المحرر موضوع: رد لما كتبه أحد ألأخوة من المتطرفين القوميين في مقالته  (زيارة 889 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نافــع البرواري

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 386
    • مشاهدة الملف الشخصي
 رد لما كتبه أحد ألأخوة من المتطرفين القوميين في مقالته
 
بقلم نافع البرواري
 
في متابعتي للأحداث لما جرى ويجري في العراق من التطرف الطائفي والقومي والمذهبي والعرقي الذي أصبح واقعا لا يستطيع أحدٌ أنكاره ، ألاحظ أستشراء هذا المرض ليفتك حتى بين ألأخوة المسيحيين أنفسهم ، فأصابنا مرض الحنين الى السلف والبكاء على أطلال الحضارات الكلدانية والسريانية والاشورية ونسينا حاضرنا ومشاكلنا ومآسينا وقضايانا المصيرية ، بل حتى ايماننا أصبح موضع شك ، وبات وجودنا وبقائنا وحتى هويتنا في محكّ .
يمكننا أن نستخدم الكلمات كأسلحة أو كادوات للأسائة للعلاقات أو لبنائها. وللأسف كثيراً ما يكون الهدم اسهل بكثير من البناء( حتى في مشاريع البناء). فقد نقضي سنوات لتشييد بناية ضخمة ولكن ما أسهل تدمير وهدم هذه البناية. وكُلِّ شخص نقابله اليوم , أمّا أن يكون مجالا للهدم, أو فرصة للبناء, وكلماتنا هي التي تحدث الفرق. فهل نكون معولا للهدم أو أداة للبناء. يقول كاتب سفر الأمثال"كلام النفاق يُفسِد صاحبهُ. وبالمعرفة يخلص ُ الصدِّيقون"أمثال 11:9"
عندما يتهم (أحدهم ) أخيه الاخر بتهمة جارحة و بأستهزاء, لانّه لا يشاركه هذا التعصب الأعمى, و ليقول عنه" عرب وين وطمبورة وين" فهذه هي مأساة حقيقية, فأما لا يعرف هذا الأخ ما يقصده المثل فتلك مصيبة, وان عرف هذا ألأخ ما يرمز اليه المثل فالمصيبة أكبر. في الحقيقة هذا المثل ينطبق على كُلّ متعصب لقوميّته فيرى خراب بيوت وماسي تحّل بالمسيحيين في العراق, ولكنه لا يهمّه هذا كُلّه سوى التغني بأمجاد القومية والبكاء على أطلال تلك لحضارة التي لم يشترك أخينا في صنعها. فإذا هذا المثل ينطبق على أخينا هذا والسائرين معه في نهجه, فهو غائب عن ما يُعانيه شعبه ويعيش في عالم آخر في دولة تقع  في أقصى الكرة الأرضية ولا يعيش مأساة شعبه الذي أشمئز من التحزبّات القومية والطائفية التي مزّقت امالهم في توحيد كُل الجهود الرامية الى وحدة (السريان والكلدان والآشوريين).
أنّها لمأسات ما وصلنا اليه نحن مسيحيي العراق بسبب التعصّب القومي والطائفي حتى وصل ألأمر ان يكتب واحداً من هؤلاء المتعصبّين , مقالة تطعن في شخص يمقت التعصب القومي والطائفي و مشهود بنزاهته ومحبّته وأخلاصه لوحدة المسيحيين سواء كانوا (سريان أو كلدان أو أشوريين) .
