المحرر موضوع: غزة.. التكرار الباهض الثمن  (زيارة 660 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
غزة..
التكرار الباهض الثمن


عبدالمنعم الاعسم
mm13mm@live.com
 
 مشكلة غزة هي مشكلة العرب، وعلى وجه الدقة، هي مشكلة هذا القوس الاقليمي الذي يقع الى جنوب العالم بالنسبة للجغرافيا الاقتصادية الدولية، فكلما تتعرض المنطقة ، او  دولة منها الى عدوان خارجي، حتى من الطبيعة، مثل الزلازل والفيضانات وعوارض التصحر والمجاعة، فانها سرعان ما تترك العدوان يحقق اهدافه، ويستنفذ زخمه، ويتربع على ارخبيل آمن من اراضيها، فيما هي تنشغل بالملامة والتخوين وسلسلة الاتهامات والتهديدات، ثم(خلال ذلك) تنقسم بين صقور وحمائم، او بين خنادق ومعسكرات، او بين محبذين للحرب حتى الموت، ومناصرين للسلام حتى الانبطاح، وفي النهاية، لا المتشددين كسبوا مجدا، ولا المنبطحين نالوا جزاءا. وحدهم النساء والاطفال وعابري السبيل من المدنيين دفعوا ثمن الحريق، قتلى ومعوقين ولاجئين في ارض الله الواسعة.
 ما يجري في غزة كارثة انسانية بالالوان الطبيعية، لا يمكن ان تبرر تحت اي ذريعة، ولا يمكن لمن يرتكبها ويغذيها ان يفلت الى الابد من العقاب العادل، فان حشرجة ام تنزف داخل منزلها حتى الموت، ومقتل طفل في مهده، وحصد ارواح بريئة من طالبات المدارس، وحشر مئات الالوف من البشر في محرقة الموت بجريرة غيرهم، تعيد حاضر العالم الى عصر الغابة، وترسم صورة مقربة عن تلك السياسة الغاشمة التي تقود اسرائيل في طريق الحروب والتوسع والعدوان.
 وما يجري في غزة، يكشف، بالاضافة الى الهمجية الاسرائيلية، تلك الشعارات المهلكة التي تخوض حروب التحرير، كل مرة، لا لتحرر الارض من المحتلين بل لتحررها من السكان الآمنين، نساء واطفالا وشيوخا، بوصفهم بشرا فائضين عن الحاجة، ولا لتستعيد ما  فقدته من ارض بل لتترك المزيد من الاراضي تحت دبابات المحتلين، ثم، ليرفع اصحاب تلك الشعارات العبثية علامات النصر فوق الخراب وجثث الضحايا دون ان يرف لهم جفن، او ترتجف فيهم ندامة.
 ما يجري في غزة، يا للغرابة، هو نفس ما جرى لفلسطين منذ ستين سنة: الحرب بالشعارات. والذين يسقطون قتلى في غزة الآن هم احفاد اولئك الضحايا الذين ماتوا تحت وابل  من القصف او دفنوا تحت خراب المنازل والبنايات، كما ان المتفرجين  اليوم هم ايضا تحدروا من اولئك المتفرجين الذين لم ينجدوا ابناء جلدتهم، بل تركوهم الى مصائر واقدار تنتحب عليها الاجيال والكتب والقصائد، وراحوا يتبادلون الاتهامات بالعجز والاستسلام والمغامرة وسوء التقدير والجبن في الوغى، وغيرها من عبارات تبرئة النفس من المسؤولية، فضاع الوطن.. وضاعت معه قطرة الحياء.
ــــــــــــــــــــ
كلام مفيد: 
"كل شئ يبدأ صغيرا إلا المصيبة".
مثل فلسطيني