المحرر موضوع: انتخابات مجالس المحافظات وفرص القوى اليسارية والديمقراطية والعلمانية  (زيارة 631 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل محمد علي محيي الدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 637
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
انتخابات مجالس المحافظات وفرص القوى اليسارية والديمقراطية والعلمانية

محمد علي محيي الدين
 
 في ظل الفشل الذريع في  قيادة السلطة  من الأحزاب الإسلامية ،وانحسار الموجة الدينية التي هيمنت على عواطف المواطنين الذين اندفعوا لتأييدها لعوامل وأسباب تتنافى والعقل وتنبعث من عواطف وايماآت غيبية ليس لها إلى العقل من سبيل،والسوال الذي يطرح نفسه في ظل هذا الفشل والتردي وانحسار الموجة الدينية هل هناك في الأفق ما يشير إلى احتمالية أن يكون للقوى اليسارية والديمقراطية والعلمانية تأثيرها في انتخابات مجالس المحافظات المزمع أجرائها في كانون الثاني 2009 ،بعد أن وجد الشارع العراقي أن قوى الإسلام السياسي عاجزة عن إيصاله الى شاطئ الأمان وقد غرقت في وحول الفساد المالي والإداري الذي أزكمت رائحته الأنوف وأصبح من البديهيات التي لا تحتاج الى دلائل وأسانيد،هذا السوآل يدفعنا الى تساؤلات عديدة وإجابات قد تكون محل نقاش لمن يجدون فيها مبالغة أو بعد عن الحقائق.
    لنتساءل بداية من هي القوى اليسارية المؤثرة في الساحة العراقية،وأين هي القوى الديمقراطية التي استطاعت فرض وجودها في الشارع العراقي وأين هم العلمانيون مما يجري على صعيد الواقع الآن.
 أن القوى اليسارية ممثلة  بالحزب الشيوعي العراقي بقيادته الحالية هي ألتي استطاعت أن تثبت (شيئا) من وجودها الآن على الساحة العراقية ورغم أن هذا الوجود لا يمثل الواقع لأسباب كثيرة منها غلبة الإسلاميين على مراكز السلطة ومحاولاتهم عزل الشيوعيين عن جماهيرهم باستعمال أخس الوسائل وأكثرها بعدا عن الديمقراطية إلا أن الشيوعيين رغم محاولات مناوئيهم تمكنوا من وضع قدمهم على الأرض وأثبتوا أنهم الأقدر على الثبات بما تجلى في مواقفهم التي يحتاجها الآخرون رغم أكثريتهم فإذا حم الأمر (وانلاصت) الأمور فزعوا للشيوعيين معتمدين على وطنيتهم ومبدئيتهم وصدقهم وإخلاصهم وتفانيهم وبعدهم عن الصغائر والمصالح الشخصية ليأخذون على عاتقهم إعادة العجلة الى مسارها الصحيح وهذا ما لمسناه على سبيل المثال لا الحصر في قضية كركوك عندما أوكل أمرها الى زعيم الحزب الشيوعي في  وزارة أياد علاوي إلا أن الجعفري الذي يحمل الحقد والضغينة والمصاب بأمراض شتى أهمها افتقاره الى العقلية السياسية الوطنية الناضجة دفعه لوضع العراقيل بغية إفشال المهمة وعندما خابت أماله