المحرر موضوع: تصريحات لاتخدم وحدة العراق  (زيارة 1232 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Taqi Alwazzan

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 50
    • مشاهدة الملف الشخصي
تصريحات لاتخدم وحدة العراق
 



تقي الوزان

لم نكن نعرف احداً قبل سقوط النظام من كل الفصائل العراقية المعارضة رفع يوماً شعار أقامة نظام دولة دينية في العراق. كان الكل متفقين , علمانيين قوميين وأسلاميين على أقامة دولة العدل والقانون . ونظام سياسي فيدرالي وديمقراطي يضمن تكافؤ الفرص لكل الاطراف . كانت هذه العناوين الابرز لمؤتمر لندن الذي سبق سقوط النظام .
جاء التغيير على يد القوات الامريكية وحلفائها , ولم تتغير هذه العناوين . رغم التمدد الذي اخذ حدود الممكن لكل الاطراف السياسية , وكل طرف حسب امكانياته , والجهات التي تدعمه .
لاشك ان الاندفاع المذهبي والقومي كانا الاقوى كرد فعل على كبت جائر استمر لثلاثة عقود ونصف . ويجد متنفسه لأول مرّه . وبدل من ان توجه هذه الطاقة الجبارة المتدفقة من وقود القهر والذل . وتكون أحدى الرافعات الحقيقية لبناء العراق الحر المعاصر . جرى استغلالها , وتعبئتها بأتجاه طائفي وقومي متعصب, لتصب في خدمة اهداف فئوية وقتية , وفي كثير من الاحيان شخصية . مستغلين الفراغ الكبير من غياب وأضمحلال مؤسسات الدولة , وما ترتب على هذا الغياب من ضياع البوصلة الحقيقية لتنظيم الحياة في ظل سلطة الاحتلال .
في أجواء هذه الفوضى , كان الاصرار لأقامة الانتخابات الاولى , بضلال وتوجيهات المرجعية الشيعية المتمثلة بأبرز رجالاتها السيد علي السيستاني , وتبنيه المعروف لقائمة "الائتلاف" . وهذا لايعني ان السيد علي السيستاني لا ينشد وحدة وسلامة العراق . بالعكس , كانت توجيهاته صمام الامان لأنهاء الكثير من الفتن , ونزع فتيل الحرب الاهلية .
كانت قائمة"الائتلاف" في الانتخابات الاولى تضم بين جناحيها شيعة علمانيين , سنة , اكراد , تركمان ...الخ . لتوحي بشموليتها العراقية , وترفع الحرج عنها , كون القائمة ليست طائفية . النجاح الكبير الذي حصلت عليه القائمة في الانتخابات الاولى مكنها من تشكيل الحكومة المؤقتة بالأتفاق مع القائمة الكردية كما هو معروف . وبدل الاتفاق السابق على حل الميليشيات . جرى تقوية هذه المليشيات , وجعلها هي السلطة الفعلية لأدارة وفرض اللون الديني المذهبي على مجمل الحياة الاجتماعية , ومصادرة الحريات الشخصية الهامشية المتبقية من سلطة النظام المقبور في الوسط والجنوب . وخلق حالة من الصراع الدموي في بعض الاحيان بين هذه المليشيات , بدافع توسيع دائرة الجاه والنفوذ , والكسب غير المشروع للكثير من ضعاف النفوس الذين أستغلوا أنفلات هذه المليشيات وتداخلها مع أجهزة الدولة ووزارة الداخلية بالذات . ولاشك ان جرائم القتلة من بقايا البعث المقبور , والتكفيريين السنة والقادمين من خارج الحدود . زاد من أنفلات هذه المليشيات , ودفعت طائفيتها الى مديات أبعد .
