المحرر موضوع: جريمة الزوية.. تصعيد إعلامي وسياسي وتحذيرات من اسقاط رموز سياسية  (زيارة 1407 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Sabah Yalda

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 32867
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
جريمة الزوية.. تصعيد إعلامي وسياسي وتحذيرات من اسقاط رموز سياسية
10/8/2009 - 21:53
بغداد/ أصوات العراق: تجاوزت حادثة السطو المسلح على مصرف الزوية البعدين الأمني والقضائي لتدخل بفعل المنافسة والتشنجات السياسية، في المشهد العراقي المقبل كحلقة في الصراع الانتخابي الحاد، بعد تناولها من قبل عدد من وسائل الإعلام وخطباء المساجد ومن ثم مجلس الرئاسة العراقي، لتثار معها سجالات سياسية وإعلامية وقرارات فصل وظيفية.
فقد أفرزت الحادثة جملة تساؤلات في الشارع العراقي بعامة والوسطين السياسي والإعلامي بخاصة، وتناولتها عشرات الصحف بالتحليل والتعليق بينها صحيفة الصباح، شبه الرسمية، في أكثر من مقال، حيث كتب رئيس تحرير الصباح فلاح المشعل، مقالين طالب فيهما بالكشف عن هوية المتورطين في عملية السطو، إلى جانب المقال الذي كتبه سكرتير تحرير (الصباح) الشاعر أحمد عبد الحسين الذي وصف فيه العملية بأنها “أحدث الطرق المبتكرة لتمويل الحملات الانتخابية”، والذي تساءل فيه بلغة تهكمية “كم بطانية يمكن أن تشترى بثمانية مليارات دينار؟ 800 ألف بطانية أم النمر بحساب السوق اليوم، كانت ستأتي بها سيارات (ربما نفس السيارات التي قامت بالجريمة) لتوزعها على الناخبين الفقراء”.
طريقة طرح الموضوع في صحيفة الصباح أثارت حفيظة المجلس الإسلامي الأعلى فأتهم القيادي في المجلس الشيخ جلال الدين الصغير، يوم الجمعة (7 آب أغسطس الجاري) ومن على منبر جامع براثا في منطقة العطيفية، الجريدة بالوقوف “موقف البعثيين من تلك الأحداث”، مستنكرا طريقة “تناولها للموضوع”.
قضية المصرف وملابساتها انعكست بوضوح على المشهد السياسي وكانت حاضرة بقوة في اللقاء الذي جمع بين نائبي رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي (المجلس الإسلامي الأعلى) وطارق الهاشمي (جبهة التوافق)، أمس (الأحد) حيث أعرب الهاشمي على وفق بيان صدر من مكتبه عن قناعته بوجود أجندة سرية تحاول إسقاط الرموز السياسية العراقية قبل الانتخابات المقبلة”، مشيرا إلى أن الحملة الانتخابية المقبلة ستكون من أشد الحملات إذ بدأت بعملية كسر العظم بين السياسيين، قائلا أن ملامح تلك الحملة بدأت بالمقال الذي نشر عبر إحدى الصحف وحشر أسمي في مفاوضات لا ناقة لي فيها ولا جمل ومن ثم تأتي عملية السطو على مصرف الزوية وحشر اسم الدكتور عادل عبد المهدي.
وأعرب الهاشمي، بحسب البيان، عن قلقه من المستقبل لأن هناك أجندة سياسية سرية ستعمل على إسقاط الرموز السياسية العراقية، داعيا إلى وقفة حازمة للتصدي لهذه المحاولات المشينة وتحصين العملية السياسية ووضع الأمور في نصابها الصحيح.
انعكاسات قضية المصرف وظيفيا تمثلت في قرار الجريدة في اجتماع هيئة تحريرها إعفاء الكاتب أحمد عبد الحسين من منصبه في (الصباح) كسكرتير للتحرير ورئيس للقسم الثقافي بسبب ما وصفته عدم رجوعه لرئيس التحرير وأخذ رأيه قبل نشره المقال.