في عجز الشيوعيين أضطر لإقصائه بطريقة تنبئ عن نفسه المريضة وحينها عادت الأمور الى المربع الأول وسارت قضية كركوك في طريق خطر مما أضطر رئيس الوزراء الحالي الى إعادة تكليف الحزب بهذه المهمة العسيرة والمعقدة والتي لا يستطيع التعامل معها بوطنية وعدالة ونكران ذات غير الشيوعي الوطني الذي لا تغريه المغريات،أو تحرفه الأمنيات فيسير في طريقه الصائب واثق الخطوة يمشي ملكا فيه عزم وإباء ووفاء،لذلك نرى الشيوعيين رغم صوتهم الضعيف في الميزان العددي لهم ثقلهم الكبير في ميزان المشاركة والاستشارة في اتخاذ القرارات وهذا الأمر ينعكس على أعمال مجالس المحافظات التي للشيوعيين صوت فيها ترى الشيوعي بينهم صمام الأمان ومركز الجذب ومن تتوجه إليه الأنظار في المدلهمات والخطوب وتتجاوزه الأنظار في الفساد وتوزيع الغنائم،لذلك فأن للشيوعيين تأثيرهم بوصفهم طليعة اليسار المتقدمة التي تستطيع الوفاء بالتزاماتها وفرض وجودها مهما أظلم الجو وادلهمت الأيام ،ولا يوجد من له التأثير في الساحة العراقية من اليساريين الآخرين بمختلف توجهاتهم،لعدم وجود التأثير المناسب لهم بين الجماهير لافتقارهم الى القدرة على العمل بين صفوفها لانغلاقهم وتقوقعهم وابتعادهم عن الواقع وطوفانهم في بحر النظريات التي ليس محل تناولها في هذه الظروف بسبب قراءتهم الخاطئة لطبيعة المرحلة ومتطلباتهم وإذا أريد لهذه القوى أن تأخذ مكانها بين الجماهير عليها التسليم بقيادة الحزب الشيوعي العراقي والعمل معه لما فيه مصلحة الشعب والوطن وهذا الأمر من المستحيلات لما تحمل  هذه القوى من أفكار وتوجهات لا يمكن لها أن تتماشى مع الواقع أو تسير بجانبه مما يجعلها مجرد هياكل ليس لها لون أو طعم في مجال التغيير وإعادة بناء المجتمع على أساس وطني متين.
   أما القوى الديمقراطية فهي للأسف الشديد منكفئة ومنقسمة وقد تشظت بما لا يمكن لها أن تعيد لحمتها في يوم ما لأسباب كامنة في طبيعة تفكيرها ،ومن أمثلة ذلك عندما أراد الحزب التحالف معها في الانتخابات الحالية حاولت أن تفرض عليه واقعا لا يمت الى  الحقيقة بصلة فقد طالبت بان تكون على قدم المساواة معه في إعداد المرشحين رغم إنها لا تمتلك رصيدا في الشارع العراقي يؤهلها للحصول على قوام المقعد الواحد ،لافتقارها الى التنظيم الشعبي المؤثر والوجود الجماهيري فهم لا يعدون أن يكونوا قيادات بدون قواعد ،وليس لهم وجود بين الطبقات الشعبية،ولكن الحزب الشيوعي الذي يعرف الواقع وتجلياته أضطر أمام توحيد هذه الفصائل التنازل عن الكثير وإعطائهم مكانا لا يمكن لهم سد ثغراته ولو تصافق معهم الأنس والجن أجمعين ،وهذا الأمر لا يسعني الخوض فيه بحرية لأسباب غير خافية على القارئ الكريم.
