المحرر موضوع: المؤسسة  (زيارة 1242 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيري بطرس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1326
  • الجنس: ذكر
  • الضربة التي لا تقتلك تقويك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المؤسسة
« في: 17:43 14/12/2009 »
المؤسسة





تيري بطرس
bebedematy@web.de

المؤسسة عبارة عن تشكيل اداري يحتم اتخاذ القرار بطريقة مفهومة ولصالح هدف المؤسسة ويحول دون ان تلعب الفردية والعواطف دور في عملية اتخاذ القرار. ان عملية اتخاذ القرار هو العمل الاعلى او الاهم في اي نشاط اجتماعي سياسي تقوم به جهة معينة، لانه على ضوء ذلك تحدد النتائج المتعلقة بالناس او بمجال نشاط المؤسسة. ويمكن ان يقال للدولة مؤسسة الدولة او مؤسسة البرلمان او مؤسسة رئاسة الوزارء او مؤسسة الكنيسة او تطلق على حزب او جمعية معينة او تجمع تتوافر فيه شروط الهيكل الادراي وتوزيع المناصب والصلاحيات وتنوع روافد اتخاذ القرار.
على ما اذكر انني اطلعت على ان غبطة البطريرك الكاردينال مار عمانوئيل الثالث دلي قد الف كتابا او كانت رسالة نيل الدكتوراه وعنوانها المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق، ورغم ان طبيعة العمل والانتاج والهدف في الكنيسة مختلف بالطبع عن غيره من المؤسسات السياسية والاقتصادية والقانونية، الا ان استعمال مصطلح المؤسسة هنا هو حقا مثير للاهتمام وخصوصا انه يتعلق بمؤسسة هي جزء من مؤسسة اكبر، اي المؤسسة البطريركية التي هي جزء من مؤسسة الكنيسة ككل وهذه المؤسسة تاسست منذ القرون الثلاثة الاولى للمسيحية اي حين الفت الرسالة كان عمر المؤسسة يقار الالف وستمائة عام على الاقل. فالكنيسة عندما نقر ان روح القدس هو ملهم القرارات في المجامع وبالاخص المجامع المقدسة، فهذا يعني نزع الصفة الانسانية عنها رغم ان من وضعها واقرها هم اناس وبشر مثلهم مثلنا، ولكنهم يحملون رتبا كنسية اتاحت لهم المشاركة في القرار. وكل قرار تتخذه الكنيسة ويحضى بالاجماع يعتبر ملهما من روح القدس لانه يعبر عن روح الوحدة والمحبة (ان اجتمع اثنان باسمي فانا ثالثهم) او( ان اجتمع اثنان بالحب فانا ثالثهم). ولقديسة مكان كل رجل دين وبالاخص من مرتبة الاسقف والتي تضم (الاسقف، والمطران والبطريريك)  فان الكثير من القرارات تتخذ بحسب رؤية البطريرك الذي يعتبر الاب المقدس والذي يعتبر ان روح القدس شاركت في اختياره لهذا المنصب الكبير وخصوصا ابان مرحلة الوحذة والهدوء في الكنيسة. ولكن ورغم كل ما قلناه فاننا نعتقد ورغم عدم اطلاعنا على رسالة الدكتواره اعلاه، نعتقد ان القرار في البطريركية المشرق لم يكن يتخذ بحسب راي البطريرك وحده، بل كان هناك نوع من الدراسة من قبل لجان متخصصة تضع نتائج بحوثها امام البطريرك والمجمع المقدس ليتخذ القرار فيها بعد ان تحدد الخيارات التي ترى هذه اللجان وجوب اتخاذها او الخيار الاهم من بين الخيارات المتعددة.
الدولة هي المؤسسة الاكبر، ولكنها تضم مؤسسات اخرى تابعة وتعمل بتناغم مع مؤسسة الدولة، اوبالحقيقة ان مجموع المؤسسات العاملة تكون مؤسسة الدولة، والمهم في كل هذه الامور هو دراسة اسلوب اتخاذ القرار في مؤسسة الدولة او المؤسسات التابعة. فلو تتبعنا مثلا اسلوب اتخاذ قرار احتلال الكويت من قبل دولة العراق، لراينا ان القرارا اتخذ خارج اطار مؤسسة الدولة، لان المؤسسة كلها طيعت لرغبات رجل واحد هو صدام حسين في مراحل معينة وليس كل المراحل وليس كل القرارات ابضا. ( اي حتى سريا لم يتم عمل دراسة محايدة و مستفيض للنتائج المترتبة على هذه الخطوة رغم من كونها خطوة مفصلية في عمل اي دولة)
