المحرر موضوع: تهنئة للشعب السرياني الآشوري الكلداني والأرمني واليوناني وشكر خاص للبرلمان السويدي  (زيارة 821 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صبري يوسـف

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 96
    • مشاهدة الملف الشخصي
تهنئة للشعب السرياني الآشوري الكلداني والأرمني واليوناني
وشكر خاص للبرلمان السويدي

هكذا تقرِّرُ وتتوصَّلُ الدُّول الديمقراطية إلى قرارات ونتائج ديمقراطية عادلة بحق الشعوب المظلومة والمقموعة والمضطهدة.
وأما الشعب المضطهد (السرياني الآشوري الكلداني)، بكل تسمياته وتياراته ما يزال يتخبّط وسط خلافات وصراعات حول التسمية ويناضل بعض الأطراف ضد بعضه بعضاً مما يضعف موقعنا في سياق تشكيل قوَّة في وجه مَنْ أباد ويبيدُ وسيبيدُ هذا الشعب الذي بنى وأقام أولى الحضارات على وجه الدنيا، ما لم يقف متوحِّداً في وجه طغاة هذا الزَّمان، فإلى متى سنبقى نتخبَّط في متاهة الخلافات حول التسميات؟! أما آن الآوان أن نتعاون ونتحالف ونشكِّل جبهة موحّدة بكل تسمياتنا وأحزابنا ومؤسّساتنا لنشكِّل أرضية صلبة لمواجهة واقع الحال المرير الذي نمرُّ به في موطننا الأصلي، فتبعثرنا في بقاع الدنيا، لا راعٍ لنا ولا قائد سياسي ولا قائد مدني ولا قائد ديني ولا قائد اجتماعي ولا قائد فكري. نحوم وسط خلافات وصراعات غالباً ما تكون هدَّامة ومريرة، وهذا ما يسهِّل بلعنا وقمعنا واضطهادنا ونكران حقنا من قبل الكثير من المحافل الدولية والمحلية، ولكننا لو كنا جبهة واحدة وموحدة ولو تحت تسميات متعددة واشتغلنا في خط واحد وشامل للتوجه نحو أهدافنا المرجوّة لحققنا وتوصلنا إلى الكثير من الانتصارات والأهداف التي نتوخَّاها جميعاً.

بكل بساطة أقول، لا يعجبني واقع الحال حالنا، ويزعجني بل يؤلمني جدَّاً عندما أقرأ وأرى الخلافات والصراعات تزداد تفشّياً في أوساطنا، أكثر مما هو الصراع دائر بيننا وبين الأطراف التي أبادتنا وماتزال تبيدنا. فمتى سيفهم هذا الشعب بكافة مؤسساته وتياراته وأحزابه وعلى اختلاف تسمياته ومشاربه وتطلعاته أننا بأمس الحاجة لبعضنا بعضاً الآن أكثر من أي وقتٍ مضى، لنحقق أهدافنا القريبة والبعيدة ونعيش بكرامة وحرية وديمقراطية وعدالة ومساواة جنباً إلى جنب مع بقية شعوب وأمم العالم.

آمل أن يتم تشكيل لجان متابعة وإقامة ندوات ومؤتمرات في كافة منابرنا لمناقشة الخلافات التسموية والاتفاق على صيغة عمل مشترك وتجاوز خلافاتنا بما هو مفيد لكافة الأطراف، وإلا سنبقى لقمة سائغة للطامعين وسنبقى قرناً آخر لنصل إلى ما وصلنا إليه الآن على اعتراف البرلمان السويدي أو أي برلمان آخر لمجازر السيفو، وأصلاً مجازر السيفو هي مجازر معروفة للقاصي والداني ولكل دول العالم، والذي أخَّر الاعتراف بها من قبل الهيئات والبرلمانات الغربية والعالمية والمحلِّيّة هو ضعفنا وتشرذمنا وتشتتنا واختلافنا وصراعنا مع بعضنا بعضاً، وعدم انخراطنا في مؤسسات وأحزاب ديمقراطية توحِّد شعبنا في جبهة واحدة، كل هذا جعل عدونا قادراً على بلعنا وإبادتنا بسهولة، وبالتالي طمس الحقيقة، وإلا فإن مجازر السيفو التي تمَّت بحق شعبنا والشعب الأرمني واليوناني معروفة لكافة هيئات ومنظمات حقوق الانسان في العالم، ولكننا ما كنّا نعرف كيف نجني ثمار احقاق حقوقنا، فعدونا كان وما يزال يحاول قمع والغاء حقنا فيما حلّ بنا من مجازر. والذي حققناه الآن من كسب واعتراف من قبل البرلمان السويدي وغيره من اللجان والهيئات الدولية، ما كان ليتحقق لولا تكثيف جهود "لجنة متابعة مجازر إبادة الآشوريين (سيفو) العالمية" ولجنة متابعة أرمنية مكثفة وغيرها من اللجان السريانية والهيئات الدولية المناصرة لحقوق الإنسان، وسوف تكون الانتصارات أكثر وأسرع فيما لو يتمّ توحيد صفوف مؤسساتنا بكافة التيارات والأحزاب والتعاون مع المؤسسات الأرمنيّة واليونانية المتعرضة لمجازر الإبادة كي يأتي العمل مركزاً وهادفاً ويحقق الهدف المنشود.