وكانت مجموعة مسلحة قامت في وقت مبكر من صباح الثلاثاء 28 تموز يوليو الماضي، باقتحام مصرف الرافدين فرع الزوية وسط العاصمة بغداد، وقتل حراسه الثمانية، وسرقة ما في خزنته من أموال بلغت أكثر من خمسة مليارات في عملية هي الأعنف والأبرز في سلسلة من جرائم السطو المسلح على المصارف وشركات الصيرفة في العراق، وتبين لاحقا أن المدبر الرئيس للعملية النقيب جعفر لازم زيارة التميمي، ينتمي للفوج الرئاسي المكلف بحماية نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي، ما أثار العديد من التداعيات والاتهامات المتبادلة.
الشاعر والكاتب أحمد عبد الحسين وصف أمر ابعاده من الصحيفة بـ”المتوقع”، معتبراً أن المهم عنده الآن هو “الحفاظ على حياته”، في حين رأى رئيس تحرير (الصباح) فلاح المشعل أن “هناك طريقة أخرى غير الشتم والتهجم على الجريدة” للتعبير عن “رفض مقال معين أو رؤية ما وذلك عبر انتهاج الوسائل القانونية او الإعلامية للرد على الصحيفة”.
في السياق ذاته عبر مرصد الحريات الصحفية عن “رفضه لما تعرض له الشاعر أحمد عبد الحسين”، واصفا ذلك بإنه “غير مقبولا ولا منطقيا ولا دستوريا ولا حتى دينيا”.
عبد الحسين قال لوكالة (أصوات العراق) “مع كل يوم يمضي يتأكد لي أنه لا وجود لحرية التعبير في العراق”، مضيفا “صحيح أنها مثبتة في القانون بوجود مجموعة لوائح تحمي الصحفي العراقي إلا ان الأحزاب الحاكمة لم تتعامل مع مفردة الحرية ومع حقوق الإنسان وهي ليست بذات أهمية في أدبياتها الحزبية”، بحسب تعبيره.
وأضاف أن هذه الأحزاب “تريد أن تصبغ الجو الاجتماعي والثقافي والسياسي بصبغتها وإشاعة ثقافة الخوف والرعب في مفاصل الحياة لذا أنا لا انتظر منها أن تعطيني الحرية”، متوقعا أن “يتم إقصائه”.
وتابع “لا أريد التنبؤ بالمستقبل وما سيحصل لي المهم الآن هو الحفاظ على حياتي فعلى الرغم من كل السلبيات العراق يبقى لنا وليس لأحد من الأحزاب أو القوى السياسية”.
وبشأن موقف صحيفة الصباح منه، قال عبد الحسين “كنت أتوقع من (الصباح) أن تعفيني وهو إجراء عادي تقوم به أي صحيفة أو مؤسسة إعلامية بإنتظار أن تتكشف الأمور وتتوضح”، مستطردا “فأنا لم استقل كوني قدمت استقالتي ورفضها الزميل رئيس التحرير واقتصر على إجراء اعفائي من منصب كسكرتيرا لتحرير الجريدة ورئيسا للقسم الثقافي فيها وأنا طالبت بإجازة حتى ينتهي هذا الجو المشحون وبعدها لكل حادث حديث وأكرر أنا لم أستقل ولم أجبر على تقديم الاستقالة”.
من جهته قال رئيس التحرير فلاح المشعل لوكالة (أصوات العراق) إن الصباح “جريدة الدولة التي تلاحق أي خبر يحصل في البلاد”، مضيفا “فهي مشغولة بمتابعة الإرهاب والجرائم الكبرى وقد توقفت بإفتتاحيتين عند جريمة الزوية أكدت فيهما على ثوابت مجتمعية وسياسية تتعلق بكون الأمن والتحسن فيه مكسبا وطنيا لا يجوز أن تتلاعب به الأهواء السياسية والأجندات الحزبية”.
وأفاد أن مصرف الزوية “شهد جريمة مركبة فيها سرقة وقتل ضربت عصبا مهما في الحياة العراقية يتعلق بالاستثمار والتنمية ومشاريع العمل”، منوها إلى أن الصباح “لاحقت الخبر وانتقدنا الحكومة ووزارة الداخلية وانتقدنا كل ما جرى على أيدي العصابة التي سرقت وقتلت ولم نقم بتسمية جهة سياسية بعينها”.