يريد منّا هذا الشخص (القومجي) أن نكتب عن عظمة حضارة الكلدان وما قدموه للبشرية من العلوم والمعارف وكأن مشاكلنا ومآسينا الحالية لا يمكن حلّها الاّ بالرجوع الى سالف الحضارات المندثرة ونُنقِّب في أطلالها (كالذي يبحث عن ابرة وسط كوماً كبيراً من القش) عن حل لمشاكلنا ومعاناتنا (اليوم) مما نعانيه من ألأضطهاد والظلم والتهجير القسري والتمزّق ألأخلاقي والفتور ألأيماني, والتشرذم والتحزب والتعصب, الذي أصاب وحدتنا المسيحية. نعم نحن لاننكر حضارة الكلدانيين ولا حضارة الاشوريين أوحضارة السريانيين(الاراميين) , ولكن نحن ابناء اليوم علينا أن لا نبكي على الأطلال بل أن ننهظ ونستفيق من أحلام اليقظة التي نحن فيها. لأنّ الرجوع الى الماظي السحيق لجلد الذات والتهرب من الواقع الحالي هو كالذي يهرب من مشاكله باللجوء الى المخدرات.
نحن ليست مشكلتنا مع الكلدان, أيّها ألأخ العزيز, وليست مشكلتنا مع ألاشوريين وليست مشكلتنا مع السريان , فنحن نحترم أعتزازهم بقوميتهم وهويتهم وجذورهم التاريخية, ولكن مشكلتنا هي مع الذين ينظرون من زاوية محدودة من هؤلاء الناس دون النظر الى جميع الزوايا, وهذا ما يسبب تفّرُقنا ويزيد من تمزُّقنا كشعب واحد عاش في وطن واحد ويشترك بلغة واحدة وتراث واحد لابل دم واحد ومرتبط بمصير واحد والأكثر من ذلك يؤمن بايمان واحد. وهذا ما يُركّز عليه الخيرون من أبنائنا (الكلدان السريان الآشوريين) ومنهم هذا الشخص الذي أتّهمته في مقالتك, التي تفوح منها رائحة التعصب حتى قذف الاخرين بكلمات غير لائقة, عندما تقول عنه ما نصّه"...راجع النصوص التي كَتَبتَبها وتَرجَمتَها في تَبَجُّحُكَ في مقالتُكَ".
 السؤال موجّه لك أخي العزيز وهو: هل يتطلب هذا القول عن شخص مؤمن بالله ومحب لشعبه المسيحي سواء كان( سرياني أو كلداني اوآشوري) تنعته بصفة غير لائقة وهو شمّاس معروف من قبل غالبية الكلدان والسريان والاشوريين ولا يستطيع أحد أنكار محبّته للكُل وغيرته على كنيسته المشرقية وتفانيه في محاولة وحدة المسيحيين ولا فرق عنده بين التسميات ويشهد له حتّى الذين يخالفونه الرأي؟ وبعد أن شاهدنا صور الكتاب المترجم للأب المرحوم تبقى مُصِراً على رأيك مع شديد الأسف.
ألم يشرح لك هذا الشخص في ألأجابة على اسئلتك وبأسلوب البحث العلمي وبالمنطق وألأدلة  الكثيرة , ولكنك مع كُل ذلك تصرُّ على رأيك وعنادكَ؟ هل هذا هو أُسلوب شماس مؤمن ومثقف يكتب في موقع كلداني ويقرأ مقالته آلاف المؤمنين؟ .أليس هذا دليلا على ألأفلاس لأقناع الناس بمشاريعكم القوميّة وتجارتكم بهذه الشعارت الخدّاعة فأنفجر نار غضبكم على الذين كشفوا للشعب زيف هذه الشعارت وعرف الشعب المسيحي حقيقتكم التي طالما حاولتم أخفائها وراء الشعارات الزائفة؟
أليس هذا الغضب يعبّر عن مشاعر الكثيرين من أخوتنا أصحاب (الأصوليين القوميين)الذين يتعصبّون لقوميتهم وينظرون الى من يخالف نظرتهم فيتهمونهم بشتى ألأتهامات كما نقرا في الكثير من المقالات ؟ لقد بُذلت جهود خيّرة عبر سنوات لتوحيد شملنا وتوحيد اهدافنا لتحقيق وحدة حقيقية تَجمع عليها كُلّ هذه القوميات الثلاث المنصهرة مع بعضها البعض عبر التاريخ, ويقف على رأس هؤلاء الخيّرين ذاك الشخص الذي نعتّهُ ( بالعُنجهية ) دون وجه حق ودون سبب معقول سوى لأنَّ هذا الشخص يختلف معك في النظر الى الأمور من منظارأشمل, وهو وأن كان هذا الشخص كلداني ولكنه غير متعصّب لكلدانيته وينظر الى هذا التعصب الذي جعل الكثيرين من أمثالكم يفقدون التصرف اللائق والكتابة بحكمة بحيث أصبحتم  سبباً رئيسياً لما آلت اليه أوضاعنا المسيحية اليوم والواقع المؤلم يشهد على ذلك بدون نقاش.
