المحرر موضوع: بصراحة ابن عبود شكرا جاسم المطير، عذرا عزيز الحاج!!  (زيارة 690 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رزاق عبود

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 390
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
بصراحة ابن عبود
 
شكرا جاسم المطير، عذرا عزيز الحاج!!

مساء السبت6/ 9/2008 تشرفت باستضافتي في غرفة ينابيع العراق/ غرفة الانصار الشيوعيين العراقيين واصدقائهم. للحديث عن مدينة البصرة، ورغم وضعي الصحي، وصعوبة تواصل الحديث، فان الاعتذار لطلب الانصار الابطال يبدو امرا مستحيلا. ترددت كثيرا في الحديث عن مدينتي الحبيبة، لانه في الخارج صارت "الدنية اقوام" وصرنا نسمع عن الشيعي، والسني، والعربي، والكردي، المسيحي، والمسلم، والصابئي.. الخ. وكانت هذه شبه المحرمات في الاوساط المتعلمة، والمثقفة، خاصة بين اوساط اليسار العراقي. وتميزت البصرة بحساسية خاصة في هذه الامور بسبب التسامح الكبير، والتعايش بين كل اطياف الشعب العراقي، والانفتاح الاجتماعي الذي يميزها. كما ان الحديث عن مدينة بعينها اصبح يبدو كالتعصب لها. وصارت شبهة الاقليمية، والمنطقية، و"ولد اللوة" امر غير مستحب يتجنبه الناس. والسبب الاخر هو انني قد تركت البصرة منذ ثلاثين عاما. أي عشت في المنفى/المهجر اكثر مما عشت في البصرة. واشعر عندما يحدثني احدهم ممن زاروها حديثا، وكانه يتحدث عن مدينة افريقية قبل الحرب العالمية الثانية. تمنيت ان يتحدث احد الشباب ممن غادروا البصرة حديثا، وذاكرته لازالت طرية، والاسماء، والاماكن بالنسبة له شئ عاش معه حتى خروجه قبل سنوات، او اشهر قليلة.
 
