المحرر موضوع: هل سيتمكن المتعصبون منا؟  (زيارة 1097 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيري بطرس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1326
  • الجنس: ذكر
  • الضربة التي لا تقتلك تقويك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل سيتمكن المتعصبون منا؟



تيري بطرس
المتعصب هو من يعتنق فكرة معينة، ويعتقدها الفكرة الوحيدة الصحيحة والواجب اتباعها والعمل بموجبها، ولان الفكرة او الراي او المعتقد تندرج ضمن المفاهيم الانسانية، وتتاثر بالبيئة ودرجة التعليم والمستوى الاقتصادي، وكون حامل الراي رجل ام امراءة، والدين المعتنق والكثير من الامور التي تعمل على صقل الفكرة باتجاه معين، ولذا من الصعوبة بمكان اعتبار الفكرة اي فكرة صالحة لكل زمان ومكان. فالفكرة تكون صالحة لشخص ما لانه ينظر اليها من زاوية معينة، ولو تغير موقع الشخص او احد المؤثرات التي تصقل الفكرة لتغيير موقف الشخص الحامل لها. ليس هناك من يعارض اعتناق الناس الافكار والمبادئ المسيرة لحياتهم، لا بل ان اعتناق الافكار يعني امكانية النعلم والاخذ بتجارب وبمقترحات واراء جديدة، ولكن محاولة فرض فكرة معينة على انها تمتلك وحدها المصداقية، هنا هو الخطاء الذي يمكن ان يقود الى الجريمة.
 كنت استمع لشخص مؤمن بالتسمية الاشورية، وهو يحاول ان يقنع الاخرين بان ما يؤمن به هو الصحيح، وهو في بيئة تستعمل التسمية الكلدانية، ماذا استنتجت، الذي استنتجته من هذه المحاولة امر شديد الخطورة حقا، فالشخص الموما اليه لا غبار على ما يؤمن به لانه احد حقوقه الاساسية، ولكن ان يحاول الشخص تحوير موضوع النقاش القائم لكي ينطلق في التبشير بما يؤمن به، وفي بيئة هو يعتقد انه يعرف كل تفاصيلها، هو امر غريب ومثير لردود فعل قوية حتى ممن قد يكون يؤمن بما يؤمن به هذا الشخص. فقد انصب الهجوم على الشخص لانه حاول تحويل النقاش الى امر مقيت وغير مرغوب في الحالة العراقية لشعبنا (وهي مسألة التسمية) هذه الحالة التي لا يحاول البعض فهمها، ولذا تراهم في كل تجمع يعودون الى نفس النغمة مثيرين ردود فعل سلبية جدا. فبدلا من اقناع المستمعين بالراي يتحول الامر الى استهجان وكره وبناء سدود وجدران اضافية.
وفي مجال اخر كنت استمع الى محاورة تضم مؤمن بالتسمية الكلدانية وهو يجابه مؤمنين بالتسمية الاشورية، لقد رايت العجب العجاب، كل المؤمن بالتسمية الاشورية صاورا جبهة واحدة ضد هذا المسكين، ولكن فور خروجه من المكان، تغييرت اللاجواء الى صراع كنسي وحزبي وتسموي من شكل اخر بين المتوحيدن السابقين . هاتين الحالتين سنجدهما لدى المتعصل الاشوري والكلداني والسرياني والارامي وهلم جرا.
سمعت شخصا يقول ان الكلدان هم في العراق اغلبية، ونحن نعي انهم قومية خاصة ولا علاقة لهم بالموجودين في سوريا او تركيا او ايران فلكل من هؤلاء قوميته الخاصة، ان عيشنا في العراق خلق من حالة خاصة بنا، كما هي حال الشعب السوري والشعب العراقي والشعب المصري ولكنهم  كانوا عرب، كلام متعصب جديد، وكلام يسوق للجهلة، الذين لا يفهمون ولا يفرقون بين المفهوم السياسي للدولة وكل مواطنيها يمكن تسميتهم بالشعب العائد لتلك الدولة، فالشعب الاسرائيلي مثلا يتكون من العبرانيين او اليهود ومن العرب (مسلمين ومسيحيين) ودروز، هذا الشخص كان في عام 1998 قد قال في احتفال عام لا تقولوا كلداني ولا تقولوا اثوري ، ما هو الكلداني وما هو الاشوري ، انهم واحد، فكلنا كلدان وكلنا اشوريين، وهي مسألة وقت سنعلن وحدتنا!!! ولكن الرياح تغييرت، فصار ينكر ليس وحدة شعبه في كل بقاع العالم بل وحدة شعبه في العراق. انه يريد ان يتخلص من كل من لا يؤمن بما ينادي وبما يخطط. لماذا انكر علاقة الكلدان باخوتهم في سوريا وفي ايران، لانه سمع من قال ان المتسمون بالاشورية هم الاكثرية، ومسألة التسمية مسالة قومية ولكل ابناء شعبنا حق ابداء الراي فيها في اي مكان كانوا. هكذا هي حلول المتعصبين والمتزمتين، سريعة قاطعة لا تترك مجالا للتردد والتفكير والتمعن.

