المحرر موضوع: كافكا والحكم الذاتي..وابونا  (زيارة 1814 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سيزار هوزايا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 359
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كافكا والحكم الذاتي..وابونا


من الادب العالمي

تصور ان تنام انسانا..بيدين، رأس، وجسد متكامل.. عينان تبصران، انف يستنشق، فم يتكلم..وروح يرفرف فوق سماء ضميرك.. تخلد للنوم حالما بغد افضل..واجمل.. تغوص في بحر احلامك..اللامتناهي.. ويأتيك الصباح..بشمسه..وطرقه..ومنحنياته.. فتصحو من نومك..واذا بك ..حشرة..نعم حشرة..وما العجب في ذلك !!
هذه رائعة من روائع الادب العالمي.. "المسخ"..رواية العملاق التشيكي فرانز كافكا... عنوان كنت قد قرأته وانا في الحادية عشرة من عمري، في مكتبتنا البيتية..كان اخي الكبير "سرهد" مولعا بكتب الادب العالمي.. لم اقرأها في حينها..لأنني لم اكن اعرف حتى ما معنى كلمة مسخ..فبالكاد لفظتها صحيحا..

مرت السنون..طويلة..وحصلت على الكتاب ضمن طلبية اعددتها من مكتبة انترنيتية في لبنان..وقرأته..كنت اعرف خلفية كافكا الوجودية..وقرأت عن هذه الفلسفة من لدن احد كبارها وعمالقتها..جان بول سارتر.. فحين قرأت المسخ..تلمست افكارا جميلة..هنا وهناك.. قدمها الكاتب بعمق ادبي وانساني واضح..

بإختصار شديد فإن القصة تدور حول شخص، يصحو من نومه واذا به "حشرة كريهة"،  وتدور احداثها في غرفتين فقط.. غرفة سامسا "المتحول"، غرفة "الفرد"، والغرفة الاخرى حيث يتواجد والديه واخته "المجتمع"، وهو يحاول التواصل معهم كفرد مع مجتمع، طبعا يشدد الكاتب على نظرة المجتمع لهذا الفرد "المتحول"، وعن اسباب وجود الانسان في عالم لم يملك ان يختاره..وايضا نرى في الرواية الكثير من الافكار الوجودية الاخرى..

حقيقة انها دعوة لكل محبي القراءة ممن لم يقرأوا الرواية، ان يطلعوا عليها، فهي وان كانت تحمل موروثات فلسفة وجودية وتشاؤمية، الا ان الكاتب فرانز كافكا، يأسرنا بأسلوبه الادبي الرائع..وهي تستحق المطالعة..


من واقعنا السياسي

هكذا نحن المساكين..بالامس خلدنا الى نومنا شعبا عريقا، يفترش ارض العراق من شماله الى جنوبه وطنا له.. في بغداد، البصرة، العمارة، تكريت، كركوك، اربيل، نوهدرا، زاخو..وفي كل بقعة من ارض العراق.. واليوم نستيقظ على هتافات البعض (التي تصم الاذان) والمطالبة بالحكم الذاتي !! انهم يطالبون بسلطة مشوهة الملامح، مجهولة الهيئة، لا تعرف مزاياها، ولاتعرف خصائصها.. بين ليلة وضحاها يريدوننا ان ننفصل عن الوطن، ونرتبط بالاقليم !!

الحكم الذاتي يا اعزاء يعني سلطة، والسلطة تعني ادارة وحكومة وبرلمان واقتصاد وتعليم وبنى تحتية وتخطيط وخدمات وامن واستقرار وقانون واستثمار وفرص عمل واعلام وشرطة والخ..

