المحرر موضوع: القومية واللغة والتاريخ الثلاثية الصعبة 2 اللغة  (زيارة 1949 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيري بطرس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1326
  • الجنس: ذكر
  • الضربة التي لا تقتلك تقويك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
القومية واللغة والتاريخ الثلاثي الصعب 2 اللغة
    اللغة هذا الكائن الحي، الذي ينمو ويكبر واحيانا يشيخ، كما شاخت لغتنا، فبالكاد يعرفها قراءة وكتابة 5% من الناطقين بها وصح القول فينا الناطقين بالسريانية.
لم تبتداء اللغة وهي متكاملة الخواص والكلمات، بل ابتدات نطقا  وصوتا بتطور الانسان، ولان للانسان عقل يخزن التجارب ويقارن فقد تمكن هذا الانسان من اعطاء الاشياء اسماء لكي يعرفها، ويعطي العمل فعله لكي يمارسه او لكي يطلب ممارسته، ولكي تتطور اللغة وتتوسع ولكي تضم كلمات جديدة فعلى الانسان المتكلم بها مواجهة اعمال او اشياء او لغات جديدة فلا يعقل ان يسمي انسان يعيش في الصحراء اسما للبحر او انسان يعيش في في عام 1200 ق.م ان يسمي مكوم الفضاء ، لان اللغة بذاتها لا يمكن ان تتطور الا بفعل الكتابة والتفكير ووضع نصوص قد تحتاج لصياغة تعابير يحتاجه العمل الابداعي كقصة الخليقة وككتابة القوانيين.
في الحقب القديمة تكونت اللغة لانها حاجة انسانية وتطورت تبعا لحاجات هذا الانسان، واللغة ليست خط الكتابة الذي خلطوا بينهما بعض المؤرخين، فاللغة الاكدية الاشورية التي كان يتكلم بها اهل العراق القديم، كتبت بخط مسماري وهذا واضح من اللقى والالواح الطينية، وبتطور الحياة ووسائل الاتصال اتخذ اهل العراق القديم الخط الابجدي والمسمي الارامي كخط لكتابة لغتهم، لانه كان الخط الاسهل ويتكون من ابجدية لا تتعدي اثنان وعشرون حرفا، ومنها يمكن تكوين كلمات لا حصر لها، وهنا حدث تطور هائل في سهولة تعلم الطتابة والقراة في عن الوقت الذي حدثت الاشكالية اللغوية التي يقال ان الاشوريين او سكان العراق القديم قد غيروا لغتهم وكأنها حقيبة سفر يمكن ان ترمى بعد ان اتمت مهمتها او قميض ينزع ليلبس غيره، حتى لو افترضنا ان العملية استمرت قرون طويلة سيكون قبول فرضية تغيير اللغة عسيرا، اي نعم الاحرف وخط الكتابة ولكن اللغة فلا اعتقد وللاسباب التالية.
اولا_ لكي يتم تغيير اللغة يجب توفر عوامل مهمة، ومنها ان تكون اللغة الجديدة لشعب ذو حضارة ارقى من الشعب صاحب اللغة القديمة، اي بفعل الانبهار والاعجاب والشعور بالدونية في مجالات شتى، وهذا غير متوفر في الحالة الاشورية، فالمفترض ان الاشوريون غيروا لغتهم مع القرن الثامن والسابع من قبل الميلادي اي عندما كان الاشورييون في اوج قوتهم حسب ما تذكره لنا كتب التاريخ وسقوط الدولة الاشورية مرحلة نينوى حدث في نهاية القرن السابع قبل الميلاد.
ثانيا_ يتطلب تغيير اللغة بالصورة المراد تسويقها لنا، استعمال عامل القوة او الفرض سواء بواسطة القانون او القوة الجبرية لاجبار الانسان على تعلم لغة اخرى، وهذا غير ممكن لانه لم يكن بقدرة الاشورين تخصيص عدد كبير من المراقبين او القوات لفرض هذا الامر، كما انه ونتيجة لصعوبة المواصلات والاتصالات فما كان يمكن تنفيذ الامر.
ثالثا_ يمكن الاستنتاج ان الامية كانت متفشية في المجتمعات حينذاك، فعدد الملمين بالقراة والكتابة كان عدد محدودا جدا وقد يكون اقل من 1% من الشعب وهذه نسبة كبيرة مقارنة بذلك الزمان، اذا مع تفشي الامية يمكن الاستنتاج ان مسألة تغيير اللغة يشوبه صعوبة كبيرة جدا، لان الامي لكي يتعلم لغة ما يحتاج الى احنكاك يومي بالناس ويحتاج الى ان يكون تعلم اللغة امر ضروري لتمشية معاملاته اليومية.
رابعا_ يتطلب تغيير اللغة ان تكون الاكثرية من ابناء اللغة الجديدة وهذا ليس هناك اي دليل عليه، فلا يمكن بأي حال من الاحوال الاستنتاج ان من سموا بالاراميين كانوا الاكثرية، بين السواد في المجتمع الاشوري.
من هنا يمكننا الاستنتاج ان عملية التغيير الحقيقيى التي حدثت هي ترك الكتابة بالخط المسماري والكتابة بالابجدية التي هي عملية تطور طبيعي للخط المسماري، ويمكن القول ان اللغة ككائن حي دائمة التاثر باللغات الاخرى وتأخذ منها مصطلحات وكلمات جديدة وهذا لا يعيب اللغة.
الاستنتاجات التي يمكن ان نخرج بها، وارغب التأكيد ان هذه الاستنتاجات ليست دراسة تاريخية لتطور اللغة بقدر ما هي مقارنة منطقية لمسار العملية اي التطور اللغوي في مجتمعنا.
