المحرر موضوع: الى حضرة الخادم المكرس  (زيارة 1385 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كاجو كاجو

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 17
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الى حضرة الخادم المكرس
« في: 02:04 01/12/2010 »
الى حضرة الخادم المكرّس ...
هل يليق بخادم مبشّر بالمسيح – كما يدّعي – أن يدس أنفه في زواريب السيلسة , ويفخخ أشلاء شعب شتتته الطوائف منذ مئات السنين , ولا تزال تلاحق فلوله حتى في معسكرات اللجوء الأوربية ؟ اولئك الهاربون من أتون حروب (أديان الله) .
بأي حق يتدخل المصري في شأن شعب يبعد عنه اّلاف الأميال ؟ وهل تظن أن السريان سيسعدون بدسيستك ؟ أنت مخطيء يا سيد , لأننا جميعا شعب واحد , رغم الاختلافات المختلقة , أو النلشئة بفعل ظروف قاهرة تقترب من نهايتها .
تقول أنك ارثوذكسي , وتهرطق النساطرة , فاٍليك ما قاله المبجل مفريان السريان ( ابن العبري ) قبل سبعة قرون في الهاماته في كتاب ( الحمامة ) :
(( ألجأتني الضرورة أن أجادل ذوي المعتقدات المخالفة من مسيحيين وغرباء , مجادلات مبنية على القياس المنطقي , والاعتراضات , وبعد دراستي هذا الموضوع مدة كافية وتأملي فيه مليّا تاكد لدي أن خصام المسيحيين بعضهم مع بعض لا يستند الى حقيقة , بل الى ألفاظ واصطلاحات فقط , اٍذ أن جميعهم يؤمنون بأن سيدنا المسيح اٍلّه تام , واٍنسان تام , بدون اختلاط الطبيعتين , ولا امتزاجهما , ولا بلبلتهما , أما نوع الاتحاد , فهذا يدعوه طبيعة , وذاك يسميه اقنوما , والاّخر فرصوفا ( شخصا ) واٍذ رأيت الشعوب المسيحية كافة رغم اختلافها ظاهريا , متفقة اتفاقا لا يشوبه تغيير ( أو شك ) , لذلك استأصلت البغضة من أعماق قلبي , وأهملت الجدال العقائدي مع الناس )) . ص 148.
يقدم الباحثون ابن العبري على أنه : ( أكبر عالم في القرن الثالث عشر ) ويقول عنه المستشرق الهولندي الشهير (ونسنك ) ما يلي : ( يعتبر من أشهر علماء السريان وأدبائهم , طارت شهرته في الاّفاق , فانتزع اعجاب القاصي والداني به , وذاع صيته في أوربا , وفجر عصر عصر الاستشراق نقلت كتبه الى لغاتها , ولا غرو فمصنفاته النفيسة قد تناولت صنوف المعرفة , اٍذ وجد فيها طلبة العلم ونهلة الحكمة , على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم ما يطيب ويساغ ) .
وأنقل من تقديم الكتاب ( الحمامة ) هذه المقتطفات القصيرة :
_ ( بدأ حياته مجادلا وانتهى الى اليقين بأن اختلافات المسيحية سطحية , وكان أستاذه البعيد القديس اسحق أسقف نينوى النسطوري المذهب قد سما فوق الحزازات المذهبية السخيفة )
_ (من اسحق الى ابن العبري تأخذ الأمور مجرى جديدا ) .
_ ( القديس يوحنا الدمشقي أدرك سطحية الخلاف ...وأبرزنا عمق التلاقي والخطوط الكبرى للاتجاه السليم الحيادي النزيه . ) المقدمة
متى تستأصل البغضة  من أعماق قلبك أيها المبشر برسالة المحبة ؟ هل ترى الاّن أن طرد نسطور وتقسيم الكنيسة كان حاجة ايمانية أم فعلة شيطانية ومطلبا كيدياً لدى كيرلس ( عامود الكنيسة ) ؟ ألا ترى أن ابن العبري كان تحت النعمة حين استلهم ما فاه به في هذا المقطع , أم أن ابليس قد غرر به ؟ ألا تؤمن أن ابليس يفرّق ويقسّم , فمن قسّم ؟ ألا يحق لنا أن نستنتج أن كيرلس وحده تسبب بكل الاّلام التي نجمت عن( اصطياده للهراطقة ) و( تنظيف الكنيسة ) .
لست هنا لأدافع عن لاهوت نسطور , اٍ ذ ربما لو أتيح له أن ينتصر لفعل ما فعله كيرلّس , وليست المشكلة في الأفراد بل في البنية المؤسساتية السلطوية للكنيسة المتحالفة مع الامبراطور ( القائد العسكري ) ولاهوت التبرير لاستخدام الايمان والمؤمنين كأدوات لصيانة مصالح وأمجاد الامبراطورية , وربط مصير رسالة البشارة بما هو زائل .
بعد أقل من مائتي عام من الانقسام الكبير والبلبلة , قدم نبي من الصحراء , فسحق الكنيسة ( المطهّرة ) والامبراطورية ( العريقة ) معا , وقبل ثلاثمائة عام من الاّن , بدّد عصر الأنوار في أوربا قرونا طويلة من الظلام تسببت به سطوة الكنيسة المستقوية بجيوش النبلاء والملوك .