واستدرك “لكننا طالبنا الحكومة بالكشف عن الجهة المسؤولة وتقديمها إلى العدالة إذ لا بد أن يكون لجريدة الدولة دور في الملاحقة المهنية لما يحصل في البلد كون عموم الشعب العراقي ينتظر منها الحقائق”.
وعما كتبه الاعلامي أحمد عبدالحسين، قال المشعل “لقد كتب عمودا ذكر فيه أن الأموال التي سرقت كانت “ستذهب لشراء بطانيات ستستغل انتخابيا وهو لم يقم بتسمية جهة محددة فثارت الثائرة التي توجت يوم الجمعة في خطاب الشيخ جلال الدين الصغير بهجوم شديد على جريدة الصباح وعلي وعلى الزميل أحمد”، مضيفا أن المنابر الحسينية “يجب ان تنأى بنفسها عن هذه المشاحنات ولا تحرض على أي أحد”.
متسائلا “بأي حق يحرض الشيخ الصغير علينا، بشكل قد يقود إلى التصفية”.. وتابع المشعل “إن كان للشيخ الصغير حق على الصباح فليقم دعوى قضائية ضدنا أو يرد علينا في الجريدة نفسها، فنحن لسنا جريدة حزبية ونتقبل الرأي الآخر لا أن يتم شتم الدولة من خلال شتم جريدتها”. وعلى الرغم من عديد المحاولات التي قامت بها وكالة (أصوات العراق) على مدى الأيام الماضية، إلا أنها لم تفلح بالاتصال بالشيخ الصغير للوقوف على موقفه بشأن الموضوع.
وذكر رئيس تحرير الصباح فلاح المشعل أن الأسباب الموجبة لاعفاء الشاعر أحمد عبد الحسين ناجمة عن “إجراءات مهنية تمثلت بتشكيل لجنة تحقيقية من قبل الجريدة قضت بإعفاء عبد الحسين من منصب سكرتارية التحرير ورئاسة القسم الثقافي”، مضيفا أن الزميل احمد “سكرتيرا للتحرير ولديه صلاحيات للنشر لكن في الموضوعات الحساسة يجب أن يعود لرئاسة التحرير”.
وزاد “في مقال (800000 بطانية) لم يأخذ رأيي كرئيس للتحرير وأنا خارج البلاد لذا كان قرار هيئة التحرير بإعفائه من منصبه مع الابقاء على وجوده في (الصباح) وقد قدم إجازة بناء على رغبته لأن الصباح كمؤسسة تدافع عن منتسبيها”.
وأوضح المشعل أن وزير الداخلية جواد البولاني والناطق باسم وزارة الدفاع محمد العسكري ومدير شبكة الإعلام العراقي عبد الكريم السوداني وشخصيات ثقافية وأكاديمية وسياسية عديدة من داخل العراق وخارجه “اتصلوا بالصحيفة للتعبير عن تضامنهم مع موقفنا وهنا لا نقول إننا في مواجهة مع حزب ما كما أنه ليس لدينا خلاف مع تيار سياسي معين”.
من جهته قال رئيس مرصد الحريات الصحفية زياد العجيلي لوكالة (أصوات العراق) إن ما تعرض له الزميل احمد عبد الحسين “ليس منطقيا ولا دستوريا كما أنه غير مقبول دينيا لأن الزميل كتب مقال رأي وأتى بمعلومات رسمية من تصريح لوزير الداخلية ولم يشر فيه إلى جهة سياسية معينة”، مبينا أن احمد عبد الحسين “أول كاتب وصحفي في العراق يتعرض لإنتهاك كبير في مجال حرية التعبير”، مستطردا “عليه أن يأخذ إجازة أو يفصل أو يستقيل سمه ما شئت فالنتيجة إبعاده في النهاية”.