المتعصبين من كل الاطراف وصلوا الى نتيجة واحدة، وهي ان المختلفين في التسمية لا يمكنهم ان يعيشوا تحت سقف واحد، ولا بد من الانفصال، فهذا هو ديدن كل من يتعصب لما يؤمن به، انه اختزالي، بتار. في اي موقع اومجال يجد نفسه محاط بالاسئلة المشككة بما يطرحه، يكون موقفه الاختزال ورفض الحوار، لا بل رفض قبول الاخربل رفض قبول من يوؤمن بجزء من الحالة التي يؤمن بها. ان هذه العملية هي عملية مستنمرة، فالاختزال لا يطال  غير المؤمنين بالفكرة المحورية بل يشمل لا حقا بالافكار  النابعة من الفكرة المحورية، وبالتالي فالمتعصب يمكن ان يبقى لوحده لو لم يمتلك السلطة والمال اللذان يجلبان المريدون والانصار، والبعض من المتعصبين صار يتفنن في الهروب من الحوار والنقاش العقلاني الموصل الى تحقيق مصالح الشعب، برفضه النقاش ضمن الاطار العام للوضع العراقي لشعبنا بما يحمله من دساتير وقوانين وهيكلية الدولة. ان المتعصب لفكرة يؤمن بها هو مشروع دكتاتور لا يقبل الجدل، انه مشروع دكتاتور مع وقف التنفيذ، ليس لانه لا يريد، بلا لانه لا يملك ادوات فرض رايه، فلو امتلك السلاح والجيوش لاستعملها في فرض ما يؤمن به. ان الوحدة الملاحظ بها لدى بعض المتعصبين هي نتاج بعدهم عن بعضهم البعض، انهم في داخلهم اناس مهزومين ولذا فانهم يشتبثون باراءهم الرافضة للاخر. في اي مجال يجتمع فيه المتصبون او المتزمتون فانه يلاحظ سرعة بروز التناحرات وليس الخلافات. فالمتزمتون لا يعرفون الخلاف بل كل خلا ف لديهم هو تناحر، يجب العمل على القضاء على من يثيره وبتره منذ البدء لكي لا يستشري في الجسد، انها العبارات المفضلة للمتزمتين دينيا او فوميا او حزبيا او قل ماشئت، فالمتزمت اشوريا او كلدانيا او شيوعيا او مسيحيا او مسلما او بن لادنيا كلهم سواء في سواء، يرون العالم ساحة قتال يجب الفوز فيها وتبشير العالم بالفكرة المنقذة او التي ستدخلهم الى الجنة. 
ان حالة المتزمتون او المتعصبون في شعبنا، تذكرني بحالة حوار الطرشان، فكل يتكلم بما هوى وما اراد دون ان ينتبه او يشعر او يتفاعل او يفهم ما يقوله الاخر، انه ليس حوارا بل هو ديالوج مع الذات ليس الا، لانه لا يريد ان يتطور وان يتفهم وان يتغيير.
المتزمتون ملجأهم التاريخ، والولوج في صفحاته، واقتطاع ما يرغبون منه والبعض التزوير باسمه، ناسين ان الناس تتكلم بالمصالح وليس بالحقائق، فالحقائق الدينية والعلمية ليس مجالها السياسية، ان مجال السياسية هو تحقيق اقصى المصالح باسلم السبل، فالغاية من العمل من اجل شعبنا هي تحقيق مصالحه وبالاحرى مصالح ابناءه وضمان ذلك مستقبلا، ولذا فالشعب او الامة يجب ان تعمل او تقرر كل ما يحقق مصالحها دون التزام التاريخ، التاريخ هو دروس وعبر وليس برنامج مستقبلي قابل للتنفيذ، ان من يتلهى بالتاريخ سيكون نظره متجها نحو الخلف على الدوام، ولكن الحياة تسير نحو الامام.
المؤسف حقا ان يكون دور المتعصبين في شعبنا بهذا الثقل حيث تمكنوا من ان يحوزوا على  مواقع ومسؤوليات مكنتهم من ان يحوزوا على الصيت الاعلامي، انهم يدفعون الشعب والكثير من المساكين الى مواقعهم متجاهلين انهم  يضحون بالكل من اجل الجزء الذي اعتقدوه  هو الصحيح وهو الذي يجب ان يسود. كما قلنا فالتعصب لمبداء او فكر او قوم او دين، يقود الى جريمة، واليس جريمة كبرى تقسيم شعب وامة الى اجزاء يسهل انصهارها وزوالها؟


bebedematy@web.de
ܬܝܪܝ ܟܢܘ ܦܛܪܘܤ