المحرر موضوع: الشيوعية هل عفى عليها الزمن  (زيارة 2006 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالاحد سليمان بولص

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2135
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الشيوعية هل عفى عليها الزمن


أن الشيوعية  كأيديولوجية عالمية قد أنتهت عمليا منذ سقوط راعيها ومؤسسها الأتحاد السوفياتي في العقد الأخير من القرن المنصرم وتحولت أكبر دولة شيوعية  سابقا وهي روسيا الى الرأسمالية  حيث أيقنت بأن الشيوعية قد فقدت قوتها الدافعة للأستمرار لأن أكثر مبادئها صارت غير ملائمة للزمن الحالي ولم يبق هناك من يؤمن بها حاليا سوى دول معدودة صغيرة نسبيا عدا الصين التي قللت من تشددها المفرط وأخذت تساير الرأسمالية في معظم  النواحي السياسية والأقتصادية.

لا زال الكثير من العراقيين  يتغزلون ويتغنون بمآثر الشيوعية وأبطالها وشهدائها السابقين أمثال فهد ومن سايره في العقيدة والايمان بالتبعية  العالمية التي كانت تتطلبها سياسة الأتحاد السوفياتي الذي كان يقوم بدور القائد والموجه لمعظم الأحزاب الشيوعية حول العالم.

أن الشيوعية العراقية قد فقدت بريقها السياسي مع سقوط الملكية في العراق حيث كان ينظر الى الشيوعيين سابقا كأمل لكل المظلومين والمستضعفين أستنادا الى الشعارات البراقة التي كانوا يرفعونها وكان في ذلك الوقت كل وطني عراقي يحسب على الشيوعية لأنها كانت أحد أقدم الأحزاب السياسية التي تأسست في العراق بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة وكان لها دور كبير في نشر الوعي السياسي والوطني لدى أبناء الشعب.

كانت بداية نهاية الشيوعية العراقية لا بل كانت أكبر ضربة وجهها الشيوعيون الى أنفسهم هي ما قاموا به  بعد سقوط النظام الملكي حيث هدموا كل ما بنوه في العقود السابقة بسبب الأساليب الغوغائية الصادرة عن بعضهم مثل القتل والسحل في الشوارع والأنتقام الغير أنساني كالتمثيل بجثث من أعتبروهم مظطهدين لهم وكذلك شعارهم الأستفزازي (ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة). كما أن ما قاموا به من أستفزاز مرفوض من خلال زيارة التحدي المليونية على الموصل في ربيع 1959 والتي كانت أحدى نتائجها المؤلمة حركة الشواف وما تلاها من مآسي كان البلد في غنى عنها زاد من عزلتهم.

أن أكبر دليل على أفول نجم الشيوعية العراقية هو رد فعل الرأي العام العراقي وعزوف الناس عن مساندتها ومسايرتها وكل الأخفاقات والنتائج المخيبة للآمال التي حصل عليها الحزب الشيوعي العراقي في جميع الأنتخابات التي خاضها منفردا أم مؤتلفا بعد سنة 2003  اتت كنتيجة حتمية لما علق بأذهان الناس من آثار تصرفات الشيوعيين. أضف الى ذلك أن الشيوعية بنظريتها الألحادية كانت الدافع الأول لقيام الحركات الدينية المتطرفة كما هي الحال في العراق أو  في أفغانستان بعد أندحار الشيوعيين هناك وتخلي السوفيات عنهم مرغمين لأنه لم يكن بمقدورهم  الأستمرار في تحمل المزيد من الخسائر في حرب لا أمل من ورائها.

الا يرى الشيوعيون العراقيون أن الوقت قد حان منذ أمد غير قليل بأن من مصلحتهم تغليف المبدأ الشيوعي ودفنه أو وضعه على الرف حفاظا على   سمعة  حزب ناضل في وقت من الأوقات وكان له اتباع ومؤيدون كثيرون بدل أن يفقدوا كل ما لا يزال عالقا لدى البعض من ذكريات  يعتبرونها بطولية ووطنية وأن يتجهوا وجهة جديدة مبنية على واقع وطني أكثر قبولا؟ آمل مخلصا أن يحدث هذا الأمر بسرعة حتى تقتدي بهم  أحزاب أخرى حان أوان زوالها  وجاء دورها للأختفاء لأنها تسير عكس عجلة التاريخ التي تسحق وبدون رحمة كل من يقف في طريقها.   

أن الشعارات البراقة التي كان الشيوعيون يرفعونها وكذلك شعارات البعث التي كانت تملأ كل شبر من العراق وتهيمن على واجهات الدوائر بحيث كان يصعب قراءة أسم الدائرة بسبب ضخامة تلك الشعارات (وحدة حرية أشتراكية) لم تملأ بطن جائع مطلقا لأنها كانت شعارات مظللة. على من يريد بناء الأوطان  أن يؤمن بأن الوطن هو الخيمة التي تأوي جميع المواطنين وأن المسؤولية هي خدمة وليست سيادة تتيح المجال للمسؤول أن يستأثر بالسلطة  وبالمنافع الذاتية على حساب المواطن. أما من أراد الأحتفاظ  بالأيديولوجيات التي يؤمن بها فله الأحتفاظ بها   ولكن كملابسه الداخلية تلتصق بجسمه ولا تظهر للأكثرية الصامتة من أبناء الشعب الذين لا يزايدون  في أستعراض  المبادئ  التي يؤمنون بها  كما يرفضون أن  يفرض عليهم الآخرون نوع المبادئ  التي عليهم الأيمان بها .

عبدالاحد سليمان بولص