المحرر موضوع: قراءة موضوعية للخارطة السياسية العراقية في ضوء التحضيرات الانتخابية  (زيارة 1342 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
قراءة موضوعية للخارطة السياسية العراقية في ضوء التحضيرات الانتخابية


خوشابا سولاقا

من الضروري جدا وفي مثل هذه الاجواء الانتخابية المحتدمة ان نعيد قراءة الخارطة السياسية لتوزيع القوى السياسية العراقية على ارض الواقع العراقي وما حصل من تغييرات جوهرية على بنية هذه الخارطة منذ الانتخابات السابقة من حيث اصطفاف القوى السياسية الفاعلة في العملية السياسية الجارية والتحول النوعي الكبير الذي حصل في طبيعة وجوهر خطابها المعلن وخطابها السياسي عشية انتخابات مجلس النواب المقبلة وما ظهر من قوى سياسية وتكتلات انتخابية جديدة ذات توجهات وطنية مختلفة تختلف كليا عن توجهات ومنطلقات الخطاب السياسي للكتل التي تنافست في الانتخابات النيابية السابقة في عام 2005.
ان اجراء دراسة مقارنة ومقاربة بين ما هو معلن اليوم من قبل التكتلات الانتخابية المتنافسة في خطابها السياسي وبين ما كان معلن في انتخابات عام 2005 لنفس الكتل ولو تغيرت اسماؤها اليوم ستكون هذه الدراسة مؤشرا للاستدلال على مسار توجه تطور السياسة العراقية على كافة المستويات في المستقبل القريب اي مستقبل ما بعد الانتخابات، ومن ثم وضع مؤشرات الاستدلال لرسم خارطة الطريق الجديد لمسار العملية السياسية العراقية المتعثرة من اجل الدفع بها الى الامام بقوة لبناء عراق جديد، عراق ديمراطي اتحادي تعددي لامكان فيه للاستئثار بالسلطة من قبل طرف دون مشاركة الاطراف الاخرى، ولا فيه ايضا إقصاء او تهميش او إلغاء لأي مكون من مكونات الشعب العراقي القومية والاجتماعية والسياسية، عراق حر يكون وطن لجميع العراقيين بكل مكوناتهم دون استثناء او تمييز.
كانت الكتل السياسية المتنافسة في انتخابات عام 2005 كتل واضحة المعالم والتوجهات السياسية بملامحها القومية والطائفية المذهبية وذات طابع فيه درجة عالية من التشدد تجاه قبول الاخر كشريك في الوطن وكانت تكتلات ذات خطاب سياسي يحمل الكثير من ملامح وسمات الخصوصية القومية والطائفية المذهبية مع غياب التوجه الوطني الديمقراطي فيه، الا ما ندر لبعض الكتل السياسية الصغيرة نسبياً والتي همشت في العملية السياسية. وعليه جاءت تركيبة مجلس النواب مجسدة لمحتوى هذا الخطاب السياسي ومكرسة لسياسة المحاصصة القومية والطائفية المذهبية على حساب تغييب السياسة الوطنية الشاملة والمشاركة الوطنية في صنع القرارالوطني. وفقا لهذا الواقع المحاصصي والتوافقي المشوه تم إقصاء وتهميش بل إلغاء دور الكثير من القوى الوطنية والديمقراطية المخلصة التي افرزتها الانتخابات من المشاركة برسم سياسة البلاد وبذلك تحولت قاعة اجتماعات مجلس النواب خلال دورته الحالية طيلة اربع سنوات الى مجرد ساحة مباريات المصالح الطائفية والاثنية والفئوية وحتى الشخصية ومنتدى للحوارات والنقاشات البيزنطية العقيمة والمشاكسات والتجاذبات والمهاترات السياسية بين القوى السياسية المتصارعة القومية والطائفية المذهبية المسيطرة على قرار مجلس النواب لتمرير سياسة الصفقات التي تخدم خصوصيات المحاصصة والمعادية لمصالح الوطن في جوهرها على حساب تأخير تشريع القوانين التي تخدم مصالح الطبقات الفقيرة والكادحة من الشعب وتقدم وتطور البلاد، كما ان هذه التركيبة بهذا الشكل قد اضعفت دور المجلس الرقابي في متابعة ومراقبة اداء السلطة التنفيذية لمهامها ومحاربة الفساد المالي والاداري المستشري في اجهزة الدولة من اعلى مستوياتها الى ادناها، حيث كان المجلس طيلة دورته التي اوشكت على نهايتها عاجزا عن محاسبة احدا من مسؤولي الدولة بسبب الفساد والتجاوزات على المال العام وذلك لوجود حماية من داخل المجلس نفسه على هؤلاء الفاسدين والمتجاوزين على حقوق الوطن والشعب بسبب ما تمليه على المجلس سياسة المحاصصة والديمقراطية التوافقية، وهكذا يتم غض النظر من قبل المجلس عن الكثير من الممارسات السلبية غير المشروعة التي يمارسها هذا المسؤول او ذاك من هذا الطرف او ذاك هنا وهناك في اجهزة الدولة المختلفة على حساب مصالح الشعب مراعة لمبدأ الديمقراطية التوافقية والمحاصصة التي ابتلي بها العراق.