لنفرض أنّ الشخص الذي ذكرته في مقالتك قد نقل عن كتاب مترجم عن الكلدان بوصفهم كانوا وثنيين أو (حنبي) وهو كذلك ، لأنَّ الوثنيين يعني من لايعبدون الله أو يشركون به ، وكذلك كلمة حمبي تعني ما تعنيه ، الذين لا يؤمنون باله اليهود (يهوه) علماً بأن آبائنا كانوا يلقّبون الذين غيّروا دينهم المسيحي بِ (الحمبي).
أنّ ما ورد في مقالتك عن الشعب اليهودي بانه أحفاد قتلة المسيح فيه نوع من الحق ولكن ليس كُل الحق لأن الكثيرين من اليهود آمنوا بالمسيح ، لا بل كانوا هم أساس المسيحية فتلاميذ المسيح جميعهم كانوا يهوداً ، كتبوا الأنجيل وبشّروا العالم بالأيمان الحق.
بينما لا تذكر ما فعله الكلدانيين(الوثنيين) في زمن الملك  نبوخذ نصر والملك بلشصّر, فالأول اراد أحراق أصدقاء دانيال( شدرخ وميشع وعبدنغو) في اتون النار بينما الثاني أخرج آنيّة الذهب والفضة التي أخرجها نبوخذ نصر أبوه من الهيكل(هيكل سليمان في أورشليم ) ليشرب بها هو وعظمائه ونسائه وجواريه في احتفال مهيب فيها تم شرب الخمر من هذه الكؤوس وألأواني فتنجّست, وقد دفع الكلدان ثمناً غاليا لهذا التصرف الأهوج بانتصار الماديين عليهم وسقوط بابل في نفس  ليلة ألأحتفال والقصة يمكن أن تقراها في سفر دانيال النبي الأصحاح الخامس. وأُحب أن أُضيف الى معلوماتك اخي العزيز أنّ  الكلدانيون في فترة السبي البابلي كانوا يعبدون مئات الآله وقد أضافوا اله يهوه الى قائمة تلك الآلهه في زمن نبوخذ نصر والدليل أنّ نبو خذ نصر آمن بيهوه اله اليهود ثم عاد ونُسيَ اله دانيال مرة ثانية من بعده في زمن بلشصّر ابنه وهذا دليل على وثنية الكلدانيين وأشراكهم بيهوه اله اسرائيل.
تقول في مقالتك :"إذن المسألة لم تـكـن إضـطـهاداً أربعـينياً ولا تسعـينياً ولا في زمن القـرن الرابع ولا العاشـر ، ولا مسيحـيّـين  ولا هـم يـحـزنـون ، وإنما كانـت تـشبـيهاً لِما حـدث في زمن نـبوخـذنـصّـر ، وإحـياءاً لذكـرى اليهـود المسبـيّـين وإلهـهـم يـهـوه ، وذكـرى شَـدْرَخ وميشَـخ وعـبدَ نـَغـو وسراويلهم والنار".