هذه الممارسات وغيرها دفعت البعض للانسحاب من القائمة . وأبرز المنسحبين كتلة الكفاءات برئاسة الدكتور علي الدباغ , والمؤتمر الوطني العراقي العلماني بقيادة الدكتور احمد الجلبي . وقالها الجلبي بكل وضوح : بأن القائمة تبغي قيام نظام ديني . مما دفعه للانسحاب . وهذه الانسحابات خففت عنها الظلال العراقية , وقوت الظلال الطائفية , والتي افصحت عنها القائمة بشكل اوضح في الفترة الاخيرة .
وهذه المليشيات تبنت الدعاية الانتخابية في الانتخابات الثانية . وبوسائلها المعروفة , تهديد , أجبار , أغتيالات مرشحين وناشطين , حرق مقرات احزاب من قوائم اخرى , استغلال الدين , وتزوير جعل الانتخابات ونزاهتها موضع شك . بعد توثيق اعداد كبيره من الشكاوي , والتي دعت هيئة الامم المتحده للتحقيق بنتائجها . والكلام ليس عن اخلاقيات اشخاص وقيادة . المقصود هو النزعة الفكرية والايديولوجية التي تسيطر وتسّير وجهة عمل القائمة , وبغض النظر عن الصراعات بين اجنحتها .
لقد كتب الكثير من المراقبين , وبشكل مبكر , حول موضوع طائفية قائمة "الائتلاف". وكيفية محاولة أعادتها لسيناريو الثورة الايرانية , وكيفية الالتفاف بمراحل على باقي اطراف الحركة الوطنية الايرانية والتي ساهمت بشكل فعال بقيام الثورة . وتجريدها الواحدة بعد الاخرى من كل مقوماتها , لتحصر السلطة قطعاً بيد ولي الفقية .
في صحيفة" الحياة " ليوم الاثنين, الثاني من هذا الشهر. ومع تهويمات الفوز الكبير لقائمة "الائتلاف" , يقول السيد علي العضاض القيادي في "المجلس الاعلى " الى ان "الائتلاف" سيتولى ادارة الدولة خلال السنوات الاربع القادمة [مايتطلب ايجاد مرجعية سياسية لجميع الاطراف من داخل الائتلاف وخارجه لحل القضايا الكبرى ] وأضاف ان "المجلس" يرى ان زعيمه عبد العزيز الحكيم [هو الاصلح لتولي رئاسة الكتلة . ولعب هذا الدور ليعد بمثابة ولي الامر المتصدي للعملية السياسية ] ولفت الى ان حصول الحكيم على هذا الموقع يعني تخليه عن ترشيح عادل عبد المهدي لمنصب رئيس الوزراء لصالح ابراهيم الجعفري .
لو اكتفى العضاض بالقول " ايجاد مرجعية سياسية لجميع الاطراف من داخل الائتلاف" فقط . لفهم الكلام على انه اجراء ينظم صدور القرار السياسي في القائمة . اما ان يوضح الاتجاه بهذا الوضوح . فهذه مسألة اخرى وخطيرة .وأبسط سؤال اين ستضع هذه السلطة الجديدة المطلقة , والمرجع لكل السلطات الاخرى [ القضاء, رئاسة الجمهورية , رئاسة الوزراء , الجمعية الوطنية , رئاسة وادارة اقليم كردستان , المحكمة الدستورية ] . هذه السلطات التي اقرها الدستور الدائم والذي انتم وضعتموه . ولم يبدأ العمل به لحد الان . نرجو ان لاتكون هذه التصريحات هي بوصلة "التقية" لبعض اطراف قائمة الائتلاف وهم في السلطة .. وأن لا تعمي سلطة المليشيات , وبعض العصابات. و[الانتصارات ]التي حققتها في هذا الموقع او ذاك . وتمنع النظر لمستقبل العراق .
العراق, وكما قلتم انتم قبل سقوط النظام , وفي بداية العملية السياسية : أن المجتمع العراقي ليس طائفياً مثل المجتمع الايراني . وفيه من القوى الوطنية الحية , والسنة , والاكراد , وباقي التنويعات الاخرى الشئ الكثير . ولا تزال السلطة الحقيقية بيد قوات الاحتلال , وبتفويض دولي صريح من هيئة الامم المتحدة . ونرجو ان تكون هذه التصريحات اجتهادات فردية فقط . او حرفت عند نقلها . دون الدخول الجدي في مغامرة تقسيم البلد .