الإنسان هو القيمة والهدف الأسمى في الكون، فما لم يسعَ الإنسان في كل بقاع الدنيا لتحقيق هذه المعادلة فلا قيمة لوجوده كإنسان، لهذا أطالب الإنسان أينما كان أن يقدِّم أفضل وأبهى ما لديه لأخيه الإنسان، وإلا ستبقى الحروب والقتل والظلم والطغيان والتهجير والتدمير متفشّية في بقاع الدنيا، وضمن هذا السياق يحتاج الإنسان أن يتعاون مع بني جلدته ومع جيرانه ومع شعوب الأرض قاطبةً كي تتحقق معادلة الاخاء الإنساني وبالتالي ستسود العدالة والحرية والمساواة بين شعوب العالم بعيداً عن القمع والإضطهاد والحروب والطغيان.

انّي أرى من أهم أسباب وقوع مذابح ومجازر السيفو هو الغرب نفسه، لأن المذابح تمَّت على مرأى ومسمع الغرب، وبالتنسيق مع بعض دول الغرب التي كان لها مطامح في الشرق، فالقضية أعمق مما يظن المرء للوهلة الأولى، لهذا على الغرب نفسه أن يعالج أخطاءه وأخطاء مَن تسبَّب في ارتكابها، وتأكيداً فيما أقول أودُّ الإشارة إلى المذابح والكوارث التي نراها تنتشر في الموصل وسهل نينوى وغيرها من الأماكن التي تقع يومياً في العراق موطن السريان الآشوريون الكلدان الأصلي، هذه المذابح وغيرها من المذابح التي تقع على الأقليات الأخرى كالصابئة والشبك وعلى الأكثريات أحياناً، لأن كل طرف يحاول أن يطحن الآخر، فنذهب نحن ضحية المطاحنات عبر كل المراحل السابقة واللاحقة، والمتسبِّب الأول والأخير لهذه المطاحنات في الوقت الراهن هو هذا الغول الأميريكي الذي قدَّم للعراق ديمقراطية على مقياس أنياب الوحوش المفترسة كالضباع والأسود والنمور والذئابِ، وإلا كيف يتم قتل مطران وقسيس وشماس وشيخ عجوز جلّ توجهاتهم هي التآخي والتواصل مع كل الأطراف بمسامحة ومحبّة كبيرة، فبدلاً من أن يتم تكريم هكذا توجه وطني وإنساني يتم اختطافهم وذبحهم وقتلهم، وقتل غيرهم بالمئآت الألوف من شعبنا وبقية الملل والأقوام والأديان تذهب ضحية هذا الفساد الجاثم على صدرِ العراق، وكل هذه الممارسات تتم على مرأى ومسمع التوجّه الأميريكي ومن لفَّ لفّه.

سؤال بسيط ولا يحتاج لعبقرية في تفنيده وتحليله، هل لو كان هناك  أربع عائلات يهودية في العراق أو في أية رقعة جغرافية أخرى من عالم الشرق أو الغرب، وتعرّض حاخام واحد من حاخاماتهم إلى الاختطاف والقتل والذبح لما تعرَّض له المطران بولص فرج رحّو وغيره من الشعب المسيحي الأعزل، أما كانت اسرائيل ويهود العالم تقلب الدولة التي ارتكبت هكذا جريمة رأساً على عقب، وترد الصاع مليار صاع؟!

