قادرة للتصدي للأطماع الخارجية ، فكانت الوقفة البطولية لأبناء شعبنا في طرد القوات
التركية التي حاولت الأستيلاء على مدينة الموصل من شمال العراق ، كما أن لجنة تحقيق عصبة الأمم أوصت 1925 م- منطقة آمنة للحكم الذاتي . كما أن مؤتمر العمادية سنة 1932 ، أوصى بالحقوق القومية لشعبنا لكنه كان حبرا على ورق ، حيث تنكروا لها فيما بعد . وما تلا بعد ذلك في مؤتمر الصلح في فرساي ، ومؤتمر سيفر
1933 ، لكن مصالح الدولة العثمانية والبريطانية قضت بتشتيت شعبنا ، مما حدا بمار إيشاي شمعون ،بطريرك
الكنيسة الشرقية لرفض هذا المنهج ومحاربته .
إن الحكومات المتعاقبة على حكم العراق منذ إستقلاله سنة 1921 وحتى سقوط نظام صدام ، لم تكن سوى أنظمة شمولية دكتاتورية ، هضمت حقوق الأقليات الصغيرة ، ومنها أبناء شعبنا ، وتعرضها لأبشع أنواع القهر
والإضطهاد ومجزرة سميل 1933 التي ذهب ضحيتها الآلاف من أبناء شعبنا المسالم ، دليلا للتعصب والكراهية
لا لشيء بل لأننا طالبنا بحقوقنا المشروعة ، ضمن عراق موحد مستقل ذو سيادة ، وما تعرض له شعبنا من قبل نظام صدام من تهجير وترحيل قسري وتصفيات جسدية ، مما دفع بجماهيرنا المناضلة للوقف بوجه النظام جنبا
الى جنب إخواننا الأكراد لمقارعة النظام في صفوف قوات البيشمه ركة أو قوات الأنصار . مما حدا بالنظام إقرارالحقوق الثقافية للناطقين بالسريانية سنة 1972 لإمتصاص الغضب وذر الرماد في العيون لأسباب سياسية آنية كان النظام بحاجة إليها .
وبعد إقرار الدستور الجديد ، حيث أقرت المادة 125 ألحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية للأقليات
القومية ، ولما كانت المادة 14 تنص : أن العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات ، فلا ضير بمنح الحقوق
تلك للأقليات بل واجبة ، لتحقيق العدل والحق والإستقرار والمحافظة على وحدة العراق وسلامته وإستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي التعددي .
وبعد مؤتمر عنكاوة المنعقد 2007 والذي إنبثق عنه المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ، ومن أهدافه تعديل الدستور المركزي ودستور الأقليم للأقرار بحقوق شعبنا العادلة بما فيها الحكم الذاتي في مناطق تواجد شعبنا , وفعلا وجّه مذكرتين الى لجنتي تعديل الدستور للأخذ بمطاليب شعبنا آنفة الذكر .
وإذا ما تمّ تعديل الدستور وسيكون ذلك حتماً ، للنواقص التي برزت فيه والتي تمّ إغفالها عند إقراره سابقا .
ولما كانت المادة 119 تنص على حق أية محافظة أو عدة محافظات لتشكيل إقليم ضمن عراق فدرالي موحد ، على أن تمنح المحافظات غير التابعة الى إقليم صلاحيات لإدارة شؤونها لا مركزيا ،حسب المادة 122 من الدستور .
إن نجاح العراق يكمن بإقرار المشرعين بحقوق الأقليات ، ومسألة الحقوق ليس هناك فرقا بين ألأكثرية والأقلية ، فالكل متساوون كأسنان المشط في الحقوق والواجبات .
إن إختلاف وجهات النظر مسألة صحية ولكن لكي لا تكون سببا في ضياع الحقوق والمهاترات اللامجدية
على أبنا شعبنا ألإتفاق على القواسم المشتركة ، وإن تذليل العقبات ليس مستحيلاً ، كما إن إلإنظمام الى إقليم
كردستان ليس إنظماما إلى ما لا نهاية ، أو البقاء مع محافظة إقليم الموصل ليس زواجا لا يجوز حدوث الطلاق
مطلقا . كما أن تحقيق الإدارة الذاتية ، والتمسك بالمادة 125 وتطبيق محتوياتها على أرض الواقع في عراق موحد ديمقراطي ، هو حصانة للعراق الحر المستقل ورعاية أبنائه الشرفاء المسالمين ، وليس تفتيت العراق كما
يشير إليه المعترضين .
إن حكومة الإقليم علمانية وترعى حقوق ومصالح كافة الأديان والمعتقدات ، نرى هي الأصلح للإنظمام للعلاقات التاريخية المشتركة والروابط الجغرافية الملائمة تقضي بذلك ، كما أن إجراء الإستفتاء لأبناء تلك
المناطق سيقطع الشك باليقين ، ولكن لا ننسى بأن لا تكون خلافاتنا على حساب ضياع حقوقنا ، والفرصة
التاريخية السانحة علينا إستغلالها ، وتناسي خلافاتنا في سبيل التوحد وبالسرعة الممكنة ، وقبل فوات الآوان ،
والكفّ عن الجدل والفلسفة البيزنطية ، ( هل البيضة من الدجاجة أم الدجاجة من البيضة ) ؟؟؟ نأمل من كافة
أبناء شعبنا أشخاصا مستقلين ومنظمات وأحزاب سياسية بكافة مسمياتنا ، ومن بيده زمام الأمور تناسي خلافاتنا
ومصالحنا الشخصية ، وأن نضع نصب أعيننا مصالح شعبنا المقهور ، والذي عانى الكثير ولا يزال من جراء
الإختلاف والتشتت والتشرذم ، فهل آن الآوان لكي نعي الدرس ؟ نتمنى ذلك !!!
بقلم – منصور سناطي
mansoorsanaty@yahoo.ca