المحرر موضوع: العراق: إشكالية الوثائق السرية..!  (زيارة 1339 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي
العراق: إشكالية الوثائق السرية..!
 
باقر الفضلي


لأي سبب كان، طرح موقع "ويكليكس الأليكتروني" بتأريخ 22/10/2010 على صفحات الإنترنيت وعدد من الصحف العالمية، بعضاً من الوثائق السرية للجيش الأمريكي لتفاصيل الحرب الأخيرة على العراق وتفاصيل ما صاحبها من إنتهاكات فضة لحقوق الإنسان طالت المواطنين العراقيين خلال الفترة الممتدة من  2004 _ 2009، مما أثار عاصفة من ردود الفعل المعاكسة وجدلاً محتدماً على المستوى العالمي والإقليمي والوطني، وبات من نافل القول، أن تصبح الوقائع التي وردت ضمن تلك الوثائق، إذا ما جرى تدقيقها، مؤشرات ودلالات على كونها قد تشكل فيما بعد، أدلة أو قرائن على تجاوزات وخروقات للقانون الدولي والقانون الوطني ولائحة حقوق الإنسان، وإنتهاكاً للأعراف الإنسانية وقوانين الحرب، وبعضها ما يمكن أن يرقى الى مستوى الجرائم ضد الإنسانية..!


وفي جميع الأحوال، فإن ما ورد من وقائع تضمنتها الوثائق المنشورة من قبل الموقع المذكور، وبغض النظر عن مدى مصداقيتها من عدمه، يظل من حيث مدلولاته،  يشكل حالة تستدعي التحقيق والمسائلة الجنائية إذا ما توفرت أركانها،  كما وأنها من ناحية أخرى، تمتلك قوتها كوقائع مادية، كونها قد جرى توثيقها من قبل سلطات حكومية ذات مسؤولية مباشرة، مثل وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، والتي لم تقدم على تكذيبها حتى الآن، وإكتفت فقط مع الإدارة الأمريكية، بإستهجان عملية التسريب والنشر،  مما يؤكد عائديتها القانونية لتلك السلطات..!


وكون تلك الوقائع ذات طابع جنائي وجل  ضحاياها من المدنيين، فإن أهم ما يميزها أنها لن تسقط بالتقادم، وللسبب نفسه فإنها تعطي الحق لمنظمات المجتمع المدني وبالذات منظمات حقوق الإنسان، والمنظمات الدولية كالعفو الدولية وهيئة الأمم المتحدة، ناهيك عن أصحاب الحق الشرعي من ورثة الضحايا والمتضررين جراء تلك الأحداث، في إقامة الدعاوى أمام المحاكم الوطنية أوالدولية، لملاحقة المذنبين ومحاسبتهم وتجريمهم وإدانتهم، والحكم بالتعويضات لذوي الضحايا والمتضررين..!


لقد كان من ضمن ما أوردته تلك الوثائق السرية، تطرقها الى كثير من الممارسات والإنتهاكات الفضيعة التي إرتكبها إفراد من وحدات الجيوش المشاركة في غزو العراق عام/2003 "قوات التحالف"، بحق المواطنيين العراقيين، وبعلم من إدارة الإحتلال الأمريكية، في نفس الوقت الذي كان من بين من أشارت اليهم تلك الوثائق بإفتراض المشاركة في تلك الإنتهاكات، إفراد ومسؤولون عراقيون في أجهزة القوات المسلحة من جيش وشرطة وقوات الأمن،  والأكثر أهمية وإثارة، أن يرد في تلك الوثائق إتهام مباشر الى رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته السيد نوري المالكي، بإفتراض قيادته لفصائل مسلحة تمارس اعمال التعذيب والإغتيال للخصوم السياسيين، على حد ما جاء بالوثائق المنشورة، مما يصبح معه من البدهي أن تكون ردة الفعل للسيد رئيس الوزراء في منتهى السرعة ومن موقع المسؤولية، لخطورة الإتهامات المثبتة في الوثائق المذكورة،  وما يمكن أن  يترتب عليها من تداعيات غير محسوبة..!(*)


كما كشفت الوثائق غير قليل من الوقائع التي توجه أصابع الإتهام الى عدد من ميليشيات أحزاب وقوى الإسلام السياسي في العراق، على إفتراض خرقها القوانين وتجاوزها على حريات وحقوق المواطنين، وإرتكابها من الأفعال ما قد يضعها تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة، وتزودها بالسلاح والعتاد من جهات أجنبية وإستخدامه لتلك الأغراض..!؟؟


أمام هذا الكم الهائل من الوثائق السرية المنشورة، وأمام الطابع الجنائي الذي غطى على مجمل الوقائع والأفعال التي أحتوتها تلك الوثائق، وأمام حقيقة ورود أسماء أفراد وجهات إعتبارية، ممن وجهت اليها أصابع الإتهام بشبهة إرتكاب تلك الأفعال والتجاوزات ذات الطابع الجنائي، يصبح لزاماً التعامل مع هذه الوثائق السرية المنشورة، لا بطريقة ردود الفعل الإنفعالية، كالتمسك بنكرانها جملة وتفصيلا، أو وصمها بكونها تدخل في نطاق "المؤامرة"، أو أي وصف آخر يقلل من شأن ما تضمنته من إتهامات، بل وعلى العكس، فإنه من المفيد النظر لها بعين المسؤولية والحكمة، وإخضاعها الى التدقيق الشفاف والتحقيق النزيه، حيث أن أي إهمال أو تغاض أو تمييع مقصود أو غير مقصود من قبل الجهات المسؤولة على الصعيد الحكومي والقضائي، لما ورد في تلك الوثائق من وقائع،  يشكل هو الآخر، موقفاً غير مسؤول وله من  التداعيات ما لا تحمد عقباه..!؟


من جانب آخر ولأهمية ما جاء في تلك الوثائق من وقائع  تناولت بالشك والشبهة، السلوك الجنائي لأطراف متعددة؛ منها الوطني والإقليمي والأجنبي، وما قد ترتب عليها وجرائها من سقوط العشرات من الألوف من الضحايا المدنيين العراقيين طبقاً لما أوردته الوثائق نفسها، إضافة لما تعكسه الأحداث من قرائن ومتشابهات على الصعيد اليومي، ولما يعتري بعض وقائع الوثائق من عدم الوضوح،  يصبح من الأولويات السياسية والقضائية، مشاركة وإدارة لجان التحقيق التي ينبغي تشكيلها لهذا الغرض، من قبل الهيئات الدولية المختصة بهذا الشأن، وذلك لإضفاء الحيادية والنزاهة والشفافية على عمل لجان التحقيق، لإحقاق الحق والعدالة، وإنصاف الضحايا،  بعيداً عن كل مؤثرات سلطوية أو سياسية  أو حزبية أو شخصية،..!؟
25/10/2010
(*)        http://pmo.iq/index/03-1321.htm