المحرر موضوع: لماذا لا ينشر الدكتور عبدالخالق حسين مقالاته تحت عنوان: قرأت لك؟!  (زيارة 986 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رزاق عبود

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 390
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لماذا لا ينشر الدكتور عبدالخالق حسين مقالاته تحت عنوان: قرأت لك؟!

حيرني الدكتور عبد الخالق حسين، سابقآ، في مقالته عن بغداد بعد ثلاثين عاما. واستغربت اين كان الدكتور من الحواجز الاسمنتية التي جاءت بها شركات امريكا الديمقراطية لتسديد جزء من ثمن احتلالها للعراق. وتسائلت وقتها، الم يرالدكتور جدران الفصل العنصري، والطائفي، وتمزيق احياء بغداد على الطريقة الاسرائيلية البغيضة؟ الم يشاهد شارع الرشيد المنهار؟ هل تركه، ياترى قبل ثلاثين عاما، كحاله الان كئيبا، حزينا، خربا، مهملا، موحشآ؟ الم يلحظ حيرة شارع المتنبي بين جديد الكتب، وقديم البناء، والحياة، وتخلف الوسائل، وتردي الامكانيات؟ الم يدهشه قفر مقاهي بغداد الثقافية؟ الم يصطدم بالظلام الدامس في اماسي بغداد؟ الم يحدثه شارع ابو نؤاس عن بؤسه وفقره، ومحاصرته من قوى التخلف، والظلام، والارهاب؟ الاسئلة كثيرة وقد طرحها الكثير من الاصدقاء قبلي مما اعفاني،حينها عن كتابة مقالتي، مع اسباب اخرى منها احترامي للدكتور عبدالخالق، واعتقادي انه سيتراجع عن اوهامه، ويتفهم بان مدح السلطان، أي سلطان، حتى لو كان نبيا يجعلك تابعا له بدون مقابل. وكلنا نعرف قصة جلد محمد بن عبدالله لشاعره حسان بن ثابت لانه "تجاوز" الحدود التي رسمها له. الخراب طبعا لم يحصل في سنة واحد، ولا فقط بعد احتلال بغداد، ولا جديد في اجترار مسؤولية النظام الصدامي، فالكل يعرف ذلك، لكن هذا لا يلغي مسؤولية النظام الجديد، والاحتلال الامريكي في ابقاء الخراب السابق، والتسبب في خرابات جديدة، وفظيعة.

الان يتحفنا الدكتور بمقالة عن تمزق العراقيين، وتخلفهم، وتاخرهم، وتناحرهم، بعد ان اعترض سابقا مع صاحبه كاظم حبيب على عبارة الشعب العراقي "العظيم". الان يعيد، ويؤكد، عن غير قصد، الكذبة التي يطلقها اذناب الصهاينة، ومنفذي مخططاتهم، اصحاب مشروع تحويل العراق مع بقية دول الشرق الاوسط الى كانتونات متصارعة، ليصبح كيان بني صهيون "الدولة" الوحيدة القوية المتماسكة المتوسعة على الدوام. الغريب ان الدكتور العزيز يعيب على الاخرين قراءة، وتصديق ما يكتب من نكات، واخبار من "البعثيين!" في حين يعيد، ويصدق ما يكتبه اذناب العهد الملكي عن ديمقراطية نظامهم، الذي لايقال عنه ديمقراطي، الا اذا قورن بنظام صدام، ويا لبؤس المقارنة. الشعب العراقي موجود ياسيدي والعراق موجود منذ الاف السنين. ان وسم الحجاج للعراقيين باهل الشقاق والنفاق هو شرف، ووسام لهم، ان يشتمهم سفاح اطاح برقاب العراقيين الشامخة. كما  قال عبدالكريم قاسم مرة "يشرفنا ان نظام الشاه العميل يشتمنا"! وما دمت عدت يا دكتور للعهد الملكي تمجده، وتبكي عند اطلاله. فان بعض "اعيان" العراقيين هم الذي جاؤوا بفيصل، بتوصية، وامر من سادتهم في لندن، وليس فيصل هو من خلق، او حاول خلق العراق، وشعب العراق. ان العهد الملكي شهد وثبات، وانتفاضات، واضرابات عكست، واكدت وحدة العراق من الشمال الى الجنوب بكل اديانه وطوائفه وقومياته. من ثورة العشرين حتى ثورة تموز1958. وانتفاضة اذار 1991 دليل حديث على وحدة الشعب والوطن . النظام الملكي في العراق بقيادة فيصل هو نتاج ثورة العشرين العراقية العظيمة، وليس العكس. اذكر الدكتور بمواقف معروفة تثبت وحدة، وتماسك الشعب العراقي، وليس نفاقا، ولا تملقا منا نحن الكتاب "الانتهازيين" الذي ندعي وحدة الشعب العراقي. هل يذكر الدكتور، ولعله ساهم فيها، مظاهرات "السلم في كردستان" في ستينات القرن الماضي التي قام بها العرب في مدن العراق المختلفة تضامنا مع "ثورة" البرزاني، رغم ان، الاخير كان يستلم الدعم، والسلاح من اعداء العراق في ايران الشاه، واسرائيل؟ ام ينسى ان يهود العراق رفضوا الهجرة الى اسرائيل وشكلوا جمعية لمحاربة الصهيونية مما اضطر الحكم الملكي "الديمقراطي" الى اسقاط الجنسية عنهم لتسفيرهم الى اسرائيل حسب اوامر لندن؟ ام ينسى اضراب كاورباغي الشهير ووحدة القوميات المتاخية في المدينة التي يحاول المتعصبين اليوم تمزيقها؟ وهل ينسى الدكتور ان حركة الانصار المسلحة ضمت ابناء، وبنات كل قوميات شعبنا، وطوائفه، واديانه؟ ان اراضي شمال العراق تضم قبورا لمناضلين من كل فسيفساء شعبنا! ام ينكر الدكتور احتضان القبائل العربية للمهجرين قسرا من الاكراد لدرجة اثارالامر خوف صدام، واضطر لاعادتهم الى قراهم الكردية. ولا اظنه لم يسمع عن ابطال الاعظمية الذي  استرخصوا حياتهم في سبيل اهل الكاظمية، وزوارها في حادثة جسر الائئمة الشهيرة.

