المحرر موضوع: الديمقراطية ( 3 )  (زيارة 667 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل rashid karma

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 499
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الديمقراطية ( 3 )
« في: 12:48 18/10/2008 »
الديمقراطية ( 3 )

                                                                                                                        رشيد كَرمـــة
هذا هو الجزء الثالث *مــن تتمة وجهة نظر نقدية مختصرة لكتاب " الإمبراطورية " الذي ألفه ُ كل من ــ إنتونيو نيغري , ومايكل هارت ــ نشرها الشهيد الشيوعي المتفاني " كامل شياع " في مجلة الثقافة الجديدة العدد 309 لعام 2003 تحت عنوان ( تناقضات عصر الإمبراطورية ووعوده ) .
والحقيقة أن مؤلفا الكتاب حاولا قسرا ً القفز على أكثر من مرحلة تأريخية , ولقد ذهبا إلى أبعد من ذلك عبر تفسيرهما ( تشكل أو تكون ) طبقة عمالية عالمية دون اللجوء أو الحاجة الى حزب ثوري ولد وفق حاجة ضرورية ووفق ظروف ذاتية وموضوعية , ليقود نضال  الناس ــ العمال ــ للتحرر من قبضة رأس المال .
ولم يشر الكتاب الى ماإتسمت به النظم الحاكمة في كل العالم من قسوة وقمع ورعب بغية سحق الحركات الإجتماعية التي لم ترفع شعار سلطة البرولتاريا يوما ً , ولكنها حاولت إرساء مبادئ ديمقراطية , برلمانية وصولا ً للعدالة الإجتماعية , غير أن الدعم الرأسمالي للنخب الحاكمة كان من الوسع والكرم  مما أدى الى هجرة بشرية متعددة الأوجه , هجرة ربما تبدو للبعض مؤقتة ً في الظاهر ولكنها ستغدو أبدية , طالما نتحاشى الولوج للحديث عن ( حزب , تنظيم ) أو ندعي كما مؤلفا الكتاب , بإنتفاء الحاجة الى التضامن العالمي وفق صيرورة قوى الإنتاج .
ومن منطلق آفاق الثقافة الجديدة ’ ولغتها الديمقراطية البناءة , أن نأخذ بالنقد والتحليل تجربة العمال ليس في الإتحاد السوفيتي والمنظومة ( الإشتراكية ) وإنما في كامل نظام الأحزاب الشيوعية , والعمالية سواء في البلدان الرأسمالية أو في بلدان بقيت حتى هــــــــذه اللحظة التأريخية تتأرجح بين اليمين واليسار ’ بين الخاص والعام .
ونظرة سريعة الى بلدان الشرق وأحزابها ( اليسارية ) نجد أنها أخذت في الآونة الأخيرة التفكير جديا ً في الأساليب الديمقراطية , للحد الذي يترائى للمرء أنها أحزاب وتجمعات ديمقراطية أكثر مما هي أحزاب شيوعية , سواء من جهة تنظيمها أو أهدافها وتوجهها أو من جهة مشاركتها في العمل السياسي , ضمن إطار برلمانات يطغي عليها طابع الهيمنة الدينية .
وسواء سجل الموافقون أو المعترضون رأيهم الإيجابي أو السلبي على المشاركة السياسية للحزب الشيوعي العراقي في خضم كم ليس قليل من المتغيرات , ألا أن الخشية تأتي من صراعات وتضادات من (صُلب ِ , داخل ) الحزب نفسه . ومن الجدير بالذكر أن كل المتخاصمين يبدون إعتزازهم بالحزب ويحتفلون بعيد مولده , بعيدا ً عن تعدد وجهات نظرهم , وهذه إحدى مميزات الشيوعيين العراقيين .
يذكران الحزب الشيوعي العراقي قد عانى ومنذ الأربعينات من القرن الماضي , جملة من الإجتهادات ’ أدت بالتالي إلى إنشقاقات وتكتلات , أضرت بنضال العمال والفلاحين , حيث لم تعد هذه التشكيلة الإجتما ــ إقتصادية مهمة بنظر منظري مابعد مرحلة الإنهيار السوفيتي فلقد ( أفتوا ) أن لاعودة الى مسميات الثوابت الوطنية أو الخصوصية الثقافية , لأن هذا خيار خاطئ وضار حسب تعبيرهما .
وحيث تكثر الرهانات في ظل بلدٍ مُحتل كالعراق , وغيرُ مٌكتمل السيادة والإستقلال في كثير من الجوانب بعد إنهيار مؤسسات الدولة نتيجة العبثية والهمجية التي إتسم بها عهد الدكتاتور صدام حسين وبطانته , لاينبغي ان لا نهمل إرثا ً نضاليا ً تريد به العولمة أن ننساه بغية بناء بديل جديد .
وليس غريبا ً أن يذكر أكثر من باحث ماركسي , أن هُناك َمأزقا ً حقيقيا ً يواجه الأحزاب الشيوعية يتعلق بتأجيل جملة وحزمة كبيرة وواسعة للبناء الإشتراكي فلم تعد الأولوية لها أي للإشتراكية ولمضامينها ,
لذا فإن من قرء كتاب " الإمبراطورية  " يجد ومنذ اللحظة الاولى ذلك الإحساس الذي يفضي الى القول أن لابد من طريق جديد , وفهم جديد بعيدا ً عن الأطر الماركسية أو الماركسية ــ اللينينية .
وكأنما يريد الكتاب حل كل الأحزاب الشيوعية , ومواجهة الإمبراطورية القائمة بأسلحة جديدة ,
 