احدى البصريات في المنفى، كانت تلومني كثيرا، لانني لا اعلن عن بصريتي. خوفا من تهمة الاقليمية، وكذلك لاسباب صيانية. ولاني عشت فترات قليلة في بغداد، وبعقوبة، والحلة، فكان من السهل الادعاء انني من هذه المدن، خاصة، وانني اعرف شوارعها، وناسها بشكل جيد. كما ان لبعقوبة، والحلة بشكل خاص طعم مميز، وفضل علي، حيث اختفيت مرتين في الحلة من ملاحقة مخابرات صدام. وفي بعقوبة كانت لي ايام جميلة، وفيها تعرفت على الشاعر المبدع الشهيد خليل المعاضيدي، الذي اغتاله الصداميون وهو في عز شبابه، وعطائه. كتبت مرة لتلك الرفيقة السابقة بانني احب البصرة، واتحدث عنها ليس لانها مدينتي بل لانها مدينة العمال، والاضرابات، والشعر، والادب، والموسيقى، والغناء، والمسرح، والاوبريت، والفلكلور الشعبي الغني، والتاريخ الفكري، والسياسي الثري، كأي عراقي اخر يفتخر بان البصرة مدينة عراقية، وفيها هذا الكم الهائل من الابداع، والتاريخ العريقان. من هذا المنطلق تحدثت عن: (البصرة، رحلة في ذكريات مدينة) وليس كبصري/ بصراوي او شروگي كما يسمينا البعض في بغداد. وان كان الامر يشرفني، ولا ارى فيه عيبا ان كون من ابناء البصرة، بل فخرا، واقصد بصرة التسامح، والانفتاح، والثقافة، والكرم، والتعايش، وليس بصرة(على عناد كل العدا البصرة بصرة مقتدى) للاسف الشديد. لكنها ستعود الينا، كما عاد اليها كل من زارها، او درس، او عمل فيها، او نفي اليها لان (اليشرب ماي المده لازم اله رده) والمده مختصر بصري لظاهرة المد والجزر، التي تختص بها البصرة دون مدن العراق الاخرى، بسبب التقاء شط العرب الخالد بمياه البحر عبر الخليج العربي. تحدثنا، انا، وزوار الغرفة، كثيرا عن ناسها، ونخلها، وتمرها، وشوارعها، وساحاتها، واحتفالاتها، ونضالاتها. عن "الكسلة"، وعن شخوص المدينة الشعبية، والادبية، والفنية، والسياسية.. الخ.. الخ. كما تداخل الاستاذ عريبي الخميسي، بمعلومات قيمة، واتحفنا الاستاذ جاسم المطير بمساهمة، ومداخلة، وتصحيح، واضافة لبعض المعلومات، واعادنا الى سنين لم نعشها، واحداث سمعنا بها ممن هم اكبر منا عمرا، وامور يعرفها هو كمختص، كبصري عتيگ، وصحفي مهني، ومبدع، وناشط سياسي قديم. واهم ما قاله الاستاذ جاسم المطير ذو الخبرة الطويلة في الحوار، والنقاش، والجدال مع الاخر انه ينتقد من يخرج عن سكة النقد الصحيح الى الشماتة. او يستعمل كلمات نابية، والفاظا غير لائقة. لاتفيد ولا تخدم الحوار الهادئ الذي يوصل الى الحقيقة، ويحترم تعدد الاراء، والافكار، دون الحاجة الى شتيمة، او سباب.
اصابني هذا القول في الصميم. فقد قرأت قبل فترة للاستاذ عدنان الظاهر مقالا ينتقد فيه اسلوب الاستاذ فؤاد النمري في الرد، والنقاش، والحوار مع الاخر، وكنت انا واحد ممن اساء لهم الاستاذ النمري، بعد نشر موضوعي المعنون "سقطت الستالينية عاشت الشيوعية". وقرأت موضوعا للاستاذ عزيز الحاج بعنوان "بؤس الجدل العراقي". ولا ادري ان كنت من بين من  قصدهم الا ستاذ عزيز الحاج حيث أسأت اليه كثيرا في موضوعي المعنون (عزيز الحاج من ثوري منهار الى صهيوني مغوار).  للاسف لم استفد من شدة الرد الذي مارسه معي الاستاذ النمري، فاستعملته ضد الاستاذ عزيزالحاج، ووجدتني كمن ينهى عن المنكر، ويفعله. ولكن كلمات الاستاذ جاسم المطير اعادت الصواب الى تفكيري، وشعرت انني اسأت كثيرا للرجل(عزيز الحاج) الذى ابى ان يرد بنفس الطريقة حسب علمي، وان كنت لا الومه ان كان قد فعل. واتمنى ان يستفيد غيري من نصيحة الاستاذ جاسم المطير، وعلينا ان نحترم خصومنا الفكريين، والمختلفين معنا لاننا نطالب بالديمقراطية، وندعوا لها، نطالب بالنقاش الحر وندعو له. نطالب بالحوار الهادئ وندعو له. وعلينا، ان لا نكون، كمن يدعو للصلاة، وينسى نفسه. خاصة، وان الردود، التي توالت بعد ان كتب شاعرنا الكبير سعدي يو سف رثائه الخاص لصديقه كامل شياع. طابع التشنج، والحدية، والقسوة في استخدام الكلمات. وانا اتفهم المحتجين، والمنفعلين. ربما جرح احساس الكثيرين، او اساء الكثرين فهمه باعتقادي. لكن سعدي يوسف ليس عدوا، ولن يكون، وله اجتهاده الخاص حاليا. والاجتهاد يحتمل الخطأ، والصواب من الطرفين. ولا احد يمتلك الحقيقة المطلقة. هذه صارت مسلمة لا يختلف عليها اثنان. والاختلاف مفيد لانه مصدر التطور، والحركة، والتفكير، واعادة التفكير. و"اختلاف امتي نعمة". قول منسوب للنبي محمد، قبل 1400 سنة. ونحن نعيش عصر العولمة، والنقاش المفتوح. اذا كنا لا نتحمل من يختلف معنا، لكنه يقف معنا في نفس الخندق، فكيف سنقنع الاخرين، باننا سنختلف عمن ننتقدهم، ونتهمم بالظلامية، والتعسف، والقسر، والاكراه، والديكتاتورية. ولنقل مع فولتير: قد اختلف معك، لكني مستعد لتقديم حياتي ثمنا كي تتمكن ان تقول ما تريد!
 
فشكرا لجاسم المطير، وعذرا لعزيز الحاج، ولكل من اسأت اليه في الاسلوب الذي تعودنا عليه دون مراجعة، ولا نقاش، ولكن الصحوة ضرورية احيانا. الاختلاف، والتعدد في الاراء، والافكار، يبقى قائما، لكن اسلوب الحوار، يجب ان، يكون متمدنا يتناسب مع عصرنا.