قبل ان نسترسل في احلام الحكم الذاتي، ويحلم كل منا بكرسي مطرز مذهب لنفسه، لنجيب على تساؤلاتنا التي تأكل جدران العقل.. ولنحاول ان نكون واقعيين في اجوبتنا، ولا "نستهمل" تحديات هكذا طروحات، وايضا الا نقنع انفسنا بأن كل هذا سيتحقق بعد الحصول على الحكم الذاتي، فهذا غير منطقي لأن هذه النقاط هي العمود الفقري الذي سيخلق توازنا في هيكل هذه السلطة..

هل بإمكاننا ان نشكل برلمان وادارة وحكومة !! لندخل اولا في قائمة انتخابية واحدة ومستقلة، لنكون اعضاء صغار في البرلمان العراقي، حينها ستكون لنا ارضية للعمل المشترك.. وسنتعلم كيفية قبول الاخر، وكيفية وضع مصلحة الشعب فوق كل شئ.. بعيدا عن المراهقات السياسية !!

هل لنا فرص عمل واستثمار واقتصاد؟؟ ما المانع من ان يحاول كتابنا الاعزاء ممن يلخص لنا الحكم الذاتي " بمقالة واحدة !! "، ان يقنع من حوله بالاستثمار في سهل نينوى، ان لم يكن هو ذاته يملك المال لذلك !! لم نسمع، خصوصا واننا من عشاق سماع الاخبار التي تخص شعبنا، لم نسمع عن مشاريع استثمارية في اراضي الحكم الذاتي، الا القليل الذي لا يتجاوز عدده اصابع اليدين، وحين اقول مشاريع استثمارية فأنا لا اقصد دكان لبيع السكائر، وان كان هذا جيدا، لكنني اتحدث عن مصانع ومعامل تحتاج الى يد عاملة كثيرة.. ام اننا سنبقى نستجدي الخبز من الحكومة المتبعة كما يحاول ان يقنعنا بعض الكتاب والسياسيين الاعزاء !!

هل لنا قوة امنية لفرض الامان والقانون في المنطقة والدفاع عن حقوق وممتلكات الناس ؟؟ لنواجه الحقيقة ونقولها بملء الفم، عملت الحركة الديمقراطية الاشورية (زوعا) على تحقيق هذه الخطوة المهمة في مناطق تواجد شعبنا، لكن بعض (المؤسسات) التي لا يعجبها العجب، وقفت ضد المشروع.. والتفاصيل موجودة في مواقعنا الالكترونية..مع بيانات (الاستنكار) التي وقعها البعض ضد المشروع !!

نادت الحركة من ضمن ما نادت به ايضا بتأسيس جامعة اكاديمية لابناء شعبنا في سهل نينوى، وجاء ذلك على لسان السيد يونادم كنا، قبل وقت ليس بالقصير، فهل وجدت هذه الفكرة اذانا صاغية من كتابنا المثثقفين !! مع الاسف فهذا لم يحدث، لا بل ان البعض المسكين منا لا يزال يستفسر (متجاهلا)عن اهمية عملية التعليم بلغتنا السريانية للصفوف الابتدائية والمتوسطة والاعدادية، والتي تعتبر اهم الانجازات في القرن العشرين لشعبنا، وبلا مغالاة، علما ان الحركة جاهدت وناضلت في سبيل تحقيق هذا الانجاز الكبير رغم معارضة الكثيرين وقت انطلاقة العملية التأريخية....

ما الذي يمكن ان يوفره هذا الحكم الذاتي من امان ومستقبل لشعبنا..وكيف سيقف بوجه الهجرة المخيفة !!
ما هو النهج الذي سيتبع في الحكم ؟؟ ما هو موقفنا من جيراننا، وموقف جيراننا منا ؟؟ وماذا سيكون مصير ابناءنا في بقية انحاء الوطن؟؟

تساؤلات وتساؤلات..وتساؤلات.. لايحدها مقال..


العكس..اصح

ان قضية الحكم الذاتي وتقديمها على النحو الذي يقدمه بعض الساسة، برأينا هي قضية يمكن عكسها لتأتي بثمار افضل..واشهى..

