المحرر موضوع: كلمة المنظمة الآثورية الديمقراطية في حفل تأبين الملفونو أبروهوم نورو  (زيارة 1212 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل jakob Romanos

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 18
    • مشاهدة الملف الشخصي
كلمة المنظمة الآثورية الديمقراطية في حفل تأبين الملفونو أبروهوم نورو


نيافة الحبر الجليل مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم مطران حلب للسريان الأرثوذكس الجزيل الوقار
مسؤولي وممثلي أحزاب ومؤسسات شعبنا.
الآباء الكهنة
رئيس وأعضاء المجلس الملي بحلب
زوجة وعائلة الفقيد الملفونو أبروهوم نورو كهلجي.
السادة الحضور...     

حلب ـ مطاكستا ـ ـ كل المؤمنين بأن اللغة هي رمز وجودنا وهويتنا، كل من لايزال يتطلع لنهضة أمتنا، كل من يحمل في نفسه الأمل بخلاصها.. الكل جاؤوا اليوم لإحياء وإعلاء ذكراك يا ملفان الملافنة. وهاهم مجتمعون في الكنيسة وليس في مكتبتك وبيتك على خلاف العادة. جئنا والأسى يغمرنا لابتعادك عنا، لكن ليس من أجل الحزن اجتمعنا، وإنما من أجل تكريم رسول الثقافة واللغة السريانية.. شعاع النور وابن النور الملفونو أبروهوم نورو..

الإخوة الحضور..
قبل شهور أقامت المنظمة الآثورية الديمقراطية حفلا تأبينيا للملفونو غطاس مقدسي الياس. وكان من المقرر أن يكون المتحدث الرئيس في هذا الحفل الملفونو أبروهوم نورو ثم تجرى له مراسم التكريم التي يستحقها وتليق بعطائه وتاريخه الحافل والمجيد. غير أنه وللأسف اعتذر بسبب مرض طارئ ألمَ به حال دون حضوره. وبعد فترة قصيرة تم الاتفاق على أن يجري تكريمه في حفل خاص يوم 5 شباط أي قبل يومين أمام تلاميذه ومحبيه في مدينة القامشلي التي أحبها من كل جوارحه باعتبارها واحدة من معاقل الفكر القومي، ولأن أبنائها مازالوا يلهجون باللغة السريانية التي عشقها. وفي الخامس من شباط الذي يصادف ذكرى الملفان نعوم فائق بكل مايحمله ويرمز إليه من قيم ومعاني قومية وإنسانية نبيلة.

ربما يظن البعض أن الرحيل المفاجئ للملفونو أبروهوم سيعفينا مما عزمنا القيام به وسيدفعنا لتغيير فكرة التكريم إلى مجرد حفلة رثاء. لكن نؤكد بأننا ليس من أجل رثاء الملفونو أبروهوم جئنا لأنه أكبر من الموت وأغنى وأعمق من كل كلمات الرثاء، ومن قال إن الكبار يحتاجون الرثاء فهم خالدون أبدا في الذاكرة والوجدان والضمائر. جئنا لنقول كلمة حق ونشهد بالحق في واحد من عظماء أمتنا يستوي في ذات المنزلة والمكانة مع من سبقه من عظماء في تاريخنا المعاصر كنعوم فائق وآشوريوسف ومار شمعون بنيامين وتوما أودو وعبدالمسيح قره باشي وغيرهم ممن يمثل ملفونو أبروهوم استمرارا لهم. وفي هذه المناسبة لايسعنا إلا تقديم وافر الشكر والامتنان لنيافة المطران يوحنا ابراهيم على اهتمامه اللامحدود بالملفونو أبروهوم ومبادرته بإقامة هذا الحفل بشكل متزامن مع ذكرى الملفان نعوم فائق الذي قال فيه راحلنا الكبير: ( نحن نعرف بأننا تلاميذ الملفان نعوم فائق، ونسير على خطاه، بحسب كلماته ونصائحه وإرشاداته، ونعمل على إتمام ما كان يرغب وما يجب أن يكون لشعبنا).

إن دأب الملفونو أبروهوم وإصراره النادر والعجيب على الاهتمام بخدمة اللغة والثقافة السريانية لم يأت مصادفة ولم يمن نتاج ترف عابر أوحماسة آنية، أو من أجل شهرة وتكسب أو حتى لمجرد المعرفة الخالصة فحسب. وإنما كان نابعا من شعور قومي عميق وتحركه غيرة وقادة تجاه شعبه وكنيسته وأمته، تملكت مشاعره وسيطرت على قلبه وعقله وجعلته يتفرغ لهدفه طيلة حياته وحتى أنفاسه الأخيرة. فهو ومنذ صباه المبكر تأثر بأفكار الملفان نعوم فائق وتعمق هذا التأثير أكثر فأكثر من خلال الاحتكاك والتواصل مع رواد آخرين مثل يوحانون قاشيشو والمطران يوحنا دولباني وآخرين.. هذه الروح القومية المتقدة عبرت عن نفسها وتجلت أكثر ما تجلت في حقل الثقافة واللغة لأنه أدرك ومنذ البداية بأن اللغة هي رمز هويتنا وعنوان نهضتنا. لهذا ومنذ نعومة أظفاره لم يضع وقتا ونزل إلى ساحة النضال محتضنا هدفه بحب وإيمان‘ وعكف على التعلم والتعليم ، ونقل كل ماجناه من معرفة وخبرة لتلاميذه ومن أجيال مختلفة بسخاء غير محدود.

