المحرر موضوع: 99.9 %  (زيارة 1013 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل طاهر أبلحد

  • مراسل عنكاوا كوم
  • عضو فعال جدا
  • **
  • مشاركة: 362
  • الجنس: ذكر
  • إن لم تثور وتخاطر يمكنك اتباع الروتين، فهو قاتل!!
    • مشاهدة الملف الشخصي
99.9 %
« في: 04:23 02/12/2009 »
99.9%

طاهر أبلحد


تصويت.. إقرار.. نقض.. تتطاير الكلمات ويتلقفها الصحافيون لتصل إلى المتلقي منمقة مصبوغة مرتبة أو ربما بالعكس تماما مشوهة مغايرة لروحها وفحواها فكل واحد يحللها ويرتبها حسب ما تقتضيه مصلحته، والمتلقي العراقي المتابع من موقع المراقب يبدو كأنه أمام أسهم البورصة يراقب مسارها ويتفحص مستواها البياني إذا كانت مذهبية أو طائفية أو عنصرية وفي الأخير يقرر أي سهم هو الأجدر بالاقتناء والاعتماد عليه لأن المستثمر في البورصة يضخ أمواله ومصدر رزقه وغناه في هذا الاستثمار، كذلك هو الحال لدى الشعب العراقي الذي يراقب سياسييه في مجلس النواب (البرلمان) ومجلس الرئاسة ورئاسة الحكومة وهم يتراشقون التهم فيما بينهم وكل واحد منهم يبحث عن مصالحه ومصالح خطه السياسي وفي اليوم الأخير يكون الحكم النهائي بيد قاضي القضاة (المواطن العراقي) فوحده سيقف أمام ورقة الاقتراع وقلمه شاهد عليه لمن سوف يسلم رأس ماله ومستقبل أبنائه (الوطن).
وكل يوم يمر وكل قطرة دم تزهق في طريق الحرية والديمقراطية الشعب يكتسب خبرة إضافية فذلك الناخب الذي صوت في العام 2005 قد تغير وصقلت خبرته الانتخابية بعد ان كان مبرمجاً على نظام واحد مشفر (انالوك) يسمى (99.9%)  بات الآن محرراً ومتعدد الاختيارات فكانت انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة خير دليل على ذلك فمن كان يتصور خسارة المجلس الإسلامي الأعلى في المحافظات الجنوبية بقوة وخسارة الحزب الإسلامي في المنطقة الغربية ونينوى وصلاح الدين ولم يكن الحال مغايراً في الشمال ففي انتخابات برلمان إقليم كردستان العراق دخلت قائمة التغيير بزعامة نيشروان مصطفى بقوة وفازت بنفس عدد مقاعد كل حزب من الحزبين الرئيسيين (الديمقراطي والاتحاد الكردستانيين) اللذين يسيطران على البرلمان منذ 18 عاماً ويقودان تحالفاً أوسع من قائمة التغيير.
إذا كل شيء أصبح يعتمد على قناعة الناخب العراقي وليس أي شيء أخر ومقدار العمل والإخلاص للشعب والوطن يحدد موقف كل حزب أو كيان ومقدار ما يناله من ثقة الشعب، ورغم كل الانتقادات للبرلمان والقانون الذي يسن من قبل الأحزاب حسب هواها لخوفها من الناخب العراقي (جلادها أو مكافئها) ورغم كل العراقيل التي يضعها البعض إلا أن الأمور تستحق الصبر لأنها خطوة صغيرة نحو مستقبل مشرق ومزدهر، لكن هذا لا يبرر لهؤلاء الساسة كل هذا التمادي فصبر الشعب كبير لكن عواقبه وخيمة وانتخابات مجالس المحافظات خير دليل على مقدرة الشعب وقدرته العادلة التي تفوق قوة تحمل الكرسي لصاحبه بملايين المرات.
ورغم كل المساوئ والأغلاط إلا أنها مرحلة مهمة يجب الصبر عليها والاستفادة منها للانطلاق نحو الديمقراطية والحرية وليست بمستحيل فقبل ثماني سنوات فقط شهد العراق "استفتاءً" للرئيس القائد فاز به بنسبة 99.9% فقط لا غير، أين كنا وكيف تحولنا، من مرحلة فاقدة للأمل لا يملك فيها المواطن الإرادة على سبابة يده ليختار به ممثله إلى مرحلة عبور مهمة في تاريخ الأمة العراقية، غالية كانت فمن اجلها زهق الدم العراقي بصورة جماعية بكل ألوانه ليكتب سطراً جديداً للأجيال القادمة.
علماً إن الانتخابات البرلمانية الأخيرة لم يظفر أي حزب أو شخص فيها بنسبة 99.9% فأفضل ما تحقق كان أقل من 55% لكتلة ضمت أكثر من خمسة عشر حزباً وحركة ومنظمة ومجموعات مستقلة تحت اسم الائتلاف العراقي الموحد وإذا ما قمنا بقسمة عدد أصواته على الأحزاب والحركات والمنظمات المنضوية فيه لحصل كل منها على 7-8 % فقط من أصوات الناخبين، إذا فقد مضى زمن الـ 99.9% وبات لكل مواطن خياره الخاص والحر لاختيار ممثله في العملية السياسية وإذا ما شاهدنا أحداً وقد تحصل على نسبة 99.9% من أصوات الناخبين العراقيين فإما أن يكون إلهاً أو دكتاتوراً.