اذ ان تأسيس قوة شرطة من المتطوعين من ابناءنا في مناطق تواجد ابناء شعبنا، هو حكم ذاتي، دون الاعلان والمطالبة بالحكم الذاتي !!

وإن تأسيس جامعة اكاديمية لأبناء شعبنا في مناطق تواجدهم، هو حكم ذاتي، دون الاعلان والمطالبة بالحكم الذاتي !!

و تشييد المصانع والمعامل، وتشغيل يد عاملة من ابناء شعبنا..هو حكم ذاتي، دون الاعلان والمطالبة بالحكم الذاتي !!

وإن دخول الاحزاب الكبيرة في قائمة انتخابية واحدة، والحصول على عدد كبير من الاصوات،وبالتالي عدد كبير من النواب والممثلين هو حكم ذاتي، دون الاعلان والمطالبة بالحكم الذاتي !!

كفانا تشبثا بأفكار ضبابية، وكفانا سجالات ونقاشات بيزنطية..ولننمو سياسيا، ونجتاز مرحلة المراهقة الملأة بالتعنت، ولنخرج شعبنا من فخ الضيقات الذي نصبناه له.. فمن من "سياسيينا" و "مثقفينا" سيتحمل ثقل الذنب وثقل حجر الرحى في رقبته لأنه كان حجر عثرة لابناء شعبنا !!

نحن لا نريد مولودا مسخا، لا نريد حكما ذاتيا مشوه الملامح، مجهول الهوية..نحن نريد بناءا شامخا نبنيه بسواعدنا، بافكارنا، بمقترحاتنا، و"بديمقراطيتنا" !!



قبل نشر المقال !!

قبل نشر المقال فوجئنا مرة اخرى بتصريح رسمي من احد رجال الايمان المسيحي، كاهن، واب لرعية، ومربي اجيال على اسمى التعاليم، يصرح من خلال موقع عنكاوا ان احد اسباب طرد شابين من عملهما ومصدر رزقهما هو بسبب انتمائهما لحركة سياسية معينة!!

تساؤل اضيفه الى جملة التساؤلات التي اطرحها على "مفكرينا" و"كتابنا" ممن يزمرون لكل ما هو ضد هذه الحركة السياسية:

•   أ بهذه الرموز تريدون حكما ذاتيا ؟؟ ان كان اليوم رجل الايمان المسيحي والمغفرة والتعاليم الانسانية، يستغل "سلطته" لطرد شابين لمجرد انتمائهما الى حركة سياسية، فكيف سيكون ترى شكل "الحكم الذاتي" و"السلطة" التي تنادون بها ؟؟ وكيف سيكون شكل "الحكام" و"المسؤولين" ترى ؟؟ اني اراه مسخا اخر، فكيف ترونه انتم ؟؟

•   كم كبيرة هي هذه الحركة السياسية، حتى انها اكبر من رجل المحبة والايمان المسيحي نفسه الذي طرد الشابين المسكينين، فهي كانت ارحم، واكثر ديمقراطية، وتفهم، وعدالة، حين كانت تعلم بأنهما ضمن حراسات القرية التي يمولها السيد سركيس اغاجان، ولم تسلب انتماءهما السياسي منهما..ولم تؤثر على مصدر رزقهما..او تهددهما بأي شكل من الاشكال..

مثقفينا الاعزاء، كتابنا الاجلاء..بسرعة..وبضمير..وبدون مراجعة "الديون المستحقة" كما يبدع في تعبيرها الدكتور وديع بتي في احدى مقالاته الرائعة،  اي من هذين النموذجين يستحق ان يمثل، يحكم،  ويدير شؤون الشعب ؟؟

الجواب تجدونه امام مراة الضمير، حين تزيلون غبارها..

وبارك الرب بكل جهد جمع ولم يفرق..


سيزار هوزايا
ملبورن – استراليا
حزيران 2008
sizarhozaya@hotmail.com