                                                                                                                               
القوى المضادة للإمبراطورية

                 ما هــــي القوة او القوى المعاصرة المكلفة بمهمة التحرير؟  إنها ليست الطبقة العاملة الصناعية حصرا ً, بل بروليتاريا عصرنا التي تشمل " كل أولئك الذين يتم إستغلال عملهم بشكل مباشر أو غير مباشر والذين يخضعون للمعاييرالرأسمالية للانتاج وإعادة الإنتاج "  إن أحداثا مثل حركة الإحتجاج في بكين 1989  والانتقاضة الفلسطينية و إضطرابات لوس انجلوس 1992  , تمرد اقليم تشاباس في المكسيك 1994  ,  الإضراب الكبيرفــــــي فرنسا 1995 وفي كوريا الجنوبية 1996  هـــي فــي جوهرها مؤشرات علـــى رفض الإستغلال والقهر وعلــى حتمية النضال والتضامن ...,.
مؤلفا كتاب الامبراطورية يراهنان علـــــى إبداعية الفعل المشترك للجمع وقوة العمل الحي والرغبة لاطلاق إمكانات التأريخ يتجاوز الرأسمالية لإرساء بداية عصر الانسان كما تخيله  " ماركس " .  لكن هل ستقود محصلة رفض الرأسمالية مــــن قوة متنوعة وغير متجانسة الى بلوغ البديل المرغوب الذي هو  الشيوعية  ؟
 وهل الشيوعية مخطط طوباوي جاهز أم غاية  لاتبلغُ غايتها   : فكرة معيارية او موجهة تقود فعل التحرر دون أن تفضي الى تحقق ناجز في اية لحظة معينة  ؟
ذلك ما يجيب عليه "   نيغرىوهارت " بالرجوع الى القيمة الإيجابية للنفي فمن مفارقات  النضال المعاصر انه لا يسير وفق وصفة واحدة , وغير مؤطر بنظرية ثورية .....
الطبقة العاملة ما عادت طبقة متجانسة ونضالاتها مبعثرة وحديثة ذات مد زمني قصير متقطعة وغير متصلة في زمن الإتصالات السريعة التي تضغط عنصري الزمان والمكان .   نضالات اليوم لا تعمل كحلقة مترابطة الأجزاء أو كمد ثوري يجتاح العالم بل انها من مناطق إنبثاقها تصعد عموديا لتضرب مباشرة ًمدار العولمة أي رأس الرأسمالية وقلبها . النضال اليوم لا يتبع مجرىً افقيا ً , لذلك لا معني للأممية البروليتارية التي ولــي زمانها كما يعتقد  " نيغري وهارت " ..................................
النضال اليوم ينتقل كما ينتقل فيروس الكومبيوتر الذي يكيف شكله وفق سياق الطرف المُستقبـِل , شكل النضال المعاصر يحاكي طبيعة السيادة الامبراطورية التي لا تفترض  نزاعا ً رئيسيا ًونزاعات ثانوية و إنما على شبكة مرنة للصراعات الصغيرة الناشئة عن تناقضات مراوغة , متوالدة وغير متموضعة في مكان محدد .
فكما للسيادة الامبراطورية بُعداً غير مكاني  ( الذي هو المعني اللغوي لمصطلح اليوتوبيا اي المدينة الفاضلة او الخيالية ) فان النضال ضدها لا ينحصر في مكان بعينه ِ او جبهة ٍ بذاتها .