يقول الأب ابراهيم سروج , ناشر كتاب الحمامة : ( المحبة هي الطريق الذي يؤدي بنا الى الوحدة الحقيقية ولا سبيل غيرها , واذا بقي المسيحيون اليوم يتعثرون في هذا العالم بعد أن أضاعوا وحدتهم , فهذا دليل ساطع على ابتعادهم عن طريق المحبة , وأنهم صاروا على صورة هذا العالم وما عادوا يستحقون ( الاسم ) ....) ،نعم , ان المسيحية فقدت مصداقيتها منذ أن استمرأ قادتها رغد العيش في ظل السلطان , ورفدوا جيوشه بالجنود ( المؤمنين ) واستبدلوا ملكوت المسيح بتعظيم الألقاب وتفخيم المراتب .
أيها الأخ المكرّس
أنا لا أحاول تغيير قناعتك بما أكتبه , ولا أشك أنك قرأت ابن العبري قبلي , لكنك حسمت أمرك مع سيدك قيرلّس وضد سيد أعدائك نسطورس , لكنك أبدا لا تمت بصلة الى سيّد المحبة بدلالة سموم كرازتك بالحقد التاريخي الدفين في غرائزك , لأنك استبدلت مسيح القلب باللاهوت , بالثرثرة الذهنية , وعلامة مسيح القلب هي المحبة والرحمة والطيبة , وبالتالي علاقة ايجابية مع الجميع وبالأخص مع من نختلف معهم , وهذه لا يجلبها الذهن الثرثار , والبحث المزيف .
هل كنت عادلا في تقييمك للنساطرة ؟ لا أطلب منك أن تكون محبا لهم أو رحيما بهم , لأن الرحمة أرقى من العدل , وهذه ليس لها مكانا في قلب العقائدي المتزمت , او المكرس المتكسب , هل عرفتهم بعمق كما ادّعيت ؟ هل رصدتهم حقا أم أنك تسلحت  بفكرتك المسبّقة عن نساطرة القرون الغابرة , وأسقطتها على هؤلاء المهاجرين , فجرّدتهم بالجملة , ليس من المسيحية فحسب , بل من القيم الخلقية أيضا , واستثنيت عائلة واحدة ضممتها الى قطيعك , ما أتعسك من راع !!
تقول : ( فوجئت أمام فكر غريب يتخذ من المحبة ذريعة للتساهل مع الهراطقة والمقاومين للمسيح ) . وأقول لك : اذا أسقطت المحبة , تحت أية ذريعة , فقد أسقطت المسيح الذي ليس أي شيء اّخر سوى تلك ( المحبّة ) .
الاّشوريون , أيها السيد المتكرّس ..يأنفون تسمية ( النساطرة ) كشعب وكطائفة أيضا , ليس لنيل ترضيتك أو لخطب ود ( المعصوم ) , وانما لأن أمثالك فرضوه عليهم , كما أنهم لم يهرطقوا هذا القديس المبجّل بحسب الهامات الأعمدة الحقيقيين للكنيسة من أمثال ابن العبري وغيره من القديسين .
معظم الاّشوريين اليوم , بمن فيهم كهنتهم لا يعرفون عن نسطور أكثر من جملتان أو ثلاثة , ربما لا يضيعون الكثير من الوقت ليتسلحوا مثلك بقراطيس اللاهوت , وهم بذلك أقرب منك الى يسوع ذو الحمل الخفيف , وحتى اللادينيين منهم الذين وجدتهم في أوربا , هم أقل أذية للبشرية من المتكرسين , لأنهم لا يشحنون قلوب الناس بالبغض الطائفي ) .
كيف استطعت أن توفق بين استنتاجاتك المتناقضة عن النساطرة , فتارة هم متعصبون لنسطوريتهم , وطورا يتنقلون من هذه الطائفة الى تلك ؟ حتى كهنتهم ليسوا كذلك , اٍذ يمكن لأي أحد , ومن أية طائفة أن يحضر قدّاسهم ويتناول دون أن تُجدد معموديته كما تفعل أنت , أليس مثارا للسخرية أن يتهم القبطي النساطرة بالتعصب الطائفي ؟ !!!
الأشوريون النساطرة , وأنا منهم – كدنا نكفر بالطوائف , ولا أخفيك أن أكثرنا يلعنها علنا , لأنها , بوضعها اليوم , تُعتبر احدى أضخم الحجرات التي يتعثّر بها شعبنا في مسعاه الى الوحدة  .
هل فهمت أخي المكرس , حتى اذا ضممتنا كلنا الى قطيعك لن تستفيد منّا , فنحن طلاب وحدة شعب , أما المسيح , الاٍلّه المتجسّد , فلا نظنه ينتمي الى أيّ من الطوائف العظيمة , وليس بوسع أي مؤسسة مهما علا شأنها أن تستوعبه أو تحتكره , يستطيع المرء , بمفرده فحسب , أن يعثر عليه ..يتحسسه ..لأنه قريب ..والمتكرسون يبعدونه عنّا , فهلّلا تركتنا وشأننا أيها الأخ المصري , ففينا ما يكفينا ؟ .