المحرر موضوع: كلنا منشقون!  (زيارة 3469 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل البطريرك لويس روفائيل ساكو

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 41
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كلنا منشقون!
« في: 00:47 07/07/2009 »
كلنا منشقون!
                                                                                        المطران لويس ساكو
 طلب مني  بعض  الاصدقاء  على أثر  مقالي المنشور على موقع عينكاوة :"التسميات: خصوصًا  الشماس الفاضل جورج ايشو، توضيح بعض النقاط حول التسميات الكنسية، وبيان من منشق عن من؟ الكنيسة الكلدانية عن الاشورية أو الاشورية عن الكنيسة الاولى؟
  اقول صراحةً: كلنا  منشقون!
الكنيسة مؤسسة الهية لكن ايضا بشرية، أي مؤسسة على البشر، والبشر عموماً منقلبون، غير ثابتين. وبقدر ما يكون الجانب الالهي، اي الروح القدس مهيمنًا على الكنيسة، بقدر ذلك تكون الكنيسة بديعة مفعمة بالحيوية وكاريسماتيكية، على العكس بقدر ما يهيمن عليها الجانب البشري، بقدر ذلك تتعثر.
يشعر كتاب العهد الجديد بالخطر الذي يهدد " وحدة الكنيسة". هذا ما نلمسه في الاناجيل ورسائل  بولس.   خطر الانقسام شكل قلقًا  للكنيسة الاولى!  فهناك دعوة متكررة للحفاظ على الوحدة وقبول اعضاء الجماعة الكنسية بعضهم بعضَا، وصيانة وحدتهم الجوهرية القائمة على المسيح  العامل فيهالكي  يصير كلا  للكل.
    تركز  عدة نصوص  على مواهب الروح القدس التي تدمجنا في المسيح، وعلى الحرية الشخصيّة ( حرية ابناء الله) وعلى الصلاة، والتخلي عن الادعاء وعيش المحبة بلا حدود.  فالانقسام يبدأ  في الداخل، في الكيان العميق قبل ان يظهر للخارج: في الشخص والعائلة والكنيسة والوطن. هناك شدخ في العلاقة يتجلى في مواقف حسد، غيرة، رفض، كبرياء، طمع في مال أو منصب أو شهرة. هذه الجماعات الناشئة  كما اليوم كانت معرضة  للانقسام   بسبب والاغراء والاختلاطات والتحديات..  فهناك حاجة الى مراجعة الذات ومواجهتها وتجديدها.. هذا ما نسميه التوبة  وهي  الخبز والوعي لهذه الوحدة المبنية على المسيح وليس على بولس أو أبلس ..
كنيسة المشرق وهذه التسمية رسمية للكنيسة خارج أسوار ألامبراطورية الرومانية طوال قرون، هذه الكنيسة التي نشأت منذ نهاية القرن الاول وبداية القرن الثاني في بلاد ما بين النهرين ويلاد فارس بجذور اورشليمية قويّة وانطاكيّة.. هذه الكنيسة الشاهدة والشهيدة لم تكن أبدا كنيسة قوميّة منغلقة بل كان فيها  الى جانب الناطقين بالسريانية، القبائل العربية من  امارة الحيرة وفرس واتراك وافغان  وهنود وصسنيون وفيليبيون.. كنيسة رسولية  أدركت قبل غيرها أهمية "المثاقفة"enculturation ،  وفعلتها في البلدان التي انتشرت فيها، ففي الصين سميت بديانة النور والمسيح المنور المطلق " بوذا" الكامل؟؟  كنيسة جامعة، منفتحة على كل اللغات والشعوب والقوميات..  وعقدت أول مجمع لها هو مجمع اسحق عام 410  والذي يعد المجمع المؤسس لها، وفي العام 210  تمر  الذكرى 1600 لانعقاده واتمنى ان تشترك  كل الكنائس المنضوية تحت راية كنيسة المشرق الى عقد احتفالات ومؤتمرات بهذه المناسبة المميزة!
