المحرر موضوع: هل تعكس اللغة المجتمع؟  (زيارة 818 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د. دنحا طوبيا كوركيس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 145
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل تعكس اللغة المجتمع؟
« في: 23:42 17/12/2009 »
هل تعكس اللغة المجتمع؟

أ.د. دنحا طوبيا كوركيس
جامعة جدارا/ الأردن



هذا عنوان محاضرة ألقيتها باللغة الإنكليزية على طلبة الدراسات العليا في جامعة الموصل عام 1988، أنقلها لكم باللغة العربية لفائدة الجميع. أرجو أن تنال استحسانكم.


لقد شغل هذا السؤال أذهان الباحثين في علم اللغة الأنثروبولوجي (الأجناس) من أمثال أدوارد سابير وتلميذه بنيامين لي هورف، ويتوسطهما تاريخيا فرانز بوآز، منذ بداية القرن العشرين. ثم تبعهم في ذلك علماء اللغة الأجتماعي من أمثال الرائدين ديل هايمز ووليم لابوف منذ بداية الستينيات. كما وتناولت البراغماطيقا (التداولية، أو الفائداتية)، التي باتت تتألق منذ نهاية السبعينيات، الموضوع عينه دون الوصول إلى نتائج حاسمة.

لاشك في أننا نتفق جميعا بأن اللغة عبارة عن وسيلة للتفاهم والأختلاف في وجهات النظر بين البشر، وأنها فوق كل هذا وعاء يحفظ لنا التراث الحضاري. لذلك نستطيع، وكما ألفنا على سماعها، بأنها مرآة للأمة، أية أمة كانت. وكنتيجة حتمية لهذا الأعتبار، جاز لنا أن نقارن بين اللغات كي نجيب على السؤال المطروح.

لقد قيل في التراث العربي، ويقال اليوم، بأن أمة العرب مضيافة وكريمة، من جملة الخصال الحميدة (دون الخوض في المذمومة منها أوالقبيحة)، على غير شاكلة الأمم الأخرى. قد يكون هذا صحيحا من وجهة نظر اجتماعية بحتة، وليس لغوية صرفة، بسبب ما ترويه لنا قصص الضيافة وأحاديث الكرم الموثقة، والتي يشهد عليها التاريخ. ولكن قد يكون هنالك مجتمع يزيد العرب أو يقل عنهم ضيافة أو كرما، أو أي من الأخلاق الأخرى. ولأيجاد طريقة علمية، بعيدة عن الأنطباعية والتعصب الديني والقومي، أجد لزاما على الباحثين في علم اللغة الأجتماعي والفائداتية أن يلجأوا إلى المقارنة، ليس بين سجايا مجتمع وآخر كما تتناوله الأدبيات المتناظرة ، وإنما بين التعابير اللغوية الرائجة بين لغة وأخرى، والمستخدمة في سياقات متماثلة. وسيكون هذا المنهج الفيصل العلمي الذي يركن إليه في تحديد خصال هذا المجتمع أو ذاك. وبناء على هذا الفهم، ارتأيت أن أقارن بين عربية بغداد واللغة الأنكليزية المستخدمة في انكلترا في واحدة من الأستعمالات اللغوية اليومية، ألا وهي تعابير الضيافة المألوفة بعد الأنتهاء من الوليمة وحال مغادرة الضيف دار مضيفه. وحسبي في ذلك الجواب الشافي.

ماذا نجد في عربية بغداد؟
تأملوا الأمثلة التالية التي نسمعها عن الضيف بواحدة منها في الأقل:
1. الله يزيد.
2. صفرة عامرة.
3. عاشت ايدك (أو ايدچ)، أو عاشت الأيادي.
4. بيت العامر.
هنا يتحتم على المضيف الجواب الذي لايقبل التأخير على هذا المديح المليح، ومنها (وهي كثر):

1. بالعافية.
2. عوّافي.
3. هنيئا.
4. هنيئا مريئا.
5. عافيات.
6. ألف عافية.
7. ميت (بتسكين كل الحروف، أي مائة) ألف عافية.
8. وين مينزل، خلي يهلل.
9. يمعود، شسوّينالك.

وعلى نقيض هذه التعابير المشحونة بغلو انفعالي وعاطفي، والتي تزداد فيها درجة الكياسة والمجاملة طرديا مع زيادة طول التعبير، نرى في الأنكليزية تعابير يسيرة وقصيرة، وخالية من أي غلو، حتى وإن كان بعضها طويلا:

1. Thank you for everything
2. It was great
3. It was) delicious food
4. (It was) marvelous

Responses

1. Honour
2. Pleased
3. (It's my) pleasure
4. (With) pleasure
5. Bon apetit

وعندما يستأذن الضيف البغدادي بالأنصراف، كأن يقول:

1. نرفع الزحمة.
2. ( إحنا) نستأذن.
 3. طالت الـﮔعدة (وياكم)  
يتحتم على المضيف أن ينطق بواحد أو أكثرمن هذه التعابير:
 1. أهلا، يا هلا.
 2. يامرحب.
 3. زورونا.
 4. هذا بيتكم .
 5. كل زحمة ماكو (هذا بيتكم).
 6. هاي وين؟ مو بعد وكت.
 7. مو ﮔاعدين.
 8. مو ﮔاعدين متونسين.
 9. يمعود، شسوينالكم.
 10. شرفتونا (وآنستونا).

أما الأنجليزية، فأنها تكتفي بالقليل. أذكر منها:
1. Excuse me, I (we) have got to go
2. It's rather late
3. I need to get up early

Responses

1. Nice to see you
2. See you again
3. Hope you enjoyed
4. You're) welcome


ومن هذه المقارنة البسيطة، والتي أدعوكم للبحث فيها بشكل واقعي ميداني وتفصيلي بين المجتمع العربي والأنكليزي، أو أي مجتمعين، نخلص إلى القول مبدئيا بأن البغدادين أكثر ضيافة من الأنكليز، ودليلنا في ذلك النماذج اللغوية التي تيسر لنا إدراجها في هذا المقام.


الأردن في 28/9/2006
[/color]