جوهر هــــــذا النضال يكمن فــي رفض العمل والسلطة ( إطروحة الكتاب هذه تنحو منحاً فوضويا ً ) ونبذ العبودية الطوعيٌة بجميع أشكالها  , وبفضل هذا الرفض يمكن تلٌمس بداية الطريق نحو سياسة تحررية مستمدة ٍمما يسميه " نيغري " بالكينونة الضديٌة للجمع المرتبط لعلاقة تناقض وجودي " تناقض عدائي " مع سلطة رأس المال ......
فــي عصر ما بعد الحداثة , الذي هو عصر العولمة والإمبراطورية , تتجسد مرتكزات هذه الكينونة الضدية في قوى ثلاث هي :ـــ
الإنشقاق , موجات الهجرة الواسعة , والترحل بين البلدان .
فالإنشقاق , كمصطلح قانوني  يعني سحب الحق من مالكه المزعوم الذي هو الإمبراطورية الرأسمالية .
والهجرة الجماعية يصفها الكتاب بعبارات مستوحاة من إستهلال " البيان الشيوعي " تقول :  شبح يطوف العالم , إنه شبح الهجرة ... كل قوى العالم القديم تحالفت في حملة لا تعرف الرحمة ضدها , لكن حركة الهجرة لا يمكن مقاومتها  .
شبح الهجرة المتمثل بموجات نزوح ٍ هائلة ٍ للكفاءات العلمية ِوالبروليتاريا الزراعيةِ والصناعية والخدمية ِ سيؤسس كما يتوقع الكتاب , شرطا منقطع الجذور أي معولما ً للفقر والبؤس .
أما الترحل فسيجلب جنسا ً جديدا ً من الغرباء يجتاح أوربا والعالم الأول كما إجتاح برابرة الشمال معقل الإمبراطورية الرومانية ’ نضال هذه القوى ذات القابلية العالية على الحراك يطرح ُنمطا ًشديد البأس للصراع الطبقي داخل الإمبراطورية .
ما بعد الحداثة وضدها ’ نمطا ًمازال حتى الآن فـــي طور العفوية ’ لكنه يحمل فـي ثناياه وعود إنتاج إنسان جديد [ مابعد الإنسان الذي تخيلته الحداثة ] ’ وجماعة متضامنة يوحٌدها النشاط الحسي والذهني , وقوة حياة مبدعة يصنعها جمع تعددي ومتنوع ’ مُتآ لف بعاطفة الحب ورغبة الحياة ,
حركية وهجانة الجمع ليستا بذاتهما تحرريتان ولكنهما سيكونان كذلك إذا ما سيطرتا على شروط إنتاجهما .
إن "نيغري " و " هارت "يتحدثان عن قيام برلمانات للجمع , ويتخيلان مصانع إجتماعية لإنتاج الحقيقة تأخذ المبادرة مـــن سلطة الإمبراطورية : لجان شعبية (( ليس على طريقة القذافي بالضرورة )) أو سوفيتات , أو لجان مصانع علـــــــــى الطريقة الإيطالية أو حتى  ديمقراطية مباشرة .
الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
للفائدة أنظر الرابطان
http://www.irak-k-k.org/wesima_articles/makal-20081010-
24843.html

http://www.irak-k-k.org/wesima_articles/makal-20081014-24878.html

السويد 17 آب 2008   رشيد كَرمـــة
يتبع وللموضوع صلة