الى آباء الكنيسة الكلدانية الأفاضل: كونوا حكاما عادلين وليس رجال سياسة منحازين
[/b]
اسكندر بيقاشا
نمر هذه الأيام في فترة حرجة وحساسة جدا من تاريخ امتنا وجميع المسيحيين في العراق بل وابناء العراق جميعا. ان المخاطر تأتي من مختلف الجهات منها مخاطر التعصب الديني الذي يحاول ان يجعل منا كمسيحيين مواطنون من الدرجة الثانية او الثالثة وقد نعود ان نجح مشروعهم المقدم الى لجنة كتابة الدستور فإننا سنعود لنصبح اهل الذمة مرة أخرى. وهناك خطر لا يقل عنه خطورة وهي التيارات القومية العربية والكردية التي تحاول السيطرة على اراضي شعبنا من خلال تقسيمنا الى قوميات صغيرة وضعيفة تستطيع فيها من السيطرة على قرارات شعبنا السياسية وبالتالي تمرير خططها وتحقيق طموحاتها القومية المتعصبة.
إن ابناء شعبنا المسيحي في داخل العراق وخارجه مطالبون بالوقوف يدا واحدة لإفشال مشاريع الجهات المتطرفة ومحاولة التأثير في المعادلة السياسية العراقية لوضع العراق على طريق الحرية والمساواة والديمقراطية نكون فيها نحن الذين تنطق كل بقعة من ارض العراق بإسمنا مواطنون مثل باقي شرائح المجتمع العراقي دون انتقاص او إختلاف.
كما وإننا كأبناء أمة واحدة مطالبون بتوحيد خطابنا القومي والإلتفات الى حقوقنا السياسية والقومية إسوة ببقية القوميات في العراق التي حققت مكاسب في كبيرة هذا الطريق. ونحن نعلم بالمصاعب التي تواجه خطابنا القومي واهمها اشكالية التسمية التي وهنت قوانا وقللت من عزمنا.
وفي هذا المجال فقد اتصفت مواقف الكلدان الوحدويين( الذين يؤمنون بأن الكلدان والآشوريين والسريان هم قومية واحدة) بصورة عامة بالتعقل وبشعور كبير بالمسؤولية. حيث قدموا مشاريع قومية متعددة وفي فترات مختلفة حفاظا على وحدة شعبنا وحرصا منهم على ان نكون اقوياء متكاتفين في هذه المرحلة الخطيرة على تواجد شعبنا في العراق. فقد قدمنا في السويد ومن خلال نادي بابل الثقافي في بوتشيركا(ستوكهولم) مشروعنا الوحدوي الديمقراطي وذلك بإستعمال( كلداني/آشوري/سرياني/آرامي) تعبيرا عن اننا ابناء امة واحدة إعتزازنا بهذه التسميات جميعا.
وفي المؤتمر العام الكلداني السرياني الآشوري الذي انعقد في بغداد منعقد في تشرين الأول 2003 ساند الوحدويون الكلدان التسمية الكلدوآشورية لندخل في الدستور بتسمية موحدة مع تأكيده على إفتخار المؤتمرين بالتسميات الكلدانية والآشورية والسريانية بإعتبار اسماء لمسمى واحد. وقبل عدة اشهر طرحت بعض الأحزاب القومية المتواجدة على الساحة العراقية ان يكون اسمنا (آشوري كلدانى سرياني) ,دون واو العطف, والهدف من هذه الصيغة هو الحفاظ على تسمياتنا التاريخية والتأكيد على وحدة شعبنا القومية في الوقت ذاته.
لكن بعض الأحزاب التي تعزف على الوتر الكلداني(الصرف) عارضت كل هذه المشاريع وحاربتها بحجج ومبررات مختلفة من دون ان تقدم برنامجا وحدويا. وقد فاجأنا إتحاد القوى الكلدانية بمشروع قدمه الى لجنة كتابة الدستور يطالب فيه ادراج تسمية شعبنا(الكلداني والآشوري والسرياني) اي اننا شعب مسيحي متكون من ثلاث قوميات وذلك واضح من وجود واو العطف بينهم. اي انهم قدموا مشروعا لتقسيم ابناء الكنائس الكلدانية والآشورية والسريانية الى قوميات حسب توزيعنا الطائفي. وقد بدأوا مشروعهم هذا بحملة شعواء على كل كلداني لا يشاطرهم الرأي ويتعاون مع ابناء الكنيسة الآشورية خاصة وأخذوا يتهمون الوحدويين الكلدان بتهم الخيانة والعمالة "لأنداد الكلدان" كما يسمون ابناء الكنيسة الآشورية. كل هذا والعملية لا تتعدى الصراع السياسي بين الأحزاب.
لكن ما يقلقني حقا هو انحياز بعض من رجالات الكنيسة لهذا الطرف المتعصب ومساندتها لهم بمختلف الطرق والأساليب ناسين بأن معظم اعضاء الكنيسة الكلدانية لا تقبل بتمزيق شعبنا الضعيف اصلا. كما وإنه ليس من واجبات الكنيسة ان تتدخل في الصراعات السياسية لصالح طرف ضد الطرف الآخر خاصة وانها تحدث بين ابناء نفس الكنيسة وبينهم وبين ابناء نفس القومية من الآشوريين والسريان. وفي انحيازها الى الطرف الذي يرفض كل الحلول التي يطرحها الوحدويون والتي تسعى الى المحافظة على السلام والوئام داخل الكنيسة الكلدانية والإتحاد والتعاون مع الإخوة الآشوريين والسريان انما تنحاز الى الجهة الخطأ مع الأسف الشديد.
