المحرر موضوع: البصرة..بصيرة اخرى  (زيارة 870 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
البصرة..بصيرة اخرى
« في: 04:07 05/06/2006 »
البصرة..بصيرة اخرى

عبدالمنعم الاعسم
aalassam@hotmail.com

لا اوافق على ما ذكره رئيس الوزراء نوري المالكي من ان المسؤول عن اضرام النار في ثياب مدينة البصرة هم اولئك السجناء من عتاة المجرمين واللصوص  والقتلة والمهربين الذين اطلق صدام حسين سراحهم من السجون عشية رحيله الى المزبلة، فهو اختصار غير موفق للمشكلات التي عصفت في هذه المدينة العراقية الآمنة، وهو محاولة لترشيد، او احتواء، لغة الاتهامات المتبادلة بين فرقاء الازمة.. تلك الاتهامات التي ازدحمت بها الصحافة المحلية، وشغلت بها الاذاعات والفضائيات على نطاق واسع وصار يتداولها ويعرفها جميع المتابعين للازمة العراقية.

كما لا اوافق على ما ذهب اليه نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي في التركيز على البعد الديني والمذهبي لمشكلة البصرة، فلم تعد الصراعات الطائفية معزولة عن بيئة الصراع السياسي، ولا عما ترتكبه عصابات الارهاب والجريمة المنظمة المستظلة تحت خيام الفئات السياسية من جرائم واعمال اغتيال وتجييش وكراهية بين سكان البصرة الذين كانوا بعيدين عن الانجرار الى هذه العاهات الوافدة.

والحق ان احدا لايمكنه اعفاء بضعة آلاف من فضلات سجون ابو غريب الاجرامية مما يحدث من بعض التعديات واعمال الخطف والتهريب والقتل والسطو، بالاضافة الى الافساد السياسي، لكن المشكلة التي يعرفها رئيس الوزراء ويعرفها المتابعون، كما اعتقد، ان الكثير من هؤلاء من ذوي السجل الاجرامي وجدوا طريقهم رحبا الى بعض بطانات السياسيين والتنظيمات والتشكيلات المحلية التي نشأت وتوسعت في غضون الاعوام الثلاثة الماضية، وشغل العديد منهم مواقع مهمة تتصل بحياة المواطنين، في حين حظي بعضهم، ممن يشار لهم بالاصابع، بغطاء سياسي واداري من مراجع ادارية وحكومية وسياسية وعشائرية ودينية، وصاروا خارج الرصد والحساب والمساءلة، في حين شكلوا بؤر فساد وتهريب ومصدر سطو على قوت الشعب وامنه وتطلعاته، وليس من دون مغزى ان تفتضح-خلال تراشق الاتهامات بين الفرقاء المحليين- وقائع مخيفة عن تسلل بعض من اولئك المجرمين الى مواقع حكومية وسياسية، مستخدمين الرشوة والاكراه والتهديد سبيلا للوصول الى تلك المواقع الخطيرة .

وباختصار، فان مصدر ازمة مدينة البصرة يمكن قراءته في الاستقطاب الطائفي والفئوي، وفي السباق المحموم بين بعض المتنفذين المحليين للاستحواذ على الثروة والجاه والحكم، ولاخضاع المدينة، بمنفاذها وشواطئها وحدودها، الى مصالحهم، وليس مبالغة في القول ان الازمة الحالية في البصرة نشأت، في واقع الحال، منذ اكثر من عام، بل والى ما قبل انتخابات ديسمبر الماضي، حين حاولت بعض الجماعات المتنفذة تحويل البصرة الى "ولاية مغلقة" مع كل ما تعنيه هذه المفردة من معاني سياسية وادارية وقضائية.

وبمعنى ما، فان صرف الانظار عن الازمة الحقيقية لمدينة البصرة الى جزئيات وتوابع من شانه ان يكرس اسباب الازمة، أو ترحيلها الى خارج طبيعتها، او اخفائها مؤقتا تحت ديباجات تطييب الخواطر وعبارات النخوة، التي اُتخِمنا بها لحد الاختناق.
ـــــــــــــــــــــ
..وكلام مفيد
ــــــــــــــــــــــ
“من سكت عن الحق مات بدائه”.
الطبري[/b][/size][/font]