المحرر موضوع: المشهداني.. الاستقالة وما حولها  (زيارة 792 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المشهداني..
الاستقالة وما حولها

عبد المنعم الاعسم
 mm13mm@live.com

كان رئيس مجلس النواب محمود المشهداني سيصبح مثالا طيبا لثقافة التنحي بالحسنى عن المنصب (التي نفتقدها ونروّج لها) لو انه تنحى من غير سيل الشتائم التي وجهها لزملائه النواب ومن غير المخاشنات التي ظهر فيها(للأسف) بعيدا عن لياقة المركز الرفيع الذي يحمله، امانة دستورية وسياسية وأخلاقية، والحق إنه خسر فرصة ثمينة لترجمة تلك الغيرة على العراق التي طالما تحدث عنها الى الواقع.
وكان تنحي رئيس مجلس النواب، لو تم من دون إكراه، سيشجع القول بامكانية واحتمال ان يتنحى اخرون، في السلطة التشريعية وفي غيرها من السلطات، وفي اسلوب دستوري يتسم بالشفافية والفروسية، حين يصبح من المتعذر عليهم العمل الجمعي وخدمة البلد من موقعهم ذلك، والواقع، ان سلسلة الاعتذارات التي قدمها المشهداني طوال مشواره على رأس السلطة التشريعية جعلت من مبدأ الاعتذار (على الاقل بالنسبة لحالته) بمثابة لعبة هابطة لغرض الاحتفاظ بالمنصب، وفرّغت قيمة الاعتذار من مضمونها المتحضر.
ولو تمت الاستقالة في وقت مبكر وبالتراضي كان مجلس النواب سيدخر الوقت الثمين الذي صرفه في التجاذب والجدل غداة كل عاصفة ومشكلة يثيرها رئيسه المستقيل، لبحث وتشريع مشاريع قوانين نائمة تمس حياة الملايين وملفات معطلة تهم بناء الدولة وتحسين ادائها  ، فيما القت المفردات التي تحركت فيها ازمة رئاسة البرلمان بظلالها القاتمة على مأزق المحاصصة السياسية، فضلا عن الاحراجات التي واجهت مرجعيات المشهداني، وتحول مصيره الى ورقة تتقاذفها الكتل البرلمانية، ويحاول البعض اختزالها الى ورقة ابتزاز جنب اوراق الابتزاز الكثيرة والمتناسلة يوميا على سطح الاحداث.
وقد يقال ان العبرة بالنتائج، وان فاصلة مزعجة من التجربة الديمقراطية عبرها البرلمان العراقي في منتصف دورته، وان تحديا دستوريا واخلاقيا خاضه البرلمان باقل الخسائر، لكن المؤشرات الطيبة لا تزال قليلة عن انضباط مجريات ادارة الصراع بين الخيارات، في البرلمان وفي خارجه، لجهة تحقيق بيئة سياسية منتجة وايجابية بكفالة الدستور وقيم الديمقراطية واحترام الرأي وتغليب مصالح الشعب على المصالح الفئوية، وقد يشار هنا الى التعطيل غير المبرر لقوانين مهمة وخطيرة لا تزال قيد التشريع بسبب خلافات وفجوات وانعدام الثقة بين غرف النخب السياسية.
وإذ تبدأ المشاورات والاتصالات بين الفرقاء لاحلال رئيس جديد للبرلمان يخلف رئيسه المستقيل، فان للمراقبين مبرر المخاوف من دخول العملية السياسية في ازمة  او تشرذم، او هزة  فوق ما تعانيه من اعتلالات، والخشية من ان لا تستفيد مرجعيات المشهداني من هذه التجربة المريرة والضارة بها في جميع المعايير.
 وحتى يجري اختيار (وانتخاب) من يخلف المشهداني في موقعه ستكون الظنون مفتوحة على احتمال المزيد من المرمطات.. وإن كان بعض الظن إثم.
 
ـــــــــــــــــــ
.. وكلام مفيد
ـــــــــــــــــــ       
“كان اذا نزل الامر المُعضل بالخليفة عمر دعا الصبيان فاستشارهم يبتغي جدد عقولهم.”.
                                   
ابن ابي الحديد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة(الاتحاد) بغداد