بما ان الشعوب القاطنة في هذه المنطقة التي تمتد مما يسمى اليوم بالجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق هي من الاصول المشتركة، فلابد ان تكون لغتهم ذات جدر مشترك، واذا اكدنا على الاسس التي تجعل اللغة تتطور ندرك ان التطورات التي حدثت في هذه اللغة التي سميت باللغة السامية لم تكن كبيرة، بسبب عوامل عديدة وهي التشابه الجغرافي وكون الاختراعات والاكتشافات قليلة وتعد نادرة، اذا بقت اللغة واحدة في الاطار العام مع الاختلافات اللهجوية وبعض المفردات الدخليلة نتيجة للاختلاط بشعوب اخرى او نتيجة للاكتشافات الحديثة والتي قد لا يعلم بها احد اقسام من مستعملي هذه اللغة، من هنا نقدر على القول ان الشعب العراقي القديم لم يبدل لغته بلغة اخرى بقدر تبديل احرف الكتابة وضم مصطلاحات او اسماء لمخترعات لم يعرفوها واخذوها من غيرهم، الا ان الفارق الاهم بين الشعب العراقي القديم وبقية ساكني بلاد الشام هو الاختلاط بالسومريين وتأثر الشعب العراقي القديم بهم و بثقافتهم وتراثهم حتى ان الاكديين والعموريين والاشوريين والكلدان اتخذوا من الهة السومريين الهة لهم وان كان باسماء اخرى ولكن بنفس الصفات، كما اتخذوا  قصة الخليقة  كاحد اسس بناءهم الديني ومنبع اليقين لديهم، كما انهم نسبوا سلسلتهم الملكية لسلسلة الملوك ما قبل الطوفان، ولكن من الواضح ان التأثير السومري على لغة الاكديين والعموريين والاشوريين كان ضئيلا بسبب الموجات المتعددة لحملة هذه اللغة المشتركة كما ان ظهور دول قومية لهذه الاقوام على انقاض الدويلات السومرية ساعد على اندماج السومريين في القادمين الجدد.
مع بداية انتشار المسيحية في بلاد النهرين اتخذت الكنيسة من لهجة اورهي لغة رسمية لها وسميت سورث او(ܠܫܢܐ ܐܣܘܪܝܝܐ) الالب تكتب  ولا تقرا ، وبذا استقرت لهجة اورهي على سياقها وكان تطورها فقط بتنظيم قواعدها وادخال الكلمات والمصطلحات التي احتاجت لها في العلوم والفلسفة التي توسعت، بتوسع التعليم وكثرة المدارس والاديرة والكنائس، من هنا بقت هذه اللهجة بثباتها في الوقت الذي تطورت اللغة المحكية بفعل التاثيرات التي دخلت عليها من اللغات الاخرى في الجوار الجغرافي وخصوصا ان اللغة المحكية لم تلزم قواعد صارمة لانها اصلا لم تكن لغة العلم والثقافة بل كانت لغة الحياة اليومية؛
الاستنتاجات النهائية بهذا الخصوص
ان اللغة التي نسميها اللغة السريانية هي لهجة من لهجات اللغة التي كان يتكلم بها اجدادنا من الاكديين والاشوريين والكلدان، وليست لغة غريبة عنهم كما يحاول البعض الايحاء بذالك، كما ان اجدادنا القدامي لا يمكن ان يكونوا قد استبدلوا لغتهم بلغة اخرى لعدم توفر اسبابا منطقية لهذا الامر  .
ان هذه اللهجة اصبحت اللغة الرسمية المكتوبة واللغة الوحيدة للثقافة والتبادل العلمي، كما حصل مع لهجة لندن عندما اتخذت كلغة رسمية لكل سكان بريطانيا، وسميت لغتنا  هذه بالسورث وهذا منذ اكثر من الفين من السنين وليس عيبا وانتقاصا من اشوريتنا او كلدانيتنا ان نستمر في تسمية لغتنا بالسورت او اللغة السريانية، لان هذه التسمية جاءت في اطار تطورها الطبيعي والمنطقي ولم يتم فرضها من قبل اي جهة علينا، كما ان محاولة البعض تجاهل ان التسمية لها من العمر والاستمرارة لمدة الفين من السنين، يعتبر غبنا  لحقبة تاريخية مضيئة ويمنح الشرعية للاخرين لكي يسمون اللغة بتسمياتهم القومية، وهنا نزيد من مصاعب عملية الحوار التوحيدي بل نخلق محاور جديدة للاختلاف والتضاد.
ان هذه اللغة هي عامل توحيد لكل تسميات ابناء شعبنا، ولكنها بحاجة الى تطوير وعصرنة الالفاظ والمصطلحات، بالطبع هناك فرع لا يزال يكتب ويقرأ  من هذه اللغة الا انه بلهجة جنوب العراق، فاورهي التي اتخذت لغتها لغة رسمية للمسيحية تقع شمال العراق الحالي اي في تركيا الحالية، اما لهجة جنوب العراق من هذه اللغة التي تكلم بها اجدادنا هي اليوم ما يسمى باللغة المندائية، علما ان اللغة المندائية المكتوبة لم يدخل عليها اي تبديل وتغيير منذ ما قبل الغزوا الاسلامي، قد يفيد المختصين للدراسته ومقارنته بلغة العراقيين القدماء من الاكديين والعموريين والاشوريين.

   تيري بطرس[/b]
ܬܝܪܝ ܟܢܘ ܦܛܪܘܤ