المحرر موضوع: من قال ان لجنة البيئة ليست كشخة و أُبَهَة ؟  (زيارة 1881 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Wadii Batti Hanna

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 243
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من قال ان لجنة البيئة ليست كشخة و أُبَهَة ؟

الدكتور وديع بتي حنا
wadeebatti@hotmail.com

لا احد ينكر ان الديموقراطية في العراق – على علاتها – قد اعطت الفرصة لكثير من الافكار والظواهر والامراض التي يعاني منها الواقع العراقي لكي تعبر عن نفسها وكل بطريقته الخاصة واعتقد ان ظاهرة تلوث البيئة في العراق قد اختارت اسلوبا ذكيا في التعبير يتمثل في انهماك المسؤولين العراقيين بكافة عناوينهم الكبيرة والصغيرة في مطاردة الذباب عن وجوههم  وهم  في اجتماعاتهم اوفي مقابلاتهم الصحفية مع   الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى.

نُشرت قبل ايام دراسة بريطانية جديدة حول تاثير الاشعاع على الانسان وخرجت الدراسة بنتائج تشير الى ان الاشعاع هو السبب الرئيس للاصابة بالسرطان للسكان الذين يسكنون على مسافة تقل عن 200 متر من الموقع النووي اما الذين يتواجدون او يسكنون على مسافة تزيد عن 400 متر من الموقع فان الدراسة المذكورة لم تجزم باعتبار الاشعاع سببا رئيسيا لحالات السرطان بل اعتبرته احد العوامل التي قد تسبب ذلك. تجدر الاشارة الى ان الدراسة اعلاه قد تمت على مواقع نووية تتوفر فيها كل شروط السلامة والامان وتطرح للفضاء الخارجي ادنى كمية ممكنة من الاشعاع . بالاستفادة من نتائج هذه الدراسة من خلال تطبيقها على البيئة العراقية التي تشير كل الهيئات الدولية الرصينة الى انها تعيش واقعا مأساويا من حيث كمية التلوث ومساحته حيث تم تحديد المئات من المواقع الملوثة المنتشرة في ارجاء العراق وبمستويات للتلوث تفوق الحدود الطبيعية بمئات بل بألوف المرات في بعض المواقع الى الحد الذي لانبالغ فيه اذا قلنا ان هناك مئات الالاف ان لم يكن الملايين من السكان الذين يسكنون قلب التلوث عن طريق تواجدهم بالقرب لا بل بالتماس من مواقع نووية سابقة او اسلحة ملوثة او احتفاظهم بمواد ملوثة اشعاعيا عن طريق الجهل والخطأ مما يجعلهم وللاسف الشديد عرضة للاحكام القاسية لتلك الدراسة البريطانية ناهيكم عن اشكال التلوث الاخرى التي تعاني منها البيئة العراقية بجانب التلوث  بالاشعاع والتي تركت الانسان العراقي يعيش التلوث هواء وطعاما وشرابا.

ان مشكلة تلوث البيئة في العراق هي احدى المعضلات الجدية التي تستدعي ان تنهض لمجابهتها وايجاد الحلول لها كل الطاقات الوطنية العراقية وبالتعاون مع المنظمات والهيئات الدولية ويبرز هنا الدور الفعال الذي بنبغي ان تلعبه في هذا المجال قبل الجميع الكوادر والخبرات العلمية العراقية واصحاب الشهادات والنخبة المثقفة انطلاقا من الصبغة العلمية التي تتميز بها معضلة تلوث البيئة . لقد استبشر العراقيون خيرا وهم يتصفحون قوائم اعضاء جمعيتهم الوطنية المنتخبة ثم في وزارتهم العتيدة وهم يشاهدون في تلك القوائم كما هائلا من ( الدكاترة ) و ( الاساتذة ) واصحاب الشهادات الرفيعة حتى ان بعض  مقدمي البرامج في الفضائيات صار ينعت لااراديا ضيوفه من المسؤولين العراقيين بلقب ( الدكتور ) من باب الاحتياط !. اضف الى ذلك ان نسبة كبيرة من هؤلاء السيدات والسادة اصحاب الشهادات من اعضاء الجمعية الوطنية قد امضوا فترة طويلة من حياتهم وهم يعيشون في بلدان غربية متحضرة لا نبالغ اذا قلنا ان حماية البيئة والانسان فيها يرقى الى درجة القداسة , لكن كل هذا لم يخطر كما يبدو في ذهن اي من ممثلي الشعب الجدد فطعنوا البيئة طعنة غادرة في الظهر عندما ( ترفَعوا )  عن إلقاء التحية على لجنتها اليتيمة كما كان يأمل الكثيرون.

مواطن سويدي كان يعالج بالاشعاع قبل اشهر في مستشفى جامعة ( لوند ) السويدية وقد كان الاطباء هناك قد باشروا باستخدام طريقة جديدة في العلاج لمثل تلك الحالات التي يعاني مثلها ذلك المواطن السويدي ثم ظهر ان تلك الطريقة ادت الى تعرض ذلك المواطن الى جرعة اشعاعية اكبر من الجرعة الطلوبة مما سبب بعد فترة الى ظهور بقع جلدية في جسمه. معهد الوقاية من الاشعة وهو الجهة الحكومية الرسمية التي تعنى بهذه المواضيع في السويد شكَل فورا لجنة تحقيقية وصلت الى قرار باعتبار ذلك تقصيرا جديا من مستشفى جامعة لوند وعزت اللجنة ذلك الى نقص في المقررات الدراسية للجامعة واوصت بضرورة اجتياز جميع منتسبي قسم الفيزياء الطبية الاشعاعية في جامعة لوند اختبارا جديدا الى جانب سيل من القرارات الاخرى. مواطن واحد في بلد ما تتشكل من اجله لجان وتتخذ قرارات ومئات الالاف بل الملايين في بلد اخر ترى فيه جمعيتهم الوطنية صعوبة بالغة في ملأ شواغر لجنة البيئة فيها.

 فقط عندما يبدأ اولي الامر فينا وممثلينا المنتخبين في الاعتقاد ان لجنة البيئة هي كشخة وابهة عندئذ استبشروا خيرا لاننا قد بدأنا الخطوة الاولى على الطريق الصحيح قد تكون منطلقا لخطوات اخرى في كل المجالات.
ايتها السيدات , ايها السادة جرٍبوا حظكم مع البيئة .