اذا ما هي ملامح النظام المؤسساتي التي تبيح لنا ان نطلق على منظمومة ما انها مؤسسة؟ بالتاكيد هي عملية اتخاذ القرار والهيكلية التي تتكون منها المؤسسة  والتي تبيح لها اتخاذ القرار بشكل معين او التي تمنح للقرار شرعيته وانه خارج من المؤسسة ويمثلها. فلو اتينا بمثال المؤسسة التشريعية الامريكية المتكونة من مجلسي النواب والشيوخ كاحد المؤسسات المتطورة والمتكاملة والخاضعة للقوانين، سينجد ان اي قرار يتخذه مجلس النواب لن يكون شرعيا وان صوت عليه بالاجماع، ما لم يحضى بموافقة مجلس الشيوخ، طبعا بالقرارات التي ينص الدستور عليها وجوب تصويت مجلسي الكونكؤس عليها. ولكن هل يمكن طرح مشورع قرارا على جلسة مجلس النواب وبدون سابق معرفة ويؤخذ القرار به (كما يحدث احيانا في البرلمان العراق)، انه القرار او اي مشروع قرار او قانون يجب ان يحضى بموافقة عدد معين من النواب ومن ثم يحال الى اللجنة المختصة وبعد ذلك يحال الى اللجان القانونية لكي يدرس من ناحية كونه دستوريا ام لااو ملائمته القوانين السارية او ان كان يجب ان يزيل او يلغي قوانين سارية . اما اللجنة المالية فتدرسه من ناحية تبعاته المالية وان كان في الميزانية مخصصات لتفعيل القانون ن وكل لجنة وحسب اختصاصها وبعد ان توافق اللحان المختصة يعرض على مجلس النواب ويتم اقراره،ولكن كل ذلك لن يكون كافيا فيجب ان يكون القانون معروفا للعامة ويتم مناقشته في وسائل الاعلام ويبدي الناس رايهم به. ان اقرار الكونكرس بمجلسيه لقانوان ما لا يعني خاتمة المطاف فللرئاسة التي لها مصادر معلومات متعددة تاتيها من الخارجية ومن الدفاع ومن بقية المؤسسات التابعة لها، ولذا ان لم توافق عليه الرئاسة فلن يكون القانون ساريا الا اذا توافرت اكثرية الثلثين له، علما ان الرئاسة تعلم عدد مهما من اعضاء الكونكرس بمسببات اعتراضها على قانون ما وغالبا قبل اتخاذ القرار به لكي لا تستعمل الرئاسة الفيتو على القانون ويتحتم الحصول على الثلثين لتخطي الفيتو، اي حصول عملية شد وجذب بين الرئاسة والكونكرس .
هذه الامثلة المسبقة والمطولة هي لتفسير مفهوم المؤسسة، وبهذا كما ترون فان المؤسسة هي ارقى انواع الهياكل الادراية والتي تخرج القرار المتسق والمدروس والذي يحقق الغايات والاهداف .
ان تنظيماتنا السياسية ان ارادت ان تكون مؤسسة بحق عليها ان تدرس وان توضح عملية اتخاذ القرار فيها وتخضعه لمراحل متعددة لكي يخرج قرارها متسقا مع هدف وجودها، واول شروط اتخاذ قرارسليم هو ان يتم دراسة القضية المنوي اتخاذ القرار فيها دراسة محايدة ويتم توضيح ابعادها والمؤاثرات الخاضعة لها والقرارات المتعددة الممكن اتخاذها ومخاطر وايجابيات كل قرار، ومن ثم يعرض كل ذلك على الاطراف الاخرى كالمالية ان كان له تبعات مالية لتبدي رايها والاعلامية لتوضح دورها والتنظيمية وغيرها من لجان ومكاتب متخقصصة ومن ثم يعرض على القيادة التي حينها يمكن ان تدرس الخيارات المتعددة وتتخذ القار المناسب بعد ان تأخذ مرحظات المكاتب المتخصصة بنظر الاعتبار.  ومن ثم تعمم ذلك على المكاتب لكي يقوم كل مكتب بدوره في التنفيذ. هذا ما نفهمه من العمل المؤسساتي، وقد يكون فهمنا خاطئ وغير سليم وقد تكون هناك مفاهيم اخرى نحن لسنا على اطلاع عليها، ولكن يحق لنا ان نطالب باعلامنا بها على الاقل لاننا ابناء هذا الشعب ومن واجب قياداتنا ان تنورنا لكي نكن على دراية، وليس التهكم علينا والقول اننا لا نفهم في العمل المؤسساتي!!!!

 
ܬܝܪܝ ܟܢܘ ܦܛܪܘܤ