مناسبات مترابطة

  • تعديل: 04/06/2009

المحرر موضوع: عمو بابا " الملحمة "  (زيارة 809 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل George Babana

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 6
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عمو بابا " الملحمة "
« في: 00:53 03/06/2009 »
عمو بابا " الملحمة "

     شاءت الصدفة ان يكون رحيل العملاق عمو بابا في قمة مناسبات اوربا الكروية, لا بل العالمية, لأن محبي كرة القدم في كل انحاء المعمورة يتابعون هذا العرس الكروي ألا وهو نهائي كأس ابطال اوربا بين ناديي برشلونة و مانشستر يونايتد يوم الاربعاء 27/5/2009 و بتقديري ليس هناك غرابة في هذه الصدفة لأن اسم الشيخ الكبير عمو بابا مقرون بكرة القدم فهو أب و فارس كرة القدم العراقية و شهرته تخطت حدود العراق الى الدول الاقليمية و العربية و لن ابالغ إن قلت العالمية. رحل محبوب الملايين بالتاريخ المذكور في المناسبة الكروية اعلاه عن عمر ناهز الخامسة و السبعون. نذر جل حياته لكرة القدم, حتى اصبحت كرة القدم العراقية مرادفة للظاهرة عمو بابا. و بأيام جد قليلة قبل رحيله كان يتفقد ملعب دهوك الجديد و الذي منه تمنى أن يكون في بغداد و المحافظات العراقية الاخرى ملعباً مماثلاً , و قد لا تكون صدفة أن يرحل من جبال كردستان لأن الكبير عمو بابا كان جبلاً اشماً لا تهزه الريح , وكان شامخاً كشموخ نخيل العراق في الوسط والجنوب .
في الملعب و منذ بداياته الكروية في اوائل الخمسينات أو قبل ذلك ..كان لاعباً مميزاً ماهراً فذاً , دخل التأريخ الكروي من اوسع ابوابه بعطائه الثر لاعباً و مدرباً و معلماً و خبيراً و انسانأ. في احدى محاضراته الكروية في جمعية اشور الثقافية في بغداد و كنت احد الحضور ...قال ( انه كان يخاطب و يناغي الكرة و أن الكرة كانت تطاوعه ).. لما كان يمتلك من مهارة فنية في السيطرة عليها, و من نفس المكان قال انه في احدى زياراته الى الولايات المتحدة , كان يحمل معه صورأً لمبارياته و في احدى اللقطات يظهر عمو بابا بقفزة عالية جداً ...و عندما شاهدوا اللقطة قالوا له: إن هذه خدعة سينمائية cinema trick !!
وصفه الاعلامي الشهير الدكتور ضياء المنشئ في كتابه الموسوم بـ " عمو بابا ...شاعر الكرة ".
حقق للكرة العراقية الكثير الكثير ما لم يحققه غيره من الرياضيين مجتمعين . رفع راية العراق خليجياً و عربياً و اسيوياً و عالمياً , كان المنتخب العراقي بفترته الذهبية في عصر عمو بابا منذ نهاية عقد السبعينات و عقد الثمانينات , اذ تحت قيادته فاز منتخب العراق ثلاث مرات بكأس الخليج و فاز بكأس العرب الخامسة عام 1988 و اسيوياً احرز منتخب العراق بقيادته الوسام الذهبي في الدورة الاسيوية  بنيودلهي بالهند عام 1982 و قاد منتخب العراق في بطولة مرديكا سنة 1981. عالمياً احرز العراق بقيادته بطولة العالم العسكرية لكرة القدم في الكويت عام 1979 . قاد المنتخب الاولمبي العراقي مرتين في نهائيات الدورة الاولمبية في لوس انجلس في امريكا عام 1984 و في دورة سيئول عام 1988 , ناهيك عن قيادته لأندية عراقية و حصوله على بطولات محلية و قارية .
أنه كان بطلاً لا بل اسطورة كرة قدم , اذ قاد المنتخبات العراقية في 158 مباراة دولية , وهو رقم قياسي لم يحققه اي مدرب محلي او اجنبي فهكذا بطل يستحق ان يدخل سجل غينيس للارقام القياسية , انه ملحمة كروية امتداد لمحلمة كلكامش.
حظي الكابتن عمو بابا لمرات عديدة بتكريم الدولة و منح وسام الاتحاد من اللجنة الاولمبية تثميناً للنتائج المتقدمة التي حققها مع المنتخب العراقي في البطولات والدورات العربية و الاولمبية و الدولية. منح لقب مدرب القرن العشرين من لجنة المحررين الرياضيين في نقابة الصحفيين العراقيين بأستفتاء عام 2000 .
آثر وطنه العراق على كل المغريات التي قدمت له لاعباً كي يلعب في انكلترا في الخمسينات و في عام 1984 في دورة لوس انجلس الاولمبية رفض مبلغاً مغريا للبقاء و العمل للتدريب في احدى جامعات ولاية كنتاكي الامريكية . كان محباً لوطنه مخلصاً له حد النخاع , كان كفوءأ, كريماً, صريحاً, شجاعاً جريئاً لا يجامل و لا يداهن على الخطأ احداً , اياً كان و مهما كانت مسؤوليته و منصبه . هذه الصفات ميزته عن عظماء العراق و جعلته يفوقهم شعبية.
في لقطة تلفزيونية من مدرسة عمو بابا الكروية للناشئين , و هو صاحب فكرة تأسيس هذه المدرسة , يأخذ المربي و المعلم و الأب عمو بابا حفنة تراب بيده و يوصي تلامذته الكرويين أن يحافظوا و يخلصوا و يقبلوا تراب هذا الوطن , ما من حب و اخلاص و تربية اعظم من هذا , و دليل حبه للعراق و العراقيين انه لم يلتحق بعائلته الصغيرة التي تعيش في المهجر, فجعل من العراق بفسيفسائه اسرته الكبيرة و هي بدورها بادلته الحب الكبير .
هذه اسطر قليلة عن رمز الكرة العراقية و مهندسها و بالامكان كتابة سفر عن شيخ المدربين الذي سيبقى خالداً في الذاكرة , انه النهر الثالث فعلى المعنيين أن يغرفوا من هذا النهر .
عزاؤنا بفقيد الكرة العراقية هو الاهتمام الكبير الرسمي و الجماهيري بتشييعه الذي اولاه كبار المسؤولين من رئاسة الجمهورية متمثلة بنائب رئيس الجمهورية و ممثل مجلس الوزراء و البرلمانيون و اللجنة الاولمبية و الرياضيين و محبي كرة القدم , و بتنفيذ وصيته أن يدفن في ملعب الشعب الدولي (في محيطه) ... أن ابن العراق البار يستحق هذا التكريم و أن يقام له رمزاً ليبقى شاهداً للتأريخ .


جورج بابانــا
بغداد 2/6/2009