سيجيبني الكثير الكثير، لا يوجد مقارنة بين هذا وذاك، فأجيبهم المقارنة جائزة بين أي إنسان وإنسان عندما يكون لكل إنسان برنامجه الإنساني وقوته ووجوده المحلي والكوني، ولهذا نحن نحتاج إلى محافل عالمية ومحلية للدفاع عن الأقليات والأكثريات وعلى الإنسان كإنسان خاصة الأقليات التي لا حول لها ولا قوَّة، فمن واجب الدولة،  أية دولة على وجه الدنيا أن تحمي مواطنيها بغض النظر عن التصنيفات القومية والدينية والمذهبية، وإلا فأنا أعتبر الدولة التي لا تستطيع أن تحمي مواطنيها هي دولة مارقة وفاسدة وفاشلة وعليها أن تسلم سدة الحكم لغيرها ممن يستطيع أن يقود البلد إلى شواطئ الأمان والسلام، لكن الكارثة في الأمر أن الدولة التي تمر بهكذا ظروف ـ كالعراق الآن ـ ليس لها بديلاً ديمقراطياً إنسانياً عادلاً ولا يوجد توجهات لمَن يناصر الدولة من قبل الغرب أية نزوعات ديمقراطية وحرية وعدالة ومساواة، بدليل أن الخروقات التي تمّت بعد تحرير البلاد من ديكتاتورية النظام السابق هي أكثر بطشاً وقتلاً ودماراً وخراباً، وأمام مرأى العالم دون أن يحرِّك الغرب ساكناً، بل على ما يبدو يغذِّيها احتقاناً ودماراً، فهل كان على دور النظام الديكتاتوري السابق ممكن أن يُقتل مطران وهو يرتل ترتيلة المحبة في هيكل الكنيسة، هل كان يتجرّأ أي تجمع أو حزب أو مؤسسة معارضة أو غير معارضة أن تقتل شماساً يتيماً في كنيسة أو أي رجل في دير أو جامع بدون أي سبب؟ لهذا أنا أعتبر النظام السابق على علاته وديكتاتورياته وبطشه كان أكثر رأفة وأكثر عدالة وأكثر ديمقراطية وأماناً ممَّا أراه الآن من حكومة فاسدة وتابعة ولا تستطيع حماية نفسها فكيف ستحمي مَن يحتمي بها من المواطنين؟

من هذا المنظور أقول، يجب على الدول العظمى ومنظمات وهيئات حقوق الإنسان العالمية أن تسن قوانين جديدة تضمن حقول الدول المغلوبة على أمرها وتضمن حقوق الأقليات والأكثريات وحقوق الإنسان كإنسان، ويجب محاسبة الدولة المتسبِّبة في تفشّي هذه الخروقات والفساد، لأنني أرى أن الدول الكبرى والدول العظمى هي التي تتسبَّب في نشوب الحروب والصراعات والقتل والتشريد في أغلب الدول الفقيرة ودول العالم الثالث، وكل همها جني الأرباح وتعديل ميزانها التجاري الخاسر على حساب رقاب القوم وفقراء وأقليات هذا العالم، فإلى متى سيبقى توجّه الإنسان مرتكزاً على المال/الاقتصاد، ويهمل الجانب الأهم وهو الإنسان، الخير، الأخلاق، العدالة، المساواة، الديمقراطية، الحرية والعيش الكريم للإنسان في كافة أنحاء العالم؟!

انّي أرى أن أغلب سياسات هذا العالم قد فشلت فشلاً ذريعاً في قيادة الإنسان نحو بوَّابات الخير والعدالة والأخلاق القويمة الراقية، كما فشلت توجّهات أغلب رجالات الأديان في بناء جسور المحبة والتآخي بين بعضها بعضاً، فإلى متى ستبقى سياسات آخر زمان تبني اقتصادها على حساب جماجم البشر الأبرياء وفقراء هذا العالم، وإلى متى ستبقى رجالات الأديان والمذاهب والطوائف والقوميات تكفِّر وتلغي وتصارع وتناحر بعضها بعضاً؟!
هل الأديان السماويّة فعلاً سماوية، وما هي سماوية الممارسات التي تنتهجها ممارسات الكثير من رجالات ومؤمني هذه الأديان، ما هي مساحة المسامحة والمحبة والسلام في كل دين على حدة من هذه الأديان، وما هي مساحة المسامحة والإخاء والمحبة والعطاء الخيِّر فيما بينها؟!

انّني أرى ممارسات طائشة للكثير من توجهات رجالات أديان وطوائف ومذاهب هذا الزَّمان، متى سيفهم رجالات الدين الواحد أن الوئام والمحبَّة والمسامحة بين مذاهبه وطوائفه وطقوسه هامة وضرورية، والأهم من هذا أن ينفتحوا على رجالات الدين الآخر ويتعاونوا بالتالي رجالات كلّ الأديان والأقوام والشعوب فيما بينهم لخلق حالة محبَّة وسلام ووئام، ليتم تحقيق معادلة العدالة والحرية والمساواة بين جميع البشر، كي يبيّن الإنسان في هذا المنحى أنه فعلاً إنسان مسالم ويليق به أن نطلق عليه كائن عاقل ومن أسمى المخلوقات؟! وإلا فلا قيمة لوجوده على وجهِ الدُّنيا على الإطلاق، طالما لا يحقِّق العدالة والمساواة والمحبة خلال وجوده على أرضٍ خيِّرة معلَّقة بين أحضانِ السَّماء!!!

صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef1@hotmail.com