المحرر موضوع: الحزب الشيوعي العراقي الى اين؟  (زيارة 832 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Najib Toma

  • عضو جديد
  • *
  • مشاركة: 1
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الحزب الشيوعي العراقي الى اين؟

نجيب توما


ما زلت اذكر رغم قدم الحادثة،انه في احدى محاضرات مادة الفيزياء يوم كنت تلميذا في الصف الخامس العلمي، قال الاستاذ يحيى الرائع: ان التطور العلمي التقني ليس في مصلحة الانظمة الراسمالية لان الآلة ستحل محل الاف الايدي العاملة مما سيسهم في ازدياد نسبة البطالة ويسارع في تفاقم ازمات الرأسمالية،في حين ان الحالة في المجتمعات ذات الانظمة الاشتراكية،يساهم التقدم التقني في تقدم تلك المجتمعات وتطورها،كون هذه الانظمة تسعى الى تسخير التقدم العلمي من اجل راحة وسعادة المواطن، اضافة الى ان البطالة في هذه الدول معدومة اصلا.
مؤكد ومع كامل اعتزازي بأستاذي واحترامي له لا يمكنني سوى ان اقول بتواضع شديد:ان التجربة العملية اثبتت العكس تماما،حيث اتسعت مساحة التقدم التقني في دول المعكسر الرأسمالي لتشمل كافة مناحي الحياة وتطورت تشريعاته الاجتماعية،في حين اقتصر هذا التقدم في بلدان المنظومة الاشتراكية تقريبا على تقدم الة الحرب الكريهة واعني بها صناعة السلاح.
 اما مناسبة ايرادي لهذه المقدمة الطويلة نسبيا فهو:اننا ورغم كل ما حصل ويحصل نجد ان استاذ يحيى ذاك ما زال يروج لنفس افكاره تلك ولكن هذه المرة تحت اسم ناصر عجمايا.
يجزم السيد عجمايا على ان الشيوعية متلازمة مع الوجود الانساني منذ صيرورته وكينونته الاولى،وان التاريخ الاجتماعي سماها:الشيوعية البدائية.انا شخصيا ورغم معرفتي المتواضعة بشؤون هذا التاريخ الذي ذكره السيد عجمايا اقول:ان هناك مراحل مرت بها الانسانية تقولبت بقالب الاكراه وليس الاختيار الطوعي كما يتوهم السيد عجمايا وابسط دليل اسوقه:هو اختفاء مراحل كثيرة من مشوار الفكر الانساني،وعلة هذا متأتية من كون خيارات المراحل الاولى لنشوء الفكر الانساني كانت محدودة جدا هذا اذا لم اتجرأ واقول انها كانت شبه معدومة،لان الخيارات كما يقول منطق العقل: بنت الحاجة،والحاجة كما تقول الحكمة الازلية:ام الاختراع.
فالطفل خلال مرحلة الدراسة الابتداية ليس بحاجة الى معرفة كنه اصول نظريات اينشتاين او قوانين نيوتن في الحركة،اضافة الى اننا يجب ان ندرك ان المجتمعات نشأت صغيرة جدا ولا يجوز ان نلبسها ثوب القرن الواحد والعشرين كما حاول السيد عجمايا ان يفعل.
ثم ينتقل السيد ناصر عجمايا الى مسألة الصراع ويتساءل بسذاجة ما بعدها سذاجة في رده على السيد عبد الاحد سليمان:هل الصراع انتهى ام ظل قائما!!! هل الفقر زال وانتهى من الكرة الارضية كي تنتهي الشيوعية؟اي ان الكاتب اختزل الصراع الانساني برمته وجيره لصالح مفهوم قد يتناقض وما تقول به الفلسفة الشيوعية نفسها، اضافة الى انه رسم لنا صورة من لون واحد باهت جدا حين اصرعلى اناطة عملية محاربة الفقر والظلم والقهر والاستغلال بالشيوعية فقط وبدونها لا يصلح الحديث حتى عن المسيحية التي ينتمي اليها رغم معرفتنا بأن المسيحية قد عاشت في بداية دعوتها حياة شيوعية كاملة(انا اعني الحالة الاقتصادية،حيث يرد ان المسيحيين الاوائل كانوا جميعا يأكلون من صحن واحد)،اما المثير فعلا للسخرية في دعوى السيد عجمايا فهو قوله:ان الشيوعي سيتخلى عن النضال عندما ينتهي الظلم والاستغلال.اي ان السيد عجمايا يريد ان يوقف الحياة عند نقطة واحدة فقط لا غير،اي انه سوف يصنع لنا بشرا بمواصفات محددة لا يمتاز احدهم عن الاخر بأية ميزة عقلية او شعورية،اي انه تجاوز مراحل المدن الفاضلة بمراحل ولا يدري ان التناقض يسبب ديمومة حركة الحياة.