زار شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في كل مناطق تواجده في الوطن والمهجر، وجال على المدن والقرى والأديرة وأقام فيها حاملا محملا برسالة الوحدة القومية القائمة على وحدة اللغة والعابرة للتسميات والانقسامات. إذ لم يفرق بين كنيسة وأخرى أو طائفة وأخرى ويمكن القول وبدون مبالغة بأنه كان من رموز التوحيد القلائل الذين حققوا إجماعا والتفافا حول شخصهم وأهدافهم من قبل كافة كنائس وأحزاب ومؤسسات شعبنا. في جولاته فتح حوارات ونقاشات، حاضر وعلم وصاغ بحوثا تتناول أوضاع شعبنا من كافة النواحي، ورفع المقترحات وقدم الأفكار الداعية لإصلاح أوضاعنا ومؤسساتنا، أقام الجسور بين أدبائنا وكتابنا ومفكرينا ومن مختلف البلدان، عقد صلات قوية مع المستشرقين والأكاديميين والجامعات، خط الرسائل ورفع المذكرات إلى مسؤولي وحكومات الوطن لحثهم على الاعتراف بحقوقنا الثقافية واعتبار اللغة السريانية لغة وطنية.

رفع من شأن ثقافتنا وجدد لغتنا ووضع لها أسسا علمية راسخة تسمح لها بالتقدم والتطور وتتماشى مع معايير العصر وهذا يتجلى وبوضوح في مناهج التعليم المستعملة في غير مكان وفي لغة وسائل الإعلام التي تستخدم المصطلحات التي استنبطها ونحتها. لقد محضته المنظمة الآثورية الديمقراطية ومنذ سنوات طويلة منزلة رفيعة واعتبرته على الدوام رفيقا ومعلما، خصوصا وأن الكثيرين من أعضائها تعلما وتتلمذوا على يديه في الدورات التي أقامها هنا في حلب في حي السريان والسليمانية. وكيف لنا أن ننسى زيارته الأخيرة لمدينة القامشلي في شهر تشرين الثاني المنصرم برفقة زوجته السيدة أنطوانيت التي كانت خير من أعانه وسانده في أسفاره وجولاته، وذلك إثر عودته من تركيا وحضور المؤتمر الرابع للغة السريانية والذي انعقد في دير الزعفران في ماردين. حيث ألح علينا وبشكل غريب على تنظيم لقاء عاجل له مع الشباب لأنه يوجد لديه ما يقوله لهم. واستجبنا إلى رغبته واجتمع إلى أكثر من مائة شاب وفتاة خاطبهم وحاورهم بحب وحميمية وتواضع وتحدث على اللغة والتاريخ والحقوق والمستقبل ودلهم على طرق الخدمة العامة. وقدم لهم في هذا اللقاء الذي استغرق بضع ساعات عصارة فكره وتجاربه وأيقظ في نفوسهم آمالا متجددة، ووضع في أيديهم مشعل نور موصيا إياهم بالحفاظ عليه متقدا وكأنما يقول لهم: ها أنذا قد أوفيت بنذوري تجاه شعبي وكنيستي ولغتي وما عليكم سوى الاستمرار ودمتم بسلام..

ملفونو أبروهوم نقول لك: إن جولتك لما تنته بعد..
نعدك بأن ننحت مصطلحات جديدة ونكمل ما بدأت..
وأن نستمر في طريق الصعود سولوقو كما أوصيت في مجال العلم واللغة والثقافة..
وسنستمر في طريق النضال دون تراخ أو كسل..
ونعد بأن نسير على خطاك بثقة وإيمان حتى بلوغ حقوقنا القومية المشروعة.
ملفونو أبروهوم : سنكتب أسمك في سجل تاريخنا بأحرف من نار..
ذكراك لن تمحى وستبقى عطرة ومخلدة في قلوبنا...

ختاما نكرر ما قلته للشباب في القامشلي في حديثك إليهم: ( المجد والخلود لفخر أمتنا .. لغتنا وثقافتنا السريانية)
ونحن بدورنا نقول لك: المجد والخلود لمعلمنا الملفونو أبروهوم نورو

وشكرا للاستماع

حلب – سوريا 7 شباط 2009


http://www.ado-world.org/en/news.php?id=8516&lang=ar

لقراءة الكلمة باللغة السريانية افتح الرابط التالي :
ܡܠܬ̣ܐ ܕܡܛܟܣܬܐ ܐܬ̣ܘܪܝܬܐ ܕܝܡܩܪܛܝܬܐ ܒܚܓܐ ܕܐܘ
http://www.ado-world.org/en/news.php?id=8517&lang=ar