في العهد الاسلامي، وما قبله كانت العرب تسميه عراقا، وفي زمن الراشدين قالوا اهل العراق، وفتح العراق، و تمصير العراق، وولايات العراق. وكذلك الامر زمن الامويين، والعباسيين، والعثمانيين.الانكليز، احتلوا ولايات "العراق" الثلاث ولم يحتلوا جزر الواق الواق. بامكانك مراجعة سجلات الحرب العالمية الاولى في مكاتب بريطانيا.
أن يستعير الكاتب مقتطفات من اخرين امر مشروع، وطبيعي، وضروري احيانا. لكن من الامانة الادبية الاشارة الى المصدر. اما ان صديقنا الدكتور مرة يتناول ما كتبه المؤرخ الكبير حنا بطاطو، ومرة ما كتبه حسن العلوي، وكأنه يخترع لنا العجلة من جديد. ويعيد قراءة ما كتبه الاخرين لنا، وكاننا في صف مدرسي، او في بدايات النهضة حين كانت المجلات المصرية تعيد اقوال رجال النهضة، والصحوة، والمجددين بعبارات بسيطة للناس البسطاء. ما نقله الدكتور عن الملك فيصل لم يكن كلامه، وكان المفروض الاشارة الى انه اخذ المقتطفات من كتابات العلوي، او ما ينشره الان الملكيين عن جنة نوري السعيد المفقودة! الغريب ان الدكتور ينسى ان الحصري الذي شتمه سابقا، واتهمه بالطائفية، نقلا عن حسن العلوي، ودون الاشارة الى المصدر هو المستشار الاول للملك فيصل الاول، وكاتب خطاباته. وينسى الدكتور او يتناسى انه بسبب هذا التوجه الطائفي سحبت المرجعية الدينية في النجف مبايعتها لفيصل، بعد ان، لم يعد ملكا لكل العراقيين بسبب تاثيرات، الحصري، وغيره. وهذا امر ليس من المناسب اثارته الان، لانه يثير جرح التعصب الطائفي. لكن الدكتور اجبرنا على ذلك. وقد فاجئنا فعلا بهذه القناعة الجديدة بان البدوي المتمدن حديثا(فيصل الاول) يستطيع ان يخلق شعبا عراقيا لبلاد الرافدين العريقة. ربما سيفاجئنا الدكتور بكتابة سيناريو جديد تقوم بانتاجه الشرقية يمتدح حلف بغداد، ومعاهدة بورتسموث، و"وطنية" نوري السعيد، و"الوديع" عبدالاله، و"عقوق" الشعب العراقي! تماما، كما ادعى صدام حسين، وجلاوزته بعد انتفاضة اذار المجيدة ،وتوهم ذلك "السرسري المتسكع"، حسب تعبير العلامة هادي العلوي، انه هو الذي علم الشعب العراقي لبس الملابس الحديثة، والاحذية، والاكل بالشوكة والملعقة "كما اعلم رفاقي في القيادة"!

