المحرر موضوع: اصبت يا مصطفى العمار .. فالعراق بحاجة الى فن اخر  (زيارة 839 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل mazin_alyasery

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 9
  • الجنس: ذكر
    • ياهو مسنجر - mazin_alyasery@yahoo.com
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • www.alyasery.com
    • البريد الالكتروني
اصبت يا مصطفى العمار .. فالعراق بحاجة الى فن اخر
مازن الياسري
www.alyasery.com


قبل ايام قليلة شاهدت بالمصادفة وعلى برنامج (حديث النهرين) الذي تبثه قناة (الحرة عراق) لقاءاً مع الفنان العراقي الشاب (المغترب) مصطفى العمار .. البرنامج الذي اعتدت ان اراه يناقش القضايا السياسية و الاجتماعية ، فوجئت بأني ارى (فديو كليب) لاغنية عراقية تبث من خلاله .. وعلى الرغم من انني لم اعرف المغني الا ان موضوع الاغنية شدني لمتابعة الحوار .. فالاغنية تتحدث عن عراقي يعيش في المهجر و لكن حنينه لبلاده و عشقه لجمالها يدعوه للعودة .. تاركاً منفاه في ظهره .. المهم لقد عرف مقدم البرنامج ضيوفه على المشاهدين وكان احدهم مؤدي الاغنية (مصطفى العمار) وهنا عرفت الاسم فلقد مر الاسم امامي بعض الاحيان عبر تصفحي لمواقع الانترنيت العراقية لكني لم اكن اعرف الصورة او الصوت .. كل ما عرفته ان (العمار) فنان عراقي مغترب ، يقطن في المانيا و اصوله من مدينة الكوت شرق العراق .. وانه يستخدم اسلوب دمج الغناء الفلوكلوري العراقي بالمعدات الموسيقية الحديثة .. وقد كان العمار الفنان العربي الأول الذي يدعى للمشاركة في مهرجان فني عالمي تنظمه شركة (سوني ميوزك بوكس) العالمية في فلوريدا الولايات المتحدة .. هذه بأختصار كل ما كنت قد اطلعت عليه عن (العمار) عبر الانترنيت و بالمصادفة .
ولنعود الى صلب الموضوع ، كان محور الحلقة يتحدث عن المغترب العراقي و تحديات رجوعه للوطن . مقدم البرنامج وضيوفه طرحوا جملة من التحديات التي تعرقل اندماج المغترب العراقي العائد لوطنه بمواطنيه .. ومنها شعور مجموعة من المغتربين العائدين بالفوقية تجاه اقرانهم ، و شعور الموطنين بالداخل العراقي بأن المغترب لم يقاسمهم ايامهم العصيبة بل عاش حياة مرفهه بالخارج .. ونمو ضاهرة سياسية عرفت بعراقيي الداخل و عراقيي الخارج .. وتنامي مشكلة التمييز لدى الكثير من المواطنين الذين لا يحصلون على فرص وضيفية في حين حصد قسم من عراقيوا المهجر حصة الاسد من الوضائف الرسمية و الحساسة في العراق الجديد مع الاشارة الى ان بعضهم لا يمتلك الاهلية الكاملة لشغل بعض الوضائف .. الاراء المختلفة لضيوف البرنامج كانت متباينة بطبيعة الحال .. وهذا لم يكن بالجديد او غير المتوقع .. ولكن ما اثار اهتمامي هو حديث (مصطفى العمار) عن دور الفن (الغناء) في التعاطي مع الواقع العراقي تجاه مغتربيه ، وكيفية اغراء المغترب العراقي بالعودة لبلاده لخدمتها بالتجارب التي اكتسبها او بالشهادة العلمية التي قد حصل عليها .
العمار ، عبر عن استغرابه من سوداوية الترويج الفني لواقع العراق .. من خلال نقل المشاهد المأساوية من موت وحرائق و ثكالى على انغام اغنيات حزينة تتغنى بالوطن .. وعدم عرض الجوانب المشرقة من الحياة في العراق جوانب الحضارة و الحب و السلام و التفائل .. بالتالي ولسوء الترويج الفني لواقع العراق بقى معظم مغتربيه على رأي (العمار) .. يرفضون العودة لبلادهم .
و بلا شك ما تفوه به (العمار) هو المنطق او عين المنطق كما يقال .. فكيف اساعد بلادي و شعبي على تخطي ازمة وطني بالبكاء و العويل و مشاهد الموت .. ام بضواهر الحياة التي عادت الى بغداد و اسعدت اهلها .. قبل مدة قصيرة عندما حل عيد الفطر المبارك .. حاول الارهابيين تعكير صفوة العيد في نفوس العراقيين من خلال استهدافهم لبعض مناطق تجمع المتبضعين في بغداد .. ولكن الحياة استمرت و المتنزهات و المطاعم و المسارح و القاعات غصت بالحضور ، وهنا المفارقة التي اشارك بها (العمار) رئيه .. فالاعلام كان ينقل مشاهد الدمار الذي خلفه استهداف الارهابيين اكثر مما نقل مشاهد الفرح و السعادة على وجوه العراقيين ! .. هل الاعلام يريد العراق هكذا دوماً متشحاً للسواد ؟
ومن جانب اخر من ما اثار اهتمامي في طرح العمار لضرورة التعاطي مع الفن الغنائي الوطني (بروحية متفائلة) هو ادراكي ان الفن الغنائي يمكن ان يؤثر على طبقة واسعة من سواد الناس .. اكثر مما يؤثر فيهم المقال او البحث او اللقاء السياسي المتلفز .. فلكل شخص وسائله في متابعة حياته .. مع التأكيد على ان بساطة ايماءات الفن و سهولة ايصاله للرسالة ، تؤثر على عقلية المتلقين وخاصة البسطاء منهم .. فلماذا التوجه الدائم حتى في الاغاني الوطنية التي تردد حب العراق للبس السواد و الموت .. بعبارة اخرى .. كثيراً ما اشاهد منظر النساء الثكالى اللواتي فقدن اعزائهن في (فيديو كلبات) لاغاني وطنية حول العراق .. ولكني لم ارى اي اغنية وطنية تظهر (زها حديد) اليست زها امرأة عراقية ايضاً بل رمزاً للعراقية .. ام ان الاعلام يفضل ان يضهر اللامرأة الباكية النادبة اللاطمة لانها ستفجر مشاعر المشاهدين العاطقية بمزيد من البؤس .. على اظهاره لزها حديد العراقية التي تعتبر اليوم افضل مهندسة معمارية في العالم اجمع .. هل هذا ما يريده الفن .. هل هذا ما يريده الاعلام ؟
ان التقولب بعباءة الحزن و المأساة ، لن يخدم العراق الجديد .. بل ان التفائل و الامل هو من سيقدم العراق ويطوره و يعمق من قيم التسامح و المصالحة .

و اجد من الضروري ان اشجع (العمار) وامثال (العمار) من الفنانين الصادقين بحبهم لبلادهم ممن يرغبون بالترويج لوجه العراق الجميل و المتفائل على الاستمرار بهذه الخطى .. فمن يمسح دموعة سرعان ما يبتسم .. وهكذا نريد للعراق ان يبتسم .
الكاتب و الباحث السياسي مازن الياسري
www.alyasery.com