أما القوى العلمانية التي تجمع التيارات المختلفة فهي مبعثرة لا يجمعها جامع من المبادئ أو المواقف وقد جربت هذه القوى التعاون في القائمة الوطنية العراقية فكانت تجربة مريرة بان من خلالها زيف الديمقراطية الجامعة لهذه الكيانات فكانت قيادة القائمة تتخذ القرارات دون الرجوع الى أطراف القائمة فيما أصبح بعد ذلك كل عضو فيها يتكلم باسمها دون ضابط أو قانون وفيما يتفاوض رئيسها الدكتور علاوي مع الأكراد في كردستان يخرج عضوها النجيفي  بتصريحات خطيرة تندد بالكرد حكومة وأحزاب ومكونات ،ولعل الأكثر إيلاما أن الحزب الشيوعي الذي ائتلف معها وفق ضوابط وشروط انتهكت جميعها بعد خروج النتائج ودخلت القائمة في اتفاقات  مع أطراف أخرى ليس من السليم التحالف معها فكانت جبهة مرام بداية الاختلاف بين مكونات القائمة ،وطفت على السطح أمور كثيرة دفعت بعض الشخصيات المؤثرة في القائمة الى الخروج منها والعمل مستقلين فيما عزفت أطراف أخرى عن حضور جلسات البرلمان وبعضها لم يحضر ولو مرة واحدة مما جعل القائمة غير ذات تأثير سواء في القرار أو المستوى الشعبي ودفع الكثير من مؤيديها الى التخلي عنها بسبب ضعف التزام الكثير من نوابها سواء بالحضور الى البرلمان أو التواجد في العراق أو المواقف التي شكلت من أجلها القائمة مما دفع الحزب الشيوعي الى الانكماش عنها دون أ ن يعلن الانسحاب حفاظا على عهد وطلبا لإصلاح فكان تصرف أحد أركانها بعيدا عن الذوق والخلق السياسي فأعلن طرد الحزب منها وكأنها مؤسسة حكومية يطرد  موظفيها بقرار،لذلك فأن التحالف مع هذه الأطراف بات مستحيلا لعدم مصداقيتهم وفشلهم في تحقيق ما وعدوا به ناخبيهم وبالتالي فأن مصداقيتهم الضائعة ستجعل منهم غير مؤثرين في الانتخابات القادمة.
  وهناك شخصيات وطنية وديمقراطية ولكنها للأسف الشديد لا تستطيع أن تجد لها موطئ قدم بين الجماهير لافتقارها الى  التأثير الأعلامي الذي هو الطريق لكسب الرأي العام وانجذابه إليهم وبالتالي فان هذه الشخصيات لا يمكن لها أن تشكل ثقلا في أي انتخابات لإمكانياتها المحدودة في الوصول الى الناخبين.
 من هنا لنا أن نتساءل هل تستطيع القوى الديمقراطية والعلمانية واليسارية أن تأخذ مكانها المناسب في انتخابات مجالس المحافظات وهل يمكن لها في ظل فشل الأحزاب الإسلامية أن تأخذ مواقع مهمة،أرى ولعلي مخطئا أو مبالغا أن القوى الديمقراطية لا يمكن لها أن تحصل على مقاعد تؤهلها  لتكون مؤثرة في سلطة القرار في المحافظات لأنها لا تمتلك الآليات المناسبة للتأثير ولا توجد لها قواعد جماهيرية ثابتة ولا تستطيع مواجهة القوى الدينية التي بسطت هيمنتها ونفوذها على مراكز القرار واستطاعت أن تؤسس لوجود ثابت بما لديها من إمكانيات مالية هائلة وتأثير على سلطة القرار ونفوذ في مفوضية الانتخابات التي ستعمل المستحيل لفوزها ،وهيمنتها على القوى الأمنية التي لتدخلها تأثيره المباشر على النتائج، إضافة لما تمتلك من تأثير على القطاعات الاجتماعية المختلفة من خلال  التأثير الديني الذي سيلقي بثقله في الانتخابات لجانبها رغم ما تظهره الجهات الدينية من ابتعاد عن التدخل لصالح طرف دون آخر،وتنديدها بقصور وتقصير هذه الأطراف لأن الجهات الدينية ربطت وجودها بوجود هذه الأحزاب وذاقت حلاوة السلطة والجاه والمال ولا يمكن لها التخلي عنها لأي طرف آخر،يضاف الى ذلك أن الكثير من المواطنين سيعزفون عن المشاركة في الانتخابات ومقاطعتها بسبب تفكيرهم الناقص لفشل الأحزاب الدينية في تحقيق ما وعدت به،وبالتالي فأن الأحزاب الدينية بما تمتلك من قوة وهيمنة على المراكز الانتخابية ستؤشر القوائم الانتخابية لصالحها وهو ما فعلته في الانتخابات السابقة.
يتبع