اما النكات، والطرائف ياسيدي الكريم، واستاذي الفاضل فليست دليل تحامل، او كراهية، او شوفينية، اواستصغار، او استهانة بالاخرين، كما تتصور. فاغلب النكات، ان لم يكن كلها، تطلق، تبتدع في نفس المنطقة، التي توجه"ضدها" النكتة. الاكراد، والدليميون، واهل الموصل، واهل الناصرية، هم انفسهم من يبتدع اغلب هذه النكات، ان لم يكن كلها، وتحور عند التداول، ويتصرف بها الراوي كما يريد. اعطني بلدا واحدا في العالم بل مدينة واحدة، لا توجد فيه/فيها مثل هذه النكات على مناطق، او مدن، او جماعات، او فرق، او طوائف. لعلك، وانت تعيش في لندن سمعت، وتسمع بالنكات المتبادلة بين الايرلنديين، والانكليز، او سكنة لندن، مع الاطراف، اوعلى اهل ويلز، واهل اسكتلندا. والنكات، والطرائف الكثيرة عن تشرتشل، وبرنارد شو، وعن الامير تشارلز، وزوج الملكة، وكل العائلة المالكة، غيرها، وغيرها.

في شمال اوربا يتبادل السكان نكات النرويجيين ضد السويديين، وبالعكس او نكات الدنماركيين ضد السويديين، والفلنديين، وهكذا دون ان يغضب الامر احد، او يثير حفيظته، او يتقدم ببرقية احتجاج. ولا يحتاج سكان المملكة المتحدة، اوالشمال الاوربي خدمات الملك فيصل الاول لخلق شعوب اوربية موحدة "خالية من النكتة". فهي عامل تقريب لا تخريب. كل النكات عن "خباثة" الناصرية مبدعيها اهل الناصرية الطرفاء انفسهم، بخيالهم الخصب، وروح الدعابة التي تميزهم. الامر نفسه يشمل اهل الدليم، او الاكرادأ، او اهل الموصل. هل يعرف صديقنا ان هناك تبادل قديم للنكات بين اهالي اربيل، واهالي السليمانية، ولا يمكنك ان تتهم احدهم بالشوفينية، بسبب ذلك! وليست حرب الحزبين"اقتتال الاخوة" سابقا بسبب هذه النكات. فهذه النكات، والطرائف توحد، ولا تفرق. تجعل من الجلسات المشتركة لفسيفساء شعبنا البهية طعم رائع من التصافي، والتسامح، وتقبل المزاح بلا ضغينة، ولا تحامل. "من حبك لاشاك" كما يقول شعبنا الطيب. واحلى، والطف، وابرع النكات عن الاخوة الاكراد سمعتها من اصدقائي الاكراد، وكذلك الحال مع اصدقائي من الدليم، او اهل الموصل. لدي صديق من الناصرية تعود ان يتصل بين فترة واخرى ليسمعني اخر نكته عن "الخباثة" فهل تراه يشتم نفسه؟ ام يجد في ذلك فرصة لجنوح الخيال الخصب والاعتزاز بالذات؟!
في بلغاريا يتندر الناس عن بخل اهالي مدينة اسمها گابروفو، وفي السويد عن سمولاند، وفي العراق عن الموصل. في بغداد مزاح ما بين الكرخ، والرصافة، او الكاظمية، والاعظمية. او مابين مناطق، ومحلات بغداد الكثيرة. وبين مدن، وقرى بعقوبة الكثيرة  من المزاح، والنوادرالكثير، وكذلك بين اهل الريف، او البادية، والمدينة. المصريون يتندرون على الصعايدة! وفي سوريا نكات متبادلة بين الدروز، والعلويين، واهل حلب، وحماه وغيرها. وكذلك الحال في لبنان.
 
الكثير من شعوب اوربا تتندر على نفسها عند التقائهم بممثلي الشعوب الاخرى ووقوعهم في مواقف طريفة. هذا لا يقلل من اعتزازهم بقوميتهم ولا يستصغر الاخرين. فهناك نكات وطرائف ضد الفرنسيين، والايطاليين، والاسبان، والالمان، والروس، والسويديين، وغيرهم. كان بيكاسو ابرع من يتحدث بالنكات عن ابناء قومه اهالي الباسك. كذلك فعل الايرلندي برنارد شو!
في كل اوربا يتداول الناس الطرائف بين المهاجرين، وسكان البلد الاصليين. وفي الولايات المتحدة الامريكية نكات البيض على السود، وبالعكس، يرووها لبعضهم، وتعرضها افلامهم بلا خوف من الاتهام بالعنصرية. او نكات الشمال على الجنوب، ونكات متبادلة بين الامريكيين والكنديين، او بين المهاجرين وسكان البلاد الاصليين. فهذه يا دكتورنا العزيز ليست خاصية عراقية، ولا بدعة بعثية، بل العكس النكات على صدام، وعزت الدوري، والصحاف معروفة، ومنتشرة حتى بين البعثيين انفسهم.

