المحرر موضوع: إلى مظفر النواب، عاشق البنفسج وليله أبن الرافدين البار الإنسان والشاعر والمناضل  (زيارة 896 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل محمد الكحـط

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 958
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
إلى مظفر النواب، عاشق البنفسج وليله
 أبن الرافدين البار
الإنسان والشاعر والمناضل

محمد الكحط – ستوكهولم-
انتابتني العبرات وأنا أشاهد برنامجا خاصا عن الشعر الشعبي في قناة الفيحاء الفضائية، والتي خصصت حلقتها للشاعر النواب هذا البرنامج قدمته شهد الشمري، حيث هزتني كلمات ومشاعر المتصلين وأكثرهم من الشعراء الشعبيين، وهم يتحدثون عنه، وكيف لا وهو الذي ظَفـَرَ بحبِ وعشق الناس الأحرار، الذين وجدوا فيه وفي شعرهِ أنفسهم، وما أجملَ وما أبهى أن يحظى إنسان بمثل هذا الحب، وكذا في اللقاءات الجماهيرية في الغربة مع مظفر النواب شاهدنا كيف تترقرق دموع الشيوخ والعجائز دون استئذان، وذلك أصدق تعبير عن العشق والحب للنواب الذي يعيدهم لأيام شبابهم ولتلك الذكريات ولذلك العراق المفتقد، مظفر الذي تغنى بأشعاره الفلاحون البسطاء والكادحون والفنانون، منذ قصائده الأولى وحتى اليوم، فلا يخلو بيت عراقي أو حتى عربي ثوري من قصائده...أناشيده...بل بياناته التي غدت راية للأحرار.
 مظفر إنسان وشاعر ومناضل وطني وقومي وأممي، فهو الذي شتم ولعن الحكام والأشرار، ولم يركع لسلطة أحد غير سلطة الكادحين وقضاياهم العادلة، حتى غدا المعبّر عن همومهم وتطلعاتهم، ومدافعا أمينا عن حقوقهم.
مظفر ومهما أبتعد عن أرضه العراق، ظل يحن ويتشوق وكما يقول هو (نهنهني الشوق إلى بستان اللوزِ...)، ذلك البستان الجميل الكبير والذي للأسف غدا مسرحا للثعالب والذئاب الكاسرة والمتوحشة.
مظفر الذي عشق البنفسج وليله وأحب الناس الذين كانوا مصدر إلهامه وقوته الإبداعية، بل والهواء الذي يتنفس، ولهذا تجد قصائده طريقها سهلا  إليهم، كونها تتحسس معاناتهم التي تلمسها هو بمجاسته الدقيقة وروحه الرهيفة، والتي نادرا ما تخطئ، هذه روحه التي هيَّ (كما الأسفنجة تمتصُ الحانات ولا تسكر...)، روحه المتعلقة هناك بذلك الوادي، بتلك الأرض، بذلك النخيل الشامخ، ذلك النخيل وحده القادر ((أن يسند ظهره...))، هناك تجد روح مظفر هذا الإنسان الوديع الراحة والطمأنينة.
وهو مظفر أينما حلَّ يلتم حوله وحول قصائده العراقيون المشتتون في كل بقاع الأرض، فأنهم يجدون الدفء فيه وفي كلماته التي تلهبهم، فيتجمعون حوله كما يجتمع أطفال بلادي الفقراء حول موقدٍ في شتاءٍ  قارس.
مظفر وكلماته كانت توحدنا وتدفئنا، وما أحوجنا اليوم أن نتوحد وأن ندفأ الروح التي تكاد تزهق كل يوم  في متاهات الغربة أو في أزقة العراق.
الكلام كثير وذو شجون والكلمات تقف خرساء أمام صاحب الكلمات، هذا الذي تمتد قصائده من أقصى شمال بلادي حيث جبال كردستان ووديانها حتى جنوبها حيث الأهوار وشعابها، إلى بلاد فارس والسند والهند وأفريقيا، من المحيط إلى الخليج، إلى العالم كله.
نتمنى لك السلامة والشفاء من مرضك، والعودة لنشاطك الدؤوب، ونهديك الزهور الحمراء القانية، على أمل أن نسمع صوتك هادرا في ساحات العراق وسط أهلنا، فالعراق بحاجة إليك رغم مرضك، فأنت يا أيها الشيخ الجليل أبن الرافدين البار.