وانني اود هنا ان اشير خصوصا لما يجري في السويد وفي غرب الولايات المتحدة حيث قدمت الأحزاب الكلدانية والجمعيات التابعة للكنيسة الكلدانية في السويد هنا مذكرة الى رئاسة الجمهورية والى لجنة كتابة الدستور جاء فيه نصا " تثبيت اسم الكلدان في المرتبة الثالثة بعد العرب والاكراد نسبة الى العدد السكاني حيث نمثل ثالث قومية في العراق مع ذكر الاشورين والسريان كل في حقله الخاص" لاحظوا انهم لم يطلبوا تثبيت اسم الكلدان فقط وانما الإبتعاد عن الآشوريين والسريان اكثر مسافة ممكنة. فهل هذا ما يوحد ابناء كنيستنا وابناء امتنا؟! ولا انكر بأنني بدأت اشعر بالغربة عند ذهابي الى كنيسة مار يوحنا في سودرتاليا رغم كل الجهود التي بذلتها شخصيا في خدمة ابناء شعبنا دون تمييز بين من يطلق على اسمه القومي كلداني او آشوري او سرياني او آرامي.
اما في الولايات المتحدة فإن سيادة المطران سرهد جمو يؤيد وبقوة بناء اتحاد للقوى الكلدانية لا بل هو الذي يغذيها ماديا ومعنويا,حسب معلوماتي, وهذا ما لا ارى فيه خطأ إذا كان الهدف منها توحيد هذا قوى هذا الشعب. لكن ان يدعمهم في تقديم مشروع الى لجنة كتابة الدستور الدائم يدعو الى تمزيق وحدتنا القومية يعتبر تجاوزا على واجباته الدينية خاصة وهو العارف بتاريخ كنيستنا الشرقية الموحد واشتراكنا مع الآشوريين والسريان في كل الخصائص القومية.
وهنالك معلومات شبه مؤكدة على ان سيادة البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي قد كتب من كاليفورنيا رسالة الى لجنة صياغة الدستور في العراق يؤيد فيه مطالب المتشددين. وهنا اريد ان اشير الى الحكمة من وجود سيادة البطريرك خارج العراق في احرج فترة من تاريخ شعبنا المسيحي في العراق الا وهو كتابة الدستور الدائم؟! ألم يكن من الأفضل ان يكون بين شعبه في موقع المعركة الحقيقية من اجل حقوق ابناء الكنيسة الدينية والدنيوية إن لم يكن إخراج القوى الكلدانية المتشددة بقيادة سيادة المطران سرهد جمو لسيادته من العراق لإبعاده عن واقع شعبنا في العراق وممارسة التأثير على قراراته خاصة فيما تخص تسميتنا ووحدتنا القومية؟! وإلا ما الذي غير موقف البطريرك حول وحدة شعبنا من مؤيد دوما للوحدة القومية وتسمية كلدوآشور الى موقف يؤيد الإنقسام؟!
ابائي الأفاضل
انني اعيش في السويد وأرى بأم عيني المأساة التي يعيشها إخوتنا السريان حيث هم منقسمون الى كنيستين في صراع. ويوجد الآن في سودرتاليا مطرانين إثنين لأن ابناء الكنيسة السريانية هنا لا يستطيعون الصلاة معا في كنيسة واحدة. كل ذلك نتيجة صراعات التسمية التي لم يعالجها سيادة المطران افرام عبودي بصورة صحيحة في بداية الثمانينات من القرن الماضي حيث اتخذ جانب المتشددين وحارب القوميين الآثوريين.
وحاولنا هنا في السويد ان نتعلم الدرس ونبتعد عن التعصب والتطرف قدر الإمكان وقدمنا نحن الوحدويون كل المرونة الممكنة من أجل احقاق الكلدان وفي نفس الوقت المحافظة على الوحدة القومية مع ابناء امتنا الآشوريين والسريان ولم يبقى لدينا ما نقدمه سوى رأس الوحدة نفسها. وبالطبع لا اراه من المنطق او مصلحة الكلدان انفسهم ان ننقسم على بعضنا ونتحارب مع ابناء جلدتنا في الوقت الذي نحن في امس الحاجة الى الوحدة والتعاون.
لذلك فإنني ارى ان تقف الكنيسة موقف المحايد في الصراعات السياسية وتلعب دور الحاكم العادل في حل النزاعات بين التيارات السياسية وتقديم المشورة لهم وتقريب الآراء ويبتعدون عن التحيز لهذا الطرف او ذاك حرصا منهم على ابناء رعيتهم جميعا وتطبيقا لرسالة السيد المسيح في المحبة والتسامح.
اما عكس ذلك فإن آباء الكنيسة يتحملون المسؤولية الكبرى عن ما قد تحمله المرحلة القادمة من صعوبات ومحن وبالتأكيد فانهم سيكونون اول المتأثرين بالنتائج السلبية والإيجابية لمواقفهم.
وتأكدوا آبائي الأفاضل بأنني لا اكتب لكم لأنني منتمي الى حزب او منظمة او مدفوع من جهة او لي غرض مادي او سياسي فأنا والحمد لله عائش في السويد بأمان ولدي ولعائلتي كل مقومات العيش الحر الكريم. ولكنني اكتب هذا حرصا على مستقبل شعبي الذي عملت من اجله وضحيت له منذ بداية شبابي في الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية في بغداد في السبعينات ولا زلت. واردت ان اكتب لكم الآن لأن الفرصة لا زالت سانحة لإصلاح ما يجري وقبل فوات الأوان او كما يقول المثل" قبل ان يقع الفاس بالراس".
ولكم مني فائق احترامي
اسكندر بيقاشا[/font][/size]