الشعوب تتنازع فيما بينها، وتختلف، وهذا ليس غريبا، ولا خاصا بالشعب العراقي. اسبانيا تتكون من قوميات مختلفة، وكذلك سويسرا، والمملكة المتحدة، وبلجيكا، وروسيا الفيدرالية، وفرنسا وغيرها، وهناك نكات، ونوادر، ونزعات انفصالية! فهل هذا كله من اختراع البعثيين وكانهم عفاريت يستطيعون اللعب بعقول الشعب العراقي "اللي مفتح باللبن" ويعرف تاريخ وجرائم الصداميين. وهم ليسوا بهذه العبقرية التي يحاول الدكتور نسبها اليهم عن غير قصد. كنت اتمنى من كاتبنا ان يحرضنا ضد ما ينشر، ويمجد الملكية الفاسدة العميلة، ويبرر جرائم صدام ويتحسر على عهده، لا ان يحارب المتنفس الوحيد الباقي لشعبنا، وهو التندر والنكات. فهل يريد الدكتور ان يدافع عن الحشاشين، او المتعصبين، او المتزمتين، او الطائفيين، او المتأسلمين المنافقين، والملتحين الكسبة، والانتهازيين، والسادة المزيفين، والفاسدين، والوصوليين، والمرتشين، والمتخلفين فكريا واجتماعيا. فهؤلاء لهم حصة الاسد من التندر، والسخرية؟! جل نكات شعبنا ضد هؤلاء، الذين يريدون، الان، حرماننا حتى من حرية الضحك، والتندر، والنكتة، ولو "انه ضحك كالبكا" كما قال الشاعر العراقي العظيم المتنبي! ولا اظن ان دكتورنا الفاضل يتفق معهم. وما دام يدافع، بحسن نية، عن ديمقراطية الاسلاميين بمسدساتها الصامته، وعبواتها الناسفة. ادعوه ان يجلس مع ممثليهم في لندن ليسمع العجب من النكات على بعضهم! اما اذا جالست الطالباني فاتعهد لك انك ستسمع منه الكثير من النكات عن "الكاكا"  مليون مرة اكثر مما سمعته، او قرأته من "البعثيين" في الانترنيت!!

انت تعيش في اوربا، وترى شخصيات الملوك، والرؤساء، والانبياء تصور في الصحافة على شكل حيوانات، او اعضاء جنسية، او صور فاضحة، وكلام "ما ينلبس عليه بوشي" على راي العراقيين. فماذا لو وصلت صحافتنا الى هذا الحد؟ هل سيطالب الدكتور بحكم الاعدام لرسامي الكاريكاتير؟! خطية سلمان عبد!

هناك الكثير ممن يقرا للدكتور عبد الخالق، وهو ضيف مكرر في اكثر من فضائية فنتمنى، ان لا نضطر لتعبيرسطر اذا راينا مقالة للدكتور، او تغيير المحطة اذا راينا صورته، او سمعنا صوته. انت استاذ مكثر في الكتابة، واتمنى ان تبرع في اختيار مواضيعك لنستمتع بقراءة ما تكتب لا ان تصيبنا الحيرة، او يعترينا الغضب. من حقك ان تكون مشاكسا! لكن ليس في تاريخ ووحدة العراق، ولا تماسك الشعب العراقي، وتاريخه الوطني وهو جزء من تاريخك وتاريخنا الشخصي. هذا كلام محب، وليس محاولة اثارة خصومة، او تعدي، او تجاوز، او محاولة كم الافواه! فلم يعد احد يمتلك هذه السلطة، خاصة ضدنا نحن الذين نعيش في خارج الوطن المنكوب، ونتعلم يوميا من ديمقراطية الاخرين التي حفظت لنا كرامتنا، ولا يحق لنا التجاوز على كرامة الاخرين، فكيف اذا كانوا كتابا مبدعين! ونتمنى ان نقرأ الافضل فهناك الكثير مما قاله الحكماء بحق الشعب العراقي افضل بكثير مما صدرعن شخص "بويع" صوريا ملكا للعراقيين فصار مالكا لهم!
عفوا عن الاطالة!
مع الشكر والاعتذار

رزاق عبود
7/10/2010