المحرر موضوع: لبنان يسترد المبادرة..!  (زيارة 642 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي
لبنان يسترد المبادرة..!
« في: 18:43 11/06/2009 »
لبنان يسترد المبادرة..!

باقر الفضلي


كُتِب الكثيرُ عن نتائج الإنتخابات اللبنانية الأخيرة، كما تناولتها الفضائيات في ندوات تباينت بين الشد والجذب، فما ميز هذه الإنتخابات، هو إنشطارها بين جناحين أو شقين بل فريقين سياسيين متعارضين، ولكل وجهته الخاصة وميله المعلوم، دون وسط مناور، وإن وجد، فهو على ما يبدو، وسط محايد..!


وكما يقال عن السياسة، بأنها فن الممكنات، وحيث أن كل فريق من المتنافسين في هذه الإنتخابات، قد بذل كل ما في وسعه من إمكانات وشطارة وتاكتيكات إنتخابية ليكون له قصب السبق في إحراز التفوق الإنتخابي، وذلك بالحصول على أكبر عدد من أصوات الناخبين لحصد العدد الأكبر من كراسي مجلس النواب والفوز بالأغلبية، ولكن حسابات الحقل لن تتطابق دائماً مع حسابات البيدر ولأسباب عديدة، وهكذا جاءت نتائج الإنتخابات..!


إنها لعبة الديمقراطية التي ليس عليها أي غبار، فقد إنتهت اللعبة في موعدها المقرر، وأعلنت لجان التحكيم نتائج اللعبة وإشهار أسماء الفائزين وإقرار الفريق الفائز في النهاية، وبإقرار جميع الأطراف..!


الى هنا وتكون اللعبة الإنتخابية قد وصلت الى نتائجها ومبتغاها، وقد جرى كل ذلك في جو من الهدوء والأمان والديمقراطية، بعيداً عن الصخب والإستفزاز؛ ومن خلال روح الإبتهاج والأفراح الشعبية، أظهر الفريقان المتنافسان، روحاً من الشعور بالمسؤولية وإحترام الآخر، والتمسك بمستلزمات روح الديمقراطية، ليثبت الشعب اللبناني بكل طوائفه ومكوناته، أنه نفسه
ذلك الشعب العريق بمثله وتقاليده الديمقراطية، وليؤكد حقيقة كونه نفس الشعب الذي كان دائماً سباقاً في تنوره ومستويات وعيه العالي، وباعه الطويل في مسالك الثقافة ودروب الحضارة، ليثبت بحق وجدارة، أنه جدير بأن يكون جسراً منيراً للعلم والمعرفة بين الشرق العربي والعالم المتحضر، حيثما كان..!


ذاك هو الجانب المرئي من اللعبة السياسية الإنتخابية، وإن بدى زاهياً وإيجابياً، مثلما وصفه وتعاطى معه العديد من السياسيين اللبنانيين والمعلقين السياسيين، ولكنه وحده في التقدير المتأني، لا يعطي صورة متكاملة ونهائية عن الواقع السياسي الحقيقي وعن طبيعة التوازنات في الساحة السياسية اللبنانية؛ فإن إلتزام كافة الأطراف اللبنانية بقيود ومشترطات العملية الإنتخابية، وإن عكس ظاهرياً، حالة من الإستقرار الإجتماعي والسياسي، إلا أن قراءة حقيقة الأوضاع السياسية في البلاد وإمتدادات جذورها في عمق الواقع الإجتماعي اللبناني، وطبيعة هيكلية مكوناته الطائفية، وحالة الصراع بين هذه المكونات، المتأجج جمرها تحت رماد المظاهر الديمقراطية للعملية الإنتخابية، وما تخفيه أحداث التأريخ القريب ومنها أحداث مايس/2008 ، كل ذلك يدفع بالمراقب الى الترقب الحذر عما ستؤول اليه تداعيات النتائج الإنتخابية البرلمانية، بما جاءت به من توقعات غير محسوبة لكلا الفريقين المتنافسين، حيث رجحت كفة أحدهما بشكل يتيح له ، وطبقاً للأغلبية الديمقراطية، التحكم في طرق ونهج وإسلوب السياسة الداخلية والخارجية للبلاد، في نفس الوقت الذي يضع فيه على عاتقه، مسؤولية الإلتزام بالتقيد وتنفيذ ومراعاة كافة التعهدات التي أخذها لبنان على نفسه كدولة، صوب المجتمع الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ومنها بالذات قرار مجلس الأمن المرقم/1701 المتعلق بإيقاف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وقراره المرقم/1757، الخاص بالمحكمة الدولية..!
 

أما ما ترتب على تلك النتائج الإنتخابية بالنسبة للفريق الثاني، ومن زاوية النظر للأمور من خلال طبيعة الخلافات بين الفريقين، وأسباب الصراع، وهي التي تنحصر بالذات بإشكالية القرارين المذكورين في أعلاه على وجه الخصوص، فأنها تضع أمام هذا الفريق، وطبقاً لنتائج الإنتخابات، مهمة النظر للأمور بواقعية موضوعية، والتي تتأكد واقعياً من خلال إعلان الفريق المذكور تمسكه بنتائج الإنتخابات، وإعترافه على لسان قيادة الفريق بصحتها..!


 أن هذا الفريق مدعو الى الأخذ بعين الإعتبار إنعكاسات نتائج تلك الإنتخابات على الأصعدة الداخلية والإقليمية والدولية، ومن هذا المنظار، لا تغدو السياسة مجرد فن للممكنات، بقدر ما هي دروس وعبر للأحزاب وللسياسيين؛ ولقد أثبت الشعب اللبناني من خلال تلك الإنتخابات بأنه شعب ميال للسلم والتوحد والديمقراطية، أكثر مما هو منقاد الى التشرذم والتناحر، رغم تحكم قواعد النظام الطائفي في تقسيم مكوناته الإجتماعية..!


ولعل ذلك من أبلغ الدروس التي يمكن أن يستخلصها المرء من النتائج التي تمخضت عنها الإنتخابات الأخيرة؛ ومن هنا يمكن القول، بأن تلك النتائج قد رسمت عملياً، الطريق أمام لبنان وكل قواه السياسية للبحث وراء الحلول الوطنية، ونبذ كل مؤثرات التدخلات الأجنبية والإقليمية، للتوحد وراء سياسة لبنانية وطنية موحدة، تفتح الطريق أمام لبنان لتحرير أراضيه المحتلة، وبناء دولته الحرة الديمقراطية الموحدة..!


 فهل حقاً ستنهل القوى السياسية اللبنانية على مختلف مشاربها والوانها، العبر والدروس من حقيقة ما آلت اليه العملية الإنتخابية الفريدة في مسارها في ظل ظروف لبنان الحالية، وهل سيدفع ذلك الى تصاعد مناسيب التفاؤل؛ بأن لبنان سيجد طريقه لينعم بالهدوء والتوحد، وبناء إقتصاده المستقل وسيادة القانون، إنه الأمل الذي ينتظره كل اللبنانيين ومن ورائهم الشعوب العربية وكل الخيرين..!