السؤال المطروح لك وأنت شمّاس : هل اله اليهود(يهوة) ليس الهنا, عندما تقول (والههم يهوه)؟ ولنترك ألأجابة للقارئ المؤمن ولا نريد أن نتشعب في هذا الموضوع فقد أوضح ذلك الأب حبيب هرمز في مقالته الرائعة والمنشورة في بعض المواقع لتوضيح الألتباس الذي وقعتَ فيه , وأرجو الرجوع الى هذه المقالة وأدناه أقتبس بعض ما كتَبه ألأب حبيب في الفقرة رقم(5) من مقالته:
"خامسا: إن الرب جاء ليكمل لا لينقض. العديد من المسيحيين في كنيسة المشرق كانوا يهودا يعيشون في وادي الرافدين جنبا الى جنب مع اخوتهم المسيحيين من اصل كلداني وآخرون من اصل آشوري ومعهم الفرس المتنصرين والمسبيين الروم المسيحيين اصلا والعرب المهاجرين من الجزيرة وغيرهم. هؤلاء كانت قصص شهداء العهد القديم (مثل قصة الإضطهاد المذكورة في سفر دانيال ل شدرخ وميشخ وعبد نغو) نصب اعينهم استخدموها كرموز كلما استشهد احد بسبب اضطهاد الفرس. فالشهداء في العهدين لهم نفس الهدف وهو الشهادة بعلاقتهم ووفائهم لمخلصهم الذي كان ايام السبي البابلي يهوه الحي الى الأبد والغير منظور، وايام القرن الرابع كان الإيمان بالرب المسيح الحي الى الأبد الغير منظور ايضاً.
 راجع الموقع التالي:
http://www.ishtartv.com/viewarticle,30605.html
وأحب أن أضيف على ما قاله ألأب حبيب في الفقرة السادسة والسابعة من مقالته بأنّ الذي يريد معرفة ما ترمز اليه أية قصة من القصص في الكتاب المقدس عليه أن لا يأخذها حرفيا بل هي أحيانا كثيرة ترمزالى مقاصد روحية وعلى الباحث أن يعرف الرموز والمقاصد للكتاب المقدس  من خلال الدراية بعلم النقد ألأدبي والتاريخي والفلسفي , بمعرفة لغة ذلك العصر ومسيرة المجتمع الذي تم تدوين النص فيه ومعرفة الشخص الذي كتب النص والظروف التي دفعته للكتابة (راجع كتابات بولس الفغالي في النقد الكتابي للكتاب المقدس).
"ألأبن الحكيم ُ يقبلُ مشورة أبيه وأمّا الساخرُ فلا يسمعُ التأنيبَ"أمثال 13"1" ، فهل تقبل مشورة ألآباء أخي العزيز أم تتمسّك برأيك؟ ولكل حادث حديث.
السؤال ألأهم الموجه للأخوة, لماذا يسكت الكثيرون من المفكرين وكتبة المقالات عن هؤلاء الناس فيقرأؤن مقالاتهم دون أن يميزوا بين من يهدم البناء ومن يبني على هذا البناء, فأصبح الذي يطالب بوحدة (السريان والكلدان والآشورين) تحت مسمّى واحد هو "سورايي" لمصلحة المسيحيين ومستقبلهم ووحدتهم وتحقيق آمالهم يتم ألأستهزاء والسخرية به فيقول عنه كاتب المقالة  " بطل زمانه", بينما الذي يريد التعصب لقوميته أصبح  "البطل المنقذ"؟
 مع الأسف اليوم أختلطت الأوراق على الكثيرين واصبحوا لايعرفون الحق من الباطل, ولكن في نفس الوقت  أنكشفت أوراق الكثيرين من دعات  القومية والطائفية من العرب المسلمين وكذلك من أخوتنا المسيحيين, فقد سبّبوا في تمزيق العراق وسوف لن ينفعهم اللعب على أوتار القومية والطائفية, بعد(اليوم), لأن الشعب العراقي (مسيحيين ومسلمين) عرف انّه خُدِع بالمشاعر القومية والطائفية التي نادى بها هؤلاء المتعصبون للقومية والطائفية, فأنكشفت حقيقة تجارتهم بهذه الشعارات وما علينا الآن إلا أن نستفيد دروسا وعِبَر من التاريخ, لأن التاريخ يخبرنا عن مآسات التعصب القومي والطائفي عبر العصور.