المحرر موضوع: مظاهرات الكهرباء و عجز المحاصصة الطائفية !  (زيارة 615 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهند البراك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 521
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مظاهرات الكهرباء و عجز المحاصصة الطائفية !
                                                                                 
  د. مهند البراك

اندلعت التظاهرات صاخبة و مدويّة في صيف العراق الأكثر التهاباً، و هي تطالب بالكهرباء الذي يعني الكثير في زماننا الراهن . . من التبريد و الثلج و دوران عجلة المصالح الإقتصادية المتنوعة في المدن، الى الزراعة و تحقيق الأمن اضافة الى الإتصالات التلفونية و خدمات الأنترنت لمن يملكها، و الذي يعني انقطاعه، استمرار الإنعزال المظلم السابق عن العالم و مجرياته و تنويره . . بعد ان تواصل و تزايد انقطاع الكهرباء، رغم الخطط المعلنة و رغم سيلان فلكي لمليارات و ملايين الدولارات بلا حسيب او رقيب، و التي لايعرف كيف و اين استقرّت و لمن .  
و رغم ماقيل و يقال عن كونها استغلال سياسي من جهة ضد اخرى، وعن وجود نواقص في اعداد و تهيئة المظاهرات التي انطلقت بشكلها الواسع و لاتزال في ثغر العراق " البصرة " ، و عن وجود خروج عن مألوف في مدينة الناصرية الباسلة، الاّ انها عنت و تعني الكثير الذي قيل و مايزال يعتمل و يقال، في محافظتين شهدتا معاناة و انفجارات عاصفة سواء في مواجهة الدكتاتورية و حروبها او في مواجهة موجات طائفية متنوعة، وتسبب ذلك بفواجع شهدتها المدينتان سواءً في الحرب او في انتفاضة الربيع ضد الدكتاتورية التي وصفتها بـ (الشجرة الخبيثة) . .
فرغم اعلان نتائج انتخابات آذار منذ شهور، لم تتشكّل الى اليوم الحكومة الجديدة وفق الأصول الدستورية المعلنة، في صراع كشف عن كونه لايتعدى عن كونه صراعاً فوقياً و صراع دوائر وافراد، معزولاً عن حقيقة مجريات الواقع العراقي المؤلم الذي تفجره الآن ازمة الكهرباء في صيف لاهب، في واقع تتواصل معاناته، من مشاكل توفر الماء الصالح، البطالة التي تتزايد بلا حدود، التدهور الصحي المستمر، التخريب، السرقات الأسطورية و الفساد و المليارات المفقودة، والأخرى التي لايعرف كيف صرفت و امور لاحد لها لم تستطع ايقافها جهود لكونها غير مؤهله لذلك بتقدير اوساط متزايدة . . صارت احاديث و اجتهادات الساعة لوكالات الأنباء العالمية . .
و فيما يتواصل استمرارها و توسع نطاقها الى محافظات و مدن اخرى، رغم ضرب المظاهرات الأولى بالنار، و رغم تأديتها الى استقالة وزير الكهرباء في الحكومة المستمرة حالياً الى حين تشكيل الحكومة الجديدة، التي كشف السعي لتشكيلها عن سلوك تعنّت و استبداد عبّرت عنه تصريحات و استعدادات لأعمال عسكرية لقادة في المسيرة تناقلتها وكالات انباء متنوعة، و صارت تثير خشية اكثر من جهة داخلية و اقليمية لأسباب كثيرة التنوع تتعلق بملفات و خطط دوائر لايتسع لها المقال، تهدد بمحاولات عودة الى المربع الأول . .
   فان تلك التظاهرات و برأي محللين و خبراء تشكّل التحدي الشعبي الذي اخذ ينتظم على اساس وطني شامل و ليس طائفي، لأن المعاناة تعيشها اوسع الأوساط الكادحة العراقية سواء كانت سنية ام شيعية، مسلمة و غير مسلمة، عربية و غير عربية، حتى صارت تجتمع و نتشط معاً من اجل تحقيق مطالب من شأنها التصدي لواقع مرير، على طريق ايجاد حل يتناسب مع حقوق و هول التضحيات و الصبر و الصمود، الذي يواجهه العراقيون رجالاً و نساءً ، و خاصة الأوساط الكادحة، التي كانت و لاتزال وقود المعاناة و بالتالي المواجهات المنظّمة و الظافرة في بلد النفط و المليارات التي تتقاتل عليها انواع الإحتكارات و الدوائر، بشتى الواجهات . .  
و يرى آخرون انها ستوسع النشاط المطلبي الوطني الذي يوحد الأطياف العراقية في بودقة السعي لتحقيق المطالب المشروعة، النشاط الذي شكّل جوهر الحياة العراقية و الذي حققت به نجاحات قدّمت العراق و الحياة فيه على اسس انضج و اجدى ، والذي ابتدأت بتشويهه المنظّم الدكتاتورية السابقة و ارهابها، فيما يستمر التشويه اليوم تحت تشريع حكم المحاصصة الطائفي . . النشاط الوطني الذي يشكّل عاملاً جماهيرياً اساسياً يضغط من الشارع العراقي لشق الطريق نحو تشكيل حكومة مدنية حديثة تتحرر من المحاصصة الطائفية، تأخذ بعين الأعتبار نتائج الإنتخابات رغم ثغراتها و غلبة الطابع الطائفي عليها برغم التحسينات التي اجريت على واجهتها ..  
   في غمار عملية ديمقراطية صارت تتسم بالبلادة وفق تعبير اوساط نافذة متنوعة الأطياف فيها، بعد ان شهدت الحياة العراقية صعود ضباع حروب و قطط سمان من الوان و مواصفات جديدة افرزها ميراث الدكتاتورية و الحروب و الإحتلال و الإرهاب و المحاصصة الصمّاء، و دور كل ذلك و غيره في رسم المسيرة الجارية، فيما تتواصل معاناة اوسع الأوساط الشعبية رغم سقوط الدكتاتورية . .
   النشاط المطلبي الجماهيري الوطني المنظّم الذي من شأنه الضغط لأجل ان تلعب الكفاءات العلمية و الإدارية العراقية دورها على اساس الشعور بالأنتماء الوطني و الكفاءة و النزاهة، وعلى اساس الهوية العراقية الوطنية و ليس الهويات الطائفية و العرقية و الدينية، و ليس على اساس المحاصصة الطائفية التي ان صلحت لتمشية حال يوماً ما، فانها لم تعد تصلح كآلية للحكم، بشهادة السنوات السبع الماضية التي اثبتت عدم صلاحيتها لمواجهة التحديات القائمة .  
   المحاصصة التي جرى اعتمادها و تشريعها، رغم تحذيرات متواصلة لأوساط ديمقراطية و يسارية و علمانية واسعة متنوعة الأطياف، اضافة الى تحذيرات مرجعية السيد السيستاني وتاكيداتها على اهمية وحدة العراقيين باطيافهم و اعلانها عن وقوفها على مسافة واحدة من جميع الكتل . . من اجل النجاح في مواجهة المحن و السير نحو عراق ديمقراطي فدرالي موحد، عملاً بروح الدستور .

27 / 6 / 2010 ، مهند البراك