ان الفعل النافع كما نعرف جميعا هو ذلك الفعل الذي نقبله طواعية لموامته والظرف الذي انجز خلاله،وقبولنا لمفهوم الحروب بحسب النسق الشيوعي الذي يسميها حروبا عادلة لا يعني مطلقا اننا نقر بمبدأ الحرب اطلاقا،لانه ليس هناك حرب عادلة واخرى ظالمة،الحرب هي الحرب،اما ان اسمي هذه نضالا وتلك استغلالا او غيره من هذه الالفاظ الرنانة التي تشبعنا بها الى حد التخمة، فلا اجد ذلك سوى القفز فوق الحقائق،اما اذا كان لا بد من الاشتراكية والشيوعية،فأن ذلك يجب ان يصار الى القبول بها طواعية وفق منطق العقل والظرف،لاننا لو راجعنا اي كتاب في علم الاجتماع سنجد ان الانسان بطبيعته جموح لا يركن الى حالة واحدة طول حياته وهذا ينسجم جدا وضرورات الطموح الشرعي لكل البشر.
يستشهد السيد عجمايا بمقولة ماركس:الرأسمالية القائمة تحفر قبرها بيدها وما على الطبقة العاملة الا ان تدفنها.انا لا اريد ان اذكر السيد عجمايا بقدم هذا القول ولكني مؤكد اود ان اذكره بأن الوقائع والاحداث اثبتت غير هذا تماما ولا اظن ان السيد عجمايا يجهل ذلك ولكن ربما يحاول ان يتناساه،فها هي الرأسمالية ورغم ازماتها الخانقة ما زالت واقفة على رجليها ولا يوجد اي اشارة او دليل توحي بأنهيارها،وهذا يعني ان القبر الذي عناه ماركس في مقولته كان يوم لم يكن هناك تشريعات تؤسس لضمان لقمة عيش الاغلبية،وحين كفل نظام المواطنة ذلك قد وقعت فيه الانظمة التي كانت تدعي النهج الاشتراكي وليس العكس.وهذا حتما يجعلني اسأل السيد عجمايا:عن اي شيوعية تتحدث سيدي؟هل تتحدث عن الشيوعية التي تثقفنا عليها ام عن شيوعية اخرى ما زالت في طي الكتمان؟يا سيدي الفاضل لو قارنا نظام الضمان الاجتماعي للدولة الرأسمالية التي تقيم فيها بما كان سائدا في الاتحاد السوفييتي الذي شرع كما كان يروج قبل سقوطه بالبدء بالمرحلة الشيوعية،فأننا سنضطر الى الاقرار بأن النظم المعمول بها في هذا البلد كانت دائما اكثر انسانية من تلك المعمول بها في الاتحاد السوفييتي،ناهيك عن السلطة الاستخبارتية والقمع الفكري وغيره،لنقر بشجاعة بعيوبنا لنعرف كيف نفكر بشكل واقعي معافى من امراض الماضي الذي بنيناه على اساس موهوم.