ورأى العجيلي أن هناك “ضغوطات من بعض أعضاء هيئة أمناء شبكة الإعلام العراقي اعترف بها رئيس التحرير وأكدت مصادر أخرى أن أشخاصا في الهيئة تصرفوا بشكل شخصي وبالنتيجة هم انتهكوا موادا دستورية وذلك غير جائز في أي دولة”، وتابع “فمن غير الممكن أن يتعرض زميل لنا إلى هجوم من على المنابر ومن ثم يجري فصله وظيفيا بشكل أو بآخر”.
وأوضح العجيلي أن المسألة “لم تعد تخص الزميل أحمد فقط إنما كل الإعلاميين وهي تتعلق بحرية التعبير في العراق وستكون لمرصد الحريات الصحفية اجراءاته”، وزاد “سننظم تظاهرة كبيرة يوم الجمعة المقبل في بغداد لنصرة حرية التعبير ومساندة الزميل أحمد واستنكار ما حدث خاصة أننا نرفض التهديدات والتشكيك بأصل ونسب أي مواطن عراقي لأن الدستور كفل المواطنة ولم يتطرق إلى أصله أو نسبه”.
وكان عبد الحسين قد نشر في جريدة الصباح يوم الثلاثاء الماضي (4/8) مقالا حمل عنوان (800000 بطانية) قال فيه ما مفاده في تصريح غريب لمسؤول أمني كبير غداة القبض على فرسان مجزرة الزوية التي استشهد فيها ثمانية شجعان أبرياء، قال المسؤول (إن أفراد هذه العصابة المنتمية إلى جهة سياسية كبيرة ارتكبوا جريمتهم الشنعاء دون الرجوع إلى الجهة التي ينتمون إليها). طريف ومدهش ومضحك حدّ البكاء هذا التصريح. نحن نعرف… أن الأموال المسروقة كانت ستتحوّل إلى بطانيات توزّع على الناخبين، مضيفا أحدث الطرق المبتكرة لتمويل الحملات الانتخابية أفشلتها قوات الأمن، لكنّ التصريح الغريب للمسؤول الأمني فتح الباب لنقاش مستفيض غريب هو الآخر بما يتناسب وغرابة التصريح.
وكان رئيس تحرير جريدة الصباح فلاح المشعل قد نشر مقالا افتتاحيا عنوانه (مصرف الزوية)، يوم الإثنين الماضي (3/8/2009) ذكر فيه أن جريمة الاعتداء على مصرف الزوية وقتل ثمانية من افراد الحرس وسرقة المليارات من الدنانير العراقية التي تقدر بأكثر من خمسة ملايين دولار، لا يمكن وصفها بالجريمة الجنائية كما جاءت بتصريح الناطق الإعلامي لوزارة الداخلية والمتقاطعة مع إشارات وزير الداخلية الذي تحدث عن جهات متنفذة تقف وراء الجريمة، وتعهد بإعلان اسماء المتورطين والمجرمين خلال يومين. وتابع المشعل أن هذه الجريمة جاءت بعد 48 ساعة من حادثة سطو على شركة النبال وسقط ضحيتها عدد من المواطنين، ولم تنجح عملية السرقة، هاتان العمليتان حاولتا تكريس واقع التهديد والفوضى والارهاب الذي يستهدف المصارف وشركات المال وهو ما يمثل ضربا بالصميم لكل ما استطاعت ان تحققه الحكومة من نجاحات في قطاع الاستثمار وجلب الشركات العالمية التي تشترط الاستقرار الامني الذي بدأ يسود في البلاد.
وقال إن صراع الأحزاب السياسية الهادف إلى تسقيط بعضها ينبغي أن لا يكون على حساب التحسن الأمني وأرواح الناس، فتلك جريمة مركبة، وفي أكثر من مناسبة قلنا إن الأمن منجز وطني ولا يجوز أن يصبح ورقة تتلاعب بها الأهواء السياسية والصراعات والاجندات الاقليمية، من هنا فان من معيار الاخلاص الوطني والمهني للحكومة ووزارة الداخلية وغيرها من الاطراف، أن تعلن للشعب حقيقة ما حدث ومن هم المجرمون الذين يحرضون وينفذون الجرائم التي تهدد الأمن والمواطن.
ح س (تق) – س م ح – ب خ
مرحبآ بكم في منتديات عنكاوا كوم