ظلت كنيسة المشرق كنيسة واحدة حتى انعقاد مجمع أفسس عام  431 الذي رفض تعليم نسطوريس بطريرك القسطنطينية، ومن خلال ترجمات كتابات ثيودورس اسقف مصيصة في مدرسة نصيبين الى السريانية ودعمه لاراء نسطوريوس  تبنت كنيسة المشرق تعليم نسطوريوس رسميا، خصوصا في مجمع 612 .. وشيئا فشئيا دعيت " الكنيسة النسطورية".واليوم اظهرت الدراسات  الكثير من الصحة في طرحه  وعدّ اختلافا لفظيا وثقافيا،  و في العام 1994  اعلنت الكنيسة الكاثوليكية  وكنيسة المشرق في بيان مشترك عن الايمان الواحد..  ثم في مجمع أفسس الثاني 449  ومجمع خلقيدونية 451 حصل انقسام آخر بسب اللاهوت المسيحاني فهناك من قال  بطبيعتين وهم  الملكيون ، اي الكاثوليك)  ومن قال بطبيعة واحدة، أي الكنائس الارثوذكسية الشرقية القديمة: الاقباط والسريان والارمن. وفي  سنة 1054 عادت فانقسمت الى الارثوذكس الشرقيين، اي البيزنطيين، وقد  احتفظوا بالتسمية الارثوذكسية وكنيسة روما  التي احتفظت بالكاثوليكية..   ثم في القرن السادس عشر  جاءت حركة الاصلاح وولدت الكنائس البروتستانتية!
ونعود الى كنيسة المشرق" النسطورية" ؟  حيث  اتصل بعض اعضائها بالكنيسة الكاثوليكية في قبرض اولا ثم في العراق وخصوصا عام 1553 مع يوحنان سولاقا بغية العودة الى اصالة الشركة معها،  فكانت الكنيسة الكلدانية.. و دفع هذا الانشطار الطرف الاخر  الى تبني تسمية  الكنيسة الاشورية. ثم في السبعينيات  كانت الكنيسة الشرقية  الجاثليقية القديمة. اذا بالنتيجة كلنا منشقون؟
هذه الكنائس الرسولية في جوهر ايمانها متحدة لكن مختلفة في التعبير اللاهوتي ومعزولة في الشركة!
 كنيسة المشرق اليوم تشمل: الكنيسة الكلدانية وكنيسة المشرق الأشورية والكنيسة الشرقية  الجاثليقية القديمة، ولنا أمل وطيد بأن تعود هذه الفروع الثلاثة إلى جذورها الأولى، وتتحد في ما بينها لان الانفصال أفقدها الكثير!  لذلك لا ينبغي اقحام  الكنائس في التسميات القوميّة. هذا خطأ جسيم! الكنيسة شيء والهوية القوميّة شيء آخر...
 الكنيسة  في جوهرها جامعة، لا يمكن ان تكون قوميّة بالمعنى الحصري، بل منفتحة على  الكل وهي من أجل الكل. هذا ما  فعلته كنيسة المشرق  اذ  ضمّت شعوبًا واقوامًا من أعالي ما بين النهرين  وبلدان الخليج العربي وحتى الصين. كنيسة تحدّت البقاء قيد الحياة،  بالرغم من الإضطهاد.
لنحافظن على صفاء الكنيسة  وجامعيتها وشموليتها، ولا نحصرها في لغة واحدة وقومية واحدة وشعب واحد. رسالتهاامتداد لرسالة المسيح  الذي من أجل الكل.
 كما ادعو المهتمين بالجانب القومي الى الصبر والتروي  واستخدام ذكائهم ومعرفتهم ومحبتهم للتغلب على الاختلافات وتذليلها والارتفاع فوق المال والمناصب، رأفة بشعبهم وخدمة له،  وان يعوا بان هزيمة فريق اامام فريق تعني هزيمة الاثنين. هناك هجمة غير مقبولة على الكلدان،  الكل حر، في ابداء الراي لكن ضمن اللياقة الادبية !! المهم لابد من الحوار والتفاهم  على أسس متينة.. من له اذنان للسماع فليسمع.