اي ان كل طرف يرعي مصالحه ويحمي ممثليه في أجهزة الدولة من المساءلة القانونية والمحاسبة من خلال غضه النظر عن تجاوزات وسلبيات الطرف الاخر عملاً بقاعدة (احميني احميك ولتذهب المصلحة العامة الى الجحيم...!!!) هذا هو واقع الحال في مجلس النواب العراقي الحالي الذي ولد من رحم المحاصصة وترعرع في ظل رعاية وحماية الديمقراطية التوافقية العرجاء والمنافية للديمقراطية الحقيقية النابعة من ارادة الشعب. اما عند النظر الى واقع الخارطة السياسية للكتل السياسية الانتخابية التي اعلنت عن نفسها لحد الان والتي ستخوض الانتخابات المقبلة لمجلس النواب سنجد على الاقل ظاهريا ان تلك الكتل التي كانت سابقا قد تشكلت على اساس الولاء القومي او الطائفي المذهبي قد بدأت عليها مؤشرات التفكك والتشرذم والتحول الى كتل متعددة ومتناقضة وذات رؤى وتوجهات سياسية مختلفة وقد تحول خطابها السياسي على الاقل على المستوى الاعلامي الى خطاب وطني وديمقراطي في بعض الجوانب نوعا ما، وهذا ما هو ظاهر للعيان حتى في تسميات تلك الكتل وشعاراتها الانتخابية، وحتى بعضا منها قد ذهبت في خطابها السياسي المعلن وبرامجها السياسية الى رفع شعارات معادية للطائفية السياسية وسياسة المحاصصة والديمقراطية التوافقة، وكما يلاحظ ايضا على هذه التكتلات تنوع التمثيل في تركيبتها البنيوية بحيث يتضمن تكوينها مختلف مكونات الشعب العراقي، القومية،الدينية، الطائفية والسياسية حتى وان كان ذلك دون مستوى الطموح ولاغراض انتخابية، الا انه يشكل بحد ذاته مؤشرا ايجابيا وخطوة تقدمية نحو الامام على المسار الوطني الصحيح عند المقارنة والمقاربة بما كان عليه الوضع السياسي عشية انتخابات عام 2005.
ان اختفاء الشعارات التي تدعو للمحاصصة والتوافقية والطائفية المذهبية المسيسة والقومية الشوفينية ورفض الاخر من الخطاب السياسي للكتل الانتخابية المتنافسة وحل محله الخطاب الوطني العراقي والدعوة الى اقامة نظام ديمقراطي تعددي اتحادي ونشر ثقافة التعايش السلمي والتآخي القومي والديني والمذهبي والولاء الوطني وبناء السلم الاهلي والمشاركة الوطنية، يعتبر بحد ذاته تحولاً وتطوراً نوعياً في مسيرة العملية السياسية من اجل بناء عراق ديمقراطي حر. ولكن ما يؤسف له في ذات الوقت في الخارطة السياسية العراقية هو ضعف وتفكك وتشرذم قوي التيار الوطني الديمقراطي بكل فصائله المختلفة الوطنية والديمقراطية والليبراليه واليساريه، والذي كان من المفروض به ان يحشد قواه ويخرج الى الساحة السياسية قوياً موحداً وهذا مطلب العراق وكل العراقيين وبكتلة انتخابية ذات خطاب وبرنامج سياسي وطني ديمقراطي شامل واضح النهج والاسلوب واليات العمل وعلى اساس الاتفاق على الحد الادني من المشتركات الوطنية على أقل تقدير لمواجهة التحدي الذي تشكله التكتلات الآخرى التي غيرت لباسها الديني المذهبي والقومي بلباس أخر ذي لون وطني مطلي بالديمقراطية التوافقية، بعد ان اخفقت في الايفاء بوعودها التي قطعتها لناخبيها وفشلت في ادارة شؤون البلاد فشلا ذريعا في كل المجالات خلال السنوات الست الماضية وزرعت بسبب سياساتها غير الوطنية على ارض الوطن الخراب والدمار بكل اشكالها والوانها، واشاعت بين صفوف جماهير الشعب الضغائن والاحقاد الطائفية والقومية والفقر والعوز والجوع والمرض والبطالة وسوء الخدمات المختلفة والرعاية الاجتماعية وغياب الامن والامان، ولكن يظهر ان الامراض التي تعاني منها الاحزاب الاخرى التي فشلت في ادارة الدولة يعاني منها احزاب التيار الوطني الديمقراطي بكل فصائله "الوطني، الديمقراطي، الليبرالي، اليساري" بسبب شهوة السلطة واغراءاتها التي يسيل لها اللعاب، وتفضيل وتقديم المصالح الحزبية والشخصية على المصالح الشعبية والوطنية لبعض قيادات هذا التيار، لذلك نقول لهؤلاء البعض من القيادات التاريخية لاحزاب وقوى هذا التيار بصراحة مطلقة انها سوف تتحمل كامل المسؤولية التاريخية عن ما حصل ويحصل الان وفي المستقبل من الاخفاقات والتداعيات في خراب ودمار البلاد وهدر امواله وفي كل ما يحصل في اي شأن من شؤون البلاد، وذلك لعدم تمكنها من الوصول الى سدة حكم البلاد من خلال الانتحابات وتشكيل الاكثرية النيابية في مجلس النواب بسبب انانييتها الفردية  التي جعلت هذا التيار مفككا ومنقسما على نفسه لايجمعه جامع. عسى ان تصحو قيادات هذا التيار من سباتها وتتجاوز انانيتها ومصالحها الشخصية يوما قبل فوات الاوان لكي لايصبح مثلهم مثل اهل الكهف ولكي لايفوتهم قطار التاريخ ويؤخرهم  اللحاق بمسيرة العراق ويصبح ذكرهم في التاريخ في خبر كان.