جميعنا يعرف بالدقة المتناهية:ان حرية الفكر والمعتقد كانت شبه محرمة في الحزب الشيوعي العراقي،وكل الذي كان يلمنا لم يكن سوى خيمة فكرية مستوردة علينا الانضواء تحتها والويل كل الويل لمن يحاول ان يدغدغ ولو بعض اطراف تلك الخيمة،لذلك اتفق مع الاستاذ عبد الاحد سليمان فيما ذهب اليه في طرحه المخلص والنزيه والواعي في موضوعته المنشورة على موقع عينكاوة والموسومة:هل يحتاج العراق الى حزب شيوعي؟
 يعتبر السيد عجمايا ان سقوط الاتحاد السوفييتي كان لابد منه لانه طفر مرحلة الرأسمالية،وهذا يعني ان الحزب الشيوعي العراقي يستوجب اما ان يستريح وينتظر رحمة الله حتى تنفرج ويدخل العراق مرحلة الرأسمالية ومن ثم ينتظر حتى تحفر الرأسمالية قبرها فيكون الظرف مناسبا حينها لبناء الاشتراكية اولا ثم الشيوعية،واستنادا الى طروحات السيد الكاتب اقترح ان يحل الحزب الشيوعي نفسه الى حين دخول العراق مرحلة الرأسمالية التي تحدث عنها ماركس(لا بد ان يمر كل بلد بالنظام الرأسمالي اي لا يمكن حرق المراحل الاقتصادية)،وعند ظهور علامات الساعة سوف يكون الظرف موضوعيا ومثاليا لظهور الحزب الشيوعي، او ان يشمر الشيوعيون عن اذرعهم ويساهموا في تسريع بناء الرأسمالية،وخلال هذه المرحلة من المؤكد لا نحتاج مطلقا الى خدمات الحزب الشيوعي العراقي
لاننا في الحالتين سنجد انفسنا قد سقطنا في الفخ بمحض ارادتنا.
اما ابلغ ما يضحك في الاحدوثة فهو اصرار السيد ناصر عجمايا واستقتاله بأسلوب ساذج محاولا ان يقنعنا بكون الشيوعية تؤمن بالله وكتبه ورسله،وقد افرز الكاتب مساحة واسعة جدا يتحدث فيها عن المسيحية ثم تطرق الى مسيحية فهد حتى يخال للذي لا يعرف الرجل بأنه راهب او كاهن كاثوليكي،وفي مناسبات اخرى وجدته يدافع وايضا بنفس الحمية عن عن فكر قومي لا وجود له اصلا،لا بل انه اسبغ لقب الدكتوراه على من عرف عنهم انتهازيتهم لمجرد ان هؤلاء يتبنون هذا الفكر القومي الوهمي.
لقد استهلكت من عمري عشرين سنة بالكمال والتمام في صفوف الحزب الشيوعي العراقي،وخلال هذه الفترة الطويلة نسبيا لم اعرف ان الفلسفة الشبوعية تقر الفكر الديني او القومي،لذا اتقدم الى السيد عجمايا برجاء حار ان يدلني على ما يؤيد طروحاته التي لا اراها سوى ذر الرماد في عيون البسطاء،ثم ما هي المشكلة في كون الشيوعية ملحدة؟ان الالحاد يا سيد عجمايا ليس عبثا هستيريا او عيبا انسانيا انما هو فكر قائم بحد ذاته له انصاره ومريدوه وعدد الملحدين في الدول الرأسمالية كان دائما اكبر من عددهم في دول المنظومة الاشتراكية وهؤلاء مؤكد لم يكونوا وليسوا شيوعيون،لذلك ليس هناك ما يبرر خلط الاوراق بهذا الاسلوب غير اللائق مطلقا،اللهم الا اذا كان هناك مقصد غير بريء.
بناء على ما تقدم وانطلاقا من المصلحة الوطنية اقول بكل جرأة وشجاعة وثقة:ان وطننا اليوم بحاجة الى تنظيم سياسي يتبنى الفكر الوطني العلماني الديمقراطي الذي يعزل المؤسسة الدينية والقومية عن المؤسسة السياسية عزلا تاما ليستقيم منطق الاشياء،لانه يوم يتحقق هذا سوف لن نجد في وطننا من يشكو الظلم والقهر.
انها كلمة حق يراد بها حق.